تخطى إلى المحتوى

خواطر في الصدق 2024.

خواطر في الصدق
لاكي
الدكتور : عماد البياتي
2016.03.14

الصدق خلق إنساني وإسلامي وإيماني عالي وجميل جدا ومحمود من قبل الله الخالق العظيم جل جلاله، دلّت على ذلك نصوص قرآنية كريمة وأحاديث نبوية شريفة كثيرة.
والصدّيقية مرتبة عالية من مراتب الولاية والقرب من الله سبحانه وتعالى، تعلّمنا ذلك في مدرسة الإيمان ومن خلال الدراسة في كتاب مذكّرات في منازل الصديقين والربانيين الذي هو من ضمن مناهجها الدراسية المهمة.
ورسول الإسلام محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم كان يلقّب بالصادق الأمين في مكّة كما هو معروف ومشهور، وصاحبه ورفيقه وأول خلفاءه على المسلمين من بعده هو أبو بكر الصدّيق رضي الله عنه.

لاكي

وفي عملي الطبي في بلاد الغربة ومن خلال التعامل مع الناس هنا مرّت على ذهني خواطر عديدة تخص مفهوم الصدق أذكرها بإيجاز تحت عناوين منتخبة كالتالي:

أولا: الصدق مع الأطفال
من خلال عملي الطبي وأثناء إجراء الفحص الطبي للأطفال، وخاصة بين سن السنة الواحدة إلى سن الخامسة، لاحظت شيئا مميزا في شخصية الطفل في هذا البلد وعلى خلاف ما اعتدت عليه في بلادنا. فحين أبدأ بفحص الطفل في بلادنا يبدأ الطفل بالبكاء والصراخ ووالداه يكتّفانه بقوة لأتمكن من الفحص. أما هنا فالطفل غالبا هاديء وساكن وأقول للطفل افتح فمك فيفتحه وأدخل خافضة اللسان وانظر إلى اللوزتين والبلعوم وينزعج الطفل قليلا لكنه لا يدفع يدي ولا يسحب رأسه للخلف ولا شيء من قبيل ذلك، وهكذا في فحص الأذن والصدر وغيره؛ وفي بعض الأحيان يشرح الوالدان للطفل أمامي عن الفحص الطبي وكيفية إجراءه، وقد يقول في البداية: لا أريد. فيقولون له هذا ليس خطيرا ولا يسبب لك الألم فيصدّق الطفل كلام والديه ويهدأ ويتفاعل بإيجابية مع الفحص الطبي.

لاكي

تفكّرت في ذلك وفهمت بأن السبب في ذلك هو الصدق. نعم.. فالوالدان لا يكذبون على الطفل ولهذا نراه يصدقهم ويثق بكلامهم، بخلاف ما اعتدنا عليه في بلادنا فالوالدان يكذبون على الطفل أمامي وأنا أكذب عليه معهم ونقول له لا شيء مؤلم سأفحصك بالسماعة فقط ثم يكتفه الأهل بقوة وأزرقه الإبرة المؤلمة من الخلف!، فكيف يصدقهم ويصدقني بعد ذلك؟!!.
وهنا حتى في حالة زرق الإبر أو سحب الدم فالأهل والعاملون الصحيون يشرحون للطفل بصدق ماذا سيعملون له من إجراء طبي فاذا اقتنع بكلامهم كان بها واذا لم يقتنع ورفض التعاون يقولون له: ليس لك الحق أن تقرر ذلك، نحن نقرر عنك وهذا لمصلحتك ويساعد في العلاج الطبي ثم يمسكوه ويجرى الإجراء الطبي من دون كذب!.
وأرى في هذا وغيره من التعاملات الراقية مع الأطفال تربية عظيمة جدا على الصدق ليتنا نفهمها ونتخلق بها من أجل ديننا ودنيانا.

ثانيا: الصدق والتصديق خُلُق يكاد يكون عاما بين الناس
أجد الناس هنا تغلب عليهم صفة الصدق والتصديق، فهم غالبا لا يجاملون كذبا ولا يُكذّبون الناس في أبسط الأشياء. وهذا الخلق أجده جميلا، وطالما تمنّيته لمجتمعاتنا التي ينتشر فيها خلق الكذب والغش والخداع مع الأسف الشديد لذلك. وهم هنا يصدّقون الناس ويثقون بكلامهم بصورة ملفتة للنظر حقاً. والمهاجرون من البلاد الشرقية إلى هنا يعرفون هذه الصفة فيهم جيداً ولهذا نراهم يستغلونها هنا بكثرة وببشاعة من خلال الكذب لتمشية أمور معيشتهم. بل حتى أن بعض الأشخاص هنا أخبرني بأن أحد المهاجرين يكذب عليهم ويحدثهم عن أمور غريبة غير حقيقية جرت في بلادنا وهم يستغربون جدا ولكن يثقون بالكلام ويصدقونه مع إبداء الاستغراب ولا يكذبون المحدث. وهو يفعل ذلك على سبيل المزاح أو غيره.

لاكي

ثالثا: بين المدح والذم
مدحت القوم في المحورين الاوليين لصدقهم ولتصديقهم، لكن وبعد تفكر أعمق قلت لنفسي: لماذا إذاً لا يصدّق هؤلاء القوم دعوة النبي محمد صلى الله عليه وسلم وهم يملكون صفة الصدق والتصديق كما جاء آنفا؟!!، هذا شيء غريب حقاً. نعم.. إنّ النبيّ محمد صلى الله عليه وسلم وقرآن ربّ العالمين أولى بالتصديق. فالنبي محمد صلى الله عليه وسلم هو الصادق الامين ودعوته هي دعوة صادقة لأنها حقاً وصدقاً من الله العظيم خالق الكون والقرآن الكريم هو كلام رب العالمين والكتاب المعجز الذي يصدّقه كل عاقل ذي فطرة سلمية. فلماذا لا يصدّق هؤلاء الناس بدعوة الإسلام!!.
ربما يكون السبب هو كثرة الفساد وشيوع الفاحشة وطمس الفطرة وغيرها من هذه الأسباب.
أو بسبب إخفاق الداعين الى الاسلام في تأدية واجبهم الإيماني العظيم على أكمل وجه وكما يقول القائل: الاسلام قضية عادلة بيد محامين فاشلين!.
نعم ربما يكون هذا هو السبب الرئيسي اضافة الى حال المسلمين المتأخر والذي لا يسر. لكن اعتقد رغم ذلك وبكل قوة الآن وبعد فترة تفكّر انني لا استطيع أن أصف هؤلاء القوم بالصدق مهما كانوا يحملون من صفات صدق الحديث وتصديق الآخرين، فهم يكذبون كلام رب العالمين ويكذبون أصدق البشر رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم.
نعم.. فالصادق والمصدّق حقا هو المؤمن بالله تعالى وبكتابه الكريم وبرسوله الخاتم صلى الله عليه وسلم. هذا هو حقاً من يجدر بنا أن نصفه بالصادق والمصدّق ونحاول الاقتداء به.
أما هؤلاء القوم فيكفينا أن نعتبر بصفات الصدق الجزئية الجيدة عندهم ونذكّر أنفسنا نحن كمسلمين بأننا أولى منهم بأن نتخلق بها، وبغيرها من صفات جيدة وبدرجات أعلى وأكمل وأجمل.
أما الصدّيق والصدّيقية فهي مقامات عالية الجناب يا هناه السالك في مدارجها الشريفة.

السلام عليكم

جداً اعجبني المقال وخصوصي مبدأ الصدق ..
للاسف أتمنى ان نصل لمرحلة الدبلوماسية والشفافية بين الاهل و الطفل ..
فمابالك بالاهل الذين يهددون الطفل بالطبيب وابرة الطبيب ف شي طبيعي يخاف من الذهاب اليه سواء تناقشو معه بصدق هناك ام لا ..

أما بالنسبة للنقطة الاخيرة حول تصديق الغرب لدعوة الاسلام ف أكمل جواب جاء في هذه الجملة

الاسلام قضية عادلة بيد محامين فاشلين!.

كلام جميل سلمت يداك فعلا نحن المسلمين اولى
من الغرب بالصدق والتصديق لكننا بحاجه لتوعيه ذهنيه
اكثر خصوصا الاطفال لان هذا الصدق سينغرس فيهم من الصغر
والتربيه الخلقيه هي من اجمل صفات المسلمين
شكرا جزيلا على المرور
بارك الله فيكم
وجزاكم الله خير


مقال متميز ..

ومواقف واقعية في مجتمعنا مع الأسف ..

بات الصادق ساذج ..

مع أن نبينا نبي الرحمة والصادق ..

أما الصدّيق والصدّيقية فهي مقامات عالية الجناب يا هناه السالك في مدارجها الشريفة.

صدقت , نسأل الله أن يجعلنا منهم

جزاك الله خير

لاكي
موضوعك رائع ونحن اولى من الغرب بتطبيق ما امرنا به ديننا

شكرا جزيلا على المرور
بارك الله فيكم
وجزاكم الله خيـــــــر

جزاك الله خيرا

ومشكورة ع الموضوع

شكرا جزيلا على المرور
بارك الله فيكم

وجزاكم الله خيـــــــر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.