روى البيهقي في شعب الإيمان عن عبد الله ( إن بني إسرائيل لما طال الأمد وقست قلوبهم
اخترعوا كتاباً من عند أنفسهم , استهوته قلوبهم واستحلته ألسنتهم وكان الحق
يحول بينهم وبين كثير من شهواتهم حتى نبذوا كتاب الله وراء ظهورهم كأنهم لا يعلمون
فقال : اعرضوا هذا الكتاب على بني اسرائيل فإن تابعوكم عليه فاتركوهم
وإن خالفوكم فاقتلوهم . وقال لا بل ابعثوا إلى فلان – رجل من علمائهم –
فإن تابعكم فلن يختلف عليكم بعده أحدٌ
فأرسلوا إليه فدعوه فأخذ ورقة فكتب فيها كتاب الله ثم أدخلها في قرن ثم علقها في عنقه
ثم لبس عليها الثياب ثم أتاهم فعرضوا عليه الكتاب
فقالوا : تؤمن بهذا ؟ فأشار إلى صدره – يعني الكتاب الذي في القرن – فقال : آمنت بهذا
ومالي لا أُؤمن بهذا ؟ فخلوا سبيله .
قال : وكان له أصحاب يغشونه فلما حضرته الوفاة أتوه فلما نزعوا ثيابه وجدوا القرن في جوفه
الكتاب فقالوا: ألا ترون إلى قوله : آمنت بهذا ومال لا أُمن بهذا فإنما عني بـ ( هذا ) الكتاب الذي في القرن
قال فاختلف بنو إسرائيل على بضعٍ وسبعين فرقةٍ خير مللهم أصحاب القرن "
حدثنا الرسول صلى الله عليه وسلم أن بني إسرائيل عندما ضعف الإيمان في قلوبهم
وكثر الفساد في مجتماعتهم وتسلط على رقابهم أهل الظلم والفساد أرادوا
أن يبدلوا دين بني إسرائيل ويغيروه ويحرفوه فكتبوا كتابا وضعوا فيه النظريات والمبادئ المخالفة
لما تضمنه كتابهم وأرادوا حمل بني إسرائيل على اتباعه وترك الكتاب الذي أنول اليهم ربهم
ودعا بعض الزمرة المنتفذة فيهم تنفيذ ضلالهم بالقوة فمن وافقهم تركوه ومن خالفهم ضربوا عنقه
وهكذا أصحاب الكفر والضلال ينفذزن مبادئهم بحد السيف
ولكن لم يرض أحد الدهاة إلزام بني اسرائيل بالقوة وقد اقترح عليهم عرض هذا الكتاب
على أحد علمائهم ويبدو أنه كان متبوعاً مطاعاً فيهم فإذا عرضوا عليه الكتاب
ووافقهم على مرادهم فإن بني اسرائيل سيتابعونه وراءه
ويبدوا أن العالم كان على علم بكيدهم ومكرهم فلما دعوه إليهم احتاط لنفسه
فكتب الكتاب المنزل من عند الله ووضعه في قرن وربط القرن في عنقه ولبس فوقه ثيابه
فلما عرضوا عليه كتابهم الذي اخترعوه سألوه تؤمن بهذا ؟ فأشار إلى صدره إلى موضع
الكتاب الذي يحمله , وقال آمنت بهذا ومالي لا أومن بهذا فظنوه يقصد كتابهم
ولم يدروا انه يشير إلى الكتاب المعلق في عنقه على صدره
وقد اكتشف تلاميذه حقيقة موقفه عندما توفي وأرادوا غسله
فوجدوا ذلك الكتاب معلقاً في صدره وعلموا حقيقة معتقده وأنه قصد هذا الكتاب
عندما قال : آمنت بهذا ومالي لا أُمن بهذا
وقد تفرق اليهود من بعده على بضع وسبعين شعبة
ويبدوا أن هذا الرجل نجا عند الله بفعله هذا وأن توريته هذه نفعته عند الله تبارك وتعالى
………………. عبر وفوائد ………….
1) دل هذا الحديث على أن اليهود حرفوا كتابهم متعمدين
وأنهم كتبوا مخالفاً لما في التوراة
2) دل القران الكريم في أكثر من موضع على هذا الفعل
وهو تحريف كتاب التوراة
3) يعمل أهل الباطل على إخراج الناس عن دينهم وإفسادهم
4) يُعذر المسلم الذي يتخلص من الباطل بمثل ما تخلص به هذا العالم
5) إذا كثر الفساد أو الشر بحيث لا يغني في مواجهته الصدام معه
فلو واجه هذا العالم الفئة المتنفذة لـ أطيح برأسه
6) اختلاف بني اسرائيل على بضع وسبعين شعبة