عدت من جديد بعد أجازه دامت شهرين في بلدي ( اليمن السعيد ) كانت مذهله
أحببت أن تكون أول مشاركه لي بعد العوده عن رمضان
عدد غير قليل من الناس مقيدون بسلاسل المعصية ، وكثيرون أسرى لعادات سيئة يعلمون ضررها ويدركون خطرها ولكنهم يظلون في أسْرِها وقد استولت عليهم عاداتك ، وأحاطت بهم العوائق ، ووهت عزائمهم ، وضعفت إرادتهم لأنه كما هو معلوم أن للعادات سلطاناً على النفوس ، وهيمنة على القلوب ، وهي تتركز في الإنسان فتصبح كأنها طبيعة من طبائعه ، لا يستطيع التخلص منها ولا يقدر على مفارقتها ، والتخلص من العادات السيئة أساسه قوة الإرادة ، وها هي مدرسة الإرادات تبدأ ، مدرسة رمضان ، مدرسة التربية القرآنية ، يتدرب بها المسلم المؤمن على تقوية الإرادة في الوقوف عند حدود ربه في كل شيء ، والتسليم لحكمه في كل شيء ، وتنفيذ أوامره وشريعته في كل شيء ، والصوم مجال تقرير الإرادة العازمة الجازمة ، ومجال اتصال الإنسان بربه اتصال طاعة وانقياد ، كما أنه مجال الاستعلاء على ضرورات الجسد كلها ، واحتمال ضغطها وثقلها ، إيثاراً لما عند الله من الرضي والمتاع .
فالصوم إذن فرصة ذهبية للتخلص من العادات الرديئة ، وإليك إيضاح العوامل التي تعين على ذلك :
1- طول مدة التغيير :-
فقد أكد علماء النفس أن التغيير يتحقق بالتكرار من 6 إلى 21 مرة ، مع تخيل النجاح والاسترخاء والاقتناع بالنجاح ثم الإقدام على الفعل ، ومثال ذلك : كي يتغلب شخص على الخجل ويتجرأ في المواجهة عليه أن يقوم بتمارين الاسترخاء مرارا حتى يتقنه ، ثم يتخيل نفسه مرات ومرات وهو يتصرف بجراءة ، ثم يطبق هذا الخيال مرات ومرات من 6 إلى 21 مرة ، وإن لم ينجح مرة وأصابه الخجل ما في مشكلة يبدأ من جديد ، وإذا حقق نجاح باستمرار من 6 إلى 21 يكون فعلا قد قضى على المشكلة ، ورمضان تكرار 30 مرة بلا انقطاع ، فالصائم يلزم بحكم الشرع وبحرصه على الطاعة يترك عوائده وذلك لمدة ثلاثين يوماً ، وهي مدة كافية ، إذا صدقت نية التغيير .
2- الإنجاز :-
فالصائم يحقق إنجازاً كبيراً يدفعه على الثبات على التغيير ، فثلاثين يوماً من صيام النهار وقيام الليل وصلاة التراويح وتلاوة القرآن والذكر والصدقة ، وترك المعاصي والمحرمات ، ثم ترتفع الهمة في العشر الأواخر ، يا له من إنجاز عظيم يدفعنا إلى الثبات على التغيير .
3- شمول نواحي التغيير :-
فإن الصائم يغير في رمضان مواعيد نومه واستيقاظه وأوقات طعامه وشرابه ، وطرائق شغل أوقاته ، وترتيب أولوياته واهتماماته ، بل حتى مشاعره وانفعالاته ، وبالتالي فإن القدرة على التغيير تكون أكبر وأقوى.
4- التجديد ولخروج عن المألوف :-
وكَسْر الرَّتابة ( الروتين ) في مواعيد النوم والأكل والخروج من البيت ، والتجديد من أهم وسائل الإبداع ، والخروج عن المألوف من الأمور الرئيسية للتغلب على القلق ويجمع العارفون في أمور الإبداع أن الإبداع خروج عن المألوف ، وفي رمضان يخرج الإنسان عن روتين يومه فيتغير موعد أكله ونومه ….. الخ
أفكارعملية للتغيير استعن بالدعاء :-
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ثلاث دعوات مستجابات :- دعوة الصائم ، ودعوة المظلوم ، ودعوة المسافر ) رواه البيهقي ، فيمكنك أن تضع كل أهدافك في ورقة وتقول : اللهم حقق أهدافي التي في هذه الورقة .
خطِّط لما تريد :-
إذا فشلت في التخطيط فقد خططت للفشل ، ولا بد أن تكون الخطة مكتوبة ، وتُكتب بصيغة الإثبات مثل :- ( أريد أن أصلي الفجر في المسجد ) أو ( أريد أن ألبَس الحجاب ) أو ( أريد أن امتنع عن التدخين ) ، واحذر كتابتها بصيغة النفي مثل : ( لا أريد كذا )، وقَلِّل من الأهداف فاختر المركَّز الأهم منها بحسب وضعك ، فالتقدم مختلف بين شخص وآخر.
اتخاذ القرار:-
الإنسان القوي إنسان صاحب قرار ، والتردد لا ينشأ نفوسا ضعيفة وحسب بل يأتي بأمراض نفسية وجسمانية ، أغلب أمور حياتنا تعتمد على قرارات بسيطة .. كل ثانية عباره عن مجموعة قرارات مثل حركة يديك ورجليك. اتخاذ القرار قوة وإرادة ، كلما جدد المسلم نيته وأسرع في اتخاذ القرار بذلك ثم قام بالإمساك وقت الإمساك والفطور وقت الفطور ، كلما عود نفسه على اتخاذ القرار بسرعة واستمرارية حتى يتبرمج على اتخاذ القرار ، والتغيير ما هو إلا قرار.
أكد على رغبتك في التغيير :-
بأن تخصِّص من وقتك جلسة للتعرف على أهمية ونتيجة كل هدف ، وبذلك قد يتبين أولوية بعضها دون البعض الآخر.
حَفِّظ عقلك الباطن ما تريد :
عقلك الباطن يعمل وفق الأمور الجلية الواضحة والروتين اليومي ، لذا لابد أن تضع هدفاً واضحاً واجعله إيجابي فمن يكتب هدفه " لا أريد أن أقلق " مثلاً يكون هدفه غير واضح لذا يقوده عقله الباطن للقلق ، لكن من يكتب هدفه " أريد أن أكون مطمئناً " عقله يعرف ما يريد ، اقرأ خطتك المكتوبة يوميا خلال رمضان في بداية اليوم أو قبل نومك ، وتخيل أنك حققت أهدافك هدفاً هدفاً، حقق كل يوم شيئاً من خطتك ولو هدفاً واحداً.
كُنْ جادًّا وقوِّم إنتاجك: –
المؤمن لا يعرف العجز ولا اليأس فإن ثقته بالله ؛ قال صلى الله عليه وسلم: " واستعن بالله ولا تعجز " فكن طموحاً متفائلاً بالمستقبل ، وأما ما مضى فتفقده بالتقويم والإجابية ، فإذ حققت أكثر من 50% فهذا جيد فافرح ولا تنسَ أن تُكافئ نفسك واسجد شكراً لله تعالى ، وإذا حققت أقل من 50% فحاول مرة أخرى وحدّد العقبات وطريقة تجاوزها ، وإلى ربك فارغب. وبذلك يكون رمضان محطة تجديد وتغيير .