عجيب أمر حسن أخي الصغير
كم كنت أتعجب منه و أحاول تقليده في إرضاء أمي ….
غير أنه كان دائما يسبقني …..
كلن يتبعهافي أرجاء المنزل كظل لها …
يقوم بكل عمل يقدر عليه بدلا منها …يشتري لها كل ما تحتاج إليه ..و لا يترك مجالا لأحد كي يعمل عملا تحبه أمي غيره
كان أخي يحب رؤيتها جميلة دائما …فكل ما يجمعه من النقود يشتري لها به ما يزيدها حسنا
فقد اشترى لها سلاسل و أساور و بعض الحلي لشعرها اللامع
واشترى لها خفا جميلا أحمر …ضحكت أمي و قبلته طويلا ..وقالت يومها يا ولدي قد كبرت كي ألبس الأحمر
أمي أنت لست كبيرة أنت ما زلت شابة وجميلة أيضا و لكن أرجوك يا أمي لا تهملي نفسك أنا أحبك جميلة و أريد أن يراك أبي أجمل النساء
كان حسن يغسل أطباق الطعام…….. ينظف الأرضية……. يرتب الأسرة
كنا كلنا نحسده
و لكننا نحبه و نحترم همته العالية و لهفته على أمي
و كأنه خشي أن تهمل أمي مظهرها يوما فيتزوج والدي من سواها كما رأى في التلفاز
و كم كنا نؤكد له أن والدي لن يفعل ذلك عير أنه أصر على أن تكون أمي أجمل النساء
و في ذلك اليوم جلس حسن كعادته ليضفر جدائل أمي الرائعة و كانت تسلم له رأسها بكل سعادة فيسرح شعرها بالمشط بحنان …ثم يضفر أجمل و أطول جديله في الحي كله
و في ذلك اليوم تغير لونه …بدا وجهه شديد الاحمرار ..و ظهر الامتعاض على قسماته الحلوة
-ما بك يا حسن
-شعرة بيضاء يا أمي
– ياه لا تهتم يا ولدي لقد شارفت على الأربعين
– لا يا أمي لا أحب رؤيتها
ضحكت أمي يومها من دموع حسن
أما حسن فقد تغير قليلا و بدا مهموما طوال الأسبوع
و في ذلك الصباح عادت تلك الابتسامه المحببه للوحه البريئ
عاد كسابق أيامه العامل النشيط حييته فرد بأحسن
أنهى عمله بسرعة و استأذن والدتي للخروج
لا تبتعد عن البيت يا ولدي و إياك أن ترمي اليهود بالحجارة كما فعلت بالأمس
كادوا يمسكون بك و لن يساعدني أحد لو غبت عني
لم يكن أخي جبانا
بل كان يحب أمي و يسعى لنيل رضا الله
و خرج حسن سعيدا
غير أنه غاب طويلا
قلقت والدتي كثيرا
خرجنا جميعا للبحث عنه و أخيرا وجدناه
كان في المشفى هذه المرة …رصاصة غادرة أصابت رأس أخي …و هكذا يموت هنا كل الصغار
أقيم عزاء مهيب للشهيد لم يصرخ فيه أحد …بل كان الهدوء و الصمت يلفان المكان
و تلاوة القرآن لا تتوقف
تماما كما كان حسن هادئا صامتا يحب تلاوة القرآن
جاء إبن الجيران وكان يعمل ممرضا في المشفى الذي وجدنا فيه حسن
وقدم لوالدي كيسا صغيرا كان يحمله حسن عندما أصيب قبل أبي مكان يده الصغيرة و فتح الكيس
و انهالت مني الدموع حين رأيت فيه الحناء
نموذج لحب الام و التعبير الصادق عنه
مشكورة غاليتى لاختيارك الطيب.