تخطى إلى المحتوى

الفرص الضائعــــــــة 2024.

مرت عيناها على نفس المشاهد ككل يوم .. حتى الطريق بدا كصورة سينمائية جامدة لا تتحرك .. مضت فى طريقها إلى الجامعة وهى تحتضن كتبها ودفترها .. إقتربت كثيرا .. صياح وضحكات الشباب والفتيات من حولها يزيد خطواتها إرتباكا .. سمرت عيناها على قدميها وهى تمر من بينهم محاولة أقصى جهدها ألا تصطدم بالكتل البشرية الصاخبة .. شعرت بعيونهم تخترقها .. إحساس عجيب ينتابها كلما مرت بينهم .. يزيدها إضطرابا .. تمنت لو أن هناك طريقا آخر ليوصلها .. طريق خالى من هذه العيون الفضولية التى تزعجها نظراتها إليها كأنها كائن غريب .. أو هكذا يخيل لها .. لا تدرى سبب لذلك .. ربما هى أوهامها .. منذ كانت طفلة وهى تشعر بهذا الإحساس الغريب .. كانت تخشى النظر فى وجوه الآخرين .. تشعر أنهم سيسخرون منها بلا سبب .. خوف مبهم .. لذا تبادر بالهرب .. تقوقعت داخل نفسها .. صادقت كتبها .. متفوقة فى دراستها دائما .. ولكن هذا لم يكن يسعدها .. ولا هى تباهى به أمام أحد .. فهى تخشى الناس دوما .. تخشى سياط نظراتهم .. كم تمنت لو أنها تخلصت من شعورها المريع هذا .. بلا جدوى .. حاولت مرة أن تستجمع شجاعتها .. فشدت قامتها .. ورفعت رأسها .. ووجهت عينيها أمامها .. ومن ثم إصطدمت بعينيه .. كان هو .. يا إلهى .. كان واقفا مع بعض زملائه .. يشع وجهه الوسيم بريقا عجيبا وتزين قسماته إبتسامة رائعة .. كان من النوع الذى لا تجرؤ هى على النظر إليه .. ولكنه كان ينظر إليها .. لقد غاصت عيناه فى أعماقها .. شعرت بقلبها يرتجف بشدة .. ربما كانت مصادفة .. بالطبع كان ينظر لأحد آخر وتلقت هى نظرته فى منتصف الطريق .. هكذا أقنعت نفسها .. وقد نكست رأسها وأرخت قامتها ومضت تتعثر فى خطواتها وقد ذهبت عنها ثقتها الزائفة ..

إنتهت محاضرات اليوم .. لملمت كتبها وأغلقت دفترها ثم توجهت إلى باب الخروج .. وقفت بعيدا حتى ينتهى تدافع الطلاب الخارجين من قاعة المحاضرات .. فلم تكن لتزاحمهم وتصطدم بهم .. وقفت بعيدا .. عيناها على الأرض .. تعد خطوطها وألوانها .. خفت حدة الضجيج من حولها .. إقتربت من باب الخروج وهمت بالمرور منه قبل أن تتجمد فجأة مكانها حين مس أذنها برقة صوته .. الغريب أنها عرفته على الفور .. لقد أصبحت حاسة سمعها مرهفة للغاية .. وقد مس صوته شغاف قلبها مرات عديدة .. كانت تسمع مناقشاته مع زملائه .. يطربها صوته .. وتدهشها ثقافته .. رغم أنه دائما محاط بالفتيات المعجبات به واللاتى لا يدعن وسيلة للتقرب منه .. إلا أنه لم يكن من هذا النوع الخاوى العقل .. إنه إنسان مثقف ومهذب و .. ماهذا؟ لقد غاصت فى أفكارها ونسيت ما يدور حولها .. نعم لقد سمعت صوته منذ قليل و .. ..
فجأة ظهر أمامها .. دخل مجال رؤيتها .. هذه المرة ليست مخطئة .. إنه ينظر لها بالفعل .. بل يتحدث إليها أيضا .. على وجهه إبتسامته المشرقة .. طلب منها بلطف دفتر محاضراتها .. للحظات لم تدرى ماذا تفعل .. تمنت لو استطاعت الهرب من أمامه .. ولكن قدميها لم تطعها .. تسمرت أكثر فى مكانها .. إبتلعت خجلها وتوترها .. بيد مرتعشة أعطته دفترها دون كلمة واحدة .. ونزعت قدميها من فوق الأرض تجرهما بعيدا عنه وقلبها يخفق بشدة .. قطعت طريقها بخطوات سريعة مضطربة .. تتلاحق أنفاسها وتتهدج فى صدرها .. وغمر العرق وجهها كأنها خارجة للتو من معركة شرسة ..

فى اليوم التالى .. جلست فى مكانها المعتاد .. ودفنت وجهها فى كتابها .. وجدته أمامها من جديد .. بتلك الشمس الصغيرة المشرقة على شفتيه .. نظر لها قائلا .. صباح الخير .. هزت رأسها فى صمت .. شكرها وهو يعيد إليها دفترها .. هزت رأسها مرة أخرى وهى تنظر للدفتر لتهرب من عينيه .. وشعرت أن دقات قلبها توقفت للحظات قبل أن يبتعد عنها .. وحينها تنفست من جديد ..

بعد إنتهاء المحاضرة .. وقفت كالعادة تنتظر إنتهاء تدفق الطلاب .. عبثت بصفحات دفترها .. توقفت عيناها على ورقة أنيقة .. مطوية بعناية داخل صفحات الدفتر .. نظرت لها بدهشة قبل أن تمد يدها وتلتقطها .. خفق قلبها بقوة وهى تقرأ الكلمات المسطورة عليها بخط جميل ..
أحبـــــــــك .. هل تقبلين الزواج بى ؟ ..

للحظات شعرت أن الأرض تميد بها .. هل هذا معقول ؟ .. لا .. مستحيل .. إستجمعت شتات نفسها .. وحاولت التفكير .. نعم .. لقد كتب هذه الكلمات لأخرى وربما نسى ووضعها بين صفحات دفترها .. لا بد أنه يشعر بالإحراج الآن لما حدث .. لابد أن تفعل شيئا .. حتى لا يعرف أنها قرأت ورقة فتاته .. أمسكت بالورقة ووضعتها على الأرض لتبدو أنها سقطت بعفوية من بين صفحات الدفتر وارتاحت لهذا التصرف .. ثم همت بالإنصراف ووجدته على باب القاعة يبحث بعينيه وفى يده وردة جميلة حمراء .. تقدمت نحو باب القاعة وعبرته بسرعة دون أن تنظر إليه .. شعرت بعينيه حولها .. سارعت بالهرب .. ومضت فى طريقها وهى تحسد فتاته التى إختارها وكتب لها كلماته الرقيقة .. تنهدت فى نفسها .. وأكملت طريقها .. بينما سقطت وردة حمراء جميلة من بين أصابع صاحبها وقد أيقن أن لا مكان له فى قلب من أحب …

ماشاء الله تبارك الله..
قصه رائعه رائعه رائعه..بكل ماتحمل المعاني من الروعه..
أرغمتني على قراءتها الآن وقد كنت على عجالة من أمري..
ولكن النهاية شبة محزنه..
أتمنى أن يكون بها فصل ثاني..لاكي

بورك فيكِ غاليتي رشا..
وبورك في جديدكِ المتألق دوما بيننا..لاكي
سننتظر حروفكِ بشوق ..لاكي

دمتى على العافية..لاكي

الحبيبة / حنايا الأمل

أشكرك بشدة على مرورك الرائع الذى يشع بريقا .. وينثر السعادة من حولى ..
واعتذر لصدم مشاعرك الرقيقة بنهاية قصتى ..
لكن كان لا بد من هذه الصفعة لتفيق كل نفس لا تعرف قدر نفسها ..
فثقتنا بالله قبل أنفسنا التى تستحق الاحترام لنعم الخالق بها ..
والتى لا يمكننا أن نخجل منها ونتوارى بعيدا عن الناس ..
ولا نملك بعدها سوى التحسر على فرصنا الضائعة ..
دمتى بخير …

سلمتي يا رشا على القصة الجميلة ,
و لكني تمنيت في نهايتها أن تكون ….
أدخلوا البيوت من أبوابها .
فإن كان أعجبه خلقها ,,لا بد أن يبحث عنها ,,
لإن جوهرة كهذه نادرة في هذا الزمان ,,,
جزاكِ الله خيرا يا رشا لاكي

حبيبتى / أم البنين

شكرا لتعليقك يا غالية .. وبالنسبة لملاحظتك ..
فالقصة لا تقوم على هذا الحدث كأساس لها ..
المشكلة فى عيب خطير فى النفس وهو عدم الثقة بها ..
فكما قلت أن ثقتنا فى الله قبل أنفسنا .. وقد وهبنا عز وجل من النعم ما يجعلنا لا نخجل من أنفسنا ..
إن هذا العيب خطير جدا ويؤثر بالسلب على الإنسان الذى لا يستطيع الثقة بنفسه ولا من حوله ..
أما مجرد هذا الموقف الأخير فقد اخترته كنوع من العقاب لهذه الشخصية .. فهو لخدمة الفكرة فى النهاية ..
كما أن الثقة بالنفس لا تتعارض مع الخلق القويم بل بالعكس هى تقويه وتحفظه وتزيد من وعى صاحبها لما يدور حوله ..
شكرا لك كثيرا يا حبيبتى .. كنت سأشعر بالحزن لو لم تمر عيناى على حروف اسمك الذى ادمنت رؤيته على صفحتى ..

الغالية رشا

والله اني اخجل احط تعليق على روائعك
لأني لا أملك حتى موهبة الاطراء

لكن

حتى لا تضيع علي الفرصة

انت مبدعة بكل ما تحتوي هذه الكلمة من معاني

بارك الله فيك

الغالية / السيدة وقار

بل أنا التى تعجز الآن عن الرد على قطرات الشهد المتساقطة من أناملك ..
يكفينى فخرا وجودك الرائع على صفحتى ..
أتمنى أن أكون عند حسن ظنك دائما ..
شكرا لك …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.