تخطى إلى المحتوى

اهل القران 2024.

أهل القران :
ما أجمل القران لمن يحاول ان يتمتع به وان يقرأه ويكتشف أسرارهفهناك من الآيات ما يلفت الأنظار ويجذب القلوب، ولابد لقارىء القران من محاولة فهمالمعانى وأسباب نزول الآيات فإذا فهم معانى الكلمات وأسباب نزول آيات القران تيسرعليه معرفة غرض الاية وهدفها ثم يشعر بأن الآيات لها دلالات أخرى قد تتشابه معمواقف مختلفة فى حياتنا المعاصرة اى يستطيع إسقاط الآيات على واقعه المعاصر ويشعران هذه الآيات تعيش معه فى كل مراحل حياته وان النماذج المذكورة فى القران موجودةفى كل زمان ومكان وان الشخصيات والأحداث متكررة وان هوى النفوس ورغباتها واحدة وانخطوات الدعاة متقاربة وهمومهم متشابهة وعداوة الطغاة وأسلوبهم فى تحدى الأتقياءمتطابقة . ويشعر قارىء القران بآداب القران وأخلاق المؤمنين فيتفاعل معها ويشعر أنهذه الصفات قد تتشبع بها نفسه فى فترات من عمره فقد تتمكن من نفسه صفات وقد يرغب فىصفات أخرى ويصعب عليه الوصول اليها فهناك من الصفات ما يطالعها الإنسان ولا يستطيعالوصول اليها حتى انه ليغار ممن استطاع التغلب على هوى نفسه ومقاومة شهواتهاوالوصول لهذا الرقى والسمو الذى يتحدث عنه القران فعندما يقرأ القارىء للقران عناهل الورع والتقوى وأنهم تتجافى جنوبهم عن المضاجع يتعجب من لفظ " تتجافى " ألهذاالحد يصل بهم الشوق إلى الله مهما كانت أعباء الحياة ومشقتها ؟!! أيصل الأمر إلىالجفاء والخصام مع الفراش وان يتركوا الفراش رغبة فى دقائق أو ساعات يقضوها مع اللهفى السر وفى خلوة لا يشعر بهم احد فيتمتعون وحدهم بالأنس بالله ، وأنهم يدعون ربهمرغبا ورهبا وأنهم يتمنون من الله أن يحسن ختامهم وعاقبتهم وأنهم لا يأمنون مكر اللهبهم وانهم يعلمون ان الاطمئنان الى العمل مهما كان سذاجة وسفاهة فلقد كان ابليسطاووس الملائكة اى انه كان من المقربين الى الله ولكنه سقط فى دائرة الكبر والغروربعمله ومكانته حتى ضاع ، فالكل يخاف ان يضيع مثله وان يغتر بعمله او علمه مثلهفتكون العاقبة والخاتمة سيئة متشابهة معه.
أهل القران يتمتعون بالآيات ويتخيلونأنفسهم فى كل موقف يقرأون آيات عن الكرماء فيعجبون من هذا الكرم كيف وصل إليه بعضالبشر كيف يصل الأمر بالبعض أن يبخل على نفسه ليعطى الآخرين ويفضل الناس على نفسهويجعل الأولوية لحاجاتهم عن حاجاته ويرى انهم اولى منه بما عنده وانه يستطيع الصبروهم لا يستطيعون وانه يتوقع من نفسه تحمل المصاعب ولا يتوقع منهم ذلك فترى اللهمادحا لهؤلاء الكرماء قائلا " ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة" أى يفضلونالآخرين على أنفسهم رغم أنهم فقراء محتاجين ولم يقل " يعطون " لأن العطاء قد يكونعن غنى وعدم احتياج لما أعطيه لك أما أن أوثرك بما عندى أى أننى أعطيك ما احتاجإليه ….كيف هذا ؟ !!!ويقول القران مادحا الكرماء " ويطعمون الطعام على حبه مسكيناويتيما وأسيرا ، إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاءا ولا شكورا إنا نخاف منربنا يوما عبوسا قمطريرا فوقاهم الله شر ذلك اليوم ولقاهم نضرة وسرورا وجزاهم بماصبروا جنة وحريرا" هل لاحظت كلمة " على حبه " أى أنهم يعطون من الطعام ما يحبون لاما يكرهون فهم يبخلون على أنفسهم بما يحبون من الطعام وهم يفضلون أن يتمتع غيرهمبما لديهم فأى كرم هذا ؟!! وأى أخلاق هذه التى يتمتع بها هؤلاء ؟؟!!!! وعندما يقولالله عنهم أنهم " ينفقون فى السراء والضراء "اى فى اليسر والعسر سواء معهم الكثيراو القليل فهم يشاركون غيرهم فيما لديهم من المال او الثروة مهما قل هذا المال اوهذا الخير فلا يستطيع التمتع به الا اذا شاركه اخرون فيشعر بالرضا عننفسه

قد ينظر البعض الى الكرماء على انهم سذج بلهاء وانه يجب ان يتمتعالانسان بما لديه وما السبب فى ان اعطى غيرى ما لدى من ممتلكات؟!!! هؤلاء الاشخاصلا يشعرون باللذة التى ينالها الانسان اذا تسبب فى نشر الفرحة والسرور فيما حولهولا يعلمون الرضا عن النفس اذا ساعد فقيرا بائسا قد حطمته الحياة بأعبائها ولديه منالابناء ما يعجز عن تحمل نفقاتهم وزوجة لا يرضى له بالخزى امامها بل يحاول ان يرفعراسه امام اسرته وزوجته وامام جيرانه واهله والا يشعر بالهوان وسطهم او حقارتهبينهم .
الخلق الحق ان تشعر بالحسرة والحزن على بائس فقير و الا تنام اذا علمتبحاجة شخص لايستطيع قضاءها وان قريبا او بعيدا تعرف فقره او مرضه او ضعفه عن تلبيةحاجات اسرته فتتمنى ان تعاونه ، الخلق الحق ان تسهر ولا تستطيع ان تنام من الهموالضيق لما تشعر به تجاه رفيق او صديق يعانى وتبحث عن طريقة لمساعدته فاذا استطعتطرت من الفرح واذا عجزت عن مساعدته اصابك الغم والهم كأن المصيبة مصيبتك لا تنام منالتفكير فيه ولا تهنأ بطعام او شراب لتفكيرك به …كيف حاله ….ماذا يفعل ؟ …كيفأساعده ؟قد يصل الأمر بالإنسان الى التعاطف مع من لا يعلم عنهم شىء فيشعر بالحزنلأهل بلد لم يزره من قبل وأشخاص لا يعلم فيهم أحد فهو حزين لأهل العراق يفكر فيهمكيف يعيشون ويأكلون ويشربون ويعالجون أمراضهم وما شان النساء والعجائز عندهم ؟ويفكر فى الشيشان وطغيان الروس عليهم فيظن انه يسمع صرخات المعذبين فى السجونوالمشردين فى الشوارع والمرضى يتوجعون والأطفال يصرخون والنساء تنتهك أعراضهاوتنهشها الذئاب ولا ناصر لها فيموت غما وهما ولا يتمكن النوم منه ولا يشعر بلذةطعام او حياة وهناك من يعانى من المسلمين ولا يستطيع احد مساعدتهم رغم أن هناكالكثيرين ممن لا يفكرون بهم ولا يهتمون بشأنهم .
أهل القران يتخيلون كل مايقرأون يتخيلون الغزوات فى " بدر " وموقف الرسول وصحابته و"أحد" وعدم الاستجابةلأوامر الرسول ونتيجتها و"حنين" والاغترار بالكثرة والمنافقون وخستهم والمجاهدونوجرأتهم والأعداء وجبروتهم .
يرى الرسول فى خلافاته الأسرية فى سورة الطلاقوالتحريم والأحزاب والنور
يرى بعض أخطاء الصحابة تناولها القران فى سورة "الجمعة" وحديث الإفك فى" سورة النور" وكيف تناول الصحابة هذا الامر بما لا يليقبهم كصحابة وبالرسول وزوجته وسورة "الحجرات " وما فيها من اداب فى التعامل معالرسول او امامه وفى وجوده.
يرى صفات المؤمنين التى تتوارد فى القران فى الفرقانوالمؤمنون والمعارج فيتعجب هل يمكن ان يكون لى نصيب من هذه الصفات ( تواضع عبادالرحمن رغم قوتهم الا أنهم لا يسارعون الى رد الأذى والاعتداء على الاخرين رغمالقدرة وانهم حريصون على قيام الليل والذين يتمنون من الله ان يبارك لهم فى ذرياتهموازواجهم وان يحسن ختامهم وهم بعيدون تماما عن ارتكاب الذنوب والفواحش ولكنهم بشرقد يرتكبون بعض الاثام فيسارعون فى التوبة والعودة الى الله فيقبلهم الله فرحا بهمغافرا لهم راضيا عنهم شاكرا لهم سرعة التوبة والعودة والانابة ، وهناك من يسرف علىنفسه فى الذنوب والمعاصى فإذا به يفاجأ بالغفران العظيم لذنوبه وأكثر من هذا يبدلالله له السيئات الى حسنات هل يعقل أحد هذا الثواب والغفران بهذا الشكل العجيب ؟!! ففى نظرنا كان يكفى العاصى ان يغفر الله له ولكن ان يبدل له السيئات الى حسنات !!! هذا أمر عجيب !! نعم ان من يترك المعصية رغم قدرته عليها له الحق فى التكريموالتقدير حقا فالممثلة التى تترك التمثيل والمغنية التى تترك الشهرة والمكانةوالمنزلة التى تنالها بين الناس وتيسيير كل الامور لها فى نطاق احتياجاتها الدنيويةونحن نرى ما يناله هؤلاء من مكانة وتيسير فى كل مجالات الحياة "هل يرى الكثيرونمعاملة تلك الطبقة من الفنانيين فى المصالح الحكومية والشركات والمؤسسات؟ " ثمتتنازل المرأة عن مجدها وهى فى قمته وعن كل هذه المميزات رغبة فيما عند الله لهىجديرة إذن بالثواب العظيم من الله وتبديل السيئات الى حسنات وفى كل الاحوال لا دخللنا فى كيفية تعامل الله مع العصاة هل يتوب عليهم و يغفر لهم وهل يستحقون ان يتوبعليهم ام لا ؟ كل ما نطلبه من اللهأن يغفر لنا ويرحمنا وعلينا أنفسنا لا يضرنا منضل إذا اهتدينا .
يرى قارىء القران الخوف الغريزى عند الصحابة عند لقاء الأعداءحتى يقول القران عنهم ان قلوبهم بلغت الحناجر من الرهبة والخوف ولا يمنعهم ذلك منالتضحية والثبات .
يرى معاناة المسلمين فى مكة وقتل سمية بطريقة بشعة لا استطيعذكرها ثم تغير الأحوال فى المدينة وبدلا من مواجهة عدو سافر إذا بهم يواجهون عدوغادر هم المنافقون .
ويرى المسلمين وقد تحولوا من الدفاع إلى الهجوم ومن التحملوالثبات إلى المقاومة والجهاد .
واجبنا نحو القران مداومة القراءة له والتمتع بهواجادة تلاوته وكما قال الرسول " ليس منا من لم يتغن بالقران "
و التجويد لهوكما نعلم ان علم التجويد ضرورى لاجادة قراءة القران وأن هذا العلم يحتاج الىممارسة وتأنى فى الفهم والتنفيذ وقد يستغرق فترة من الزمن ويجب على طالب العلم ألايتسرع فى محاولة منه للحصول على أكبر قدر من العلم فهو رغم النية الحسنة إلا أنه قديخسر الكثير بتسرعه وكما حذر الرسول من التسرع فى دراسة الدين فقال " إن الدين متينفأوغل فيه برفق"فلا يحاول الانسان فى غمرة تدينه ان ينال من العلم اكثر مما يطيقويتحمل .

التمتع بالقران يكون بالتخيل والتفاعل الدائم مع اياته فالقارىء لهيتخيل صراخ اهل النار وتأوهاتهم ويشم رائحة اللحم المتفحم ويسمع بنفسه العويلوالدعاء على النفس والخلاف بين الاغنياء والفقراء والاقوياء والضعفاء و كل هذا فىجهنم ويعيش بين ايات القران ليقرأ عن اهل الجنة ونعيمهم فيرى القصور بعينه ويسمعاصوات طيور الجنة واصوات المياه فى الانهار ويرى الحور فى جمالهم وبهائهمويرىالغلمان وهم يسيرون بالاوانى وانواع الطعام والشراب الى اهل الجنة المستحقين لهذاالنعيم .وهكذا يعيش القارىء للقران بين رغبة وامل فى الجنة ولهفة اليها وعمل بمايير الوصول لها وبين خوف من النار وشفقة منها ورجاء الافلات من عذابهاويعلم انالنفس غادرة وخائنة لا يمكن الاطمئنان اليها وانه قد يعيش الانسان عمره طائعا وتكونخاتمته بائسة .
ولكننا نؤكد ان التمتع بالقران لن يتم ويكتمل إلا إذا استطاعالانسان بذل الجهد فى فهم اياته ومعانى كلماته واسباب نزول الايات وان يستمر الامرحتى يصل لدراسة الاحكام الفقهية به والتعرف على تعاليمه مثل ايات المواريث والزواجالاصلاح بين الزوجين او توزيع الميراث فى حالة وفاة الزوج قبل الدخول بزوجتهوالطلاق والنفقة على الزوجة وفقا لقدرة الزوج.
واخيرا يحسن محاولة الربط بينالايات والمواقف اى معرفة الايات التى تتشابه فى الموضوع بما يسمى حاليا التفسيرالموضوعى للقران الكريم بفهم الايات التى ترتبط باليهود واهل الكتاب والاخلاقوالاداب الاسلامية او الزواج واحكامه والمنافقين وصفاتهم ومحاولاتهم تمزيق الصفالمسلم والكفار والمجرمين وتعاملهم مع اهل الحق والصدق وهكذا يتم الترابط الفكرىوالموضوعى بين ايات القران فى ذهن القارىء له .

نرجو من الله تعالى ان يجعلعملنا خالصا لوجهه متقبلا منه وان نستطيع فعلا التمتع بالقران والفهم له والالتزامبأحكامه وادابه .وفق الله المسلمين لما يحب ويرضى

جزيت خيرا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.