تخطى إلى المحتوى

خواطر قرآنية لعمرو خالد 9 : سورة التوبة 2024.

سورة التوبة
هي آخر سورة نزلت في المدينة،وقد جاءت تعقيباُ على غزوة تبوك ،بعد اثنين وعشرين سنة من رسالة النبي صلى الله عليه وسلم ،وقد اكتمل بها الشكل الختامي للرسالة ،أو نستطيع أن نعتبرها البيان الختامي للدعوة.
وقد نزلت والمسلمين على أعتاب الخروج بالإسلام إلى خارج الجزيرة العربية،والانفتاح بهذه الرسالة على العالم الخارجي.
هذه السورة هي السورة الوحيدة في القرآن الكريم التي لم تبدأ بالبسملة،فالبسملة تعد بوابة تنقلك من عالم (سورة)إلى عالم جديد ، وذلك تحت اسم الله تبارك وتعالى: الرحمن الرحيم،وقد قال العلماء أن الله حرم منها الكفار ، والمشركين، والمنافقين ، والمتخاذلين ،والمرتدين.
وقد سمَّاها الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة عدة أسماء أخرى مثل:" الفاضِحة" لأنها فضحت المنافقين ،و"الكاشِفة" لأنها كشفت أخطاءهم البالغة وتحايلهم على المسلمين .
ونلاحظ أن سورة الأنفال التي جاءت قبلها تحدثت عن غزوة بدر وهي أول معركة للمسلمين،بينما تحدثت سورة التوبة عن غزوة تبوك وهي آخر معركة للمسلمين…
وهذا الترتيب المتعمَّد للسورتين هدفه أن يَشعُر قارىء القرآن بالفرق بين أحوال المسلمين مع الكفار في بداية الرسالة،وأحوالهم في ختامها …وكأن القرآن يعرض صورة تحليلية لنوعيات الناس والطوائف التي ظهرت بمرور الزمن في المجتمع بين بداية البعثة وقرب وفاة الرسول صلى
الله عليه وسلم.
وهنا أوجِّه الدعوة لعلماء الاجتماع والساسة والمفكرين لأن يتفكروا في كيفية تغيُّر المجتمعات.
وبالرغم من ِشِدِّة الآيات في هذه السورة على الكفار والمنافقين، إلا أنها سميت بسورة التوبة…لماذا؟!! لأنها البلاغ الأخير قبل وداع الرسول للمسلمين،وهي النداء الأخير قبل وفاته،فهي آخر ما نزل من القرآن
لذا جاءت تفتح صدرها للجميع وكأنَّها تقول: "أما مِن توبة قبل الوداع؟!!"
وهذه السورة هي أكثر آية ورد بها ذِكر لفظ "توبة " !!!
فقد ذُكر بسورة التوبة 17 مرة
و ذُكِر بسورة البقرة 13
وذُكر بسورة آل عمرن 3مرات
وذُكر بسورة النساء12مرة
وذُكر بسورة المائدة 5مرات
والعجيب أنك تجد في السورة تهديداً ووعيداً شديداً ،ثم بين فقرة وأخرى تجد حثَّاً على التوبة مثل:" وإنْ يتوبوا يَكُ خيراً لَهُم"!!!
وهذا من رحمة الله بهؤلاء الكفرة الفجرة ، رغم كل ما فعلوه!!!
فسبحان من اختار لها اسم " التوبة" ،وليس الفاضحة …وكأن الفضيحة لهم في هذه السورة سبب لتوبتهم،وكأنَّها تقول لهم :" لقد كُشِفتُم، ..فلماذا لا تتوبون؟!!"
وبعد هذا التمهيد نبدأ الحديث :
الهدف من هذه السورة هو الحديث عن التوبة ،فقد حرَّضَت المؤمنين على مواجهة المنافقين لمساعدتهم على التوبة.
أما المؤمنين فتقول لهم:هناك ذنوب أخرى تفعلونها وهي التخاذل عن نُصرة الدين ، وكأنها تحدثنا نحن أيضاً فتقول: المطلوب منكم يا شباب ليس الكثير…فمجرد النجاح في حياتكم العلمية ، وبِرَّكم بوالديكم ،والأخذ بأيدي أصحابكم نحو الطاعة تعتبر نُصرة للدين!!!
و نلاحظ أن بداية الآية شديدة جداً ولذلك فهي لم تبدأ بالبسملة لأن البسملة رحمة، والله لا يريد
أن يبدأ حديثه مع المشركين بالرحمة.
ومع هذه البداية الشديدة-كما ذكرنا- إلا أننا نرى في نهاية الآية رقم 3 "…فإن تُبتُم فهوَ خيرٌ لَكُم"!!! ما هذه الرحمة من الله سبحانه؟!! وما هذا التوازن بين الحث على التوبة والتشديد عليهم؟!!!
فالآيات تقول لهم: باب التوبة مفتوح، فإن لم تتوبوا ،"فاعلَموا أنَّكُم غيرُ مُعجِزي الله"!!!!
ولاحظوا أن السورة كلها تمشي بمنهج واحد :
1- تهديد ووعيد للمشركين
2-ثم تحريض المؤمنين
ثم فضح للمنافقين 3-
4- ثم فتح باب التوبة
وبين كل فقرة وأخرى نجد آية تتحدث عن التوبة!!!!
أيُّ دين هذا الذي يفتح باب التوبة للكافر والمنافق،فيصبح بتوبته أخاً للمسلم؟!!!!
فإذا كان الله تعالى يتوب على مَن حُرِموا من "بسم الله الرحمن الرحيم" في أول هذه السورة،أفلا يتوب على العُصاة من المؤمنين ؟!!!!
فهذه الشِدَّة التي بدأت بها السورة تعتبر رحمة ، وهذه الفضيحة للمنافقين هي فتح لباب التوبة .
ثم تتحدث السورة إلى المؤمنين فتُعدِّد لهم ثمانية أشياء حبُّها حلال،ولكن الحرام فيها هو أن يحبوها أكثر من الله ورسوله والجهاد في سبيل الله ،تقول الآية طالبة من الرسول صلى الله عليه وسلم أن يقول للمؤمنين:" قُل إن كان آباؤكُم وأبناؤكُم وإخوانُكُم وأزواجُكُم وعشيرَتُكُم وأموالٌ اقترَفتُموها وتِجارةٌ تخشَونَ كسادَها ومساكِنُ تَرضَوْنَها أحبَّ إلَيكُم مِنَ اللهِ ورسولِِهِ وجِهادٍ في سبيله، فتربَّصوا حتى يأتيَ اللهُ بِأمرِه* واللهُ لا يَهدي القَومَ الفاسقين"
هل لاحَظتُم أنه اعتبرهم فاسقين؟!!!
والمعنى:إن فضَّلتم هؤلاء الثمانية على حب الله ورسوله والجهاد في سبيله فانتظروا عقاب الله ، و نَكاله بكم،والله لا يوفِّق الخارجين عن طاعته!!!!!
ثم تتحدث السورة عن غزوة حُنين وخطورة الأعجاب بالنفس أو القوة أو العَتاد ، مع أنهم صحابة رسول الله ،ثم توضِّح أن الله تاب عليهم.
ونلاحظ أن الكلمات: " الله غفور رحيم" جاءت كثيراً في هذه السورة بين الآيات الشديدة
ثم يوجِه الله تعالى عتاباً للمؤمنين:" ما لَكُم إذا قِيلَ لَكُم انفِروا في سبيل الله اثَّاقَلتُم إلى الأرض"؟!!!!
فلماذا لا تجاهدوا في سبيل الله ولو بكلمة حق، و لو بدعوة إلى الله، ولو باليسير من المال ،و لو بكَف أذاكم عن الناس؟!!
ثم يتشدد في اللهجة قائلاً :" إلا تَنفِروا يعذِّبكُم عذابا ًشديداً ،ويستبدل قوماً غيركم" إن تكاسلتُم و لم تجاهدوا قدر استطاعتكم قلن تَضُرُّوا الله شيئا – فهو الغني عنكم وأنتم الفقراء إليه- بل سوف يعاقبكم، ثم تُحرمون من ثواب الجهاد بأن يأتي بقوم آخرين أفضل منكم يجاهدون في سبيله.
وتأمَّلوا معي الآية القائلة:" إنفِروا خِفافاً وثِقالاً" أي جاهِدوا في سبيل الله مهما كانت ظروفكم:شباباً،وشيوخاً، في العُسر واليُسر، أقوياء وضعفاء،طلاب علم و خريجين ، متزوجين و غير متزوجين…على أي حال كنتم.
ثم نرى آيات تُحَذِّر المتخاذلين عن نُصرة الدين ،وهي الآيات: 87،86،83
كما نرى تهديداً شديداً لهؤلاء المتخاذلين في الآيتين:82،81
ثم بعد هذا التهديد الشديد يفتح الله تعالى لكل صنف من الأصناف باب التوبة الخاص به:
أول باب في الآية 74 للمنافقين والمرتدِّين
ثاني باب في الآية 102 للمترددين الذين خلطوا العمل الصالح بالسيِّء
ثالث باب في الآية 104 لكل عِباد الله " ألم يعلموا أنَّ اللهَ هو يقبلُ التوبة عن عباده ويأخذ الصدقات وأنَّ اللهَ هو التوَّابُ الرَّحيم" ؟؟!!!
هل لاحظت الضمير "هو" ؟!! لقد تكر مرتين للتأكيد،فالله بجلاله وقدرته وعظَمَته يريد منك أن تتوب ليجزيك الجنة ،فهل ترفض أنت؟؟!!!
بعد ذلك تتحدث الآية 111 عن العقد العظيم أو الصفقة الرابحة بين الله تعالى والمؤمنين .
وفي الآية 112 يستعرض الله سبحانه صفات المؤمنين المستحقين أن يبشرهم الله بالجنة ….واللطيف أن أول صفة من هذه الصفات هي:" التائبون"!!!!
ً والباب الرابع مفتوح في الآية 117للنبي والمهاجرين والأنصار ((وهُم صَفوَة الأُمَّة)) ،ونلاحظ أ،ه لم يدعُهُم إلى التوبة ،بل قال لهم:" لقد تاب الله على النبي والمهاجرين والأنصار الذين اتَّبَعوه في ساعة العُسرة"
ثم باب خامس للذين تقاعسوا عن الجهاد في غزوة تبوك.
ما هذا الكم من التوبة على عباد الله.
ما هذا الدين العظيم؟!!!!!
والآن بقي أن نتحدث عن الختام الرائع للسورة ،في الآية 129 " لقد جاءكُم رسولٌ مِن أنفُسِكُم * عزيزٌ عليهِ ما عَنِتُّم * حريصٌ عليكُم * بالمؤمنين رءوفٌ رحيم"
فإذا كان المشركون والمنافقين قد حُرموا من الرحمة في أول السورة ، فإنهم قد أُعطوا رأفة ورحمة في آخرها،وهي محمد صلى الله عليه وسلم.
فما أعظم هذا الدين الذي فتح ذراعيه للعُصاة والمُحاربين له ..ليعودوا إلى حُضنه الكبير،
أما المؤمنين فقا ل لهم: إيَّاكُم والتخاذُل عن نُصرة دينكم.
***

.

أيُّ دين هذا الذي يفتح باب التوبة للكافر والمنافق،فيصبح بتوبته أخاً للمسلم؟!!!!

ماأحلمك ربي …لااله إلا أنت

أثابك الله اخية وجزاك خير الجزاء

اشكر لك جهودك معنا في الركن …حفظك الله وجعلها في ميزان حسناتك

جزاك الله خيرا كثيرا أخيتي شمالية غربية لمشاركتك وتشجيعك
وجمعنا دائماً على طاعته إنه على كل شيء قدير. لاكي
بارك الله فيك وجزاك خير الجزاء وكل عام وأنت بخير لاكي
ياااااااااه على رحمةالله سبحانهو تعالى!!
مع انه حرم الرحمة على المنافقين و المرتدين و المشركين في أول السورة ، إلا انه قد أُعطاهم رأفة ورحمة في آخرها،وهي محمد صلى الله عليه وسلم.
فما أعظم هذا الدين الذي فتح ذراعيه للعُصاة والمُحاربين له ..ليعودوا إلى حُضنه الكبير

وما هذا التوازن بين الحث على التوبة والتشديد عليهم؟!!! يا سبحان الله..

اللهم تب علينا يا رب العالمين و اهدنا الصراط المستقيم

و جزاك الله خيرا على نقلك لنا هذه السطور عن حلقة عمرو خالد و جزاه الله كل خير

أختاي الغاليتين: حمامة الجنة، وعمانلاكي
جزاكما الله تعالى خيرا كثيرا ، وبارك فيكما، ورزقكما فهم كتابه الكريم…إنه على لكل شيء قدير.
الوسوم:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.