تخطى إلى المحتوى

تفسير الاستعاذة من آداب تلاوة القرآن الكريم : الشيخ زيد البحري 2024.

التفسير

من آداب تلاوة القرآن الكريم

المعركة الكبرى:

الشيطان والإنسان

فضيلة الشيخ : زيد بن مسفر البحري

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــ

من آداب تلاوة كتاب الله عز وجل :

أن يستعيذ القارئ قبل أن يقرأ كتاب الله ، وذلك متمثلا قول الله جل وعلا :

{فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ }النحل98

فإذا قرأت :

يعني : إذا أردت أن تقرأ

وليس معنى ذلك : إذا قرأت وفرغت من القراءة فاستعذ بالله ، لا

وإنما : إذا أردت أن تقرأ فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم

لماذا قلنا بهذا القول ؟

لأن النبي عليه الصلاة والسلام كان إذا قرأ قبل أن يقرأ يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم

ونحن في الحقيقة بحاجة ماسة إلى أن نستجير بالله جل وعلا ، وأن نعتصم به من كيد هذا الشيطان

حتى النبي عليه الصلاة والسلام لم يسلم من كيده ومن أذاه ، لكن الله جل وعلا صان وحمى النبي عليه الصلاة والسلام :

جاء في الصحيح :

أنه عليه الصلاة والسلام كان يصلي ذات ليلة ، وإذا بالشيطان يأتي ، ومعه شهاب من نار ، يريد أن يحرق وجه النبي عليه الصلاة والسلام

فماذا صنع عليه الصلاة والسلام ؟

أمسكه حتى قال :

(( أحسست ببرد لعابه في يدي ))

وهذا فيه دلالة وإشارة إلى أن الشيطان لم يبق على أصله وعلى مادته التي خلق منها :

جاء في صحيح مسلم :

أن الشيطان خلق من نار

قد يقول قائل :

هذا الشيطان خلق من نار ، مادته تكوينه نشأته من نار ،

فكيف يعذب بالنار ؟!

لا شك بالدلائل القطعية التي لا يعتريها الكذب أنه في نار جهنم

ولكن قد يقول قائل :

لماذا الشيطان هو من نار ، وكيف يحرق بالنار ؟

نقول أولا وقبل الإجابة على هذا السؤال :

الواجب على المسلم:

ألا يسأل عن مثل هذه الأمور التي لا تعود عليه بالنفع في دينه

وإنما الواجب على المسلم:

أن يسأل فيما يفيده في عبادته وفي طاعته

لكن مع ذلك :

الجواب :

أن الشيطان تحول من مادته الأصلية إلى لحم وعظم ، ولهذا أمسك به النبي عليه الصلاة والسلام حتى أحس ببرد لعابه في يده

بل لو كان الشيطان على أصله الحقيقي لما احتاج إلى أن يحمل معه شهابا من نار لكن لما تبدل وتغير إلى لحم وعظم احتاج إلى حمل هذا الشهاب

كذلك ابن آدم أصل مادته من طين لكنه تحول بعد ذلك إلى لحم وعظم وإلى دم

فالشاهد من هذا :

أن النبي عليه الصلاة و السلام أمسك به قال : (( هممت أن أربطه بسارية من سواري المسجد حتى الصباح ، فيلعب به صبيان أهل المدينة لكني تذكرت أخي سليمان : {قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكاً لَّا يَنبَغِي لِأَحَدٍ مِّنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ } ص35

وسليمان عليه الصلاة والسلام سخرت له الشياطين :

((يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِن مَّحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ وَقُدُورٍ رَّاسِيَاتٍ ))

والذين عصوه ((وَآخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفَادِ{38} ))

((وَالشَّيَاطِينَ كُلَّ بَنَّاء وَغَوَّاصٍ{37} )) يبنون له القصور ويشيدونها له ويغوصون في البحار يستخرجون الجواهر واللآلئ

والذين عصوه : ((وَآخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفَادِ{38}))

قال الله عز وجل لسليمان : ((هَذَا عَطَاؤُنَا )) منة وكرم من الله عز وجل ((فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسَابٍ{39} ))

ـــــــــــ

فنحن بحاجة ماسة إلى أن نستعيذ بالله جل وعلا من هذا الشيطان الرجيم

ولذا:

جاء في حديث صححه الألباني :

قال عليه الصلاة والسلام :

( لا تسبوا الشيطان وتعوذوا بالله من شره )

لو لعنت الشيطان وسببته لجاز ذلك :

فالنبي عليه الصلاة والسلام قال لما آتاه إبليس بالشهاب قال :

(( ألعنك بلعنة الله ، ألعنك بلعنة الله ، ألعنك بلعنة الله ))

كما قال جل وعلا في سورة النساء : ((لَّعَنَهُ اللّهُ ))

لكن الذي ينبغي أن تصرف فيه الهمم ، وأن تلهج به الألسن :

أن يستعيذ بالله من شره ومن كيده ، أما سبه وأما لعنه فلا طائل من ورائه

لماذا؟

لأن الله جل وعلا قد حكم عليه باللعنة

في ذات يوم من الأيام والنبي عليه الصلاة والسلام يقرأ ، وأذكر هذه المواقف مثل صلاته عليه الصلاة و السلام، وهو يقرأ القرآن ، هذا الموقف الذي سأذكره لكي أؤكد وأقرر بأن الإنسان محتاج ولاسيما وهو يقرأ كتاب الله جل وعلا محتاج إلى أن يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم حتى لا يُلبِّس عليك قراءتك

ولهذا :

قال عليه الصلاة والسلام مبينا أن المسلم ينبغي له أن يترفع من أن ينسب إلى نفسه التقصير :

فقال عليه الصلاة والسلام:

( ( لا يقل أحدكم نسيت آية كذا ")) فلا تنسب إلى نفسك أنك نسيت هذه الآية ، لأن قولك : نسيت هذه الآية فيه إشارة إلى أنك قصرت وأهملت وفرطت في كتاب الله

ولكن يقول : نُسِّيت

يعني : أنساني الشيطان كما قال فتى موسى : ((وَمَا أَنسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ ))

وقال عن يوسف :

(( فَأَنسَاهُ الشَّيْطَانُ ذِكْرَ رَبِّهِ فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ )) يوسف42

فالنبي عليه الصلاة والسلام في مكة ، كان يقرأ القرآن وهذا ثابت في الصحيحين :

كان يقرأ سورة النجم فكان يقرأ وكان الكفار يستمعون ،

قال الراوي :

فسجد مع النبي عليه الصلاة والسلام المسلمون والكفار والجن

لماذا سجدوا ؟

ألقى الشيطان في مسامعهم أنه عليه الصلاة والسلام أنه لما قرأ :

((أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى{19} وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى{20} ))

وهي آلهة وأصنام يعبدها الكفار ألقى في مسامعهم ، وإلا لم يتلفظ لم يتفوه بها النبي عليه الصلاة والسلام فهو معصوم عن هذه الأمور

لكن الشيطان ألقى في مسامع الكفار أن النبي عليه الصلاة والسلام قال : ( (تلك الغرانيق العلا ، وإن شفاعتهن لترتجى ))

فلم تجر على لسانه عيه الصلاة والسلام ، وإنما هذا وحي من الشيطان في أسماع الكفار

وهذه لم ترد ، وما يذكر في الكتب أنه عليه الصلاة والسلام قال تلك المقولة : ( (تلك الغرانيق العلا ، وإن شفاعتهن لترتجى ))

غلط من حيث السند ومن حيث المتن

ففيها ما يقدحها ، وفيها ما يردها من حيث السند ومن حيث المتن

من حيث السند :

ففيها : من هو كذاب

وأما من حيث المتن :

فلا يمكن لأن هؤلاء الكفار عندهم درجة عالية من البلاغة ومن الفصاحة

فلا يمكن و لا يستقيم إذا قال : ((أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى{19} وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى{20} ))

الأخرى معناها : الحقيرة الوضيعة المتأخرة

كيف يذمها ثم يمدحها ؟!

لا يستقيم هذا

فهذا فيه إشارة بل دلالة قطعية بأن هذه الكلمات لم تجر على لسانه عليه الصلاة والسلام

انظروا كيف وصل الشيطان أثناء قراءته عليه الصلاة والسلام إلى أسماع هؤلاء الكفار فألقى وأوحى في مسامعهم ما سمعتموه

فحزن النبي عليه الصلاة والسلام

لما سجدوا فقالوا : إن محمدا يثني ويبجل آلهتنا ويقر ويشهد بأن لها شفاعة يوم القيامة

فالنبي عليه الصلاة والسلام وجد في نفسه ما وجد فأنزل الله عز وجل الآية التي في سورة الحج تسلية للنبي عليه الصلاة والسلام:

قال جل وعلا :

{وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى– تمنى : يعني : قرأ –

كما قال جل وعلا :

((وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ – عن اليهود – لاَ يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلاَّ أَمَانِيَّ ))

أماني :

يعني : إلا قراءة في الظاهر قراءة في الألفاظ فقط دون أن يصلوا إلى معاني كلام الله

((وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى – يعني إذا قرأ – أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ ))يعني في قراءته ((فَيَنسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ ))

((لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ )) على أحد وجوه التفسير : أن الباطل هو إبليس

((وَمَا يُبْدِئُ الْبَاطِلُ وَمَا يُعِيدُ )) سبأ49

الباطل : هو الشيطان إبليس

ليس بشيء أمام ذكر الله

أمام الاستعاذة

ولذلك:

قال الله تعالى للنبي عليه الصلاة والسلام :

((قُلْ – يا محمد – أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ{1} مَلِكِ النَّاسِ{2} إِلَهِ النَّاسِ{3} مِن شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ{4} ))

وصف بأنه وسواس يوسوس لكنه يخنس ويفر ويهرب ويختفي

متى ؟

إذا ذكر الله جل وعلا

{فَلَا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ }التكوير15

فالخناس : هو الذي يختفي إذا ذكر اسم الله

{فَلَا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ }التكوير15

يعني: النجوم التي تختفي بالنهار، وتظهر بالليل

هذا معنى الخنس

((مِن شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ{4} الَّذِي يُوَسْوِسُ ))

انظروا :

التعبير القرآني

((الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ{5} ))

يعني : هذه الوسوسة لا تمر على السمع بل مباشرة منه ، أعاذنا الله وإياكم منه ، تأتي منه مباشرة إلى الصدر لا تمر على السمع

((مِن شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ{4} الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ{5} مِنَ الْجِنَّةِ وَ النَّاسِ{6} ))

فقال جل وعلا :

(( فَيَنسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ {52} لِيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ))

يلقي الشيطان في أسماع الكفار

((لِيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ فِتْنَةً لِّلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَالْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ{53}))

نحن في معركة قائمة إلى النفخة الأولى

انظروا :

قال :

(( لأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إَلاَّ قَلِيلاً )) الإسراء62

قال لاكي( قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي )) انظروا ((لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ{16} ثُمَّ لآتِيَنَّهُم مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ ) )يعني من أمامهم ((وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَن شَمَآئِلِهِمْ ))

لم يقل : من فوقهم

لم يقل : من تحتهم

سبحان الله العظيم !

لم يذكر الجهات الست ، وإنما ذكر الجهات الأربع :

اليمين

الشمال

الأمام

الخلف

لم يذكر الفوق لم يذكر التحت

قال ابن عباس رضي الله عنهما : لم يذكر الفوقية لأنه لا يستطيع أن يرد رحمة الله جل وعلا

وأما من تحتهم لم يقل من تحتهم

لم ؟

لأنه كما ثبت في صحيح مسلم من قوله عليه الصلاة والسلام قال :

(( أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد ))

وإذا كنت قريبا من الله جل وعلا فلن يمسسك أذى لن يضرك سوء

(( أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فأكثروا من الدعاء فقَمِنٌ – يعني : حري – أن يستجاب لكم ))

ولذلك طلب أن يمهل :

انظروا إلى خبثه وإلى كيده – أعاذنا الله وإياكم منه – طلب من الله أن يؤخره إلى يوم يبعثون فقال جل وعلا: (( قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنظَرِينَ{37} إِلَى يَومِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ{38}))

إلى وقت النفخة الأولى

انظروا :

يريد أن يبقى أطول مدة إلى أن تقوم الساعة

لم ؟

حتى يسلم من الصعقة

((وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَن شَاء اللَّهُ ))

فقال الله جل وعلا : لا (( إِلَى يَومِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ{38}))

إلى وقت النفخة الأولى

فهو يريد أن يستأصل بني آدم

ولذا يقول عليه الصلاة والسلام :

(( ما من مولود – إذا نزل المولود من بطن أمه ألا يستهل صارخا ألا يستهل باكيا ؟ بلى وهذا شيء مشاهد

لم ؟

من طعنته

هذه بداية المعركة

قال عليه الصلاة والسلام :

(( ما من مولود يولد إلا وينخس الشيطان في خاصرته إلا مريم وابنها ))

ما من مولود إلا ويضرب الشيطان وينخس الشيطان في خاصرته إيذانا وإعلانا بأن المعركة قد قامت

( إلا مريم وابنها ))

لماذا؟

استجابة لدعوة امرأة عمران :

امرأة عمران :

توفي زوجها وكانت حاملا ونذرت أن تهب هذا الجنين ، وأن تحرره ، وأن توقفه وتحبسه لخدمة بيت المقدس نسأل الله أن يطهره وأن ينزهه من أيدي اليهود الحاقدين الآثمين

فلما وضعت هذا الجنين إذا بهذا الجنين مريم قالت : إني وضعتها أنثى

فالأنثى ليست كالذكر في الخدمة لأن الذكر أقوى ولا شك ،

(وَاللّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنثَى وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وِإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ {36} )

فتقبل الله عز وجل دعوة امرأة عمران فحفظت هذه البنت وهي مريم وذريتها من مكايد الشيطان

وهذا الكلام ليس المراد والمقصود منه أن تملأ وتشحن الأذهان والعقول به فحسب

لا

المراد منه :

التذكير والعظة لبني آدم أن يحذروا الشيطان رجالا ونساء أن يحذروا منه

فهذا هو الهدف وهذا هو المقصود

وإلا فالجميع يعلم بأن الشيطان عدو لدود لبني آدم ، لكن العاقل هو الذي لا يسترسل ولا ينساق وراء وساوسه وأوهامه ومكايده وحباله وإلا فسيتبرأ منك

هو يريد أن يحظى بجمع غفير من بني آدم حتى يكونوا معه في نار جهنم

لكن يوم القيامة يتبرأ منك في النار إذا اجتمع بأهل النار

كما قص الله عز وجل في سورة إبراهيم

((وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الأَمْرُ ))

قضي الأمر :

يعني : أدخل أهل الجنة الجنة ، وأهل النار النار

اجتمع بهذا الشيطان اهل النار :

((وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الأَمْرُ ))

قال الشيطان :

انظروا :

لم يقل :سيقول الشيطان

انظر إلى التعبير

((وَقَالَ الشَّيْطَانُ )) يعني : كأنه شيء حادث واقع

لم يقل : سيقول في المستقبل ، مع أن القيامة لم تقم بعد

لم عبر عن المستقبل بشيء واقع بل بصيغة الماضي : ((وَقَالَ الشَّيْطَانُ )) ؟

ليؤكد ويقرر بأن يوم القيامة واقع لا محالة

((أَتَى أَمْرُ اللّهِ ))

هل أتى ؟

لم يأت

لكن لماذا قال : أتى ؟

لأنه سيأتي

{أَتَى أَمْرُ اللّهِ فَلاَ تَسْتَعْجِلُوهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ }النحل1

((وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الأَمْرُ إِنَّ اللّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ ))

وعدكم بأن هناك يوم القيامة ، وسيجازي كل بعمله

(( وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ )) :

في الدنيا : ما لي عليكم من سلطان ولا قدرة ولا قوة ولا قهر ((إِلاَّ أَن دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلاَ تَلُومُونِي وَلُومُواْ أَنفُسَكُم ))

صور حالك يوم القيامة إذا التففت بالشيطان في نار جهنم إذا لم تتق الله عز وجل

سيكون هذا مصيرك ومآلك وسيتحدث بهذه الكلمات ليوصل هذه الكلمات إلى مسمعك

وهذه فرصة يا إخوان في شهر رمضان :

الله عز وجل يريد من عباده أن يتقربوا إليه ، وأن يرجعوا إليه و من ينيب إليه في هذا الشهر

لكن البعض معرض

يعني : أتى رمضان أو لم يأت سواء

النبي عليه الصلاة والسلام لما قال : (( إذا كانت أول ليلة من رمضان صفدت الشياطين ومردة الجن ))

لماذا ؟

أٌقبل

ولهذا في آخر الحديث وينادي منادي لاكي( يا باغي الخير أقبل ، ويا باغي الشر أقصر ))

وسائل وسبل الطاعة متاحة لك :

لكن أين المشمرون ؟

أين المتقون ؟
أين المؤمنون ؟
فتجد أن نفسه مع أن الشيطان قد صفد ومردة الجن

لأن الشيطان المراد منه : الكافر

فإذا قيل الشياطين فالمراد الكفار

وإذا قيل : الجن :

الجن منهم المؤمنون ، ومنهم الكافرون

{قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِّنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآناً عَجَباً }الجن1

فتصفد الشياطين ومردة الجن ، ولكن أين المشمر ؟ أين المقبل ؟ فنفسه – نسأل الله العافية – تطغى على وساوس الشيطان فتجره وتسوقه نفسه إلى ما فيه هلاكه وعطبه

أقبل على النفس فاستكمل فضائلها

فأنت بالنفس لا بالجسم إنسانُ

وامددْ يديك بحبل الله معتصما فإنه الركن إن خانتك أركانُ

((فَلاَ تَلُومُونِي وَلُومُواْ أَنفُسَكُم مَّا أَنَاْ بِمُصْرِخِكُمْ )) ما أنا بمنقذكم ولا منجيكم

((وَمَا أَنتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِن قَبْلُ )) في الدنيا

((إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ )) إبراهيم22

فالله الله لا تفتح ثغرات وأبواب للشيطان الرجيم على نفسك فتندم ولا ت ساعة مندم

وهذا الشيطان له من المواقف ، وله من القصص ،وهناك من الأحاديث والآثار ما يطول بنا

ولعلنا إن شاء الله تعالى في الدرس القادم نستكمل ما تبقى عن بعض ما ذكر عن هذا الشيطان كيما نحذر من وسوسته ومن أوهامه ومن تلبيسه

وإنما ذكرت الاستعاذة لأنها تسبق البسملة وتسبق أيضا قراءة السور

فنحن سنفسر كتاب الله ، لكن إن أردنا أن نفسر نفسر ماذا ينبغي أن يفعله قارئ كتاب الله

من الآداب الاستعاذة ونريد أن نبين معنى هذه الاستعاذة ، ثم يتلو ذلك تعريف للبسملة

وهل البسملة آية من كتاب الله أو ليست بآية ؟

وهل هي آية من سورة الفاتحة أو ليست آية منها ؟

ثم نشرع في تفسير سورة الفاتحة إن شاء الله تعالى ، لعلنا نستكمل إن شاء الله تعالى ما تبقى من هذه الآثار ومن هذه المواقف في الدرس القادم إن شاء الله تعالى

أسأل الله عز وجل أن يعيذني وإياكم من مكايد الشيطان

لاكي

جزاكم الله خيرا ونفع بكم

بارك الله فيك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.