من خطبة الجمعة أمس .. عن الأم …!
نَبْعُ الْحَنَانِ وَالرِّقَّةِ، وَوِعَاءُ الْعَطْفِ وَالشَّفَقَةِ، الْمُرْهَفَةُ فِي أَحَاسِيسِهَا، الرَّقِيقَةُ فِي مَشَاعِرِهَا، الصَّادِقَةُ فِي حُبِّهَا، حَيَاتُكَ أَغْلَى إِلَيْهَا مِنْ نَفْسِهَا، وَسَعَادَتُكَ أَحَبُّ إِلَيْهَا مِنْ رَاحَتِهَا، كَمْ سَهِرَتْ لِتَنَامَ! وَجَاعَتْ لِتَشْبَعَ! إِنَّهَا أُمُّكَ أَيُّهَا الإِنْسَانُ، أُمُّكَ التِي حَمَلَتْكَ فِي ظُلُمَاتٍ ثَلاثٍ تِسْعَةَ أَشْهُرٍ عَدَداً، أُمُّكَ التِي لَمْ تُقَدِّمْ عَلَى حُبِّكَ مِنَ الْخَلْقِ أَحَداً، حَمَلَتْكَ كَرْهاً، وَوَضَعَتْكَ كَرْهاً، مَشَقَّةً بَعْدَ مَشَقَّةٍ، وَثِقَلاً مِنْ بَعْدِ ثِقَلٍ، تَرَكَتِ الطَّعَامَ وَالشَّرَابَ تَوَحُّماً، وَفَارَقَتِ النَّوْمَ تَوَجُّعاً وَتَأَلُّماً، وَعِنْدَ الوِلادَةِ صَحِبَتْهَا زَفَرَاتٌ وَأَنَّاتٌ، وَقَاسَتْ آلامًا وَآهَاتٍ، وَحِينَ أَبْصَرَتْكَ أَبْصَرَتْ فِيكَ الْحَيَاةَ وَبَسْمَتَهَا، وَالسَّعَادَةَ وَبَهْجَتَهَا، تَحِنُّ إِلَيْكَ وَتَهْوَاكَ، وَتَحْنُو عَلَيْكَ وَتَرْعَاكَ، آثَرَتْكَ بِالشَّهَوَاتِ عَلَى النَّفْسِ، وَلَوْ غِبْتَ عَنْهَا سَاعَةً صَارَتْ كَأَنَّهَا فِي حَبْسٍ، وَكَمْ أَطْعَمَتْكَ فِي حَيَاتِكَ حُلْواً!، وَكَمْ جَنَّبَتْكَ فِي أَيَّامِكَ مُرّاً!.
إِنَّهَا الأُمُّ: مُرَبِّيَةُ الأَجْيَالِ، وَصَانِعَةُ الرِّجَالِ ، وَلَقَدْ صَدَقَ مَنْ قَالَ:
اَلأُمُّ مَدْرَسَـــــةٌ إِذَا أَعْـدَدْتَهَا أَعْدَدْتَ شَعْباً طَيِّبَ الأَعْـرَاقِ
الأُمُّ أُسْتَاذُ الأَسَــاتِذَةِ الأُلَى شَغَلَتْ مَآثِرُهُمْ مَدَى الآفَـاقِ
قَالَ أَبُو مُوسَى الأَشْعَرِيُّ y: شَهِدَ ابْنُ عُمَرَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَاـ رَجُلاً يَمَنِيّاً يَطُوفُ بِالْبَيْتِ حَمَلَ أُمَّهُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ يَقُولُ:
إِنِّي لَهَا بَعِيرُهَــــا الْمُذَلَّلُ إِنْ أُذْعِرَتْ رِكَـابُهـا لَمْ أُذْعَرِ
ثُمَّ قَالَ: يَا ابْنَ عُمَرَ: أَتَرَانِي جَزَيْتُهَا؟ قَالَ: "وَلا بِزَفْرَةٍ وَاحِدَةٍ"[رواهُ البخاريُّ في الأدَبِ المفْرَدِ].
فَحَقُّهَا عَلَيْكَ – أَيُّهَا الْمُسْلِمُ – عَظِيمٌ، وَفَضْلُهَا عَلَيْكَ عَمِيمٌ، إِذْ جَمِيلُهَا يَرْبُو عَلَى كُلِّ جَمِيلٍ، وَإِحْسَانُهَا يَفْضُلُ كُلَّ إِحْسَانٍ.
وَلَقَدْ أَوْصَى الإِسْلامُ بِالْوَالِدَيْنِ كِلَيْهِمَا إِحْسَاناً؛ قِيَاماً بِبَعْضِ حَقِّهِمَا، وَتَقْدِيراً لِفَضْلِهِمَا، وَكَفَى بِبِرِّهِمَا شَرَفاً أَنْ قَرَنُهُ اللهُ بِتَوْحِيدِهِ فَقَالَ عَزَّ مِنْ قَائِلٍ: وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ، الإسراء:23(وَقَرَنَ شُكْرَهُمَا بِشُكْرِهِ فَقَالَ سُبْحَانَهُ: )أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ ، لقمان: 14( وَقَدْ خَصَّ الأُمَّ بِمَزِيدِ الْعِنَايَةِ، وَكَمَالِ الرِّعَايَةِ؛ لِمَزِيدِ فَضْلِهَا وَتَجَلُّدِهَا، وَفَائِقِ عَطْفِهَا وَتَحَمُّلِهَا؛ مِنْ مَشَاقِّ الْحَمْلِ، وَشَدَائِدِ الطَّلْقِ،وَتَعَبِ التَّرْبِيَةِ وَالرِّضَاعِ. قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَوَصَّيْنَا الإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ ، لقمان :14
فَقَدْ جَعَلَتْ بَطْنَهَا لِوَلِيدِهَا وِعَاءً، وَثَدْيَهَا لَهُ سِقَاءً،وَحِجْرَهَا لَهُ حِوَاءً؛ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ y قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ:مَنْ أَحَقُّ النَّاسِ بِحُسْنِ صَحَابَتِي؟ قَالَ:"أُمُّكَ".قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ:"أُمُّكَ".قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ:"أُمُّكَ" قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ:"أَبُوكَ"[مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ]. وَبِرُّهَا مِنْ أَحَبِّ الأَعْمَالِ إِلَى اللهِ تَعَالَى، فَعَنْ عَبْدِِاللهِ بْنِ مَسْعُودٍ t قَالَ:سَأَلْتُ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : أَيُّ الْعَمَلِ أَحَبُّ إِلَى اللهِ تَعَالَى؟ قَالَ:"الصَّلاةُ عَلَى وَقْتِهَا" قُلْتُ: ثُمَّ أَيٌّ ؟ قَالَ: "بِرُّ الْوَالِدَيْنِ" قُلْتُ: ثُمَّ أَيٌّ؟ قَالَ:"الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللهِ"[مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ].
وَمِنَ الْبِرِّ بِالأُمِّ أَنْ لاَّ يُجَاهِدَ أَوْ يُسَافِرَ إِلاَّ بِإذْنِهَا إِلاَّ إِذَا تَعَيَّنَ الْـجِهَادُ، فَعَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ جَاهِـمَةَ السُّـلَمِيِّ ، قَالَ: أَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنِّي كُنْتُ أَرَدْتُ الْـجِهَادَ مَعَكَ أَبْتَغِي بِذَلِكَ وَجْهَ اللهِ وَالدَّارَ الآخِرَةَ. قَالَ:"وَيْحَكَ، أَحَيَّةٌ أُمُّكَ؟" قُلْتُ:نَعَمْ. قَالَ"ارْجِعْ فَبَرَّهَا" ثُمَّ أَتَيْتُهُ مِنَ الْـجَانِبِ الآخَرِ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنِّي كُنْتُ أَرَدْتُ الْـجِهَاد مَعَكَ أَبْتَغِي بِذَلِكَ وَجْهَ اللهِ وَالدَّارَ الآخِرَةَ. قَالَ :"وَيْحَكَ، أَحَيَّةٌ أُمُّكَ؟"قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ:"فَارْجِعْ إِلَيْهَا فَبَرَّهَا"ثُمَّ أَتِيْتُهُ مِنْ أَمَامِهِ فَقُلْتُ:يَا رَسُولَ اللهِ إِنِّي كُنْتُ أَرَدْتُ الجِهَادَ مَعَكَ أَبْتَغِي بِذَلِكَ وَجْهَ اللهِ وَالدَّارَ الآخِرَةَ.قَالَ:"وَيْحَكَ،أَحَيَّةٌ أُمُّكَ ؟"قُلْتُ:نَعَمْ يَا رَسُولَ اللهِ.قَالَ:"وَيْحَك، الزَمْ رِجْلَهَا فَثَمَّ الْـجَنَّةُ"[رَوَاهُ النَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَه وَاللَّفْظُ لَهُ].
وَكَانَ بَعْضُ السَّلَفِ لاَ يَمْشِي عَلَى سَطْحِ الْبَيْتِ إِذَا كَانَتْ أُمُّهُ تَحْتَهُ؛ بِرّاً بِهَا، وَخَوْفاً مِنْ عَقِّهَا. وَكَانَ بَعْضَهُمْ لاَ يَأْكُلُ مَعَ أُمِّهِ خَشْيَةَ أَنْ تَمْتَدَّ يَدُهُ إِلَى شَيْءٍ سَبَقَتْ إِلَيْهِ عَيْنُهَا، فَيَعُقُّهَا.
اللَّهُمَّ اغْفِرْ لآبَائِنَا وَأُمَّهَاتِنَا، وَإِخْوَانِنَا وَأَخَوَاتِنَا، اللَّهُمَّ مَنْ كَانَ مِنْهُمْ مُحْسِناً فَزِدْ لَهُ فِي حَسَنَاتِهِ، وَمَنْ كَانَ مُسِيئاً فَتَجَاوَزْ عَنْ سَيِّئَاتِهِ.
اللَّهُمَّ اغْفِرْ لآبَائِنَا وَأُمَّهَاتِنَا، وَإِخْوَانِنَا وَأَخَوَاتِنَا، اللَّهُمَّ مَنْ كَانَ مِنْهُمْ مُحْسِناً فَزِدْ لَهُ فِي حَسَنَاتِهِ، وَمَنْ كَانَ مُسِيئاً فَتَجَاوَزْ عَنْ سَيِّئَاتِهِ.
وعليكم السلام ورحمة الله ….
اللهم آمييين …. وتبقى للأم منزله كبيره ويكفي إنه سبحانه وتعالى قرن برها بالتوحيد …. ونعلم بأننا مقصرون نسأله تعالى أن يعيننا على بر والدينا … وجزاكم الله خيراا على التذكرة ولا حرمتم الأجر ومن كتبها ..اللهم آمييين
السلام عليكم ورحمة الله
شاكر لك مرورك وتواجدك وإهتمامك ..بالطبع مهما قلنا عن الام فنحن كما ذكرت مقصرون .. نسأل الله أن يوفقنا لبر والدينا .
حفظك الله ووفقك .
جزاكم الله خيرا أخى الفاضل على نقل خطب الجمعة بما تحتويه من فائدة للجميع
بارك الله فيكم على الجهد وفى موازيين أعمالكم
خطبه رائعه عن الأم التي إذا فعلنا لها كل ما في الأرض لن يكفيها حقها
بارك الله فيك ونفع بك
***********
السلام عليكم ورحمة الله
تشرف بمرورك وشاكر لك إهتمامك .
جزاك الله خيراً .
حفظك الله ووفقك .
السلام عليكم ورحمة الله
شاكر لك مرورك .. تشرفت بك .
جزاك الله خيراً .
أسعدك الله .
السلام عليكم ورحمة الله
شاكر لك مرورك وتواجدك .. تشرفت بك .
جزاك الله خيراً .
وفقك الخالق وأسعدك .