تخطى إلى المحتوى

اليتيم والمسكين وعناية الإسلام بهما 2024.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بـســم الله الـــرحـمــن الرحيـــــم

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الحمد لله ولي الصالحين ، ولا عدوان إلا على الظالمين .

لا ريب أن اليتيم والمسكين من أحق الناس بالرعاية والعناية ، وقــد أكثر

الرب عز وجل في كتابه العظيم من الحث على الإحسان إليهمـا ورحمتهما

ومواساتهما؛ فجدير بالمؤمن والمؤمنة الإحسان إلى من لديه شيء منهما

من أيتام المسلمين وفقرائهم ؛ فإن الصدقة في هؤلاء في محلها من

الزكاة وغيرها .

وقـد جاء في الحديث الصحيح عنه – عليه الصلاة والسلام – أنه قال « أنا

وكافل اليتيم في الجنة كهاتين، وشبك بين أصبعيه» (1) . فهــذا يدل على

عظم أجر كفالة اليتيم والإحسان إليه ، كذلك قال عليـه الصــلاة والســـلام

فــي الحـــديث الصحيـــح « الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في

سبيل الله ، أو قال : كالصائم لا يفطر ، والقائم لا يفتر » (2) . فهذا فضل

عظيم ، والله جل وعلا يقول { وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ

وَلاَ تُبَذِّرْ تَبْذِيراً } ويقول عز وجــل : { وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً

وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ } ويقـــول سبحانه

وتعالى : { فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ* وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ} إلى غير ذلك من

الآيات الكثيرة .

واليتيم هـــو الـــذي فقد أباه وهو صغير لم يبلغ الحلم ، فإذا بلغ الحلم زال

عنه وصف اليتيم، وقد يفقد أبويه جميعا فيكون أشد في حاجته وأعظم في

ضرورته ، وهــذا كله إذا فقدهما ولم يخلفا ما يكفيه ، أما إذا خلفا له مالاً

يقوم بحاله ، فإنه حينئذ لا يكون محلا للصدقة، وإنما يكون محلا للرعاية

والعناية بماله والإحسان إليه حتى ينمو هذا المال ويحفظ ، وهــو كـــذلك

يكون محــل العناية مــن حـيــث التربية والتوجيه والتعليم والصيانة عما

لا ينبغي ، فاليتيم في حاجة مــن جهة تربيته التربية الإسلامية وتوجيهه

وإرشاده ، وإذا كـــان لا مال له كان محتاجا أيضا إلى المال ، وقد قال الله

سبحانه وتعــالـى : { وَلاَ تَقْرَبُواْ مَالَ الْيَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ

أَشُدَّهُ } فلا يقرب مال اليتيم إلا بالتي هــي أحسن ، وذلك بالتصرف فيـــه

بالتجارة والتنمية وبالنصح وأداء الأمانة حتى يبلغ اليتيم أشده، أي حتى

يبلغ الحلم ، ويزول عنه السفه ويكون رشيدا ، فإذا رشد دفع إليــه مالــه

وأشهد عليه ، ولا يجوز قرب ماله للطمع فيه والإساءة إليه ، بل هذا من

أعظم أسباب العقوبات وكبائر الذنوب ، كما قال الله عز وجل {إِنَّ الَّذِينَ

يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْماً إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَاراً وَسَيَصْلَوْنَ

سَعِيراً} فأخذ مال اليتيم بغير حق من كبائر الذنوب .

وفـــي الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال « اجتنبوا

السبع الموبقات " قلنا ما هن يا رسول الله ؟ قال " الشرك بالله، والسحر،

وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل الربا وأكل مال اليتيم، والتولي

يوم الزحف ، وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات » (3) ، فجعـــل أكل

مال اليتيم من هذه السبع الموبقات أي المهلكات ، فعلى من كان عنده

يتيم أو يتيمة أن يتقي الله فيهما ويحسن إليهما ، ويصون مالهما

عما لا ينبغي ويجتهد في تنميته …

المقصود أن الأيتام والمساكين لهما حق على المسلمين، فجدير بالمسلمين

ألا يغفلوا عنهما وأن يعنوا بهما ، واليتيم قد يكون له ولي يحسن في ماله

ويجمع لـه المال ويلطف به ، ولكن أولئك الفقراء الكثيرين الذين ليس لهم

من يتولاهم ويحسن إليهـم جديرون أيضا بأن يراعوا ويحسن إليهـــم من

الزكاة وغيرها، وأن يعطف عليهم من إخوانهم المسلمين، فرحمة

المسكين والعطف عليه من أعظم القربات .

والله تعالى يقول في كتابه الكريم عن أهل البر : { وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ

وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلآئِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى

وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّآئِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَـــامَ الصَّــــلاةَ

وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُواْ وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاء والضَّرَّاء

وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَـئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ } فجعـل هؤلاء مــن

أهل التقوى وأهل الصدق بسبب إحسانهم ، وعنايتهم بهؤلاء الضعفاء، مع

إيمانهم بالله واليوم الآخــر والملائكة والكتاب والنبيين ، وقيامهم بالأعمال

المذكورة في هذه الآية ، ثم الإحسان إليهم يزيد صاحبه خيرا وفضلا، والله

سبحانه وتعالى يخلف عليه مع الأجر العظيم كما قــال سبحــانه وتعــالى :

{ وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ } ويقول النبي صلى

الله عليه وسلم – عن الله عز وجل أنه قال سبحانه « أنفق يا ابن آدم أنفق

عليك » (4) ، وصح عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – أنـــه قــال :

« ما من يوم يصبح العباد فيه إلا ملكان ينزلان، فيقول أحدهما: اللهم أعط

منفقا خلفا ، ويقول الآخر : اللهم أعط ممسكا تلفا » (5) . والإنفاق علـى

المساكين ورحمتهم واللطف بهــم والمواساة مــن أقــرب القربات وأفضل

الطاعات، والمحسن موعود بأجر عظيم مع الخلف لما أنفق، قال سبحانه

وتعـالى : { وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنفُسِكُم مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللَّهِ هُوَ خَيْراً وَأَعْظَمَ

أَجْراً } ثم هذه الصدقة يتقبلها الرب بيمينه حتى التمرة الواحدة يتقبلها الله

سبحانه من صاحبها بيمينه ويربيها كما يربي أحدكم فلوه أو فصيله حتـى

تكون مثل الجبل إذا كانت من كسب طيب ولا يقبـل الله إلا الطيب سبحانـه

وتعالى ، وفي قوله تعـالى: { وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلاَحٌ لَّهُمْ خَيْرٌ }

ما يوجه أولياء اليتامى إلا مـا هو الأصلح، وأن المقصود هو الإصلاح لهم

وعمل ما فيه الخير لهم ، وولي اليتيم مفوض فـي هذا الأمر مــن جهة الله

عز وجل فيعمل ما هو الأصلح ، كما يعمل لنفسه ويجتهد لنفسه إلى ما هو

أصلح فيجتهد لليتيم كذلك أو أعظم من ذلك، حتى يكون بريء الذمة قد أدى

الأمانة ، وأحسن إلى هذا الفقير . وفــي الحديث الصحيح : « من لا يرحم

لا يرحم » (6) وفي حديث آخر : « الراحمون يرحمهم الرحمن ، ارحموا

من في الأرض يرحمكم من في السماء » (7) .

ونسأل الله عز وجل أن يوفقنا وجميع المسلمين للهداية والسداد ،

وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه .

كتاب مجموع فتاوى العلامة عبدالعزيز بن باز (ج14/ ص328 )

…..

(1) رواه البخاري بلفظ (أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا) وأشار بالسبابة والوسطى

وفرج بينهما شيئا) ( ك الطلاق ، ب اللعان ، ص 1050 / ح 5304 )

(2) أخرجه البخاري في صحيحه ( ك الأدب ، ب الساعي على المسكين ،

ص 1164 / ح 6007 ) من حديث أبي هريرة

(3) أخرجه البخاري في صحيحه ( ك الوصايا ، ب قول الله تعالى { إن الذين يأكلون

أموال اليتامى ظلما …} ، ص 533 / ح 2766 ) من حديث أبي هريرة

(4)أخرجه البخاري في صحيحه ( ك النفقات ، ب فضل النفقة على الأهل ،

ص 1059 / ح 5352 ) من حديث أبي هريرة .

(5) أخرجه مسلم في صحيحه ( ك الزكاة ، ب المنفق والممسك

ص 504 / ح 1010 ) من حديث أبي هريرة .

(6)أخرجه البخاري في صحيحه ( ك الأدب ، ب رحمة الناس والبهائم ،

ص 1164 / ح 6013 ) من حديث جرير بن عبد الله.

(7) أخرجه الترمذي في الجامع ( ك البر والصلة ، ب ما جاء في رحمة الناس ،

ص 1845 / ح 1924 ) من حديث عبد الله بن عمرو ،وقال الألباني : صحيح .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

كم هو شعور جميل عندما يشعر أحدنا أنه قد لبى نداء النبي عليه الصلاة والسلام في العناية باليتيم والمسكين
وسعى لكي يسعد هؤلاء اليتامى ويعينهم ويهتم بهم ويرعاهم ويتابعهم في شؤونهم وطلباتهم
رائعة هي تلك اللحظات عندما ذهبنا الى دار رعاية الايتام برعاية جمعية ……… ورأينا هؤلاء الاطفال كيف ارتسمت البسمة على وجوههم
وعرفنا وقتها معنى العطف على المساكين ورعاية اليتامى والمسح على رؤوسهم وشعرنا بعظيم ثوابها
لأن النبي عليه الصلاة والسلام لاينطق عن الهوة ان هو الا وحي يوحى
بارك الله بكم على الموضوع الموفق والنصائح القيم

جزاك عنا كل خير على طرحك الطيب

لاكي
وجعل كل ما خط هنا فى ميزان حسناتك
دمت بحفظ الرحمن

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.