تعظيم النبي محمد صلى الله عليه وسلم
لقد كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم أعرفَ الخلقِ بربِّه،
وكيفَ لا يكونُ كذلكَ وهو الذي اصطفَاهُ ربُّه وعلَّمَه
قال الله تعالى :
﴿وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا﴾
النساء:113
وإذا تدبرنا في عبادة النبي محمد صلى الله عليه وسلم
وذكره ودعائه ونجواه ولجوئه إلى خالقه لـ علم أنه أعظم من عظم الله تعالى
فلقد كان حبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم يقوم من الليل حتى تتفطر قدماه
ويدل على ذلك قول عائشة رضي الله عنها :
تفعل ذلك وقد غفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر !! فقال عليه الصلاة والسلام :
" أفلا أكون عبداً شكوراً "
رواه مسلم
لقد كان الحبيب صلى الله عليه وسلم يعظم الله تعالى وذلك بـ تدبر آيات القرآن الكريم
وكان كثيراً ما يخشى وقع العذاب على أمته صلى الله عليه وسلم :
" ففي صحيح البخاري من حديث جابر بن عبدالله رضي الله عنه قال :
لما نزلت هذه الآية :" قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذاباً من فوقكم "
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" أعوذ بوجهك "
قال : " أو من تحت أرجلكم " قال النبي صلى الله عليه وسلم :" أعوذ بوجهك "
قال " أو يلبسكم شيعاً ويذيق بعضكم بأس بعض "
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
" هذا أهون أو هذا أيسر "
صحيح البخاري
وكان حبيبنا صلى الله عليه وسلم من أكثر الناس قاطبة تأثراً بالأيات التي تحدث في الكون
ويكون نزولها تخويفاً وترهيباً فكان يتأثراً كثيراً
ومن الأيات الكونية التي كان نبينا محمد صلى الله عليه وسلم كثير التأثر بها
والله يرسلها ليخوف بها عباده هي ظاهرة الخسوف والكسوف
فعن عبدِ الله بن عمرِو رضي الله عنه قال:
انكسَفَتِ الشمسُ يومًا على عهدِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ،
فقامَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يصلِّي،
فلم يَكَدْ أن يسجُدَ ثم سَجَدَ، فلم يكد أن يَرْفَعَ رأسَهُ، فجعلَ ينفُخُ ويبكِي ويقولُ:
ربِّ ألم تَعِدْني ألا تعذِّبَهم وأنا فيهم؟ ربِّ ألم تَعِدْني ألا تعذِّبَهم وهم يستغفرون؟
ونحن نستغفِرُك»، فلما صلَّى ركعتينِ انجلَت الشمسُ،
فقامَ فحمِدَ اللهَ تعالى وأثنَى عليه ثم قال:
«إنَّ الشمسَ والقمرَ آيتانِ من آياتِ اللهِ، لا ينكسِفَانِ لموتِ أحدٍ ولا لحياتِه،
فإذا انكسَفَا، فَافْزَعُوا إلى ذكرِ اللهِ»
سنن ابي داود
وكان صلى الله عليه وسلم إذا رأى غيمًا عُرِفَ في وجْهِه، قالت عائشةُ:
يا رسولَ اللهِ! الناسُ إذا رأوُا الغيمَ فَرِحُوا، رجاءَ أن يكونَ فيه المطرُ،
وأَراكَ إذا رأيتَ غَيْمًا عُرِفَ في وجْهِكَ الكراهَيَةُ! فقال:
«يا عائشةُ! وما يُؤَمِّنني أن يكونَ فيه عذابٌ؟ قد عُذِّبَ قومٌ بالريحِ،
وقد رأى قومٌ العذابَ فقالوا: ﴿هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا﴾
[الأحقاف:24]»
تعظيم الصحابة رضوان الله عليهم
والسلف الصالح لله
ولما لـ تعظيم الله من أهمية فإن نبينا محمداً صلى الله عليه وسلم ربى أمته وصحابته على ذلك
وهنا نذكر بعضا من اقوال السلف الصالح عن التعظيم
قال ابن رجب:
«وكان خلفاءُ الرسلِ وأتباعُهم من أمراءِ العدلِ وأتباعِهم وقضاتِهم
لا يَدْعُونَ إلى تعظيمِ نفوسِهم البتةَ، بل إلى تعظيمِ اللهِ وحدَه،
وإفرادِه بالعبوديةِ والإلهيةِ، ومنهم من كان لا يريدُ الولايةَ
إلا للاستعانةِ بها على الدعوةِ إلى اللهِ وحدَه.
وكانتِ الرسلُ وأتباعُهم يصبرونَ على الأَذَى في الدعوةِ إلى اللهِ
ويتحمَّلُونَ في تنفيذِ أوامرِ اللهِ من الخلقِ غايةَ المشقةِ وهم صابرونَ بل راضونَ بذلك،
كما كان عبدُ الملكِ بنُ عمرَ بنِ عبدِ العزيزِ / يقولُ لأبيهِ في خلافَتِه:
«إذا حُرِصَ على تنفيذِ الحقِّ وإقامةِ العدلِ يا أبتِ لوددتُ أني غَلَتْ بي وبك القدورُ في اللهِ عزوجل ».
وقال بعضُ الصالحينَ: وددتُ أنَّ جِسْمِيَ قُرِّضَ بالمقاريضِ، وأن هذا الخلقَ كلَّهم أطاعُوا اللهَ عزوجل »
ومعنى هذا أن صاحبَ ذلك القولِ قد يكونُ لَحَظَ نُصْحَ الخلقِ والشفقةَ عليهم من عذابِ اللهِ،
وأحبَّ أن يَقِيَهم من عذابِ اللهِ بأذى نفسِه،
وقد يكونُ لَحَظَ جلالَ اللهِ وعظمَتِه وما يستحِقُّه من الإجلالِ والإكرامِ
والطاعةِ والمحبةِ، فودَّ أنَّ الخلقَ كلَّهم قامُوا بذلك،
وإن حَصَلَ لَهُ في نفسِه غايةُ الضَّررِ» .
وقد عرف سلفنا الصالح عظمة الله سبحانه فظهر على جوارحهم وتصرفاتهم أثر ذلك التعظيم،
فهذا ابن عباس رضي الله عنهما يقول لبعض أصحاب المراء والجدل:
"أما علمتم أن لله عبادا أصمتهم خشيته من غير عي ولا بكم وإنهم لهم العلماء الفصحاء النبلاء الطلقاء،
غير أنهم إذا تذاكروا عظمة الله عز وجل طاشت لذلك عقولهم،
وانكسرت قلوبهم، وانقطعت ألسنتهم، حتى إذا استفاقوا من ذلك تسارعوا إلى الله بالأعمال الزاكية،
فأين أنتم منهم؟ "
ذم الكلام وأهله للهروي .
وهذا إمام دار الهجرة مالك بن أنس رحمه الله تعالى، لما سأله أحدهم عن قوله تعالى:
(الرَّحْمَنُ عَلَى العَرْشِ اسْتَوَى) [طه: 5] كيف استوى؟
يقول الرواي: فما رأيته وجد " غضب " من شيء كوجده من مقالته، وعلاه الرحضاء "العرق " ،
وأطرق القوم، فجعلوا ينتظرون الأمر به فيه، ثم سُرِّي عن مالك،
فقال: الكيف غير معلوم، والاستواء غير مجهول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة،
وإني لأخاف أن تكون ضالاًّ، ثم أُمر به فأُخرج"
عقيدة السلف أصحاب الحديث الصابوني
فلـ ننظر إلى تعظيم هذا الإمام لله سبحانه وتعالى
وكيف تغير حاله وتبدل لونه عندما سئل ذلك السؤال،
وما كان ذلك منه رحمه الله إلا لمعرفته بالعظيم سبحانه وتعالى .
وبارك الله فيك اختي الغالية
ليتنا نقتضي بهم كي نتعلم كيفية تعظيم الله جيدا
سبحان الله العظيم
جزاكِ الله عنا خيراً
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ماشاء الله لاقوة إلا بالله
بارك الله في جهودك ونفع بك وأنار بصيرتك
وجعل ماقدمت خالصا لوجهه صالحا مقبولا