هناك في زاوية من مدرستها شاخصة البصر لا إلى شيء …
صدرها ممتلئ ضيقا
تشعر باختناق في طابور الصباح
وزاد الأمر سوءاً همسات ومحادثات جانبية تثير الغضب بين التلميذات
وأخرى منهن تخرج كتابا لتكمل مذاكرتها وثالثة تمضغ علكا !!
فما يكون منها إلا أن تصرخ على هذه وتوبخ هذه و..و..
فجأة شرد ذهنها إلى ماقبل سنوات مضت
تذكرت ورقة صغيرة كتبتها لها إحدى طالباتها في السنوات الماضية
{معلمتي ابتسامتك في كل صباح تملأني سعادة وتنسيني همومي }
انحدرت دمعة عينيها لم تتمكن من مقاومتها …
أخذت تتساءل :
ماالذي حدث ؟!
أين ابتسامتي ؟ منذ زمن أبحث عنها لا أجدها ..
ويبقى السؤال يلامس قلبها
مالذي سرقها مني ؟
وكيف تعود ؟
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
مربية الأجيال
حاملة مشعل العلم
صاحبة أسمى رسالة [ وظيفة الرسل ]
لاتيأسي .. لاتقنطي
تلك مشاعر تمر بالمعلمات كثيرا
وإنما هي فترة تربية وتعليم من رب العالمين لقلبها النابض ,
ذاك القلب الذي يحتاج تفقدا ووقودا بين حين وآخر لتُضخ إلأيه الحياة من جديد ويتمكن من العطاء والبذل دون أن ينتظر من أحد جزاءا ولا شكورا
هي ..
قضية تتكرر في عالم المعلمات
تبدأ المعلمةسنواتها الأولى بجد واجتهاد ونشاط ثم بعدها تشعر بفتور وعدم إقبال
ولايسمع منها إلا تنهيدات وتأففات وأول الخاسرين هي ثم تلميذتها ثم .. أمة بأكملها !!
ترى مالذي أحتاجه أنا وتحتاجه زميلتي المعلمة لنعود من جديد..؟!
ماذا يمكن أن نفعل لتعلو الابتسامة قلبها وثغرها من جديد ؟!
متى ينبض قلبها حبا عطاءا بذلا نصحا لطالباتها وتلميذاتها
كلمات بسيطة هي جهد المقل سأطرحها هنا وبانتظار أقلامكن الرائعة وحروفكن المذهلة ..
:
ღღ ليبقَ النور يتبعنا ღღ تعالي نزرع الضوء بذرا سامقا
وحتى يبقى النور بكفيك يامربية الأجيال لابد له من تعاهد وزاد و وقود
فلنمضي معا نزرع الضوء من جديد ليثمر غرسا يانعا تقتاته قلوبنا المرهقة لتشرق من جديد وتبقى قوية
وإن أصابتها الآفات وأقعدتها فماهي إلا غفوات ستعود من بعدها تواصل المسير بحول الله وقوته
:
رفيقتي .. ..
لاتظني أن علاقتك بطالباتك وآداء مهمتك تبدأ بدخولك عتبة المدرسة أو قاعة الدرس (فصلك)
وإنما تبدأ منذ أن تفتحي عينيك وترددي
الحمدلله الذي أحيانا بعد ما أماتنا وإليه النشور
فأنت تنعمين بحياة وصحة وقوة حرم منها الكثير
فشعورك بها وشكرك عليها يملأ صدرك هدوءا ، طمأنينة ، وسكينة
وعند آدائك لصلاة الفجر تلقين بكل همومك وجبينك على الأرض فيسمعك من في السماء
كلمات الصلاة وأذكارها وكل حركاتها أسباب هيأها الله لتنالي قوة القلب بالتذلل له
ولا تكفينا مجلدات لنقف عند كل منها ، لكنها قطرات نستنشقها لعلها تنعش قلوبنا وتكون مفتاحا لها
ففي صلاتك أنت بين يدي الملك الكبير
الذي يملك قلبك وجوارحك وجميع قواك
فتعلمين أن لاقوى ذاتية لك بل القوة الحقيقية في مشاعرك أمام { إياك نعبد وإياك نستعين }
الاستعانة هي الاختبار الحقيقي الذي ينبغي لك أن تتقني مذاكرته ،فكيف هي استعانتك
هل اعتمدتِ على شخصيتك القوية المرعبة لطالباتك ؟
أم اعتمدتِ على تحضيرك وذكائك وسنوات خبرتك ؟
أم اعتمدتِ على أجهزتك من حاسوب وجهاز عرض ووسائل ؟
فأنت معلمة متميزة وذات خبرة طويلة … لكن !!
لابد أن تعلمي أن اعتمادك على كل هذا سيكون ورقة رسوب لك ..
فالذي خلق هذه الأسباب وأعطاك القدرة على استخدامها قادر على سلبها أو سلبكِ ماينفعك منها ..
وهل معنى ذلك ان أهملها ولا أهتم بها ..؟! لا أبدا
وإنما عليك أن تأخذي بها وتتقنيها بقدر استطاعتك بجوارحك
لكن القلب يبقى عند ربه الأول الذي ليس قبله شيء
فمن الذي خلقها وهيأها لك غيره سبحانه؟
وتيقني أنها لن تنفعك إلا إذا أراد ونفعك بها ..
فهو الآخر الذي ليس بعده شيء
وهذا هو عين التوكل الحقيقي
القلب معتمد على الله في كل مراحله والجوارح تعمل وتأخذ بكل ماتستطيع من أسباب
وفي كل هذا القلب هناك في السماء ولايلتفت إليها
وكم أذاقنا الله وأدبنا على ثقتنا بأنفسنا ومهاراتنا لنتعلم هذا الدرس !!
ولو فتشتِ في حقيبة ذكرياتك لوجدت عجبا ..!
وبعد أن تنهين صلاتك وتعرجين بروحك إلى من يدبر أمرها ويصرف شئونها ..
رددي أذكار الصباح مستشعرة معانيها العظيمة التي هي المقصود العظم من قرائتها
بل هي أكسجين تتنفسه قلوبنا
ففي آية الكرسي تقرأين
وتمررين على قلبك أن كل ماعلى الأرض يموت إلا أنت يارب فهو الحي الذي لايموت
فهب لنا الحياة الكريمة واجعل هذه الوظيفة سبب لحياة قلوبنا وحياة طالباتنا وحياة أمتنا
وعندما ترددين
"يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث أصلح لي شأني كُله ولا تَكِلْني إلى نفيس طرفة عين"
أصلح لي شأني كله
تذكري شأنك مع طالباتك وأنه يدخل تحت هذه الدعوات فلتصعدي بقلبك إلى السماء وانظري بماذا يعود *
حتى وإن قلنا ان الجيل تغير والحياة تغيرت والتلميذات ماعدن يحملن الاحترام المطلوب إلا من رحم الله
هذا الدعاء يشمل كل ماتريدينه منهن فهن يمثلن جزءا من شأنك فلا تتواني ولا تتاخري ..
ولما تقرأين :
"اللهم عَالِمَ الغيب والشَّهادة، فاطر السموات والأرض، رب كل شيء ومليكه،
أشهد أن لا إله إلا أنت أعوذ بك من شر نفسي ومن شر الشيطان وشركه وأن اقترف على نفسي سوءًا أو أجُره إلى مسلم"
أعوذ بك من شر نفسي
تذكري أن لك شرا فاحذري أن يظهر على من حولك وخاصة على طالباتك
واضبطي نفسك وألجمي غضبك بلجام التقوى والرفق والرحمة
فقد أكون انا سببا لتصرفاتهن الطائشة وردود أفعالهن الغير مستحبة
فيارب هذب نفسي حتى لا أوقع طالباتي في شر أبدا ..
وأما في هذا الدعاء العظيم :
" أصبحنا وأصبح الملك لله رب العالمين،
اللهم إني أسألك خير هذه اليوم: فتحه، ونصره، ونوره، وبركته، وهداه، وأعوذ بك من شر ما فيه وشر ما بعده""
تنادين ملك السماوات والأرض الذي يملك قلبك وقلوب طالباتك
هو وحده يأت بها هو وحده يصرفها
عندها تتيقنين أنه الغني وأنت الفقيرة هو الوهاب وأنت السائلة
فكيف يكون عطاء ملك كريم وهاب قوي قادر لأمة ضعيفة عاجزة فأكثري من الطلب وألحي ولا تعجزي
وننتقل الآن لذكر طالما رددناه بألسنتنا لكن قلوبنا لم تعيه ولم تفهمه كما ينبغي ففاتها نفع كبير ..
إنه دعاء الخروج من البيت ..
اللهُمَ إني أعُوذُ بِكَ أن أَضلَّ أوْ أُضَلَّ أَوْ أزلَّ، أو أُزلَّ، أوْ أظلِم أوْ أُظْلَم، أوْ أَجْهَلَ أوْ يُجْهَلَ عَلَيَّ"
"بسم الله، توكَّلْتُ على الله، لا حَوْلَ ولا قُوةَ إلا بالله "
هذا الدعاء كنز عظيم والذي نفسي بيده لكن أذهاننا بعيدة ..
قد يبقى ذهنك مع ابنك المريض أو العاملة المنزلية الجديدة أو مشكلة بينك وبين زوجك ..
ثم تدخلين على طالباتك لتلقين بهمومك في كلمات غاضبة أو ردود غير مناسبة ..
لاتنسي أنك وكلتِ أمرك لعظيم قادر هو قيوم السماوات والأرض فكيف يضيعك سبحانه وتعالى ؟!
والله ماخاب قلبا رجاه ولجأ إليه أبدا ..
لكن هذا القلب حين يدعو بضعف أو عدم ثقة قد يؤدبه الله تعالى بانقلاب الأمور ضده
فلاتكوني عمياء وأنت تملكين عينا تبصر
واعلمي أن العمى الحقيقي عمى النفس ..
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
والآن سأتوقف هنا لتتأملي أنت معي بقية الأذكار وكيف أن كل كلمة بل كل حرف منها تحتاجه قلوبنا وعقولنا وأبداننا
فلنتأملها من جديد ونعيش معها حياة أخرى مختلفة ..
..
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
:
يبقى التعليم
ذاك الحلم الذي راودها كثيرا عندما كانت طفلة وتمثل دور المعلمة
هذا الحلم الذي تحقق وغير في حياتها وعلمها الكثير قبل أن تعلم طالباتها ..
وليبقَ ذاك الحلم واقعا تعيشه.. ويكبر حتى تجد ثمرته هناك في السماء ..
فقط تحتاج إلى اثنين :
إخلاص واستعانة ..
:
كانت هناك فكرة سلسلة بدأناها هنا :
صيفنا إبداع: مشرفة المصلى ღღ ليبقَ النور يتبعنا ღღ تعالي نزرع الضوء بذرا سامقا
ولعل الله تعالى ييسر لنا مابقي
فلا حول ولاقوة إلا به
:
حروف تلامس القلب ..
ورسائل تربوية هامة لكل من هي مقبلة على حمل تلك الرسالة السامية
المعلمة الواعيه هي من تدرك كيفيه التعامل مع تلك القلوب لتصل
رسالتها بسلام .
ما شاء الله يا غالية
كلمات ونصائح ولا أروع تلامس شغاف القلب
وتعين المعلمة على التماس الذكر والتقرب إلى الله لإصلاح نفسها وطالباتها
جزاكِ الله خيراً وباركَ فيكِ
,،
أرويتنا دُرر تسمو بالمعلمة
بوركتِ و نفع الله بكِ
حفظكِ الله وبارك في حرفكِ وجهدكِ ..
()