أتاني أحد الإخوة في المسجد، وطلب مني أن أقرأ على أخته المصابة بمس من الجن، وأخبرني بقصتها فقال: تزوجت أختي قبل سنتين ولم تنجب، وفي زيارة لإحدى جاراتها أشارت عليها أن تذهب إلى أحد المعالجين بالسحر!!، وبعد تردد لم يدم طويلاً ذهبت أختي مع جارتها إلى "المشعوذ" في منطقة "…..".. وهناك أعطاها المشعوذ بخوراً وقال لها لابد أن تتبخري به في الحمام وإلا فلن تنجبي أبداً !!
وما أن عادت إلى البيت حتى بادرت بـ "الوصفة الشيطانية" دون أن تخبر زوجها. وبعد مضي أسابيع وشهور أحست أختي بتغير في معالم شخصيتها: ضيق في الصدر، وتوتر في الأعصاب، وغضب دون مبرر، واضطراب عند سماع الأذان !!، بل لم تستطع أن تقرأ شيئاً من القرآن في صلاتها.. وتبع ذلك شجار مع الزوج وخلاف معه لأتفه الأسباب حتى تحول البيت إلى نار لا تطاق!
قال هذا الأخ مواصلاً حديثه:"فجاءت أختي إلى بيتنا-على غير عادتها- تعلوها سحابة هم وحزن جعلتني ألحّ عليها بالسؤال عن حلها وسبب حزنها وكآبتها.. فأخبرتني بخبر المشعوذ وما فعلته بتلك الوصفة المشئومة.. فأخذت كتاب الله بدأت أقرأ عليها سورة البقرة، وما أن وصلت في قراءتي إلى آية الكرسي حتى أخذت أختي تضطرب بين يدي، وتتكلم بصوت غريب على لسانها يطلب مني أن أتوقف عن القراءة.. فتوقفت وأتيت إليك كي تذهب معي للقراءة عليها.. ولما كنت لا أجيد هذا الفن أشرت عليه بالذهاب إلى أحد المشايخ الثقات الذين لهم خبرة وتجربة في هذا المجال.
هذه القصة تتكرر كثيراً بصور ودوافع عدة عندما يضعف الإيمان في قلوب الناس، ويهن اليقين في نفوسهم، وتندرس معالم التوحيد في أفئدتهم، فتحملهم أرجلهم الآثمة للوقوف على أبواب المشعوذين فيسألونهم ما لا يقدر عليه إلا الله.
إن المرأة المسلمة تعتقد اعتقاداً جازماً أن الذي يضر وينفع، ويعطي ويمنع، ويخفض ويرفع هو الله وحده لا شريك له، ]وإن يمسسك الله بضرٍ فلا كاشف له إلا هو ، وإن يمسسك بخير فهو على كل شيء قدير[؛ لذا فإذا حلت بدارها مصيبة أو نزلت بساحتها شدة لجأت إلى الحي القيوم لأنها تعلم أنه لا يكشف ضرها أحد إلى الله، فهي لا تلجأ إلى كاهن ولا ساحر أو مشعوذ لأنها تعلم أنه [من أتى كاهناً فسأله فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد e إن ما حدث لهذه المرأة من مصائب كادت أن تهدم بيتها إنما هو بسبب ضعف إيمانها بالله، وعدم توكلها عليه، فوكلها الله إلى أولئك المشعوذين الذين لا يملكون لأنفسهم موتاً ولا حياةً ولا نشوراً، ولا يستطيعون دفع الضر عنهم ولا تحويلاً. إن في هذا لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد.