معارك متعددة يخوضها صغيرك لتأكيد شخصيته)1من3)
معركة الملابس
زين القاضي
حرب النجوم، حرب الكواكب، الحرب الباردة، الحرب المقدسة.. حروب متعددة الأسماء والأساليب يخوضها الكبار منذ فجر التاريخ حتى غدت الحروب و كأنها حكر عليهم، لكن صغارنا لهم حروبهم أيضاً، فحروب الصغار متعددة ومتجددة يشنونها علينا يومياً.
ففي الصباح حرب الملابس، وعند الغذاء حرب الطعام، إلى جانب الحروب الجانبية والتي يشنها بعضهم على بعض .. حروب لا تنتهي إلا عندما يقهرهم سلطان النوم لتسكن المعارك في هدئة الليل وليعاودوا الكر والفر في ساعات الصباح الأولى ..
عادت بي الذكريات إلى ابني "عبدالله" عندما كان في سن التمهيدي فقد كان يصر دائماً أن يلبس الكنزة الخضراء ذات الرقبة العالية التي تحمل الرقم 7 مع البنطلون الأخضر والشراب الأخضر، والتي قام بتجميع قطعها من بين ركام الملابس يتحد فيها اللون، ويشذ عنه لون الحذاء الذي لم يكن له نفس اللون.. هذا الزي الذي أخذ لونه يضرب إلى البياض المخضر بفعل التناوب بين اللبس والغسيل فقط، فلا يمكن أن يوضع مع غيره من الملابس في الخزانة أبداً.. وكم دار بيننا كثير من المعارك؛ ينتصر حيناً وأنتصر حيناً آخر، فلا أمنعه من لبس هذه الملابس إلا إذا كانت مبللة.
وأراه اليوم يملك شخصية رائعة مستقلة قادرة على اتخاذ القرار دون تردد، قادراً على التعبير عن نفسه. هنا أقول: الصبر تحمد عقباه، فكم صبرت عليه وحاورته وناقشته في حرب الملابس تلك، لكنه كان يصر على رأيه، وكثيراً ما وافقته على هذا الرأي.
لا تصادري حقه
إصرار الطفل على التمتع بالحرية والاستقلال حاجة نفسية مهمة لا ينبغي أن نصادرها بحجة الانقياد والخضوع، بل ينبغي أن نواجه باحترام هذا الحق وهذه الحاجة.
فالطعام والملابس بالنسبة للأطفال أول طلقة يطلقونها طلباً للحرية والاستقلال، وكلما نما عنده إحساسه بنفسه أصر على اختياره لملابسه وانتقائه لنوعية طعامه، إذ يرى في ذلك المحك للتعبير عن النفس واتخاذ القرار، بل تبرز له قضية اختيار الملابس والطعام كأكثر الخيارات الواضحة المدركة في طريق الاستقلال .
الطفل في هذه المرحلة العمرية – ما قبل المدرسة – يصنف الناس حسب أصواتهم ونظراتهم وأفعالهم ولباسهم إلى فئة مقبولة لديه وفئة غير مقبولة فنجده أحياناً يرفض بعض الملابس حتى لا يشابه أشخاصاً معينين أو يصر على أخرى تقليداً لآخرين. وحين يصر أن يلبس نفس اللباس مراراً وتكراراً فإنه يسعى ليقـول: "أنا هنا" ليثبت أنه نفس الشخص الذي كان بالأمس.
لا للديكتاتورية
إن محاولة الطفل لاختيار ملابسه وتحديد طعامه علامة على صحته النفسية، وهو كثيراً ما يرفض أنصاف الحلول في ذلك، بل إن النقاش والمعارك معه حول هذا الموضوع تبدو مضحكة أحياناً.
في هذه المعركة لا بد من الوصول إلى تسوية تستجيب لمتطلبات النمو النفسي للطفل وتبقى للوالدين كلمتهم دون ديكتاتورية، فإصرار الطفل على حقه في الاستقلال والحرية فيما يأكل ويشرب ويلبس أمر فطري جبل عليه ابن آدم، ولا تنسي أن طفلك في هذه المرحلة قد لا يدرك معنى الحلال والحرام فيما يلبس أو يأكل. واحترام حاجته للاستقلال والحرية يعطيه بعض الليونة في الانقياد لأوامر الوالدين.. فابتداء اسمعي منه لماذا يختار هذه الملابس بالذات ودعيه يتكلم ويعبر عن نفسه ورأيه ومطلبه.. استماعك له يعطيه شعورا ألا ضغوط هناك وإنما نحن نناقش هذه القضية، الأمر الذي يمنحه شعوراً بالأمان على حقوقه.
لا تشتري له ما يكره من الملابس.. دعيه ينتقي معك بعضاً من ملابسه في السوق كملابس البيت.. ملابس النوم.. حذاء اللعب، ليجد أن لديه مساحة من الحرية. قد يسيء الاختيار بحكم سنه فقدمي له خيارات: ما رأيك في هذا القميص مع هذا البنطلون؟ أو ما رأيك في هذا الفستان هل تحبي هذا أو هذا؟
قد يختار الطفل ملابس لا تناسب المكان أو الزمان غالباً، أعطي نفسك متسعاً من الوقت لتتحدثي معه، قولي له مثلاً : أنت تحب هذه البدلة الرياضية، يبدو أنك ترتاح وأنت تلبسها.. تستطيع أن تلبسها في البيت؛ لأن هذا اللبس لا يناسب الزيارات.
إعطاؤك انطباعاً للطفل أنك تعرفين ما يحب وتفهمينه يجعله أكثر مرونة في تقبل طلباتك، وقد يرفض الطفل هذا العرض أصلاً، فأعطيه خيارات أكثر.. تستطيع أن تلبس هذه أو هذه أو هذه .. اختر منها ما تحب.
كوني مرنة في بعض المواقف، ولو حكمت الأم عقلها لوجدت أنه ليس من المهم أن يلبس الطفل ما تريده، بل بإمكانه أن يختار ما يريد.. أكثري في إعطائه هذه الفرص دعماً لصحته النفسية وحفظاً لماء الوجه، بدلاً من الدخول معه في معارك تقيم الدنيا ولا تقعدها بلا طائل حول مسائل يسيرة – كالملابس – لا تتعلق بسلامته وأمنـه.. ارسمي له حدوداً تراعي احترامك لحاجته، ومع الوقت سيحترم طفلك طلباتك، فلا تخلطي ملابس الخروج مع ملابس البيت وملابس اللعب، افصلي بين كل نوع من تلك الملابس، ولتكن ملابس الخروج بعيدة عن متناول يده نوعاً ما؛ حتى لا يتبادر ذهنه إليها مباشرة، وليكن اللبس اليومي قريباً منه.. دعيه يختار بنفسه، ومع الأيام تجديه يفرق مباشرة بين ما هو مناسب وما هو غير مناسب.
بعض الحزم
قد يصر طفلك على أن يرتدي ملابسه بمفرده سعياً للاستقلال والحرية – كما يراهـا – وإعلاناً منه "إني قادر".. اتركيه يلبس، وإن كنت في عجلة فيمكنك أن ترتبي له ملابسه مسبقاً بطريقة تسهل له لبسها، أما إذا كان الوقت لا يسمح فقولي له : أنت تستطيع أن تلبس بنفسك جيداً دون مساعدة، لكن والدك في السيارة وقد نتأخر عليه .. وقد يمشي ويتركنا.. دعني أساعدك اليوم. وهكذا ستجديه أكثر مرونة من الإجبار المباشر.
قدمي له حلولاً وسطاً بينكما، فمثلاً: أنت تختار ملابسك كل يوم، وأنا أختار ملابس الخروج .. أو أنت تلبس نفسك دون مساعدة دائما،ً وأنا أساعدك في الصباح؛ لأن الوقت ضيق.. وهكذا.
بعض الأطفال "موضوع الملابس" لا يعني له شيئاً، والبعض يعتبره قضية كبيرة ومهمة، فإن كان طفلك ممن يحرص أن يختار بنفسه ويلبس بنفسه أيقظيه مبكراً ليكون لديك ولديه متسع من الوقت لاختيار الملابس وارتدائها دونما مشادة.
قد يتمادى بعض الأطفال في هذا الموضوع إلى حد الدلال .. هنا نقول : لا بد من الحزم .. والطفل يفهم إذا كانت الأم أعطته مسبقاً متسعاً من الحرية والاستقلال ثم حزمت في بعض الأمور.. فقد تحتاجي في بعض المواقف إلى أن تحزمي الأمر بقولك: "هذا غير ممكن" بحزم، ودونما تعليق؛ لتصل له رسالة أن لكل شيء في الحياة حدوداً، حتى الحرية والاستقلال.
وبانتظار المزيد ….
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاك الله كل الخير
وجعله الله في ميزان حسناتك
وللعلم فقط، الموضوع للأخت فتاة الجهاد، أنا عقبت فقط. على أي حال شكراً لك على المشاركة، وأخبرينا عن تجاربك مع أطفالك ومعالجتك لبعض الأمور…..
الدكتور عبد المحسن مشكووووور وماقصرت الله يبارك فيك ويكثر من امثالك
الاخت روان اهلا وسهلا بيكي ومشكووورة والله يبارك فيكي ويكثر من امثالك
الاخت shaierمشكووورة وماقصرتي والله يبكر فيكي ويسعدكي انشاء الله ويفرحكي
الاخت ايمان مشرفتنا الكريمة ولا يهمك الموضوع الي كتبته موضوعك وانت مشرفة الركن ونحن سعيدين بيكي واهلا وسهلا فيكي وعقبي على الموضوع متى تشائين انا ما ازعل
اختكم في الله