تخطى إلى المحتوى

شكر النعم 2024.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بـســم الله الـــرحـمــن الرحيـــــم

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

عــن أبـي هريرة رضي الله عنـــه قــال : قال

رسـول الله صلى الله علـيه و سلم " انظــروا

إلى من هو أسفل منكم . ولا تنظروا إلى من

هو فوقكم فهو أجدر أن لا تَزْدروا نعمة الله

عليكم" رواه مسلم .

يا لها مـن وصية نافعة ، وكلمة شافية وافية

فهذا يدل على الحث على شكر الله بالاعتراف

بنعمــه والتحدث بهــا والاستعانة بهــا عــلى

طاعـة المنعم وفعل جميع الأسباب المعينــــة

عـلى الشكر . فإن الشكر لله هو رأس العبادة

وأصـل الخـير ، وأوْجَبُه على العباد ؛ فإنــــه

ما بالعـباد من نعمة ظاهرة ولا باطنة خاصة

أو عـامــة إلا من الله وهو الذي يأتي بالخير

والحسنات ويدفع السوء والسيئات فيستحق

أن يبـذل لــه العــباد من الشكر ما تصل إليه

قواهم ، وعلى العبد أن يسعـى بكل وسيـــلة

توصلـه وتعينه على الشكر وقد أرشد صـلى

الله عـليــه وسلــم إلى هــذا الدواء العجيــب

والسبـب القوي لشكر نعم الله وهو أن يلحظ

العـبد في كل وقت من هو دونه فــي العقـــل

والنسـب والمال وأصناف النعم فمتى استدام

هذا النظر اضطره إلى كثرة شكر ربه والثناء

عليـه . فإنــه لا يــزال يرى خلقاً كثيراً دونه

بدرجات في هـذه الأوصـاف ويتمنــى كثيـــر

منهم أن يصل إلى قريب ممـــا أوتيــه مـــن

عافيـة ومـال ورزق وخَلْق وخُلُق فيحمد الله

علــى ذلك حمداً كثيراً ، ويقـــول : الحمد لله

الـذي أنـعم عـليَّ و فضـلنـي عـلى كثير ممن

خلــق تفضـيلاً . ينظـــر إلى خلق كثير ممن

سلبــوا عقولهم فيحمد ربه على كمال العقل

و يشـاهد عالـماً كثيراً ليس لهم قوت مدخر

ولا مســاكن يأوون إليهـا و هو مطمئن في

مسكنه موسع عـليه رزقه ويرى خلقاً كثيراً

قـد ابتُلُوا بأنواع الأمراض وأصناف الأسقام

وهــو مُعافــى مــن ذلك ، مُسَرْبل بالعافية .

ويشـاهد خلقاً كثيراً قد ابتُلوا ببلاء أفظع من

ذلك بانحراف الديـن ، والوقوع في قاذورات

المعاصـي . والله قد حفظه منها أو من كثير

منهـا . و يتـأمل أناساً كثيرين قــد استـولـى

عليهم الهم وملكهم الحـــزن والوســاوس ،

وضيـق الصدر ثـم ينظر إلى عافيته من هذا

الداء ومنة الله عليه براحة القلب حتى ربما

كان فقيراً يفوق بهذه النعمة -نعمة القناعة

وراحة القلب – كثيراً من الأغنياء .

ثــم مـن ابتلي بشيء مـن هـذه الأمــور يجـد

عالماً كثيـراً أعظم منه وأشد مصيـبة فيحمـد

الله عـلى وجود العافية وعـلى تخفيف البلاء

فإنه ما من مكروه إلا ويوجد مكروه أعظم

منه.

مـن وفق للاهتداء بهذا الهدي الذي أرشد إليه

النبـي صلى الله عليه وسلم لم يـزل شكره في

قـــوة ونمـو ولــم تزل نعـم الله عليــه تتــرى

وتتوالـى . ومــن عكس القضية فارتفع نظره

وصــار ينظر إلى مـن هـــو فوقه فـي العافية

والمال و الرزق وتوابع ذلك ، فإنه لا بد أن

يزدري نعمة الله ، ويفقد شكره.

ومتى فقد الشكر ترحلت عنه النعم و تسابقـت

إليه النقم وامتحن بالغم الملازم والحزن الدائم

والتسخـط لما هو فيه من الخير وعدم الرضى

بالله ربـاً ومدبراً وذلك ضرر في الدين والدنيا

وخسران مبين . واعلـم أن من تفكر في كثرة

نعم الله، وتفطن لآلاء الله الظاهرة والباطنة ،

وأنــه لا وسيلــة إليهـا إلا محـض فضــل الله

وإحسانــه ، وأن جنساً مـن نعم الله لا يقــدر

العبـد على إحصائه وتعداده فضلاً عن جميع

الأجناس ، فضــلاً عن شكرها . فإنه يضطر

إلى الاعتراف التام بالنعم وكثرة الثناء على

الله ، ويستحي مـن ربه أن يستعين بشــيء

من نعمه على ما لا يحبه ويرضاه وأوجــب

له الحياء من ربه الذي هو من أفضل شعب

الإيمان فاستحيى مـــن ربه أن يـراه حيــث

نهاه ، أو يفقده حيث أمره .

ولما كان على الشكر مدار الخير وعنوانه قال

صـلى الله عليه وسلـم لمـعاذ بـن جبــل " إني

أحبــك فــلا تـدعـن أن تقـول دبـر كــل صــلاة

مكتوبـة " اللهـم أعني على ذكرك و شكـــرك

وحسـن عبادتك " أخرجه : أحمد و صحّحه

الألباني .

وقد اعترف أعظم الشاكرين بالعجز عن شكر

نعم الله فقال صلّى الله عليه وسلم"لا أحصي

ثناء عليك ، أنت كما أثنيت على نفسك "

رواه مسلم . والله أعلم.

"بهجة قلوب الأبرار وقرة عيون الأخيار في شرح جوامع

الأخبار " للشيخ عبد الرحمــن السعــدي (( بتصرف ))

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

لاكي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.