بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وكفي والصلاة والسلام على النبي المصطفي .. أما بعد
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قال تعالى ( إِنّ الّذِينَ هُم مّنْ خَشْيةِ رَبّهِمْ مّشْفِقُونَ * وَالّذِينَ هُم بِآيَاتِ رَبّهِمْ يُؤْمِنُونَ * وَالّذِينَ هُم بِرَبّهِمْ لاَ يُشْرِكُونَ * وَالّذِينَ يُؤْتُونَ مَآ آتَواْ وّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنّهُمْ إِلَىَ رَبّهِمْ رَاجِعُونَ * أُوْلَـَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ ) .
جاء في تفسير هذه الآيات عند ابن كثير رحمه الله تعالى : يقول تعالى ( إن الذين هم من خشية ربهم مشفقون ) أي هم مع إحسانهم وإيمانهم وعملهم الصالح مشفقون من الله خائفون منه وجلون من مكره بهم, كما قال الحسن البصري : إن المؤمن جمع إحساناً وشفقة , وإن الكافر جمع إساءة وأمناً ( والذين هم بآيات ربهم يؤمنون ) أي يؤمنون بآياته الكونية والشرعية , كقوله تعالى إخباراً عن مريم عليها السلام ( وصدقت بكلمات ربها وكتبه ) أي أيقنت أن ما كان, إنما هو عن قدر الله وقضائه , وما شرعه الله فهو إن كان أمراً فمما يحبه ويرضاه , وإن كان نهياً فهو مما يكرهه ويأباه , وإن كان خيراً فهو حق, كما قال الله ( والذين هم بربهم لا يشركون ) أي لا يعبدون معه غيره , بل يوحدونه ويعلمون أنه لا إله إلا الله أحداً صمداً لم يتخذ صاحبة ولا ولدا ً, وأنه لا نظير له ولا كفء له . وقوله ( والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة أنهم إلى ربهم راجعون ) أي يعطون العطاء وهم خائفون وجلون أن لا يتقبل منهم لخوفهم أن يكونوا قد قصروا في القيام بشرط الإعطاء , وهذا من باب الإشفاق والاحتياط, كما قال الإمام أحمد : حدثنا يحيى بن آدم , حدثنا مالك بن مغول , حدثنا عبد الرحمن بن سعيد بن وهب عن عائشة أنها قالت : يا رسول الله الذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة هو الذي يسرق ويزني ويشرب الخمر وهو يخاف الله عز وجل ؟ قال « لا يا بنت الصديق , ولكنه الذي يصلي ويصوم ويتصدق وهو يخاف الله عز وجل » وهكذا رواه الترمذي .. ( أولئك يسارعون في الخيرات وهم لها سابقون ) فجعلهم من السابقين .. انتهى .
نحن والله المستعان على ما بنا من ذنوب وتقصير وإسراف تجدنا آمنين مطمئنين .. بل إن الواحد منا إذا عمل العمل أو تصدق أو صام أو قام تمنى على الله الأماني بهذا العمل ورأى نفسه أنه عمِل عمَل أفضل من الكثيرين وكأنه زكى عمله أو ضمن قبوله .. أين نحن من هؤلاء الرجال الذين أدو ما عليهم بكل إخلاص وهم خائفون أن يرد عليهم .. فهذا أبو بكر الصديق رضي الله عنه يجاهد ولا يسابقه أحد للخير .. وهذا عمر يقوم الليل ويعدل في النهار ورغم ذلك يقول عند وفاته ويلي وويل أمي إن لم يرحمني ربي عز و جل ..وهذا عثمان ابن عفان رضي الله عنه يجهز جيشاً كاملاً بماله ولا يتردد .. وهذا علي ابن أبي طالب رضي الله عنه يجاهد بجانب الرسول صلى الله عليه وسلم ويصوم ويقوم .. ورغم ما لهم من عبادة وفضل الصحبة فإنهم ماتوا وهم وجلون خائفون أن يكونوا من المقصرين .. ونحن على ذنوبنا آمنين مطمئنين .. نعم نحن نثق بأن الله عز وجل كريم غفور رحيم .. لكن أيضاً هو القوي العزيز شديد العقاب .. فالمؤمن يجب أن يكون بين الرجاء والخوف . اللهم ارزقنا حبك وحب من يحبك وحب العمل الصالح الذي يقربنا إلى حبك .. ووفقنا للعمل الصالح الرشيد وطهر قلوبنا من النفاق وعملنا من الرياء وألسننا من الكذب وأعيننا من الخيانة إنك تعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور .. اللهم آمين .
خمس آيات مؤملات
عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: إن في سورة النساء لخمس آيات ما يسرني أن لي بها الدنيا وما فيها .
* إن الله لا يظلم مثقال ذرة وإن تك حسنة يضاعفها ويؤت من لدنه أجرا عظيما
* إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم وندخلكم مدخلا كريما
* إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء
* ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا رحيما
* ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما .
المؤمن لا يقنع بمـلء وقته بالطاعات
ولكن يعمل أن لا تموت حسناته بموته
اللهم ارزقنا العلم النافع والعمل الصالح ووفقنا لما تحب وترضى
واجعلنا يا حي يا قيوم مفاتيح للخير مغاليق للشر
وارزقنا الإخلاص في القول والعمل
اللهم آمين
أخوكم ومحبكم في الله
طاب الخاطر
جماد الآخر 1445هـ
جزاك الله كل خير..
شاكر ومقدر تشريفكم لهذه الصفحة وجزاكم الله خيرا
وأسأل الله العظيم الواحد الأحد الفرد الصمد الحي القيوم
في هذا اليوم الكريم أن ينصر المجاهدين ويشفي مرضى المسلمين
ويفك أسر المأسورين ويقضي الدين عن المدينين ويفرج هم المهمومين
وأن يجعلنا وأياكم ممن استعمله في طاعته وأن يوفقنا لما يحب ويرضى اللهم آمين
في أمان الله
حديث وشرحه
أخرج مسلم في صحيحه من حديث أبي ذر رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم:
( يصبح على كل سلامى من أحدكم صدقة: فأمر بمعروف صدقة، ونهي عن منكر صدقة، وبكل تسبيحة صدقة، وبكل تحميدة صدقة، وبكل تهليلة صدقة، وبكل تكبيرة صدقة، ويجزئ من ذلك ركعتان يركعهما ابن آدم من الضحى ).
وأيضاً صح من حديث بريدة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
( في الإنسان ثلاثمائة وستون مفصلاً، فعليه أن يتصدق عن كل مفصل منه بصدقة ) ،
فذكر نحواً من حديث أبي ذر وفيه زيادة: ( النخاعة في المسجد تدفنها والشىء تنحيه عن الطريق)، وفي بعض الطرق الأخرى: (وإماطة الأذى عن الطريق صدقة، ويجزئ من ذلك ركعتان يركعهما ابن آدم من الضحى ) .
فالشاهد: أن الإنسان عليه أن يؤدي شكر نعم الله عليه في مفاصله،
ويكون ذلك بتأدية ثلاثمائة وستين صدقة إما بتسبيح أو حمد أو تكبير أو تهليل أو أمر أو نهي،
و يجزئ عن ذلك كله أن يركع ركعتين من الضحى،
ففي مسند الإمام أحمد من حديث نعيم بن عمار الغطفاني رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(قال الله سبحانه وتعالى: يا ابن آدم! اركع لي أربع ركعات أول النهار؛ أكفك آخره )،
فمن العلماء من حمل هذه الركعات على أنها من الضحى،
فتكون هذه الركعات كالحرز يحفظك الله بها إلى آخر النهار.
وفي صحيح البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال:
( أوصاني خليلي بثلاث: بأن أوتر قبل أن أنام، وبصيام ثلاثة أيام من كل شهر، وبركعتي الضحى )
فمن الفضل الوارد في صلاة الضحى:
الأول: أن صلاة الضحى تجزئ وتكفي وتقوم مقام ثلاثمائة وستين صدقة.
الثاني: أن أربع ركعات من الضحى حرز لك حتى آخر اليوم.
الثالث: أنها إمضاء لوصية رسول الله التي أوصى بها أبا هريرة رضي الله تعالى عنه.
وثمّ فضائل أخر في صلاة الضحى.
فضل صلاة الضُحى: الشيخ مصطفي العدوي .
وأسأل الله العظيم الحليم الكريم
أن يبارك في الجهود وأن
يرزقنا جميعا الإخلاص
في القول والعمل
اللهم آمين
في أمان الله
آية واحدة غيّرت حياة الإمام الفضيل بن عياض – رحمه الله
الآية إذا وصلت القلب و تمكّنت منه حصل الشفاء ، و تحقق الدَّواء بإذن الله – تبارك و تعالى- و لهذا خلقٌ كثير لا يُحصيهم إلا رب العالمين – سبحانه و تعالى – زالت أمراضُهم و شُفيت أسقامهم بعضهم بآية واحدة سمعها ، آية واحدة سمعها و زال منه مرضه ، أحياناً يكون مرضه الكفر بالله – سبحانه وتعالى – فيتحوّل إلى إسلام ، أحياناً يكون مرضه النفاق فيتحوّل إلى الإيمان ، أحياناً يكون مرضُه الفسق و الفجور و المعاصي و الآثام فيتحوّل إلى استقامة و هداية و صلاح و عبادة لله – تبارك و تعالى –
والقصص في هذا كثيرة جداًّ ، كثيرة جداًّ ، كثير من الناس يتحدّث أن هدايته بسبب آية ، تجده سمعها ، و أخذ يردّدها ، يجيلها في نفسه ، تتكرر في قلبه حتى جعل الله – سبحانه و تعالى – فيها هدايته و صلاحه .
الفُضيل بن عياض ، من أئمة التابعين أمضى أربعين سنة من حياته و هو معدود في كبار المجرمين ، كان قاطع طريق و كانت القافلة بكاملها تخافه إلى أن بلغ الأربعين ، و ليلة مِن الليالي أتى إلى بيت – كما ذُكر في ترجمته في سير أعلام النبلاء و غيره – ، أتى إلى بيت يتسوّر البيت على عادته في إجرامه و عدوانه يتسوّر البيت ، و هو يتسوّر البيت إذا بصاحب البيت كان يقرأ القرآن ، في سورة الحديد ، وصل إلى قول الله – سبحانه و تعالى – :
" ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله و ما نزل من الحق و لا يكونوا كالذين أوتوا الكتاب من قبل فطال عليهم الأمد فقست قلوبهم و كثير منهم فاسقون "
سمع الفُضيل هذه الآية و دخلت قلبه ، و تأثَّر من لحظته تأثراً عظيما ، و قال في ساعته : بلى ، أجاب ، ألم يأن ؟ قال : بلى، يعني جاء الوقت الذي تخشع فيه القلوب لذكر الله ، و نزل و عاهد نفسه أن يهاجر إلى مكّة و أن يبقى فيها عابداً لله – سبحانه و تعالى – إلى أن يموت و ذهب إلى مكة .
آية واحدة حوّلت مساره من إجرام إلى عابد من العبّاد و صالح من الصالحين و من ساعته بدأ يرتّب و ذهب إلى مكة و بقي فيها عابداً إلى أن توفَّاه الله – سبحانه و تعالى –
و في مكة يأتي العلماء و المحدّثون و يتلقى عنهم العلم و يأخذ عنهم الفقه و يحفظ منهم الأحاديث ، و لا تفتح الآن كتاباً من كتب التفسير أو كتاباً من كتب الفقه أو الحديث أو غيرها إلاَّ و تجد النقول العظيمة عن هذا الإمام ، قال الإمام الفضيل بن عياض – رحمه الله –
آية واحدة غيّرت حياته ! ا.هـ
وأسأل الله القبول والتوفيق والسداد والإخلاص
اللهم آمين
في أمان الله