تخطى إلى المحتوى

رَسَائِل تَثبيت الإيمَان 2024.

رَسَائِل تَثبيت الإيمَان
(1)
نحَو الإيمَان

تأليف الشيخ عَبْد المَجيد الزّندَاني

أهميَّة الإيمان بالله

مَن جَاء بكَ إلى الدّنيا

يا أهل العقول ما هو حكمكم على من وجد نفسه قد نقل إلى مدينة مجهولة، أو صحراء لا يعرفها بدون اختيار منه أو إرادة، وعرف أن هناك من نقله وجاءه رسل من الذي جاء به إلى تلك المدينة أو الصحراء لإرشاده وهدايته ثم هو بعد ذلك لا يهتم بالتعرف على من جاؤوا لإنقاذه وهدايته، يحاربهم وهم يتحملون أذاه؟ يسبهم وهم يتقربون إليه.
إن العاقل لا بد أن يقول: إن أول واجب على هذا الإنسان الضائع الذي جيء به إلى عالم مجهول أن يبحث عن الذي جاء به إلى هذا المكان المجهول بدون إرادة منه وأن يعرف الحكمة من مجيئه وإن وجد رسلاً قد جاؤوا بهدايته فعليه أن يمتحن صدقهم فإن وثق بهم أكرمهم وتابعهم، أما الذي لا يهتم بأمر نفسه أو من جاء به، أو بالرسل المرسلين من الله فلا شك في سفاهته وحمقه فإذا تفكر العاقل في حياته على هذه الدنيا، وكيف كان تراباً ميتاً، ثم أصبح بشراً سوياً.
﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ إِذَا أَنْتُمْ بَشَرٌ تَنتَشِرُونَ﴾ (سورة الروم: آية 20)
وكم الفرق بين عالم التراب الميت الذي لا يسمع ولا يبصر ولا يعقل ولا يتحرك ولا يحس ولا ينمو ولا يتناسل ولا يتصف بأي صفة من صفات الحياة وبين هذا البشر الحي المتحرك الذي ملأ الأرض حركة وحياة. وإذا تفكر العاقل، في قصة انتقاله من عالم التراب الميت إلى عالم البشر ورأى كيف تحول التراب إلى نطفة من ماء مهين عن طريق تحوله إلى طعام، ثم كيف تحولت النطفة إلى علقة فمضغة فعظام , فكسا العظام لحماً وكيف دبت الحياة والروح في الجنين البشري؟ وكيف خرج طفلاً ثم كان بشراً سوياً.
لو تفكر في ذلك كله لرأى أنه لم يكن له اختيار في شيء من ذلك ولعلم أن أول واجب عليه هو أن يتعرف على من بيده أمر وجوده وحياته، ونشأته وتصويره الذي جاء بالإنسان إلى الدنيا بدون إذن أو اختيار من الإنسان ﴿ يَاأَيُّهَا الْإِنسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ(6)الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ(7)فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ﴾ (سورة الإنفطار: آية 6- 8).
فما الذي صرفك ايها الإنسان عن ردك الذي انشأك وصورك؟

أتحسب أنك قد جثت من العدم؟ وأن العدم الذي لا وجود له هو الذي ركبك؟ أما علمت أن العدم لا يخلق شيئاً ولقد علمت أنك لم تخلق من نفسك شيئاً؟! فلا بد أن لك خالقاً قد خلقك ﴿ أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمْ الْخَالِقُونَ﴾ (سورة الطور: آية 35)
فإذا كان أمر وجودك وحياتك وخلقك بيد الله الذي صورك وركبك، فلا بد أن تعرف الذي أمرُك بيده، ووجودك بيده وأنت رهن مشيئته ولا بد أن تكون معرفتك لربك أول واجب عليك أيها العاقل .

جزاكم الله خيرااا وبارك الله فيكم …
شكرا جزيلا على المرور
بارك الله فيكِ

رَسَائِل تَثبيت الإيمَان
(2)
نحَو الإيمَان
تأليف الشيخ عَبْد المَجيد الزّندَاني
ملكُ مَن نحن

وهذه اليد التي تعمل بها، والقدم التي تسير عليها، واللسان الذي تنطق به، والعقل الذي تدبر وتفكر به وكل شيء تستخدمه وتنتفع به في جسمك وحياتك ملك من هو؟.
بل ملك من أنت؟ وملك من نحن جميعاً؟.
إن دلالة الملك بالحرية في التصرف في المملوك؟ فهل أنت الذي اخترت أن تأتي إلى هذه الدنيا؟ وهل أنت الذي اخترت أباك وأمك؟ وهل أنت الذي اخترت بلادك؟ أو الزمان الذي تولد فيه؟ وهل أنت اخترت صورتك وصفاتك الجسدية والنفسية والعقلية أو أن تكون ذكراً أو أنثى ؟ وهل أنت الذي تختار لنفسك أن تعود إلى حياة الضعف في مرحلة الشيخوخة بعد القوة؟.
إلى الجهل بعد العلم؟ إلى المرض بعد الصحة وإلى الموت بعد الحياة ﴿ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ﴾ (سورة الروم: آية 54) تلك أهم أمورك؟ لا تملك منها شيئاً لأنك لا تملك التصرف في واحدة منها. فهل أنت الذي تملك التصرف في هذه الأمور بالنسبة لأولادك؟ أو بالنسبة لأقربائك أو قبيلتك أو مدينتك أو شعبك أو أمتك؟ وهل يملك الآباء أو الأقارب أو القبيلة أو الشعب أو الأمة لأنفسهم شيئاً من هذه المقدرات المفروضة من الخالق لي ولك ولكل الناس في قديم الزمان واليوم وفي آخر الزمان؟!.
وإذن أنت مملوك… وأنا مملوك وكل هذه الأمم والشعوب والحكام والمحكومين محكومون للذي خلقهم كما يريد، وجاء بهم إلى هذه الدنيا وأخرجهم منها وأعطى لكل مخلوق منهم المواهب التي خلق عليها.
ثم تأمل أيها العاقل في يدك أو قدمك هل خلقت منها لحماً أو عظماً أو دماً أو حتى شعرة واحدة؟ ثم تأمل هل خلقت لإنسان غيرك شيئاً من جسمه أو كيانه؟ ثم تأمل هل خلق الشعب أو القبيلة أو الدولة شيئاً منك أو من غيرك من الناس؟ ﴿ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ﴾ (سورة الأعراف: آية 194) والآن ما رأيك في شخص يمر بحانوت أو مصنع- تركه صاحبه بعض الوقت- أو مزرعة أو مكتب، فدخل هذا الشخص وأخذ يتصرف بمحتويات ذلك الحانوت أو المصنع أو المزرعة أو المكتب، وأخذ يقدم ويؤخر ويرفع أشياء ويخفض غيرها وينتقل من مكان إلى آخر بدون إذن من صاحب ذلك الحانوت أو المصنع أو المزرعة أو المكتب؟!.
إن كل عاقل سيحكم بسفاهة هذا العابث الذي تصرف في ملك غيره بدون إذن من المالك… وسل نفسك الآن هل أنت من السفهاء الذين يتصرفون فيما لا يملكون بدون إذن المالك؟!
فإذا تأمل العاقل في نفسه وجد أنه لا يملك من نفسه شيئاً وأن عليه أن لا يتصرف في شيء إلا بعد أن يعرف مالكه، ويعرف منه الهدى ويتلقى منه الأمر ﴿ أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ﴾ (سورة الأعراف: آية 54)
لذلك كان أول واجب على الإنسان أن يعرف مالكه، وأن يعرف رسول ربه إليه.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.