قبل الوفاة ، آخر شئ للرسول صلى الله عليه و سلم كان حجة الوداع ، وبعدها نزل قول الله عز وجل ( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا ) ..
فبكي أبوبكر الصديق عند سماعه هذه الآيه .. فقالوا له مايبكيك يا أبوبكر انها آيه مثل كل آيه نزلت علي الرسول .. فقال : هذا نعي رسول الله صلى الله عليه و سلم .
وعاد الرسول صلى الله عليه و سلم .. وقبل الوفاه ب 9 أيام نزلت آخر ايه من القرآن ( واتقوا يوما ترجعون فيه الي الله ثم توفي كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون) .
وبدأ الوجع يظهر علي الرسول صلى الله عليه و سلم فقال : ( أريد أن أزور شهداء أحد ) فذهب الي شهداء أحد ووقف علي قبور الشهداء وقال : ( السلام عليكم يا شهداء أحد ، أنتم السابقون وإنا إنشاء الله بكم لاحقون ، وإني إنشاء الله بكم لاحق ) .
وأثناء رجوعه من الزياره بكي رسول الله صلى الله عليه و سلم قالوا ما يبكيك يا رسول الله ؟ قال : ( اشتقت الي إخواني ) ، قالوا : أولسنا إخوانك يا رسول الله ؟ قال : ( لا أنتم أصحابي ، أما إخواني فقوم يأتون من بعدي يؤمنون بي ولم يروني ) .
وعاد الرسول صلى الله عليه و سلم ، وقبل الوفاه ب 3 أيام بدأ الوجع يشتد عليه وكان في بيت السيده ميمونه ، فقال : ( اجمعوا زوجاتي ) ، فجمعت الزوجات ، فقال النبي صلى الله عليه و سلم : ( أتأذنون لي أن أمرض في بيت عائشه ؟ ) فقلن : أذن لك يا رسول الله فأراد أن يقوم فما استطاع فجاء علي بن أبي طالب والفضل بن العباس فحملا النبي صلى الله عليه و سلم وخرجوا به من حجرة السيده ميمونه الي حجرة السيده عائشه فرآه الصحابه علي هذا الحال لأول مره .. فيبدأ الصحابه في السؤال بهلع : ماذا أحل برسول الله .. ماذا أحل برسول الله . فتجمع الناس في المسجد وامتلأ وتزاحم الناس عليه .
فبدأ العرق يتصبب من النبي صلى الله عليه و سلم بغزاره ، فقالت السيده عائشه : لم أر في حياتي أحد يتصبب عرقا بهذا الشكل . فتقول : كنت آخذ بيد النبي صلى الله عليه و سلم وأمسح بها وجهه ، لأن يد النبي صلى الله عليه و سلم أكرم وأطيب من يدي. وتقول : فأسمعه يقول صلى الله عليه و سلم : ( لا اله إلا الله ، إن للموت لسكرات ). فتقول السيده عائشه : فكثر اللغط ( أي الحديث ) في المسجد اشفاقا علي الرسول صلى الله عليه و سلم فقال النبي : ( ماهذا ؟ ) . فقالوا : يارسول الله ، يخافون عليك . فقال : ( احملوني إليهم ) . فأراد أن يقوم فما استطاع ، فصبوا عليه 7 قرب من الماء حتي يفيق . فحمل النبي صلى الله عليه و سلم وصعد إلي المنبر .. آخر خطبه لرسول الله و آخر كلمات له :
( أيها الناس ، كأنكم تخافون علي ) فقالوا : نعم يارسول الله . فقال : ( أيها الناس ، موعدكم معي ليس الدنيا ، موعدكم معي عند الحوض .. والله لكأني أنظر اليه من مقامي هذا . أيها الناس ، والله ما الفقر أخشي عليكم ، ولكني أخشي عليكم الدنيا أن تنافسوها كما تنافسها الذين من قبلكم ، فتهلككم كما أهلكتهم ) .
ثم قال : ( أيها الناس ، الله الله في الصلاه ، الله الله في الصلاه ) بمعني أستحلفكم بالله العظيم أن تحافظوا علي الصلاه ، وظل يرددها ، ثم قال : ( أيها الناس ، اتقوا الله في النساء ، اتقوا الله في النساء ، اوصيكم بالنساء خيرا )
ثم قال : ( أيها الناس إن عبدا خيره الله بين الدنيا وبين ما عند الله ، فاختار ما عند الله ) فلم يفهم أحد قصده من هذه الجمله ، وكان يقصد نفسه ، سيدنا أبوبكر هو الوحيد الذي فهم هذه الجمله ، فانفجر بالبكاء وعلي نحيبه ، ووقف وقاطع النبي صلى الله عليه و سلم وقال : فديناك بآبائنا ، فديناك بأمهاتنا ، فديناك بأولادنا ، فديناك بأزواجنا ، فديناك بأموالنا ، وظل يرددها ..
فنظر الناس إلي أبوبكر ، كيف يقاطع النبي صلى الله عليه و سلم .. فأخذ النبي صلى الله عليه و سلم يدافع عن أبوبكر قائلا : ( أيها الناس ، دعوا أبوبكر ، فما منكم من أحد كان له عندنا من فضل إلا كافأناه به ، إلا أبوبكر لم أستطع مكافأته ، فتركت مكافأته إلي الله عز وجل ، كل الأبواب إلي المسجد تسد إلا باب أبوبكر لا يسد أبدا …
وأخيرا قبل نزوله من المنبر .. بدأ الرسول بالدعاء للمسلمين قبل الوفاه كآخر دعوات لهم ، فقال :
( آواكم الله ، حفظكم الله ، نصركم الله ، ثبتكم الله ، أيدكم الله ) .. وآخر كلمه قالها ، آخر كلمه موجهه للأمه من علي منبره قبل نزوله ، قال :
( أيها الناس ، أقرأوا مني السلام كل من تبعني من أمتي إلي يوم القيامه ) .
وحمل مرة أخري إلي بيته صلى الله عليه و سلم . وهو هناك دخل عليه عبد الرحمن بن أبي بكر وفي يده سواك ، فظل النبي صلى الله عليه و سلم ينظر الي السواك ولكنه لم يستطيع ان يطلبه من شدة مرضه . ففهمت السيده عائشه من نظرة النبي صلى الله عليه و سلم ، فأخذت السواك من عبد الرحمن ووضعته في فم النبي صلى الله عليه و سلم ، فلم يستطع أن يستاك به ، فأخذته من النبي صلى الله عليه و سلم وجعلت تلينه بفمها وردته للنبي صلى الله عليه و سلم مره أخري حتي يكون طريا عليه فقالت : كان آخر شئ دخل جوف النبي صلى الله عليه و سلم هو ريقي ، فكان من فضل الله علي أن جمع بين ريقي وريق النبي صلى الله عليه و سلم قبل أن يموت .
تقول السيده عائشه : ثم دخلت فاطمه بنت النبي صلى الله عليه و سلم ، فلما دخلت بكت ، لأن النبي صلى الله عليه و سلم لم يستطع القيام ، لأنه كان يقبلها بين عينيها كلما جاءت إليه .. فقال النبي صلى الله عليه و سلم : ( ادني مني يا فاطمه ) فحدثها النبي صلى الله عليه و سلم في أذنها ، فبكت أكثر . فلما بكت قال لها النبي صلى الله عليه و سلم : ( ادني مني يا فاطمه ) فحدثها مره أخري في اذنها ، فضحكت ….. ( بعد وفاته سئلت ماذا قال لك النبي صلى الله عليه و سلم ، فقالت : قال لي في المره الأولي : ( يا فاطمه ، إني ميت الليله ) فبكيت ، فلما وجدني أبكي قال : ( يا فاطمه ، أنتي أول أهلي لحاقا بي ) فضحكت .
تقول السيده عائشه : ثم قال النبي صلى الله عليه و سلم : ( أخرجوا من عندي في البيت ) وقال : ( ادني مني يا عائشه ) …..
فنام النبي صلى الله عليه و سلم علي صدر زوجته ، ويرفع يده للسما ويقول : ( بل الرفيق الأعلي ، بل الرفيق الأعلي ) .. تقول السيده عائشه : فعرفت أنه يخير …
سيدنا جبريل دخل علي النبي صلى الله عليه و سلم وقال : يارسول الله ، ملك الموت بالباب ، يستأذن أن يدخل عليك ، وما استأذن علي أحد من قبلك . فقال النبي : ( إءذن له يا جبريل ) …..
فدخل ملك الموت علي النبي صلى الله عليه و سلم وقال : السلام عليك يا رسول الله ، أرسلني الله أخيرك ، بين البقاء في الدنيا وبين أن تلحق بالله . فقال النبي صلى الله عليه و سلم : ( بل الرفيق الأعلي ، بل الرفيق الأعلي ) ووقف ملك الموت عند رأس النبي صلى الله عليه و سلم وقال : أيتها الروح الطيبه ، روح محمد بن عبد الله ، أخرجي إلي رضا من الله و رضوان ورب راض غير غضبان …
تقول السيده عائشه : فسقطت يد النبي صلى الله عليه و سلم وثقلت رأسه في صدري ، فعرفت أنه قد مات … فلم أدري ما أفعل ، فما كان مني غير أن خرجت من حجرتي وفتحت بابي الذي يطل على الرجال في المسجد وأقول مات رسول الله ، مات رسول الله . تقول : فانفجر المسجد بالبكاء . فهذا علي بن أبي طالب أقعد ، وهذا عثمان بن عفان كالصبي يؤخذ بيده يمني ويسري وهذا عمر بن الخطاب يرفع سيفه ويقول من قال أنه قد مات قطعت رأسه ، إنه ذهب للقاء ربه كما ذهب موسي للقاء ربه وسيعود ويقتل من قال أنه قد مات . أما أثبت الناس فكان أبوبكر الصديق رضي الله عنه دخل علي النبي واحتضنه وقال : وآآآ خليلاه ، وآآآ صفياه ، وآآآ حبيباه ، وآآآ نبياه . وقبل النبي صلى الله عليه و سلم وقال : طبت حيا وطبت ميتا يا رسول الله .
ثم خرج يقول : من كان يعبد محمدا فإن محمدا قد مات ، ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت … ويسقط السيف من يد عمر بن الخطاب ، يقول : فعرفت أنه قد مات … ويقول : فخرجت أجري أبحث عن مكان أجلس فيه وحدي لأبكي وحدي ….
ودفن النبي صلى الله عليه و سلم . السيده فاطمه تقول : أطابت أنفسكم أن تحثوا التراب علي وجه النبي … ووقفت تنعي النبي وتقول : يا أبتاه ، أجاب ربا دعاه ، يا أبتاه ، جنة الفردوس مأواه ، يا أبتاه ، الي جبريل ننعاه .
رزقنا الله مرافقته في جنات النعيم..
جزاكم الله خيرا..