على ضوء هذه الهمسات قمت لتوي من نومي فقد تعودت دائما ان تحملني امي بين ذراعيهامن فراشي وتغسل لي وجهي ،ثم تجلسني امام مائدة الفطور وانا مغمضة العينين لاادري كيف وصلت الى ذلك المكان،فقد كنت طفلة محبة للكسل والخمول،وبعد افطاري اتسلل من المنزل لاخرج الى الحي حبا في اللهو مع اقراني من اترابي الصغار.
كان حينا حيا بسيطا وكان اهله ينتسبون الى بساطته،فقد كانو ينتمون الى الفئة المتوسطة ان لم نقل الكادحة التي كانت تكدح ،وتعمل من اجل كسب قوتها اليومي،كان كل شيء في هذا الحي يدل على بساطة احياء مدينة الدار البيضاء،تلك المدينة العتيقة التي ان دلت على شيء فانما تدل على اصالة الفن العمراني المغربي وعظمته ،رغم بساطته وقدمه بعض الشيء.فلقد كان حينا هذا بمثابة عالمي الثاني او بيتي الثاني،الذي كنت اقضي فيه معظم وقتي.
لاحظت امي ارتباطيي الشديد بالشارع فخافت علي من ضياع الوقت بلا فائدة ،فقد كنت اتسلل من البيت صباحا ولااعود اليه الا عندما يحين موعد الغذاء ،وقد كانت هذه الفترة بمثابة حاجز يمنعني من اكمال طفولتي المشاكسة،حيث كنت احس وانا جالسة الى المائدة كانني جالسة على جمرة من نار،فما البث ان اضع اللقمة في فمي حتى اتسلل ثانية الى الشارع بحجة انني اريد الشرب او الدخول الى المرحاض.كنت اول من ينزل الى الحي ،بعد ذلك ابدا في طرق الابواب على صديقاتي،فنكمل لهونا ولعبنا ولا نرجع الا بعد حلول الظلام،هكذا كنت اقضي يومي باكمله لذلك لم تجد امي بدا من ادخالي الى الكتاب لافر بعض الوقت فيما يفيدني،ولكن هذا الاخير لم يكن حاجزا بيني وبين اترابي،بل وثق الصلة بيننا وزادها متانة.لانهم رافقوني حتى في الكتاب.
كانت طفولتنا لاتخلو من المقالب والحيل الماكرة التي كانت كل واحدة منا تدبرها لصديقتهاحبا في الاستمتاع واللهو والسخرية ايضا،حتى وان كانت هذه الحيل خطيرة في بعض الاحيان الا ان الشيء الذي كان يثير اهتمامي هو كثرة شجارنا والتحام الصراع بيننا من حين لاخر حول الاشياء التافهة،اتذكر يوما انني تشاجرت مع احدى البنات فارتمت فوق ظهري وعظتني في كتفي حتى سال الدم من اثر العظة،فذهب بي والدي بسرعة الى الطبيب والامر المضحك انه سأله ان كان احد الكلاب من عضني وحين اخبره ابي انها فتاة قال له يجب ان يبلغ عنها الشرطة فاعطاني الدواء واوصاني بالراحة لان العضة ستحدث بعض الحمى وبالفعل كان كما قال،فغضب ابي غضبا شديدا وذهب الى والدها يشتكي اليه ابنته فأخذ يهدأه ويطلب منه المسامحة لاننا مجرد اطفال لاندري ما نفعل ،ومن تلك اللحظة اطلقنا على تلك الفتاة الكلب المسعور………..وبالرغم من ذلك كنا بمثابة الجرح الذي سرعان ما يجف دمه بعد تطهيره ووضع الضماد عليه،فما نلبث ان نتخاصم حتى نرجع الى الصلح مرة اخرى وكان شيئا لم يحدث،كل هذه التصرفات كانت تدل على براءة طفولتنا وعن الحب والوئام الذي كان يجمعنا.
عفوا فقد ساقني الحديث عن طفولتي في الحي ،ونسيت مرحلة الكتاب،حياتي في ذلك المكان لم تختلف اختلافا كبيرا بل زادت حماسا ومرحا حيث كنا نضحك على بعضنا البعض عندما تبدأ احدانا بالقراءة وهي تتلعثم في الكلام ونسخر منها ان ضربها الشيخ بعصاه الطويلة ان لم تحفظ جيدا ،كما كنا تضرب احدانا الاخرى بالطباشير الذي نكتب به على الالواح ،واتذكر يوما ان احدانا ارادت ان تضرب صديقتها فوقع الطبشور على الشيخ واشتد غيظا فرفع لها رجلها الى فوق بعد ان اوثقهما ثم اخذ يضرب رجلها بالعصى الخشبية حتى اصبحت لاتقدر على المشي ،فكانت تلك آخر مرة نلعب بها بالطباشير لاننا اصبحنا نخاف من الفلقة .
كنا في فترة الاستراحة نهرب الى منازلنا لجلب بعض المأكولات والحلويات ثم نرجع بسرعة البرق حتى لاينتبه الشيخ الى غيابنا وخوفا من عصاه الطويلة التي كان لنا الشرف الكبير في اخذ النصيب الاوفر منها خاصة اثناء حفظ القران.
واتذكر انواع الالعاب التي كنا نلعبها في صغرنا والتي انعدمت في لعب اطفالنا الان،لقد كان لهونا لهوا عبثيا لكنه مسلي جدا ،اذكر اننا كنا نلعب لعبة العروس فنشتري الحلويات ذات اللون الاحمر كي نضع بها الماكياج على الوجه حتى تبدو العروس جميلة ثم نبدأبالزغاريد والصراخ.وفي عيد الاضحى كنا نلعب لعبة نسميها ألخيلوطة وهي ان تاتي كل واحدة منا بقطعة لحم وبعض الخضر ثم نطهو بعض الاكلات التي فعلا وبصدق تكون لذيذة الطعم.واتذكر ايضا لعبة كنا نسميها لاستيك وهي ان نأتي بشريط يكون طويلا بعض الشيء ولكنه يتمدد فتاخذ كل واحدة بطرف وتبدا الاخرى باللعب،وهذه اللعبة لن أنساها أبدا لان لي معها قصة. ففي يوم أردت ان ألعبها فجاءت احدى الفتيات وكانت تكبرنا في العمر شيئا ما ولكن المشكلة الكبرى أنها كانت طويلة جدا وقد كانت قوانين اللعبة ان نبدا باللعب من اسفل القدم الى الراس بمعنى ان الفتاتين اللتين تشد كل واحدة منهما بطرفي الشريط وهما متباعدتين يحملن الشريط في الوقت نفسه،وهكذا بدات اللعبة وقد كنت شاطرة جدا فيها وعندما وصلت الى الراس كان يجب علي ان الوي رجلي اليمنى وارفعها الى اعلى الشريط وامسك به وبالفعل قمت بها بعد عناء شديد لطول قامة الفتاة الثانية .واتممت اللعب دون مبالاة لاي شيء ولكنني في الليل عندما دخلت لانام شعرت بالم شديد في بطني وبدأت أصرخ من شدة الالم فذهبوا بي الى الطبيب فاخبرهم بأن بطني أصابها بعض الاعوجاج لانني تسلقت الشريط وهو عال جدا وطويل بالنسبة لقامتي،وقد بقي اثر الاعوجاج الى حد الان ويظهر جليا في فترة الحمل ويسبب ضيقا للجنين،ارايتم كم كان لهونا ينقلب الى مصيبة وكارثة ولكن على الرغم من ذلك فله متعته الى حد الان فما ان اتذكر طفولتي حتى اشعر بسعادة غريبة ونشوة كبيرة واتمنى ان اعود اليها مرة اخرى
ان اردتم ان اكمل لكم فاخبروني بذلك
وبإذن الله آخــــــــــــــر الأوجاع
صحيح أختي ذكرياتك زي ذكريات ماما بس ماما كانت في مدرسة يدرسوها مدرسات مو شيخ
على العموم أعجبتني قصتك ويــــاريــــــت تكمليــــــها
وعندك أسلوب فظيع …
بس يــــاريـــــت تسيبي مسافات بين السطور لحسن إن حولــــــــــــــــــت
وجـــــزاك الله خــــيراً ..إنك أمتعتيني ..<<<لأن بصراحة ضايق خلقي
أختك الصغيرة :
@w@w
الابتدائية،واحسست بتغيير جذري في شخصيتي فبعد ان كنت طفلة مشاكسة،محبة للهو والعبث
اصبحت طفلة مقيدة باوقات المدرسة وبواجباتها،لكنني رغم ذلك لم انسى طفولتي ،بل اتممتها
مع صديقات جدد في المدرسة.واحسست لاول مرة وانا ادخل ذاك المكان بالخوف والفزع،لانني ادخل
عالما غريبا بالنسبة لي.لا اكذب عليكم فحين سمعت من امي بعزمها على ادخالي المدرسة فرحت
كثيرا ،وغمرتني دهشة كبيرة،فاصبحت افكر في العالم الجديد الذي سالجه بعد انقضاء العطلة الصيفية.
وجاء اليوم الموعود ،ودخلت الى المدرسة كالطفلة المهذبة ذات البدلة الوردية والشعر المرتب ذو
ظفيرتين،والمحفظة الصغيرة الجميلة على ظهري.وقفنا امام الفصول في صفوف متراصة كاننا جنود.
وبعد تحية العلم التي لم اكن اعلم شيئا عنها،رن الجرس فدخلنا الى الفصول بصراحة كانت جميلة
مزينة باجمل الصور المرسومة على الحائط كصور الحيوانات او الورود والاشجار او صور بعض
الرسوم المتحركة .المهم دخلت المعلمة وامرتنا بالوقوف احتراما لها،وكان هذا شيء غريب بالنسبة
لي لاننا عندما كنا نذهب الى الكتاب لم نكن نقف للشيخ ولم يامرنا بذلك ابدا…..بعد جلوسنا اخذت
المعلمة تنادي باسمائنا حتىتتعرف الينا وعندما نادتني وقفت ولكنها لم تراني لانني كنت قصيرة القامة
وجلست في المقعد الاخير، لذالك امرتني ان اجلس في المقعد الاول ونظمت كل الفصل على هذا الشكل
القصار يجلسون في الامام والطوال يجلسون في الخلف،ادركت حينها ان المصائب ستنهال علي بسبب
مكاني لان كل من يجلس بقرب المعلمة سيكون معرضا للاسئلة والاجوبة….شعرت حينئذ بخوف شديد
رغم انني لاادري قوانين القراءة او الكتابة في ذلك الوقت..ومر اليوم الاول على احسن حال لاننا لم
افعل فيه شيئا يذكر غير اللوازم المدرسية التي طالبتنا المعلمة بشرائها قبل انقظاء الاسبوع،مهددة
ايانا انه من لم ياتي بها لن يدخل الى الفصل.وهكذا تعلمنا لغة التهديد من اول يوم لنا في المدرسة
اتي كان من المفروض ان توفر لنا الامان والحب لنتمكن نحن بدورنا كاطفال بمبادلتها الحب ايضا.و
احضرنا لوازم المدرسة،فبدانا بتعلم الكتابة والقراءة رويدا رويدا،واتذكر ان القلم كان بالنسبة لي
كشيء غريب في يدي لاينصاع لاناملي الصغيرة فما ان اوقفه للكتابة حتى يميل في يدي ويحدث
بعض الخربشات على الورقة ولقد تعبت كثيرا حتى تعلمت كيف اتحكم في قبضته بعد الصراخ والتهديد
من طرف المعلمةواتساءل كيف اصبح فلذات اكبادنا يحملون اقلامهم وهم في سن الرابعة الان والله
بالنسبة لي هذا حرام حرام ان طفل يدخل المدرسة في سن الثالثة او الرابعة ويحرم من طفولته وحنان
امه ولكن مع الاسف هذا هو عصرهم .واذكر اننا كنا نخرج في فترة الاستراحة للعب قليلا في الساحة
وقد كانت هذه الفترة بالنسبة لي كالمسجون الذي يجد حريته بعد عناء طويل فما ان يرن الجرس حتى
اكون اول من يخرج من القسم لاجري في الساحة ككرة تتارجح في كل مكان.وقد كنت اخر من يصل
الى الفصل لانني اعلم ان المعلمة ستدخل متاخرة هي ايضا لانها لاتنتهي من الثرثرة مع مثيلاتها من
المعلمات…وهكذا مرت السنوات وتعودت على المدرسة وانتقلت من قسم الى قسم حتى انهيت دراستي
الابتدائية.وانتهت بالنسبة لي فترة طفولتي البريئة لانتقل الى مرحلة اخرى من مراحل الحياة ولعل كل
واحدة منكن مرت بنفس التجربة واحست مثلي بحلاوتهاوتمنت ان تعود اليها لتعود الى الفرحة والحب
والشعور بالامان …………سامحوني ان اثقلت عليكم ولكنني احببت ان استرجع معكم هذه الذكريات
عساني اذكركم ايضا بها وشكرا على حسن اصغائكن لي…..
السلام عليكم ورحمته
الأخت الكريمة أم منصف
أعادتني قصنك هذه إلى أيام طفولتي الزاهية
وذلك الشعور اللذي كان يغامرني وأنا محمولة
بين يدي أمي الحنون الغالية
وتذكرت ألعابنا الطفولية التي كنا نخترعها
بفرح غامر نقل نظيره
سلمت يداك على هذا الإبداع
أختك
أنشودة الحزن
ما أقسى الزمن لا أعلم لما نكبر لكنها سنة الحياة
نعلم اننا سنكبر في يوم من الأيام ومن غير ان نشعر إذ بنا نهرم …
غاليتي أحببت حروفك وتمنيت ان أبقى هناااك
أقرأ أقرأ ..
لكنها كنهاية طفولتنا إنتهت
عشقت طفولتي مثلك وكنت أقبل الأشجار من كثر حبي للحارة والطريق
ومن حروفك عدت إلى هناك إلى تلك اللحظات التي لم ولن أنساها ما حييت
دمت لنااا بخير