تخطى إلى المحتوى

القرآن وتحرير المرأة 2024.

القرآن وتحرير المرأة

من أقبح الأعراف التي انتشرت في زمن الجاهلية العربية، قبل أن ينتشل الإسلام العرب من مستنقعهم الآسن إلى مستواه الكريم أنه إذا مات الرجل منهم فأولياؤه أحقّ بامرأته، يرثونها كما يرثون البهائم والمتروكات، إن شاء بعضهم تزوجها، وإن شاؤوا زوجوها وأخذوا مهرها، يبيعونها كما يبيعون البهائم.
وإن شاؤوا أمسكوها في البيت دون تزويج حتى تفتدي نفسها وكان بعضهم إذا توفي عن المرأة زوجها، جاء وليه فألقى ثوبه عليها، فمنعها من الناس، وحازها كما يحوز الغنائم والسلب فإن كانت جميلة تزوجها، وإن لم تعجبه حبسها حتى تموت فيرثها أو تفتدي منه نفسها بمال، وأما إذا ما فاتته وانطلقت إلى بيت أبيها قبل أن يلقي عليها ثوبه، فقد نجت بنفسها وتحررت عنه، وكان بعضهم إذا طلق المرأة اشترط عليها ألا تتزوج إلا بإذنه حتى تفتدي نفسها منه بمال، وكان بعضهم إذا مات الرجل حسبوا زوجته على الصبي الصغير فيهم حتى يكبر ويأخذها، وكان بعضهم إذا ولى يتيمة يحبسها عن الزواج حتى يكبر ولده الصغير لتزوجها رغبة في السيطرة على مالها.
وهكذا، تعددت صور القهر والظلم الواقع على المرأة، وكل ذلك يدلل على الاستعباد الذي ألمّ بالمرأة في ذلك العصر المظلم، فلم تعرف الجاهلية للمرأة حقوقاً، فانحدرت عن مستوى الرجل انحداراً شنيعاً فهي أقرب الى السلعة منها بالإنسان، سلعة للهو الرجل ومتعته وشهوته. فجاء الإسلام ليرفع عنها ذلك الظلم، ويردها إلى مكانها الطبيعي في كيان الأسرة، فحرم وراثة المرأة كما تورث السلعة والبهيمة.
كما حرم عضلها ومنعها عن الزواج إلا في حالة إتيانها بالفاحشة، كما دعا إلى معاشرة النساء بالمعروف، حتى في حالة كراهية الزوج لزوجته، قال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرهاً ولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة، وعاشروهن بالمعروف، فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئاً ويجعل الله فيه خيراً كثيراً، ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء..) 19 ـ 20 النساء.
وسبب نزول هذه الآية ما أخرجه البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: كانوا إذا مات الرجل كان أولياؤه أحق بامرأته، إن شاء بعضهم تزوجها، وإن شاؤوا زوجوها، وإن شاؤوا لم يزوجوها، وهم أحق بها من أهلها، فنزلت الآية في ذلك.
وذكر المفسرون أن أهل المدينة في الجاهلية وفي أول الإسلام، كانوا إذا مات الرجل وله امرأة، جاء ابنه من غيرها، أو قرابته من عصبته فألقى ثوبه على تلك المرأة فصار أحق بها من نفسها ومن غيره. فإن شاء أن يتزوجها تزوجها بغير صداق إلا الصداق الذي أصدقها الميت، وإن شاء زوجها غيره وأخذ صداقها ولم يعطها شيئاً، وإن شاء عضلها وضارها فتفتدي منه بما ورثت من الميت.
أو تموت هي فيرثها، فتوفي أبوقيس بن الأسلت الأنصاري وترك امرأة، كبيثة بنت معن الأنصارية فقام ابن له من غيرها يقال له حصن، أو قيس بن أبي قيس، فطرح ثوبه عليها ليورث نكاحها ثم تركها، فلم يقربها ولم ينفق عليها، يضارها لتفتدي منه بما لها، فأتت كبيثة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت: يا رسول الله:
إن أبا قيس توفي وورث ابنه نكاحي، وقد أضرني وطوّل عليّ، فلا هو ينفق عليّ ولا يدخل بي، ولا هو يخلي سبيلي، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: اقعدي في بيتك حتى يأتيني فيك أمر الله، قال: فانصرفت وسمعت بذلك النساء في المدينة، فأتين رسول الله صلى الله عليه وسلم، قلن: ما نحن إلا كهيئة كبيثة غير أنه لم ينكحها الأبناء، ونكحنا بنو العم، فأنزل الله تعالى هذه الآية.
وهكذا حرر القرآن الكريم المرأة، ويكفي هذا المثال فخراً للمرأة المسلمة التي حررها القرآن وكرمها ورفعها إلى أعلى الدرجات التي يطمح إليها إنسان، بعد أن عاشت ردحاً من الزمان، تُذل وتُهان وتُعامل معاملة الحيوان.

موقع تبيان أون لاين

الحمدلله على نعمة الإسلام الذي كرمنا و رفع من شأننا..

جزاك الله خيراً أخي الكريم..

اللهم لك الحمد

جزاك الله خيرا …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.