تخطى إلى المحتوى

حديث ( لا يتمنين أحدكم الموت من ضر أصابه . ) 2024.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بـســم الله الـــرحـمــن الرحيـــــم

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

عـن أنس رضي الله عنـه قـال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم

« لا يتمنين أحدكم الموت من ضر أصابه فإن كان لا بد فاعلا فليقل:

اللهم أحيني ما كانت الحياة خيرا لي وتوفني إذا كانت الوفاة

خيرا لي »(1)

هذا نهي عن تمني الموت للضر الذي ينزل بالعبد، من مرض أو فقر

أو خوف، أو وقوع في شدة ومهلكة، أو نحوها من الأشياء، فإن

في تمني الموت لذلك مفاسد.

منها : أنه يؤذن بالتسخط والتضجر من الحالة التي أصيب بها، وهو

مأمور بالصبر والقيام بوظيفته. ومعلوم أن تمني الموت ينافي ذلك.

ومنها: أنه يضعف النفس ويحدث الخور والكسل، ويوقع في اليأس.

والمطلوب مـن العبــد مقاومة هـذه الأمــور ، والسعي فــي إضعافها

وتخفيفها بحسب اقتداره، وأن يكون معه من قوة القلب وقوة الطمع

في زوال ما نزل به . وذلك موجب لأمرين : اللطف الإلهي لمن أتى

بالأسباب المأمور بها، والسعي النافع الذي يوجبه قوة القلب

ورجاؤه .

ومنهــا : أن تمني الموت جهل وحمق ، فإنــه لا يدري ما يكون بعد

الموت، فربما كان كالمستجير من الضر إلى ما هو أفظع منه، من

عذاب البرزخ وأهواله.

ومنها : أن الموت يقطع على العبد الأعمال الصالحة التي هو بصدد

فعلها والقيام بها، وبقية عمر المؤمن لا قيمة له ، فكيف يتمنى

انقطاع عمل الذرة منه خير من الدنيا وما عليها.

وأخص من هذا العموم: قيامه بالصبر على الضر الذي أصابه، فإن

الله يوفي الصابرين أجرهم بغير حساب.

ولهذا قال في آخر الحديث « فإن كان لا بد فاعلا فليقل: اللهم أحيني

ما كانـت الحياة خيـرا لي وتوفني إذا كانت الوفاة خيرا لي » فيجعل

العبد الأمر مفوضا إلى ربه الذي يعلم ما فيه الخير والصلاح له،

الذي يعلم من مصالح عبده ما لا يعلم العبد، ويريد له من الخير

ما لا يريده، ويلطف به في بلائه كما يلطف به في نعمائه.

والفرق بين هذا وبين قولــه صلى الله عليه وسلم « لا يقولن أحدكم

اللهم اغفر لـي إن شئت اللهم ارحمني إن شئت ليعزم المسألة فإنـه

لا مكره له»(2)، أن المذكور في الحديث الذي فيه التعليق بعلم الله

وإرادته، هو في الأمور المعينة التي لا يدري العبد من عاقبتها

ومصلحتها.

وأما المذكور في الحديث الآخر: فهي الأمور التي يعلم مصلحتها بل

ضرورتها وحاجة كل عبد إليها، وهي مغفرة الله ورحمته ونحوها .

فإن العبد يسألها ويطلبها من ربه طلبا جازما ، لا معلق بالمشيئة

وغيرها . لأنه مأمور ومحتم عليه السعي فيها ، وفي جميع

ما يتوسل به إليها.

وهذا كالفرق بين فعل الواجبات والمستحبات الثابت الأمر بها ; فإن

العبد يؤمر بفعلها أمر إيجاب أو استحباب ، وبعض الأمور المعينة

التي لا يدري العبد من حقيقتها ومصلحتها ، فإنه يتوقف حتى

يتضح له الأمر فيها .

واستثنى كثير من أهل العلم من هذا، جواز تمني الموت خوفا من

الفتنة، وجعلوا من هذا قول مريم رضي الله عنها { يَا لَيْتَنِي مِتُّ

قَبْلَ هَذَا } مريم23

كتاب : بهجة قلوب الأبرار وقرة عيون الأخيار في شرح جوامع الأخبار

(ص156) للشيخ عبد الرحمن السعدي (بتصرف)

(1) أخرجه البخاري في صحيحه ( ك المرضى ، ب نهي تمني

المريض الموت، ص 1114 / ح 5671) من حديث أنس بن مالك

(2) أخرجه البخاري في صحيحه ( ك الدعوات، ب ليعزم المسألة

فإنه لا مكره له، ص 1219 / ح 6339) من حديث أبي هريرة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.