تخطى إلى المحتوى

العناية بالصلاة والخشوع فيها 2024.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بـســم الله الـــرحـمــن الرحيـــــم

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الحمــد لله الــذي فرض على عباده الصلوات

لحكم بالغة وأسرار ، وجعلها صلة بين العبد

وبيـن ربـه ليستنير بــذلك قلبــه ويحصل له

المطلوب فــي الدنـيا ودار القـرار وأشـهد أن

لا إله إلا الله وحده لا شريك له العزيز الغفار

وأشهــد أن محمـدا عبده ورسوله المصطفى

المختـار صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه

ومــن تبعهــم بإحسان آنـاء الليـل والنهـار

وسلم تسليـــما . أما بعد :

أيها الناس اتقوا الله تعالى و ( حَافِظُواْ عَـلَى

الصَّلَـــوَاتِ والصَّــلاَةِ الْوُسْطَـى وَقُومُــواْ لِلّهِ

قَانِتِينَ )حافظوا على الصلوات بأداء أركانها

وشروطها وواجباتـها ، ثــم كـملــوها بفعـل

مستحباتها ، فــإن الصـلاة عمـود الــدين ،

ولا دين لمن لا صــلاة له .

أيها المسلمون لقد فرضت الصلاة على نبيكم

من الله تعالى إليه بلا واسطة وفرضت فـوق

السمـاوات العــلى وفـرضـت خمسين صــلاة

حتــى خفضت إلـى خمـس صلـوات بالفعل ،

وخمسيــن بالميزان ألم يكن هذا أكـبر دلــيل

على فضلها والعناية بها . الصلاة صلة بين

العبـد وبين ربه يقف بين يديه مكبرا معظما

يتـلـو كـتابه ويسـبحه ويعظـمه ويسـأله من

حاجـات دينـه ودنياه ما شاء جدير بمن كان

متصــلا بـربه أن ينسى كل شيء دونه وأن

يكـون حيـن هذه الصلة خاشعا قانتـا معظما

مسـتريحـا ، ولـذلك كانت الصلاة قرة أعين

العارفين ، وراحـة قلـوبهم لما يجدون فيها

مـن اللــذة والأنـس بربهـــم ومعـــبــودهـم

ومحبوبهم جدير بمن اتصل بربه أن يخرج

من صلاته بقلب غير القلب الذي دخلها فيه

أن يخـرج منها مملوءا قلبه فرحا وسـرورا

وإنابة إلى ربـه وإيمانا ولذلك كانت الصلاة

تنهى عــن الفحشاء والمنكــر لمــا يحصل

للقلب منها مــن النور والإيـمان والإنابـــة

جـدير بمـن عــرف حقيقة الصلاة وفائدتها

وثمراتها أن تكــون أكبـر هـمـه وأن يكون

منتظــرا إليهـا مشتــاقا إليهــا ينتظــر تلك

الساعة بغاية الشوق حتــى إذا بلغها ظفر

بمطـلوبه واتصل اتصالا كاملا بمحبوبه

أيهـا المسلمون : إن كثيــرا مــن المصـليــن

لا يعـرفون فائدة الصلاة حقيقة ولا يقدرونها

حـق قدرها ولـذلك ثقلت الصلاة عليهم ، ولم

تكن قرة لأعينهم ولا راحة لأنفسهم ولا نورا

لقلوبهم ترى كثيرا منهم ينقرون الصلاة نقر

الغراب لا يطمئنــون فيهــا ولا يــذكرون الله

فيها إلاقليلا وهؤلاء لا صلاة لهم ولو صلوا

ألـف مرة لأن الطمأنينة في الصلاة ركن من

أركانها ولـذلك قـال النبـي صلــى الله عليــه

وسلم للرجل الذي كان لا يطمئن في صلاته

( ارجـع فصل ، فإنك لم تصل ) فصـلى عدة

مــرات ، وكل مرة يقول له النبي صلـى الله

عليه وسلم: ارجع فصل فإنك لم تصل حتى

عـلمه النبي صلى الله عـليه وسلم ، وأمره

بالطمأنينة "الحديث عند البخاري ومسلم"

وتجد كثيرا من الناس إن لم يكن أكثر الناس

يصلي بجسمه لا بقلبه جسمه في المصـلى ،

وقلبـه في كل واد ، فليس في قلبه خشـوع ؛

لأنـه يجـول ، ويفكر في كل شيء ، حتى في

الأمـور التي لا مصلحة له منها وهذا ينقص

الصـلاة نقصـا كبيرا وهو الذي يجعلها قليلة

الفائـدة للـقلب بحيث يخرج هذا المصلي من

صــلاته وهـي لم تزده إيمانا ولا نورا ، وقد

فشـا هـذا الأمر أعني الهواجيس في الصلاة

ولـكـن الذي يعين على إزالته هو أن يفتــقر

العبــد إلى ربه ويسأله دائما أن يعيـنه على

إحسـان العـمل ، وأن يستحضر عند دخوله

في الصلاة أنه سيقف بين يدي ربه وخالقه

الـذي يعلـم سره ونجواه ويعلم ما توسوس

بــه نفسه وأن يعتقد بأنه إذا أقبل على ربه

بقلبـه أقبـل الله عليه ،وإن أعرض أعـرض

الله عنــه ، وأن يؤمــن بـــأن روح الصلاة

ولبهـا هـو الخشوع فيـها وحضــور القـلب

وأن الصلاة بــلا خشوع القلب كالجسم بلا

روح وكالقشور بلا لب ، ومن الأمور التي

تستوجب حضور القلب أن يستحضر معنى

ما يقول وما يفعـل في صلاته وأنه إذا كبر

ورفــع يديــه فهــو تعظـيـم لله وإذا وضــع

اليمنـى على اليسرى ،فهو ذل بين يديـه ،

وإذا ركـع ، فهـو تعظيـم لله ، و إذا سجــد

فهـو تطامن أمـام علـو الله ، و أنه إذا قال

( الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ) أجـابه الله مـن

فــوق عـرشه قـائلا : حمدني عبدي ، فإذا

قــال ( الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ) ، قـال الله : أثنى

علي عبدي ، فـإذا قال ( مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ )

قـال الله : مجدني عبـدي ، فإذا قال ( إِيَّاكَ

نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ) قـال الله : هذا بيـني

وبين عبدي ولعبدي ما سأل" رواه مسلـم

هكذا يجيبك مولاك من فوق سبع سموات

فاستحضر ذلك وإنك إذا قلت سبحان ربي

العظيم سبـحان ربي الأعلى ، وإن كـنــت

تقولهـا بصوت خفي فإن الله تعالى يسمع

ذلك وهــو فـوق عرشه فما ظنك إذ آمنـت

بأن الله تعالى يقبل عليك إذا أقبلــت عليـه

فــي الصلاة وإنـه يسمع كل قول تقــولــه

وإن كـان خفيـا ويـرى كل فعل تفعلـه وإن

كـان صغيرا ويعـلم كل ما تفكـــر فيه وإن

كـان يسيرا إذا نظرت إلى موضع سجودك

فالله يراك وإن أشرت بأصبعك عـنــد ذكـر

الله في التشهد فإنـه تعالـى يـرى إشارتـك

فـهـو تعـالـى المحيـط بعبـده علما وقــدرة

وتدبـيرا وسمــعا وبصـرا وغيـر ذلك مـن

معـانـي ربـوبيـتـه فاتقـوا الله تعالى أيهــا

المسلمــون وأقـيمــوا صلاتكم ، وحافظوا

عـليهــــا واخشعوا فيها فقد قال ربكم في

كتابـــه ( قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ هُمْ فِي

صَلَاتِهِمْ خَـاشِعُونَ ، وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ

مُعْرِضُونَ ، وَالَّــذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ ،

وَالَّـذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ ، إِلَّا عَلَـى

أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهـُمْ غَيْرُ

مَلُومِينَ ،فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاء ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ

الْعَـــادُونَ ،وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ

رَاعُونَ ، وَالَّــذِيـنَ هُـمْ عَـلَـى صَــلَوَاتِهِمْ

يُحَافِظُونَ ،أُوْلَئِكَ هُــمُ الْوَارِثُـونَ ،الَّذِينَ

يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ) .

الشيخ محمد العثيمين ـ رحمه الله ـ

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

جزاك الله خيرا
بارك الله فيك وجزاك خيرا
لاكي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.