دانماركية غير مسلمة تترجم معاني القرآن الكريم
إلين وولف أكدت أن العمل لم يكن سهلا (الجزيرة نت)
سمير شطارة-أوسلو
نظمت جامعة كوبنهاغن بالتعاون مع دار النشر فولايت فاند كوسنستن حفلة تدشين لترجمة معاني القرآن الكريم إلى اللغة الدانماركية والذي قامت به دانماركية غير مسلمة تحمل الدكتوراة في اللغة العربية وذلك بإحدى قاعات الجامعة.
وضم الحفل -الذي افتتح بتلاوة من القرآن الكريم تلاها رئيس المجلس الإسلامي الدانماركي- عددا من الشخصيات الإسلامية وممثلين عن المؤسسات الإسلامية إلى جانب العديد من الأكاديميين والمفكرين الدانماركيين المهتمين بالشؤون الإسلامية وعدد من المستشرقين.
وقامت بترجمة القرآن إلى اللغة الدانماركية التي جاءت بلغة أكاديمية عالية، الباحثة إلين وولف. وتقع الترجمة في 544 صفحة.
وبعكس ترجمات القرآن في بلدان أخرى، تقتصر الترجمة على اللغة الدانماركية دون جمعها بالنص العربي، وذلك إمعانا من المترجمة الدانماركية في أن الاقتصار على الدانماركية سيزيد القارئ تركيزا على المعنى، وحرصا منها على عدم إضاعة القارئ بين اللغتين ولو لم تكن إحداهما معروفة لديه.
ومن الملاحظ أن المترجمة رغم ميلها إلى استخدام لغة سهلة وبسيطة فإن لغة ترجمتها كانت قوية ومعبرة وذات مستوى أدبي عال، كما خلت الترجمة من أسباب النزول للآيات، وهو ما اعتبره البعض ضعفا كبيرا في الترجمة على اعتبار أن تفسير أسباب النزول ملازم لفهم معاني القرآن.
كما كان لافتا خلو ترجمة القرآن من كلمة ALLAH "الله" لتحل محلها كلمة "GUD" وهي بمعنى الإله، فيما ازدان غلاف الكتاب ببعض مقتطفات القرآن من مثل "قرآنا عربيا" و"أم الكتاب".
مهمة صعبة
ومن جانبها أوضحت المترجمة إلين وولف في اتصال مع الجزيرة نت أن عملها في ترجمة القرآن لم يكن سهلا، بل "صعبا وشاقا" واستغرق أكثر من ثلاث سنوات، وقالت إن الفكرة تبادرت بذهنها قبل 25 عاما عندما حفزها أحد أساتذتها بالجامعة.
وأضافت وولف التي تحمل شهادة الدكتوراه في اللغة العربية، أنها لم تكن لتنتهي بتلك السرعة من ترجمة القرآن ما لم يتم دعمها ماليا في السنة الأخيرة من أحد رجال الأعمال الدانماركيين، وأنها حاولت أن تترجم المعاني بأفضل طريقة، مؤكدة أن الترجمة قد يجانبها الكمال، كما ترى أنه لا يضر ترجمة القرآن من شخص غير مسلم.
ورأت أن ترجمة القرآن فرصة مواتية للدانماركيين كي يتعرفوا على الدين الإسلامي بلغة سهلة وراقية، خاصة بعد الهوة الكبيرة التي أحدثها عرض الرسوم الكاريكاتورية المسيئة للرسول الكريم صلى الله عليه وسلم.
قيادات إسلامية عبرت عن دعمها لترجمة معاني القرآن (الجزيرة نت)
ملاحظات المسلمين
ورغم الارتياح الكبير الذي أبدته الجالية الإسلامية في الدانمارك إزاء الترجمة فإن ذلك لم يعفها من بعض الملاحظات. فقد أكد عبد الواحد بيدرسين أحد أئمة المسلمين -دانماركي الأصل- أن هذه الترجمة ستفتح الباب للدانماركيين لفهم القرآن الكريم، كما ستساهم بتشكيل فكرة عامة عن تعاليم الدين الإسلامي.
وأضاف في اتصال مع الجزيرة نت أنه رغم الفائدة الكبيرة التي ستتحقق للجيل الثاني من مسلمي الدانمارك الذين يواجهون صعوبات في قراءة وفهم القرآن باللغة العربية، فإن الترجمة ستقل من قيمتها كونها جاءت من غير مسلمة لفقدانها الناحية الدينية والروحية وعدم إلمامها بالسيرة النبوية والتفسير وهي أدوات مهمة لفهم معاني القرآن، وبالتالي فإنه يصعب إقرار تلك الترجمة كمرجع رسمي وشامل في الدانمارك دون تطويره.
وفي سياق متصل أيد رئيس المركز الإسلامي بالدانمارك الدكتور جهاد الفرا ما ذهب إليه بيدرسين، وأضاف للجزيرة نت أن عدم ترجمة القرآن من المسلمين الذين لا ينقصهم القدرة المالية أو التأهيل العلمي "تقصير يجب تداركه"، وأعرب عن أمله في أن تتوحد الجهود لتطوير مثل هذه الترجمات وإيصالها للكمال لكي تكون مرجعا معتمدا لدى الجالية المسلمة.
ويرى أن ترجمة معاني القرآن من باحثة دانماركية بأسلوب أكاديمي خال من التحيز سيكون أدعى لتقبله لدى عامة الدانماركيين، كونه جاء من أكاديمية غير مسلمة وبلغة سليمة وغير متحيزة، مؤكدا أن ترجمة معاني القرآن دون الدخول في تفسيره إضافة جيدة تحسب للمنصفين للدين الإسلامي داخل المجتمع الدانماركي.
يذكر أن أول ترجمة للقرآن في الدانمارك كانت قبل 40 سنة، قام بها المسلم من أصل دانماركي عبد الله مادسن صدرت عام 1967، لكن هذه الترجمة -رغم بيع أكثر من 10 آلاف نسخة منها- لم تتمتع باعتراف من مسلمي الدانمارك نظرا لانتماء المترجم للطائفة الأحمدية وتضمنها العديد من الأخطاء اللغوية والمصطلحات الصعبة التي تداركتها وولف في ترجمتها التي تعتبر الثانية من نوعها في الدانمارك.