تخطى إلى المحتوى

تقرأين سورة الكهف كل جمعة ~~~~~~~~~~~~~اذا تعالي نتفيأ ظلالها~2~ 2024.

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته….الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله.. و بعد.
سورة الكهف وان كانت من السور الطويلة الا انها ممتعه و تساعد على الحفظ …….فاياتها سهلة و قصصها معبرة وواعظة و فيها تسلية و تعزية عن حال الدنيا و الملل و التعب والمشاكل التي يتعرض لها من اختار طريق الهداية..و من يقراها كل جمعة بالتاكيد..سيشعر بذلك…و لربما يقراها احيانا كثيرة غيبا بدون مراجعة المصحف .. *** وهذي احاديث في فضل سورة الكهف
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (( مَنْ حَفِظَ عَشْرَ آيَاتٍ مِنْ أَوَّلِ سُورَةِ الْكَهْفِ، عُصِمَ مِنَ الدَّجَّالِ )) وفي روايه (( من اخر سورة الكهف)) رواه مسلم
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (( مَنْ قَرَأَ سُورَةَ الْكَهْفِ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ أَضَاءَ لَهُ مِنَ النُّورِ مَا بَيْنَ الْجُمُعَتَيْنِ )) رواه النسائي والحاكم
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (( مَنْ قَرَأَ سُورَة الْكَهْفِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ أَضَاءَ لَهُ النُّورُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَيْتِ الْعَتِيقِ )) رواه الدارمي في سننه عن أبي سعيد الخدري (إسناده له حكم الرفع كما قال الألباني )..
*** و اكتب اكمالا للموضوع الذي كتبته و ارجو ان لا يكون طويلا و مختصرا على قدر الاستطاعة.. واحببت ان تشاركوني فيه فان احسنت فمن الله و ان اسأت فمن نفسي و الشيطان..و من ارادت الزيادة و التعديل لمصلحة المقال و لكمال الفائدة فلها ذلك…راجية من الله الكريم المنان.ان يغفر لنا و يرحمنا و ان ينفعنا بما علمنا و يهدينا للتقى و الصلاح و الثبات و الطمأنينه …والمقالة اختصرتها و ما ورد فيها من تفسير بين السطور فهو من كتاب الشيخ السعدي…
يقول تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم ولمن قام بوراثته بعده تبعا: اضرب للناس مثل الحياة الدنيا ليتصوروها حق التصور، ويعرفوا ظاهرها وباطنها، فيقيسوا بينها وبين الدار الباقية، ويؤثروا أيهما أولى بالإيثار. وأن مثل هذه الحياة الدنيا، كمثل المطر، ينزل على الأرض، فيختلط نباتها، تنبت من كل زوج بهيج، فبينا زهرتها وزخرفها تسر الناظرين، وتفرح المتفرجين، وتأخذ بعيون الغافلين، إذ أصبحت هشيما تذروه الرياح، فذهب ذلك النبات الناضر، والزهر الزاهر، والمنظر البهي، فأصبحت الأرض غبراء ترابا، قد انحرف عنها النظر، وصدف عنها البصر، وأوحشت القلب، كذلك هذه الدنيا، بينما صاحبها قد أعجب بشبابه، وفاق فيها على أقرانه وأترابه، وحصل درهمها ودينارها، واقتطف من لذته أزهارها، وخاض في الشهوات في جميع أوقاته، وظن أنه لا يزال فيها سائر أيامه، إذ أصابه الموت أو التلف لماله، فذهب عنه سروره، وزالت لذته وحبوره، واستوحش قلبه من الآلام وفارق شبابه وقوته وماله، وانفرد بصالح، أو سيئ أعماله، هنالك يعض الظالم على يديه، حين يعلم حقيقة ما هو عليه، ويتمنى العود إلى الدنيا، لا ليستكمل الشهوات، بل ليستدرك ما فرط منه من الغفلات، بالتوبة والأعمال الصالحات، فالعاقل الجازم الموفق، يعرض على نفسه هذه الحالة، ويقول لنفسه: قدري أنك قد مت، ولا بد أن تموتي، فأي: الحالتين تختارين؟ الاغترار بزخرف هذه الدار، والتمتع بها كتمتع الأنعام السارحة، أم العمل، لدار أكلها دائم وظلها، وفيها ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين؟ فبهذا يعرف توفيق العبد من خذلانه، وربحه من خسرانه، ولهذا أخبر تعالى أن المال والبنين، زينة الحياة الدنيا، أي: ليس وراء ذلك شيء، وأن الذي يبقى للإنسان وينفعه ويسره، الباقيات الصالحات، وهذا يشمل جميع الطاعات الواجبة والمستحبة من حقوق الله، وحقوق عباده، من صلاة، وزكاة، وصدقة، وحج، وعمرة، وتسبيح، وتحميد، وتهليل، وتكبير، وقراءة، وطلب علم نافع، وأمر بمعروف، ونهي عن منكر، وصلة رحم، وبر والدين، وقيام بحق الزوجات، والمماليك، والبهائم، وجميع وجوه الإحسان إلى الخلق، كل هذا من الباقيات الصالحات، فهذه خير عند الله ثوابا وخير أملا، فثوابها يبقى، ويتضاعف على الآباد، ويؤمل أجرها وبرها ونفعها عند الحاجة، فهذه التي ينبغي أن يتنافس بها المتنافسون، ويستبق إليها العاملون، ويجد في تحصيلها المجتهدون، وتأمل كيف لما ضرب الله مثل الدنيا وحالها واضمحلالها ذكر أن الذي فيها نوعان: نوع من زينتها، يتمتع به قليلا، ثم يزول بلا فائدة تعود لصاحبه، بل ربما لحقته مضرته وهو المال والبنون ونوع يبقى وينفع صاحبه على الدوام، وهي الباقيات الصالحات.
ثم يخبر تعالى عن حال يوم القيامة، وما فيه من الأهوال المقلقة، والشدائد المزعجة فقال: { وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبَالَ } أي: يزيلها عن أماكنها، يجعلها كثيبا، ثم يجعلها كالعهن المنفوش، ثم تضمحل وتتلاشى، وتكون هباء منبثا، وتبرز الأرض فتصير قاعا صفصفا، لا عوج فيه ولا أمتا، ويحشر الله جميع الخلق على تلك الأرض، فلا يغادر منهم أحدا، بل يجمع الأولين والآخرين، من بطون الفلوات، وقعور البحار، ويجمعهم بعدما تفرقوا، ويعيدهم بعد ما تمزقوا، خلقا جديدا، فيعرضون عليه صفا ليستعرضهم وينظر في أعمالهم، ويحكم فيهم بحكمه العدل، الذي لا جور فيه ولا ظلم، ويقول لهم: { لقد جئتمونا كما خلقناكم أول مرة } أي: بلا مال، ولا أهل، ولا عشيرة، ما معهم إلا الأعمال، التي عملوها، والمكاسب في الخير والشر، التي كسبوها كما قال تعالى: { وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُمْ مَا خَوَّلْنَاكُمْ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ وَمَا نَرَى مَعَكُمْ شُفَعَاءَكُمُ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكَاءُ } وقال هنا، مخاطبا للمنكرين للبعث، وقد شاهدوه عيانا: { بَلْ زَعَمْتُمْ أَلَّنْ نَجْعَلَ لَكُمْ مَوْعِدًا } أي: أنكرتم الجزاء على الأعمال، ووعد الله ووعيده، فها قد رأيتموه وذقتموه، فحينئذ تحضر كتب الأعمال التي كتبتها الملائكة الكرام فتطير لها القلوب، وتعظم من وقعها الكروب، وتكاد لها الصم الصلاب تذوب، ويشفق منها المجرمون، فإذا رأوها مسطرة عليهم أعمالهم، محصى عليهم أقوالهم وأفعالهم، قالوا: { يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا } أي: لا يترك خطيئة صغيرة ولا كبيرة، إلا وهي مكتوبة فيه، محفوظة لم ينس منها عمل سر ولا علانية، ولا ليل ولا نهار، { وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا } لا يقدرون على إنكاره { وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا } فحينئذ يجازون بها، ويقررون بها، ويخزون، ويحق عليهم العذاب، ذلك بما قدمت أيديهم وأن الله ليس بظلام للعبيد، بل هم غير خارجين عن عدله وفضله.
وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا }
يخبر تعالى، عن عداوة إبليس لآدم وذريته، وأن الله أمر الملائكة بالسجود لآدم، إكراما وتعظيما، وامتثالا لأمر الله، فامتثلوا ذلك { إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ } وقال: { أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِينًا } وقال: { أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ } فتبين بهذا عداوته لله ولأبيكم ولكم، فكيف تتخذونه وذريته أي: الشياطين { أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا } أي: بئس ما اختاروا لأنفسهم من ولاية الشيطان، الذي لا يأمرهم إلا بالفحشاء والمنكر عن ولاية الرحمن، الذي كل السعادة والفلاح والسرور في ولايته. وفي هذه الآية، الحث على اتخاذ الشيطان عدوا، والإغراء بذلك، وذكر السبب الموجب لذلك، وأنه لا يفعل ذلك إلا ظالم، وأي: ظلم أعظم من ظلم من اتخذ عدوه الحقيقي وليا، وترك الولي الحميد؟".
قال تعالى: { اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ } وقال تعالى: { إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ اللَّهِ }
يخبر تعالى أنه لا أعظم ظلما، ولا أكبر جرما، من عبد ذكر بآيات الله وبين له الحق من الباطل، والهدى من الضلال، وخوف ورهب ورغب، فأعرض عنها، فلم يتذكر بما ذكر به، ولم يرجع عما كان عليه، ونسى ما قدمت يداه من الذنوب، ولم يراقب علام الغيوب، فهذا أعظم ظلما من المعرض الذي لم تأته آيات الله ولم يذكر بها، وإن كان ظالما، فإنه أخف ظلما من هذا، لكون العاصي على بصيرة وعلم، أعظم ممن ليس كذلك، ولكن الله تعالى عاقبه بسبب إعراضه عن آياته، ونسيانه لذنوبه، ورضاه لنفسه، حالة الشر مع علمه بها، أن سد عليه أبواب الهداية بأن جعل على قلبه أكنة، أي: أغطية محكمة تمنعه أن يفقه الآيات وإن سمعتها، فليس في إمكانها الفقه الذي يصل إلى القلب، { وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا } أي: صمما يمنعهم من وصول الآيات، ومن سماعها على وجه الانتفاع وإذا كانوا بهذه الحالة، فليس لهدايتهم سبيل، { وَإِنْ تَدْعُهُمْ إِلَى الْهُدَى فَلَنْ يَهْتَدُوا إِذًا أَبَدًا } لأن الذي يرجى أن يجيب الداعي للهدى من ليس عالما، وأما هؤلاء، الذين أبصروا ثم عموا، ورأوا طريق الحق فتركوه، وطريق الضلال فسلكوه، وعاقبهم الله بإقفال القلوب والطبع عليها، فليس في هدايتهم حيلة ولا طريق وفي هذه الآية من التخويف لمن ترك الحق بعد علمه، أن يحال بينهم وبينه، ولا يتمكن منه بعد ذلك، ما هو أعظم مرهب وزاجر عن ذلك.
ثم أخبر تعالى عن سعة مغفرته ورحمته، وأنه يغفر الذنوب، ويتوب الله على من يتوب، فيتغمده برحمته، ويشمله بإحسانه، وأنه لو آخذ العباد على ما قدمت أيديهم من الذنوب، لعجل لهم العذاب، ولكنه تعالى حليم لا يعجل بالعقوبة، بل يمهل ولا يهمل، والذنوب لا بد من وقوع آثارها، وإن تأخرت عنها مدة طويلة، ولهذا قال:
{ بَلْ لَهُمْ مَوْعِدٌ لَنْ يَجِدُوا مِنْ دُونِهِ مَوْئِلًا } أي: لهم موعد، يجازون فيه بأعمالهم، لا بد لهم منه، ولا مندوحة لهم عنه، ولا ملجأ، ولا محيد عنه، وهذه سنته في الأولين والآخرين، أن لا يعاجلهم بالعقاب، بل يستدعيهم إلى التوبة والإنابة، فإن تابوا وأنابوا، غفر لهم ورحمهم، وأزال عنهم العقاب، وإلا، فإن استمروا على ظلمهم وعنادهم، وجاء الوقت الذي جعله موعدا لهم، أنزل بهم بأسه، ولهذا قال: { وَتِلْكَ الْقُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا } أي: بظلمهم، لا بظلم منا { وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِدًا } أي: وقتا مقدرا، لا يتقدمون عنه ولا يتأخرون.

..


قصة موسى عليه السلام مع الخضر العبد الصالح..
يخبر تعالى عن نبيه موسى عليه السلام، وشدة رغبته في الخير وطلب العلم، أنه قال لفتاه – أي: خادمه الذي يلازمه في حضره وسفره، وهو " يوشع بن نون " الذي نبأه الله بعد ذلك
وفي هذه القصة العجيبة الجليلة، من الفوائد والأحكام والقواعد شيء كثير، ننبه على بعضه بعون الله. فمنها فضيلة العلم، والرحلة في طلبه، وأنه أهم الأمور، فإن موسى عليه السلام رحل مسافة طويلة، ولقي النصب في طلبه، وترك القعود عند بني إسرائيل، لتعليمهم وإرشادهم، واختار السفر لزيادة العلم على ذلك.
ومنها: البداءة بالأهم فالأهم، فإن زيادة العلم وعلم الإنسان أهم من ترك ذلك، والاشتغال بالتعليم من دون تزود من العلم، والجمع بين الأمرين أكمل.
ومنها: جواز أخذ الخادم في الحضر والسفر لكفاية المؤن، وطلب الراحة، كما فعل موسى.
ومنها: أن المسافر لطلب علم أو جهاد أو نحوه، إذا اقتضت المصلحة الإخبار بمطلبه، وأين يريده، فإنه أكمل من كتمه، فإن في إظهاره فوائد من الاستعداد له عدته، وإتيان الأمر على بصيرة، وإظهارًا لشرف هذه العبادة الجليلة، كما قال موسى: { لَا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا ْ}
وكما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه حين غزا تبوك بوجهه، مع أن عادته التورية، وذلك تبع للمصلحة.
ومنها: إضافة الشر وأسبابه إلى الشيطان، على وجه التسويل والتزيين، وإن كان الكل بقضاء الله وقدره، لقول فتى موسى: { وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ ْ}
ومنها: جواز إخبار الإنسان عما هو من مقتضى طبيعة النفس، من نصب أو جوع، أو عطش، إذا لم يكن على وجه التسخط وكان صدقا، لقول موسى: { لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا ْ}
ومنها: استحباب كون خادم الإنسان، ذكيا فطنا كيسا، ليتم له أمره الذي يريده.
ومنها: استحباب إطعام الإنسان خادمه من مأكله، وأكلهما جميعا، لأن ظاهر قوله: { آتِنَا غَدَاءَنَا ْ} إضافة إلى الجميع، أنه أكل هو وهو جميعا.
ومنها: أن المعونة تنزل على العبد على حسب قيامه بالمأمور به، وأن الموافق لأمر الله، يعان ما لا يعان غيره
ومنها: أن ذلك العبد الذي لقياه، ليس نبيا، بل عبدا صالحا، لأنه وصفه بالعبودية، وذكر منة الله عليه بالرحمة والعلم، ولم يذكر رسالته ولا نبوته، ولو كان نبيا، لذكر ذلك كما ذكره غيره.
وأما قوله في آخر القصة: { وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ْ} فإنه لا يدل على أنه نبي وإنما يدل على الإلهام والتحديث، كما يكون لغير الأنبياء، كما قال تعالى { وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ ْ} { وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا ْ}
ومنها: أن العلم الذي يعلمه الله [لعباده] نوعان:
علم مكتسب يدركه العبد بجده واجتهاده. ونوع علم لدني، يهبه الله لمن يمن عليه من عباده لقوله { وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا ْ}
ومنها: التأدب مع المعلم، وخطاب المتعلم إياه ألطف خطاب، لقول موسى عليه السلام:
{ هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا ْ} فأخرج الكلام بصورة الملاطفة والمشاورة، وأنك هل تأذن لي في ذلك أم لا، وإقراره بأنه يتعلم منه، بخلاف ما عليه أهل الجفاء أو الكبر، الذي لا يظهر للمعلم افتقارهم إلى علمه، بل يدعي أنه يتعاون هم وإياه، بل ربما ظن أنه يعلم معلمه، وهو جاهل جدا، فالذل للمعلم، وإظهار الحاجة إلى تعليمه، من أنفع شيء للمتعلم.
ومنها تواضع الفاضل للتعلم ممن دونه، فإن موسى -بلا شك- أفضل من الخضر.
ومنها: تعلم العالم الفاضل للعلم الذي لم يتمهر فيه، ممن مهر فيه، وإن كان دونه في العلم بدرجات كثيرة.
فإن موسى عليه السلام من أولي العزم من المرسلين، الذين منحهم الله وأعطاهم من العلم ما لم يعط سواهم، ولكن في هذا العلم الخاص كان عند الخضر، ما ليس عنده، فلهذا حرص على التعلم منه.
فعلى هذا، لا ينبغي للفقيه المحدث، إذا كان قاصرا في علم النحو، أو الصرف، أو نحوه من العلوم، أن لا يتعلمه ممن مهر فيه، وإن لم يكن محدثا ولا فقيها.
ومنها: إضافة العلم وغيره من الفضائل لله تعالى، والإقرار بذلك، وشكر الله عليها لقوله: { تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ ْ} أي: مما علمك الله تعالى.
ومنها: أن العلم النافع، هو العلم المرشد إلى الخير، فكل علم يكون فيه رشد وهداية لطرق الخير، وتحذير عن طريق الشر، أو وسيلة لذلك، فإنه من العلم النافع، وما سوى ذلك، فإما أن يكون ضارا، أو ليس فيه فائدة لقوله: { أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا ْ}
ومنها: أن من ليس له قوة الصبر على صحبة العالم والعلم، وحسن الثبات على ذلك، أنه يفوته بحسب عدم صبره كثير من العلم فمن لا صبر له لا يدرك العلم، ومن استعمل الصبر ولازمه، أدرك به كل أمر سعى فيه، لقول الخضر -يعتذر من موسى بذكر المانع لموسى في الأخذ عنه- إنه لا يصبر معه.
ومنها: أن السبب الكبير لحصول الصبر، إحاطة الإنسان علما وخبرة، بذلك الأمر، الذي أمر بالصبر عليه، وإلا فالذي لا يدريه، أو لا يدري غايته ولا نتيجته، ولا فائدته وثمرته ليس عنده سبب الصبر لقوله: { وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا ْ} فجعل الموجب لعدم صبره، وعدم إحاطته خبرا بالأمر.
ومنها: الأمر بالتأني والتثبت، وعدم المبادرة إلى الحكم على الشيء، حتى يعرف ما يراد منه وما هو المقصود.
ومنها: تعليق الأمور المستقبلية التي من أفعال العباد بالمشيئة، وأن لا يقول الإنسان للشيء: إني فاعل ذلك في المستقبل، إلا أن يقول { إِنْ شَاءَ اللَّهُ ْ}
ومنها: أن العزم على فعل الشيء، ليس بمنزلة فعله، فإن موسى قال: { سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا ْ} فوطن نفسه على الصبر ولم يفعل.
ومنها: أن المعلم إذا رأى المصلحة في إيزاعه للمتعلم أن يترك الابتداء في السؤال عن بعض الأشياء، حتى يكون المعلم هو الذي يوقفه عليها، فإن المصلحة تتبع، كما إذا كان فهمه قاصرا، أو نهاه عن الدقيق في سؤال الأشياء التي غيرها أهم منها، أو لا يدركها ذهنه، أو يسأل سؤالا، لا يتعلق في موضع البحث.
ومنها: جواز ركوب البحر، في غير الحالة التي يخاف منها.
ومنها: أن الناسي غير مؤاخذ بنسيانه لا في حق الله، ولا في حقوق العباد لقوله: { لَا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ ْ}
ومنها: أنه ينبغي للإنسان أن يأخذ من أخلاق الناس ومعاملاتهم، العفو منها، وما سمحت به أنفسهم، ولا ينبغي له أن يكلفهم ما لا يطيقون، أو يشق عليهم ويرهقهم، فإن هذا مدعاة إلى النفور منه والسآمة، بل يأخذ المتيسر ليتيسر له الأمر.
ومنها: أن الأمور تجري أحكامها على ظاهرها، وتعلق بها الأحكام الدنيوية، في الأموال، والدماء وغيرها، فإن موسى عليه السلام، أنكر على الخضر خرقه السفينة، وقتل الغلام، وأن هذه الأمور ظاهرها، أنها من المنكر، وموسى عليه السلام لا يسعه السكوت عنها، في غير هذه الحال، التي صحب عليها الخضر، فاستعجل عليه السلام، وبادر إلى الحكم في حالتها العامة، ولم يلتفت إلى هذا العارض، الذي يوجب عليه الصبر، وعدم المبادرة إلى الإنكار.
ومنها: القاعدة الكبيرة الجليلة وهو أنه " يدفع الشر الكبير بارتكاب الشر الصغير " ويراعي أكبر المصلحتين، بتفويت أدناهما، فإن قتل الغلام شر، ولكن بقاءه حتى يفتن أبويه عن دينهما، أعظم شرا منه، وبقاء الغلام من دون قتل وعصمته، وإن كان يظن أنه خير، فالخير ببقاء دين أبويه، وإيمانهما خير من ذلك، فلذلك قتله الخضر، وتحت هذه القاعدة من الفروع والفوائد، ما لا يدخل تحت الحصر، فتزاحم المصالح والمفاسد كلها، داخل في هذا.
ومنها: القاعدة الكبيرة أيضا وهي أن " عمل الإنسان في مال غيره، إذا كان على وجه المصلحة وإزالة المفسدة، أنه يجوز، ولو بلا إذن حتى ولو ترتب على عمله إتلاف بعض مال الغير " كما خرق الخضر السفينة لتعيب، فتسلم من غصب الملك الظالم. فعلى هذا لو وقع حرق، أو غرق، أو نحوهما، في دار إنسان أو ماله، وكان إتلاف بعض المال، أو هدم بعض الدار، فيه سلامة للباقي، جاز للإنسان بل شرع له ذلك، حفظا لمال الغير، وكذلك لو أراد ظالم أخذ مال الغير، ودفع إليه إنسان بعض المال افتداء للباقي جاز، ولو من غير إذن.
ومنها: أن العمل يجوز في البحر، كما يجوز في البر لقوله: { يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ ْ} ولم ينكر عليهم عملهم.
ومنها: أن المسكين قد يكون له مال لا يبلغ كفايته، ولا يخرج بذلك عن اسم المسكنة، لأن الله أخبر أن هؤلاء المساكين، لهم سفينة.
ومنها: أن القتل من أكبر الذنوب لقوله في قتل الغلام { لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا نُكْرًا ْ}
ومنها: أن القتل قصاصا غير منكر لقوله { بِغَيْرِ نَفْسٍ ْ}
ومنها: أن العبد الصالح يحفظه الله في نفسه، وفي ذريته.
ومنها: أن خدمة الصالحين، أو من يتعلق بهم، أفضل من غيرها، لأنه علل استخراج كنزهما، وإقامة جدارهما، أن أباهما صالح.
ومنها: استعمال الأدب مع الله تعالى في الألفاظ، فإن الخضر أضاف عيب السفينة إلى نفسه بقوله { فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهَا ْ} وأما الخير، فأضافه إلى الله تعالى لقوله: { فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنْزَهُمَا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ ْ} كما قال إبراهيم عليه السلام { وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ ْ} وقالت الجن: { وَأَنَّا لَا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَدًا ْ} مع أن الكل بقضاء الله وقدره.
ومنها: أنه ينبغي للصاحب أن لا يفارق صاحبه في حالة من الأحوال، ويترك صحبته، حتى يعتبه، ويعذر منه، كما فعل الخضر مع موسى.
ومنها: أن موافقة الصاحب لصاحبه، في غير الأمور المحذورة، مدعاة وسبب لبقاء الصحبة وتأكدها، كما أن عدم الموافقة سبب لقطع المرافقة.
ومنها: أن هذه القضايا التي أجراها الخضر هي قدر محض أجراها الله وجعلها على يد هذا العبد الصالح، ليستدل العباد بذلك على ألطافه في أقضيته، وأنه يقدر على العبد أمورا يكرهها جدا، وهي صلاح دينه، كما في قضية الغلام، أو وهي صلاح دنياه كما في قضية السفينة، فأراهم نموذجا من لطفه وكرمه، ليعرفوا ويرضوا غاية الرضا بأقداره المكروهة
قصة ذي القرنين..
{ إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ ْوَآتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا* فَأَتْبَعَ سَبَبًا }
كان أهل الكتاب أو المشركون، سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قصة ذي القرنين، فأمره الله أن يقول: { سَأَتْلُو عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْرًا ْ} فيه نبأ مفيد، وخطاب عجيب.
أي: سأتلوا عليكم من أحواله، ما يتذكر فيه، ويكون عبرة، وأما ما سوى ذلك من أحواله، فلم يتله عليهم.
{ إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ ْ} أي: ملكه الله تعالى، ومكنه من النفوذ في أقطار الأرض، وانقيادهم له. { وَآتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا فَأَتْبَعَ سَبَبًا ْ} أي: أعطاه الله من الأسباب الموصلة له لما وصل إليه، ما به يستعين على قهر البلدان، وسهولة الوصول إلى أقاصي العمران، وهذه الأسباب التي أعطاه الله إياها، لم يخبرنا الله ولا رسوله بها،
{ وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ ْ}
يحتمل أن الضمير، يعود إلى يأجوج ومأجوج، وأنهم إذا خرجوا على الناس -من كثرتهم واستيعابهم للأرض كلها- يموج بعضهم ببعض، كما قال تعالى { حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ ْ} ويحتمل أن الضمير يعود إلى الخلائق يوم القيامة، وأنهم يجتمعون فيه فيكثرون ويموج بعضهم ببعض، من الأهوال والزلازل العظام، بدليل قوله: { ونفخ في الصور فجمعناهم جمعا وعرضنا جهنم يومئذ للكافرين عرضا الذين كانت أعينهم في غطاء عن ذكري وكانوا لا يستطيعون سمعا ْ} أي: إذا نفخ إسرافيل في الصور، أعاد الله الأرواح إلى الأجساد، ثم حشرهم وجمعهم لموقف القيامة، الأولين منهم والأخرين، والكافرين والمؤمنين، ليسألوا ويحاسبوا ويجزون بأعمالهم، فأما الكافرون -على اختلافهم- فإن جهنم جزاؤهم، خالدين فيها أبدا.
{ أَفَحَسِبَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ يَتَّخِذُوا عِبَادِي مِنْ دُونِي أَوْلِيَاءَ إِنَّا أَعْتَدْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ نُزُلًا ْ}
وهذا برهان وبيان، لبطلان دعوى المشركين الكافرين، الذين اتخذوا بعض الأنبياء والأولياء، شركاء لله يعبدونهم، ويزعمون أنهم يكونون لهم أولياء، ينجونهم من عذاب الله، وينيلونهم ثوابه، وهم قد كفروا بالله وبرسله
أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ ْ} أي: جحدوا الآيات القرآنية والآيات العيانية، الدالة على وجوب الإيمان به، وملائكته، ورسله، وكتبه، واليوم الآخر.
{ فَحَبِطَتْ ْ} بسبب ذلك { أَعْمَالُهُمْ فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا ْ} لأن الوزن فائدته، مقابلة الحسنات بالسيئات، والنظر في الراجح منها والمرجوح، وهؤلاء لا حسنات لهم لعدم شرطها، وهو الإيمان، كما قال تعالى { وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا يَخَافُ ظُلْمًا وَلَا هَضْمًا ْ} لكن تعد أعمالهم وتحصى، ويقررون بها، ويخزون بها على رءوس الأشهاد، ثم يعذبون عليها، ولهذا قال: { ذَلِكَ جَزَاؤُهُمْ ْ} أي: حبوط أعمالهم، وأنه لا يقام لهم يوم القيامة، { وَزْنًا ْ} لحقارتهم وخستهم، بكفرهم بآيات الله، واتخاذهم آياته ورسله، هزوا يستهزئون بها، ويسخرون منها، مع أن الواجب في آيات الله ورسله، الإيمان التام بها، والتعظيم لها، والقيام بها أتم القيام، وهؤلاء عكسوا القضية، فانعكس أمرهم، وتعسوا، وانتكسوا في العذاب. ولما بين مآل الكافرين وأعمالهم، بين أعمال المؤمنين ومآلهم فقال:

{ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا * خَالِدِينَ فِيهَا لَا يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلًا ْ}
أي: إن الذين آمنوا بقلوبهم، وعملوا الصالحات بجوارحهم، وشمل هذا الوصف جميع الدين، عقائده، وأعماله، أصوله، وفروعه الظاهرة، والباطنة، فهؤلاء -على اختلاف طبقاتهم من الإيمان والعمل الصالح -لهم جنات الفردوس.
يحتمل أن المراد بجنات الفردوس، أعلى الجنة، وأوسطها، وأفضلها، وأن هذا الثواب، لمن كمل فيه الإيمان والعمل الصالح، والأنبياء والمقربون.
ويحتمل أن يراد بها، جميع منازل الجنان، فيشمل هذا الثواب، جميع طبقات أهل الإيمان، من المقربين، والأبرار، والمقتصدين، كل بحسب حاله، وهذا أولى المعنيين لعمومه، ولذكر الجنة بلفظ الجمع المضاف إلى الفردوس، ولأن الفردوس يطلق على البستان، المحتوي على الكرم، أو الأشجار الملتفة، وهذا صادق على جميع الجنة، فجنة الفردوس نزل، وضيافة لأهل الإيمان والعمل الصالح،
وقوله { خَالِدِينَ فِيهَا ْ} هذا هو تمام النعيم، إن فيها النعيم الكامل، ومن تمامه أنه لا ينقطع { لَا يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلًا ْ} أي: تحولا ولا انتقالا، لأنهم لا يرون إلا ما يعجبهم ويبهجهم، ويسرهم ويفرحهم، ولا يرون نعيما فوق ما هم فيه.
{ قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا ْ}
أي: قل لهم مخبرا عن عظمة الباري، وسعة صفاته، وأنها لا يحيط العباد بشيء منها: { لَوْ كَانَ الْبَحْرُ ْ} أي: هذه الأبحر الموجودة في العالم { مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي ْ} أي: وأشجار الدنيا من أولها إلى آخرها، من أشجار البلدان والبراري، والبحار، أقلام، { لَنَفِدَ الْبَحْرُ ْ} وتكسرت الأقلام { قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي ْ} وهذا شيء عظيم، لا يحيط به أحد
وهذا من باب تقريب المعنى إلى الأذهان، لأن هذه الأشياء مخلوقة، وجميع المخلوقات، منقضية منتهية، وأما كلام الله، فإنه من جملة صفاته، وصفاته غير مخلوقة، ولا لها حد ولا منتهى، فأي سعة وعظمة تصورتها القلوب فالله فوق ذلك، وهكذا سائر صفات الله تعالى، كعلمه، وحكمته، وقدرته، ورحمته، فلو جمع علم الخلائق من الأولين والآخرين، أهل السماوات وأهل الأرض، لكان بالنسبة إلى علم العظيم، أقل من نسبة عصفور وقع على حافة البحر، فأخذ بمنقاره من البحر بالنسبة للبحر وعظمته، ذلك بأن الله، له الصفات العظيمة الواسعة الكاملة، وأن إلى ربك المنتهى.

{ قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا ْ}
أي: { قُلْ ْ} يا محمد للكفار وغيرهم: { إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ ْ} أي: لست بإله، ولا لي شركة في الملك، ولا علم بالغيب، ولا عندي خزائن الله، { إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ ْ} عبد من عبيد ربي، { يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ ْ} أي: فضلت عليكم بالوحي، الذي يوحيه الله إلي، الذي أجله الإخبار لكم: أنما إلهكم إله واحد، أي: لا شريك له، ولا أحد يستحق من العبادة مثقال ذرة غيره، وأدعوكم إلى العمل الذي يقربكم منه، وينيلكم ثوابه، ويدفع عنكم عقابه. ولهذا قال: { فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا ْ} وهو الموافق لشرع الله، من واجب ومستحب، { وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا ْ} أي: لا يرائي بعمله بل يعمله خالصا لوجه الله تعالى، فهذا الذي جمع بين الإخلاص والمتابعة، هو الذي ينال ما يرجو ويطلب، وأما من عدا ذلك، فإنه خاسر في دنياه وأخراه، وقد فاته القرب من مولاه، ونيل رضاه…انتهى و الحمد لله رب العالمين…

ما شاء الله عليك.. وبارك الله فيك
اختي الحبيبة ,,,,الجهـادية,,

بارك الله فيك و جعله في موازيين اعمالك,,,,,,

الاخت Oman…. .و بورك فيك ..وتسلمين على مرورك و تعقيبك في الموضوع…
ووفقنا و اياك لصيام شهر رمضان و قيامه..

الاخت رنين القوافي..و بورك فيك ..شاكرة لك اطلالتك و مرورك على الموضوع..
و فقنا الله و اياك لصيام شهر رمضان و قيامه…
و جزيتم اخواتي الغاليات على التصفح ..

مشكوووووورة الله يسعدك والله استفدت من موضوعك يا عسل
حبيبتي الجهاديه – بارك الله فيك وجعل مجهودك هذا في ميزان حسناتك –

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.