الناس إزاء المصيبة على درجات:
الأولى: الشاكر.
الثانية: الراضي.
الثالثة: الصابر.
الرابعة: الجازع.
أمَّا الجازع: فقد فعل محرماً ، وتسخط من قضاء رب العالمين الذي بيده ملكوت السموات والأرض، له الملك يفعل ما يشاء.
وأمّا الصابر: فقد قام بالواجب ، والصابر: هو الذي يتحمل المصيبة ، أي يرى أنها مرة وشاقة ، وصعبة ، ويكره وقوعها ، ولكنه يتحمل ، ويحبس نفسه عن الشيء المحرم ، وهذا واجب.
وأمّا الراضي: فهو الذي لا يهتم بهذه المصيبة ، ويرى أنها من عند الله فيرضى رضى تاماً، ولا يكون في قلبه تحسر ، أو ندم عليها لأنه رضي رضى تاماً ، وحاله أعلى من حال الصابر ولهذا كان الرضى مستحباً ، وليس بواجب.
والشاكر: هو أن يشكر الله على هذه المصيبة.
ولكن كيف يشكر الله على هذه المصيبة وهي مصيبة؟
والجواب: من وجهين:
الوجه الأول: أن ينظر إلى من أصيب بما هو أعظم ، فيشكر الله على أنه لم يصب مثله ، وعلى هذا جاء الحديث: «لا تنظروا إلى من هو فوقكم ، وانظروا إلى من هو أسفل منكم ، فإنه أجدر ألا تزدروا نعمة الله عليكم»
أخرجه مسلم (2963) عن أبي هريرة رضي الله عنه.
الوجه الثاني: أن يعلم أنه يحصل له بهذه المصيبة تكفير السيئات ، ورفعة الدرجات إذا صبر ، فما في الآخرة خير مما في الدنيا، فيشكر الله ، وأيضاً أشد الناس بلاءاً الأنبياء ، ثم الصالحون ، ثم الأمثل فالأمثل ، فيرجوا أن يكون بها صالحاً ، فيشكر الله سبحانه وتعالى على هذه النعمة.
ويُذكر أن رابعة العدوية أصيبت في أصبعها، ولم تحرك شيئاً فقيل لها في ذلك؟
فقالت: إن حلاوة أجرها أنستني مرارة صبرها.
والشكر على المصيبة مستحب ، لأنه فوق الرضى ، لأن الشكر رضى وزيادة
من درر العلامة ابن عثيمين رحمه الله تعالى في آخر شرحه على كتاب الجنائز من الممتع .
نقل موفق بارك الله فيكِ ،،
هذهِ هى الدنيا دارالبلاء والمصائب
، والكبد والشقاء ، فلاتوجد راحة تامة ، أو سعادة دائمة، إلا في دار الخلود والبقاء،لذلك يعيش المؤمن فيها في مشقة ؛ لأنه يعلم أن هى إلا إمتحان من خالقهِ ، ولا بد أن يجتازها ، بالرضا والصبر عليها..
ولولا وجود العبادة والطاعة لله ، والإطمئنان باللجؤ إليهِ سبحانه وتعالى
لِما طاق المؤمن البقاء فيها، والصبر عليها ..
ومن حكمتهِ تعالى أن جعل للإبتلاء فوائد عديدة منها :
• ~ إنها تكفير الذنوب وتمحو السيئات ..
• ~ ترفع الدرجة والمنزلة في الآخرة ، وتقوي صلة العبد بربه..
• ~ وإنها تفتح باب التوبة والذل والانكسار بين يدي الله..
*~ قوة الإيمان بقضاء الله وقدره واليقين بأنه لاينفع ولا يضر الا الله ..
*~ تذكر بالدنيا على حقيقتها.
الأحد 18 جمادي الأولى 1445 – 2-5-2016
رقم الفتوى: 135036
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
إن من ورائكم أيام الصبر، للمتمسك فيهن يومئذ بما أنتم عليه أجر خمسين منكم.
قالوا: يا نبي الله أو منهم؟ قال: بل منكم.
وفي رواية: الصبر فيهن مثل القبض على الجمر، للعامل فيهن مثل أجر خمسين رجلا يعملون مثل عمله.
رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه وغيرهم، وصححه الألباني.
وليس معنى ذلك أن مثوبة الله لهذا الصنف الفريد من الناس، قاصرة على الآخرة، بل حتى في الدنيا تدركهم ألطاف الله، وتنزل عليهم معونته، وتغشاهم سحائب رحمته، فإن تقوى الله تعالى وإن كانت تضيق على صاحبها في البداية اختبارا وامتحانا،
إلا أنها توسع عليه في النهاية، وتكون خيرا في العاقبة، كما قال الله تعالى:
وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ. {العنكبوت: 69}.
وقال سبحانه: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ* وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ
حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا * وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا * {الطلاق:2-4}.
إن المعونة تأتي من الله على قدر المؤنة، وإن الصبر يأتي من الله على قدر البلاء.
رواه البزار، وحسنه الألباني.
إنك لن تدع شيئا لله عز وجل إلا بدلك الله به ما هو خير لك منه. رواه أحمد، وصححه الألباني.
ولك في الأنبياء والصالحين أسوة حسنة في مواجهة الابتلاء، كما سبق التنبيه عليه في الفتوى رقم: 64559 . وقد سبق لنا أيضا بيان وسائل تقوية الإيمان وتحقيق الاستقامة، وذكر نصائح لاجتناب المعاصي، في الفتاوى ذوات الأرقام التالية:
10800 ، 1208 ، 25324 ، 18074.
أسأل الله أن يجعلنا من الشاكرين ، والراضيين ، والصابرين ..
آللهم آميين..
..~