تخطى إلى المحتوى

جَاحظُ زَمَانِهِ !!! 2024.

جَاحظُ زَمَانِهِ !!!
بقلم / ربيع بن المدني [ الربيع العاصف ]
فِي يومٍ من أيّامِ الرّبيع مُشرِق الأديم عنبري النّسيم كانَ الليلُ قد أرْخَى سُدُولَه والنّاسُ أخَذُوا مَضَاجِعَهُم بعدَ نهَارٍ قَائِظٍ وحَرَكةٍ نَشِيطَةٍ ، وقَدْ أغْرَاهُم الجوّ بِنَفَحَاتِهِ البارِدةِ مما دَفَعَهم إلى الإسْتِسْلامِ إلى نومٍ هنيءٍ وراحةٍ مُتنَاهيةٍ بقدْرِ ما أغراهُم الصّمتُ المُطْبِقُ الذي ضربَ بأطنابه علَى الرّبوع …وَفِي خِضمِّ ذَلِكَ السّكونِ الرّهيبِ كانَ هناكَ شَابٌّ ذا إحساسٍ مُرهَفٍ وقَلْبٍ رَقِيقٍ في عِقْدهِ الثالث قابعاً وَسَطَ مَكْتَبَتِهِ الزّاخِرة بالكتُبِ والتوّاليف وكأنّه جَاحِظُ زَمَانِه ! كما يَفْعَلُ كلَّ لَيلَةٍ …يُطالعُ ما شَاءَ الله له أن يُطالع ويكتب ما شاء الله له أن يَكْتُب ، يَجُرّه جمالُ الليلِ وسُكُونُه إلى جمال السّمَر والسّهر منْ أجل المعرِفَة والعلمِ ، لعلّه ينتَظِمُ فِي سِلْكِ الذين كانوا قليلاً من الليل ما يَهْجَعُون !
فهُوَ معَ الشّعراء والعلماء والأدباء يَروي ظمأَهُ من ريّهم المتدفّق في كلّ جوانبِ غُرفَتِه مُسْتَأنِساً بِقَولِ جار الله الزّمخشَرِي :
سَهَري لتنقيحِ العلوم ألذُّ لي … من وصلِ غانيةٍ وطيبِ عنـاقِ
وتمايلي طربًا لحلِّ عويـصةٍ … أشهى وأحلى من مدامةِ سـاقي
أأبيت سهرانَ الدُّجى وتبيتُه … نومًا وتبــغي بعد ذاك لحـاقي
وغيرَ مُلتَفِتٍ لقولِ الحريري :
فَزَحْزَحتْ شَفَقاً غشّى سنَا قَمَرٍ …وَسَاقَطَتْ لُؤْلُؤاً من خَاتِمٍ عَطِرِ
وقولِ الوأواء الدّمشْقِي :
فأمطرتْ لُؤلُؤاً من نرجِسٍ وسَقَتْ …ورْداً وعضّت على العُنّابِ بالبَرَدِ
بَيْدَ أنّ شيئاً قدْ ألمّ بِنَفْسِه هذه الأيّام فأصبحَ كَثيرَ التّفكِير قليلَ التّركِيز شَاردَ الذّهن دَنِفَ القَلب …
…عَواصِفُ هائِلةٌ تضطرمُ فِي نَفْسِه ..وزوابِعُ تأخذ بتلابيبه ذات اليمين وذات الشّمال في غَيْرِ رفْقٍ ولا هَوادَةٍ ..
أجلْ ! هوَ لا يريدُ أن يبُوحَ بسَريرَة نفسِه لأحَد …
فهوَ أحبّها نعم وكلّهُ فخرٌ واعتِدادٌ بذلك ولكن لا يريدُ أن يُفصِحَ عن ماهيتِها ..
وَ كأنّهَا (( الدرّة اليتيمة)) التي يَخافُ عليها من اللّصُوص والسّرّاق وقُطّاع الطّريقِ!
فقد حميَ الوَطِيسُ واشتعلت الحربُ في رأسِه وفؤَادِه من أجلِها ، يريدُ أن يراها ، يريدُ أن يَسْمعَ صوْتَها يريدُ أن يَلْمَسَها ولو بأغلَى الأثمان بعدما قرأ عن خِصَالِها وجميلِ فِعالها وَحُسْنِ تصرّفاتها …الشّيءَ الكثير وفي وقْتٍ وجيز ..ولكن للأسف بينها وبينهُ من البُعدِ كما بينَ السّماء ذات الرّجعِ والأرضِ ذات الصّدع …
هيَ الشّمسُ مَسْكَنُها في السّماءِ …فَعَزِّ الفُؤادَ عزاءً جمــيلاً
فَلَن تَسْتَطِيعَ إليها الصّعُــودَ … ولَن تَسْتَطِيعَ إليكَ النّزُولَ
وقَدْ وجدَ فيهَا شَبَهاً كبيراً لَهُ ولا عجَبَ في ذلكَ فالطّيورُ على أشْكالِها تقعُ ! فتعارفا بلحظَةٍ ، وتفاهماَ بلفْظةٍ ، وتآلفاَ تآلفَ الأخدان كأنّما كانا على موعد ! وإن لم يرها ولم تره إلا عن طريق الأوراقِ الصّفراء !!!… :
أتَتْهُ سُعدَى مُنْقَـادَةً … إليهِ تجُرّرُ أذْيَالَـــها
ولم تكُ تصْلُحُ إلاّ لهُ، … ولم يكُ يصلُحُ إلاّ لـها
ولو رامهَا أحدٌ غيرَهُ … لزُلزِلت الأرضُ زِلْزالها
لاَ يَعنِيكَ ولاَ يَعْنِيني …مَنْ هي ؟ وما صفتُها ؟ وماذا يقصد ؟ وعن ماذا يتكلّم ؟ ،،،
وما يُدرينا فلعلّه في الأيّام الآتية يبوحُ لنا بِسُعداه :
فنثبتُها في خاطرة أخرى / ولكلّ مقام مقال ….
ستبدي لكَ الأيّامُ ما كنتَ جاهِلاً …ويأتيكَ بالأخبار من لم تزوّدِ
حفِظكم الله …

قلم يكتب بدقة وتميز جميل

نسج متقن لاسرار داكنة

**

ان كان له تتمة ارجوا ان يكون بتحفض لباقي المعاني

تقبل مروري

بارك الله فيك أختي الفاضلة / شرفني مرورك وأسعدني تعليقك / ووصلت الفكرة بارك الله في سعيك / جزاك الله خيرا

انتظر التتمة اخي الفاضل
فقد استمتعت بقراءتي لها جداً
سلمت يداك الف مرة
تحياتي

شكرا لك أختي الكريمة
الوسوم:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.