الرسول صلى الله عليه وسلم من
غير غناء ولا محرمات
السؤال: الاحتفال بذكرى
مولد الرسول صلى الله عليه وسلم
في بلاد الأسبان ، ونحن
نستغل المناسبة للم الشمل ،
والتآخي ، ولتعريف الأبناء
بعضهم على بعض ، ومؤاخاتهم ،
وتوصيتهم بالاعتزاز والفخر
بدينهم ، ولوقايتهم ضد ما يخربون به
عقول أبنائنا بأعيادهم ،
من كرنفالات وأعياد حب
وهوى ؟
الجواب :
الحمد لله
أولاً:
اختلف أهل السيرة في وقت
ميلاد النبي صلى الله عليه وسلم ،
واتفقوا على أن وفاته كانت في
الثاني عشر من ربيع أول للسنة
الحادية عشرة للهجرة ! وهو
اليوم الذي يحتفل به العوام ،
ويجعلونه : " عيد
مولد النبي صلى الله عليه وسلم " .
وانظر مزيد تفصيل لهذا في
جواب السؤال رقم ( 125690 ) .
ثانياً:
ليس في شريعة الإسلام ما يسمَّى "
عيد المولد النبوي " ، ولم يكن الصحابة
ولا التابعون ولا من بعدهم من أئمة
الإسلام يعرفون مثل هذا اليوم فضلاً
عن الاحتفال به ، وإنما استحدث هذا
العيد بعض المبتدعة من جهلة الباطنية
، ثم سار عوام الناس في كثير من
الأمصار على هذه البدعة.
وقد سبق التوسع في بيان أن
الاحتفال بذلك من البدع ، في
أجوبة الأسئلة : ( 10070 )
و ( 13810 ) و ( 70317 ) .
وانظر كتاب الشيخ صالح الفوزان
حفظه الله في نقض هذه
البدعة تحت هذا الرابط :
http://islamqa.com/ar/ref/books/94
ثالثاً:
بعض المحبين للسنَّة ممن قد يتأثر
بما يراه من الاحتفالات القائمة في بلده
، يرى أنه يمكنه أن ينجو من الوقوع في
البدعة باجتماعه مع أهل بيته ،
وصنع طعام خاص لتلك المناسبة
فيأكلون جميعاً ، كما منهم من يجمع
أصحابه وأقرباءه للأمر نفسه ،
ومنهم من يرى أن يجتمع بالناس
لأجل قراءة سيرة النبي صلى الله عليه وسلم ،
أو لإلقاء محاضرات دينية .
ومن ذلك أيضا : مقصدكم الحسن ،
في لم الشمل ، وإحياء روح الاعتزاز
بالدين في بلاد الغربة والكفر .
والواقع : أن كل تلك النيات لا تجعل
اجتماعاتهم تلك شرعية ، بل هي بدعية
منكرة ، بل إن كنتم تريدون عيدا : فالفطر
والأضحى هما عيدان لأهل الإسلام ،
وإن كنتم تريدون عيدا أكثر من ذلك :
فعندنا يوم الجمعة عيد الأسبوع ،
فاجتمعوا فيه على صلاة الجمعة ،
وعلى إحياء الاعتزاز بالدين .
فإن لم يتيسر لكم ذلك ؛ فأيام العام كثيرة ،
ويمكنكم أن تجتمعوا في مناسبة أخرى ،
لا تكون عيدا مبتدعا ، بل في أي
مناسبة مباحة ، كحفل زواج ، أو
اجتماع على وليمة ، أو عقيقة ،
أو تهنئة بخير ، كل ذلك يمكن أن
يكون مناسبة لإحياء ما ذكرتم من
روح التواصل ، ولم الشمل ، والتمسك
بالدين .
وهذه فتاوى لأهل العلم في حكم من
اجتمع لتلك النيات في تلك المناسبة :
1. قال الإمام أبو حفص تاج الدين
الفاكهاني – رحمه الله –
في بيان أنواع الموالد – :
أحدهما : أنْ يعمله رجل مِنْ عَيْن
مالِهِ لأهله وأصحابه وعياله ،
لا يجاوزون في ذلك الاجتماع
على أكل الطعام ، ولا يقترفون
شيئاً من الآثام ، فهذا الذي
وصفناه بأنه بدعة مكروهة
وشناعة ؛ إذ لم يفعله أحد من متقدمي
أهل الطاعة ، الذين هم فقهاء الإسلام ،
وعلماء الأنام ، سُرُج الأزمنة ،
وزين الأمكنة .
" المورد في عمل المولد " ( ص 5 ) .
2. وقال ابن الحاج المالكي –
رحمه الله – في حكم المولد النبوي
الخالي من منكرات آلات المعازف
والغناء والاختلاط بين الرجال والنساء – :
فإن خلا منه ، وعمل طعاماً فقط
ونوى به المولد ، ودعا إليه الإخوان ،
وسلِم من كل ما تقدم ذِكره : فهو بدعة
بنفس نيته فقط ؛ إذ إن ذلك
زيادة في الدين ، وليس من عمل السلف
الماضين ، واتباع السلف أولى ،
بل أوجب من أن يزيد نية مخالفة
لما كانوا عليه ؛ لأنهم أشدَّ الناس
اتباعاً لسنَّة رسول الله صلى الله عليه وسلم ،
وتعظيماً له ولسنَّته
صلى الله عليه وسلم ، ولهم قدم السبق
في المبادرة إلى ذلك ، ولم ينقل
عن أحدٍ منهم أنه نوى المولد ،
ونحن لهم تبع ، فيسعنا ما وسعهم ،
وقد عُلم أن اتباعهم في
المصادر والموارد ، كما قال الشيخ
الإمام أبو طالب المكي
رحمه الله تعالى في كتابه .
" المدخل " ( 2 / 10 ) .
3. وقال – رحمه الله – :
وبعضهم يتورع عن هذا – أي :
السماع المحرم – ويعمل المولد
بقراءة " البخاري " وغيره عوضاً
عن ذلك ، وهذا وإن كانت قراءة الحديث
في نفسها من أكبر القرَب والعبادات ،
وفيها البركة العظيمة والخير الكثير :
لكن إذا فعل ذلك بشرطه اللائق به على
الوجه الشرعي كما ينبغي ، لا بنية المولد ،
ألا ترى أن الصلاة من أعظم القرَب
إلى الله تعالى ، ومع ذلك فلو فعلها إنسان
في غير الوقت المشرع لها لكان
مذموماً مخالفاً ، فإذا كانت الصلاة بهذه
المثابة : فما بالك بغيرها ؟! .
" المدخل " ( 2 / 25 ) .
وانظر جواب السؤال رقم ( 117651 ) .
والخلاصة :
لا يجوز لكم الاجتماع في تلك المناسبة
البدعية لأجل ما ذكرت من لم الشمل ،
والنصح ، والتوجيه ، واجعلوا تحقيق
هذه الغايات الشريفة في غير تلك المناسبة ،
وعندكم العام بطوله لجعل الاجتماعات
في أحد أيامه ، ونرجو الله تعالى أن
يوفقكم لمسعاكم الخيِّر ، وأن يزيدكم
هدى وتوفيقاً .
والله أعلم