تخطى إلى المحتوى

صفحـــــات مجهولة من تاريح الغالية بيت المقدس والقدس 2024.

صفحات مجهولة من تاريخ بيت المقدس )

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله القائل في كتابه الكريم ((وَ جَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَ مَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمينَ مِن قَبْلُ وَ فِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَ تَكُونُوا شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَ آتُوا الزَّكَاةَ وَ اعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَ نِعْمَ النَّصِيرُ)) ..(78) الحج .

نحمده ، و نستعينه ، و نستغفره ، و نتوب إليه ، و نعوذ بالله من شرور أنفسنا و من سيّئات أعمالنا ، من يهدِ الله فهو المهتدي ، و من يضلل فلن تجد له ولياً مرشداً ، و أشهد أن لا إله إلا الله الذي علّمنا في كتابه ((وَ لاَ تَهِنُواْ فِي ابْتِغَاء الْقَوْمِ إِن تَكُونُواْ تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمونَ وَ تَرْجُونَ مِنَ اللّهِ مَا لاَ يَرْجُونَ وَ كَانَ اللّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا)) … (104) النساء .
و أشهد أن قائدنا و قدوتنا محمد بن عبد الله ، الرسول الأمي ، صلى الله عليه و سلم …

أما بعد فهذا لقاؤنا الثاني ضمن سلسلة محاضرات ((صفحات مجهولة من تاريخ بيت المقدس)) …. يقول الله سبحانه و تعالى ((قُل لِّمَنِ الْأَرْضُ وَ مَن فِيهَا إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ (84) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ)) .. (85) المؤمنون ..

فلسطين التي بارك الله فيها للعالمين ، أرض الإسراء و المعراج ، جعلها الله ميراثاً للأمة المسلمة ، تقيم حكم الله على أرضها بعد تحريرها من طاغوت الأنس و الجن ، يقول الله سبحانه و تعالى ((وَ لَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ)) … (105) الأنبياء.. و في ظلّ حكم الإسلام يعيش أهل الذمة و يشكّلون مع المسلمين أمة واحدة لكل دينه ، للمسلمين دينهم ، و لليهود دينهم ، و للنصارى دينهم ، بشرط أن يقبلوا أهل الكتاب أن يعيشوا مع المسلمين على أرض واحدة ، و بشرط أن لا يعاونوا ضدهم عدواً ، و بشرط أن يقبلوا التحاكم إلى شريعة الإسلام في حالة الخلاف ..

جعل الله مسؤولية تحرير فلسطين على عاتق الأمة المسلمة ، لأنها الأمة الشاهدة ، الأمة العدل ، الأمة الوسط ، التي لا يقبل الله منها أن تكون في المؤخرة ، يقول الله تعالى : ((وَ كَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَ يَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا وَ مَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنتَ عَلَيْهَا إِلاَّ لِنَعْلَمَ مَن يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّن يَنقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَ إِن كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلاَّ عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللّهُ وَ مَا كَانَ اللّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ)) … (143) البقرة ..

لقد اغتصب اليهود الأرض التي بارك الله فيها للعالمين و فيها بيت المقدس حيث بنى آدم عليه السلام المسجد الأقصى ، و أقاموا قاعدة عدوانية في قلب العالم الإسلامي ، لتفتيت وحدة الأمة ، و اغتصابها ، و اغتصاب خيراتها ، بعد أن يردّوا أهلها كفاراً ، و قد تمّ ذلك في غياب الخلافة الإسلامية السياج الحامي للعالم الإسلامي أي في غياب الوجود الحقيقي لأمة الإسلام..

و قبل جريمة الغصب ارتكب ذلك العدو الفاجر الذي قال الله عنه : ((لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الْيَهُودَ وَ الَّذِينَ أَشْرَكُواْ وَ لَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَّوَدَّةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ قَالُوَاْ إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَ رُهْبَانًا وَ أَنَّهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ)) .. (المائدة) ، جريمة تتمثّل في تشويه و تزييف تاريخ الأمة المسلمة و تاريخ الأرض التي بارك الله فيها للعالمين ، حرصاً منه على طمس معالم جريمته التي قام بها ، لكي يبدو أمام المجتمعات أنه قد استردّ حقاً له و لم يغتصب شيئاً ملكاً لغيره ..

لذلك الهدف زيَّف هو و أعوانه تاريخ الأنبياء و الرسل عليهم الصلاة و السلام ، و تاريخ الأرض المقدسة ، بل إنهم وقعوا في حرمة الاعتداء على الله رب العالمين ، فلقد صوّروا الله سبحانه و تعالى فيما يسمّى العهد القديم و في كتبهم المقدسة و في كتب التاريخ التي كتبها المستشرقون صوراً لله يجهل و يندم و يصارع تعالى الله عما يقولون علواً كبيراً …

و زعموا فيها أن إبراهيم و يوسف وإسماعيل و إسحق و يعقوب و موسى و عيسى و سليمان عليهم السلام كانوا يهوداً ، و إلى اليهودية دعوا ، و أنهم ورثة هؤلاء الأنبياء ، و بهذا طعنوا الأنبياء في عقائدهم و رتّبوا على هذا الطعن حقوقاً لهم – للقتلة و المجرمون و سفاكو الدماء – و حيث إن ما قام به اليهود و المستشرقون و عاونهم بعض أبناء هذه الأمة العربية المسلمة تعتبر جريمة بحق الأمة الإسلامية ، و حق شعب فلسطين على وجه الخصوص ، كان لزاماً علينا أن نعرض لتلك الصفحات ((صفحات مجهولة من تاريخ بيت المقدس)) لنبيّن ذلك التشويه و التزييف الذي أوقعه اليهود و أعوانهم بتاريخ الأمة المسلمة …

و سنقدّم التاريخ الصحيح لدين الله و أنبياء الله و نقدّم الدليل الذي لا يقبل التشكيك على أنه ليس لليهود حقّ في أرض فلسطين اعتماداً على كتاب الله و سنة الرسول محمد صلى الله عليه و سلم و مصادر التاريخ الصحيحة و مصادر العقائد اليهودية و ما توفيقنا إلا بالله ..

نعرض اليوم للمرحلة الأولى من تاريخ بيت المقدس و هي التي تبدأ بعهد آدم عليه السلام و حتى نهاية القرن الأول الميلادي و هو القرن الذي كان فيه بيت المقدس تحت الاحتلال الروماني ..

و نعرض في هذه المرحلة لتاريخ بيت المقدس منذ عهد آدم إلى عهد يعقوب عليهما السلام ثم نعرِض لتاريخ بيت المقدس في عهد يعقوب (إسرائيل) النبي المسلم عليه السلام ، و نعرض لتاريخ بيت المقدس تحت عهد السيطرة الإسلامية في عهد طالوت و داود عليهم السلام ، و نعرض لتاريخ بيت المقدس عاصمة الخلافة الإسلامية على عهد داود ، و نعرض لتاريخ بيت المقدس عاصمة الخلافة الإسلامية على عهد سليمان عليه السلام ..

و نعرِض أيضاً لبلاد الشام التي كانت عامرة بالأنبياء على عهد زكريا و يحيى وعيسى عليهم السلام ، و نعرض لتاريخ بيت المقدس في ظلّ الاحتلال الحثي ، و في ظلّ الاحتلال الأشوري و البابلي ، و ما توفيقنا إلا بالله اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلاً و أنت إذا شئت تجعل الحزن سهلاً .. اللهم اجعل أمرنا كله سهلاً ..

الله سبحانه و تعالى هو الذي بارك بيت المقدس و ما حوله ، آدم عليه السلام هو الذي وضع أساس المسجد الأقصى بعد المسجد الحرام بأربعين سنة كما ورد في كتاب الله عز و جلّ ، و كما ورد في كتب التفسير الجامع لأحكام القرآن ، و أيضاً تفسير القرآن العظيم ، و ما ورد في حديث النبي محمد صلى الله عليه و سلم حينما سأله أبو ذر الغفاري قال : ((سألت رسول الله صلى الله عليه و سلم عن أول مسجد وُضع على الأرض قال المسجد الحرام ، قلت : ثم أي ؟ ، قال المسجد الأقصى قلت : كم بينهما ؟ ، قال : أربعون عاماً ثم لك الأرض مسجد فحيثما أدركتك الصلاة فصلِّ)) أو كما قال صلى الله عليه و سلم ..

و كما أخرج النسائي بإسناد صحيح من حديث عبد الله بن عمرو – رضي الله عنهما – عن الرسول صلى الله عليه و سلم أن سليمان بن داود عليه السلام لما دنا بيت المقدس قام بالتجديد و التوسعة و الترميم ، لمّا بنى بيت المقدس سأل الله خلالاً ثلاثة ، حكماً يصادف حكمة فأوتيه ، و ملكاً لا ينبغي لأحدٍ من بعده فأوتيه و سأل الله حين فرغ من بناء المسجد أن لا يأتيه أحد لا ينهز إلا الصلاة فيه أن يخرجه من خطيئته كيوم ولدته أمه فأوتيه) أو كما قال صلى الله عليه و سلم ..

فبهذا فإن بيت المقدس كان يشكّل جزءاً من الكيان العضوي أو الكيان السياسي لدولة الخلافة الإسلامية إن صح التعبير أو لأمة الإسلام في ظلّ استخلاف أبينا آدم عليه السلام .. طيلة عهد آدم و طيلة عشرة قرون على الإسلام بين آدم و نوح عليهما السلام ، و الجيل قد يكون بمعنى ألف سنة و القرن قد يكون بمعنى الجيل ، و الأجيال الأوائل كانت تعمّر كثيراً ، فآدم عمَّر ألف سنة و نوح ألف سنة أو يزيد ، فلو أخذنا بين آدم و نوح عشرة قرون على الإسلام كانت بيت المقدس في كنف المسلمين تقام عليها شرائع و شعائر الإسلام و نوح عليه السلام الذي يقول عنه رب العالمين في سورة يونس ((فَإِن تَوَلَّيْتُمْ فَمَا سَأَلْتُكُم مِّنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى اللّهِ وَ أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ)) (72) ..

ظلّت بيت المقدس في كنف المسلمين و ظلّ الأمر كذلك طيلة عهد الأنبياء و المرسلين الإمامة فيها للأئمة المسلمين و منهم إبراهيم عليه السلام الذي يقول عنه رب العالمين ((وَ إِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَ مِن ذُرِّيَّتِي قَالَ لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ)) .. 124)) البقرة .

و بهذه الآية تدلّ على أن الإمامة كانت لإبراهيم عليه السلام على بيت المقدس ، و كانت أيضاً له الإمامة على حرم الله الآمن ، و دراسة تاريخ إبراهيم على قدر كبير من الأهمية لأن اليهود يزعمون أن لهم حق مزعوم في أرض فلسطين بناءاً على وعد قطعه الله عز و جل على نفسه أن تكون فلسطين البيت المقدس لإبراهيم عليه السلام و ذريته من بعده ، و نحن نسلّم أن هذا الوعد صحيح لإبراهيم و ذريته و إبراهيم عليه السلام لم يكن يهودياً و لا نصرانياً كما أخبر رب العالمين ((يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تُحَآجُّونَ فِي إِبْرَاهِيمَ وَ مَا أُنزِلَتِ التَّورَاةُ وَ الإنجِيلُ إِلاَّ مِن بَعْدِهِ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ (65) هَاأَنتُمْ هَؤُلاء حَاجَجْتُمْ فِيمَا لَكُم بِهِ عِلمٌ فَلِمَ تُحَآجُّونَ فِيمَا لَيْسَ لَكُم بِهِ عِلْمٌ وَ اللّهُ يَعْلَمُ وَ أَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ)) (66) آل عمران .. ثم يأتي البيان ((ما كان إبراهيم يهودياً و لا نصرانياً)) و ورثة إبراهيم هم المسلمون لأن الكافر لا يرث مسلماً .. ((إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَ هَذَا النَّبِيُّ وَ الَّذِينَ آمَنُواْ وَ اللّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ)) .. (68) آل عمران .

و دراسة سيرة إبراهيم عليه السلام تؤكّد حقيقة لا مراء فيها أنه وجد على أرض العراق و قام بواجب الدعوة إلى الله الدعوة إلى الإسلام و لم يدعُ إلى يهودية و لا نصرانية ، و الدليل على ذلك ما ورد في سور البقرة ((وَ مَن يَرْغَبُ عَن مِّلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلاَّ مَن سَفِهَ نَفْسَهُ وَ لَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَ إِنَّهُ فِي الآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ)) .. (130) ، ((أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاء إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِن بَعْدِي قَالُواْ نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَ إِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَ إِسْمَاعِيلَ وَ إِسْحَقَ إِلَهًا وَاحِدًا وَ نَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ)) (133) البقرة ، يعقوب هو إسرائيل النبي المسلم الذي زعم اليهود أنهم ينتسبون إليه و هو يبرأ إلى الله عز و جلّ منهم في الدنيا و الآخرة .

إبراهيم أدرك و هو على أرض العراق أرض الإسلام أن الدعوة إلى الله واجبة فانطلق يدعو إلى الله عز و جل ، امتحِن فصبر ثم كانت النقلة من على أرض العراق إلى أرض بيت المقدس ((وَ نَجَّيْنَاهُ وَ لُوطًا إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ)) .. (71) .. و هذا دليل على الارتباط الوثيق بين أمة الإسلام على أرض العراق و على أرض فلسطين و جاءت حادثة الإسراء و المعراج لتؤكّد على هذا الارتباط بين المسجد الحرام و المسجد الأقصى و بين الجزيرة العربية و أرض الشام ((سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ)) .. (1)الإسراء ..

و من ثم نقلته إلى مصر و هي مشهورة في كتب التاريخ ثم رحلته بعد ذلك إلى حرم الله الآمن إلى مكة المكرمة لكي يستودع الله سبحانه زوجه و طفله و يعاود التحرك بين الأرض التي بارك الله فيها للعالمين و بين الأرض المقدسة ليقوم بفرض الله عليه إقامة هذا الدين دين الإسلام حتى لا تكون فتنة و يكون الدين كلّه لله …

إذن الإمامة على أرض فلسطين منذ عهد آدم عليه السلام مروراً بعهد الأنبياء و الرسل و منهم نوح و هود و صالح و إبراهيم و إسحق و يعقوب و داود و سليمان و زكريا و يحيى و عيسى كانت الإمامة دواماً للإسلام و لأمة الإسلام رغم وقوع هذه الأرض أحياناً في قبضة الاحتلال الأجنبي و القاعدة الشرعية كل أرض افتتحها المسلمون تصبح أرضاً إسلامية و إن عدا عليها الأعداء حتى يسعى المسلمون إلى تحريرها من قبضة أعداء الإسلام .

إن المصادر اليهودية التي تعرض لتاريخ اليهود على أرض فلسطين و التي زوّرها كتاب التوراة و الإنجيل و عاون على تزويرها المستشرقون و من سار على نهجهم تصمت عن تاريخ بيت المقدس منذ عهد آدم عليه السلام و تبدأ تاريخ فلسطين منذ عهد إبراهيم عليه السلام و هذه مغالطة على جانب كبير من الأهمية لآن السؤال الذي يطرح نفسه فلسطين منذ عهد آدم عليه السلام كانت في كنف من ؟! و لمن كانت الإمامة على أرض فلسطين ؟

في المصادر اليهودية في التلمود و التوراة و الإنجيل في التاريخ تصمت هذه المصادر العبرانية عن هذه الفترة تماماً ، و شاءت إرادة الله أن تكشف المصادر الإسلامية عن حقيقة تاريخ هذه الحقبة ما بين آدم و إبراهيم عليهم السلام و التي كانت الإمامة فيها على الدوام للأئمة المسلمين ..

أود أن أذكر أن هذه الأرض المباركة قد تعرّضت عبر التاريخ لغزوات من قبل الحيثيين أو من قبل من سماهم القرآن الكريم قوماً جبّارين و غالباً هم الحيثيون و كان ذلك في منتصف القرن الثالث عشر قبل الميلاد و كانت هذه الغزوة لأرض فلسطين معاصرة لحكم رمسيس الثاني في مصر الحاكم للدولة الفرعونية ..

للأسف أن كلّ كتب التاريخ قد تجاهلت غزوة الحثيين على أرض فلسطين ، و ذلك حينما فكّر اليهود بقيام كيانهم على أرض فلسطين وجدوا أنهم لا بد أن يكون لهم سندان ..

***الأول :عقــدي .

***و الثاني تاريـخي .

و من أجل إقامة الأول زوراً العهد القديم و الجديد و هذا ما قاله المؤرّخون أمثال ديران سيبكينو موسكاتي قال متى كتبت التوراة ؟ و من كتبها ؟ و من الذين صنّفوها ؟ و العصر الذي كتبت فيه و قال كتب في هذه الأسئلة خمسون ألف مجلد تركت بعدها الأسئلة دون إجابة …

الذين كتبوا التاريخ القديم تجاهلوا تماماً تلك الفترة ، و ليس ذلك فقط و إنما زوّروا تاريخ العقائد و إذا ما أراد الإنسان أن يتعرّف على تاريخ الكون و الإنسان و رجع إلى مصادر التاريخ القديم مثل الموسوعة التاريخية التي كتبها رانجر ، و قصة الحضارة دوران كلّها تجمِع على أنه لا إله ، و أن الإنسان من سلالة القردة و تطوّر من الخلية الحية التي نشأت في البرك و المستنقعات حتى وصلت إلى القرد ثم الإنسان ، و زعموا أن الدين من اختراع العقل البشري فكلّ دراسات التاريخ القديم تجاهلت الفترة من آدم عليه السلام حتى بعثة الرسول محمد صلى الله عليه و سلم و يدخل في هذه الفترة الحيثين و هي في منتصف القرن الثالث عشر قبل الميلاد ..

فكيف استطعنا أن نقول القوم الجبارين غالباً ما يكونوا هم الحيثيين ؟ الذي يقرأ التاريخ الفرعوني و تاريخ الشرق الأدنى القديم يدرك أن الفرعون المصري الوحيد الذي طال به العمر حتى وصل إلى 96 سنة و يسمح عمره بالوصول به إلى بعث موسى عليه السلام هو رمسيس الثاني ..

و الدليل الآخر أنه عند فحص الجثمان لرمسيس الثاني أثبتت التحاليل أنه مات غريقاً ((فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً وَ إِنَّ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ)) .. (92) يونس ..

و الدليل الثالث أن المعاهدة التي وقّعها رمسيس الثاني مع ملك الحيثيين أثبتت أن بيت المقدس من الناحية السياسية كانت تتبع الحكم المصري في ذلك الوقت و رمسيس الثاني فشل في انتزاعها من الحيثيين و الغريب أن كتاب السلطة في ذلك قد دوّنوا معركة قادش مع الحيثيين على جدران المعابد أن رمسيس الثاني قد انتصر و هذا تزوير للتاريخ أيضاً حتى القديم و ما كشف هذا التزوير وثيقة باللغة الحيثية و عند فحصها تبيّن أن رمسيس الثاني قد تنازل عن قادش و فلسطين لملك الحيثيين .. هذه القرائن التي بها استدلينا على هذه الفترة التاريخية للحيثيين ..

بقيَ أن نذكر أن التاريخ القديم أغفل تاريخ العقائد فتاريخ الفراعنة أغفل رسالة موسى عليه السلام إلى شعب مصر و أغفل رسالة نوح و إبراهيم و يونس عليهم السلام إلى أرض الرافدين و لم يذكر هذا التاريخ إلى من ينتسب أهل الأرض المقدسة (شعب فلسطين و الشام) و الذين هم ينتسبون إلى العرب و جدّهم سام بن نوح عليهم السلام و كلاهما نبيان عربيان و بعد حادثة الطوفان و نزول نوح و من معه من المسلمين على أرض العراق في قرية سنانيت عند جزيرة ابن عمر في شمال العراق ، و من هذه البقعة انطلق الجيل المسلم بقيادة أبناء نوح عليهم السلام و هم يافث و سام و حام في أرض الله كلّها لإقامة المجتمعات الإسلامية و منهم سام بن نوح الذي انطلق هو و إخوانه إلى أرض الجزيرة العربية فأقاموا المجتمعات الإسلامية .. معنى ذلك أن أهل الشام و فلسطين ينتسبون إلى العرب المسلمين من أبناء نوح سام نوح بن كنعان .

هذه الغزوة الحيثية التي جاءت إلى أرض فلسطين و شردت قطاعاً ضخماً من أهلها و التي عجز حكام مصر في ذلك الوقت عن دفعها لأسباب كثيرة منها أن حكام مصر الذين ادعوا الألوهية و الربوبية كما قال رب العالمين عن فرعون مصر ((وَ قَالَ فِرْعَوْنُ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرِي فَأَوْقِدْ لِي يَا هَامَانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَل لِّي صَرْحًا لَّعَلِّي أَطَّلِعُ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَ إِنِّي لَأَظُنُّهُ مِنَ الْكَاذِبِينَ)) … (38) القصص ..

حاكم مصر الذي عذّب و قتل كما قال رب العالمين ((وَ إِذْ نَجَّيْنَاكُم مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوَءَ الْعَذَابِ يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءكُمْ وَ يَسْتَحْيُونَ نِسَاءكُمْ وَ فِي ذَلِكُم بَلاء مِّن رَّبِّكُمْ عَظِيمٌ)) … (49) القصص .. و هو الذي قتل زوجته لأنها أسلمت لله رب العالمين ، هو الذي أصدر حكماً على كلّ طفل أن يقتل قبل أن يولد و هو في بطن أمه ، و هو الذي قتل السحرة لأنهم أسلموا لرب العالمين ، و هو الذي قتل الماشطة لأنها تجرّأت و ذكرت اسم الله أمام ابنته ، و هو الذي خرج لمنازلة الحيثيين ما كان له أن ينتصر لأنه لم يستكمل المؤهلات التي تؤهّله لنصرة أمته و تحرير مقدساتها و الوقوف في وجه الحيثيين فكان حريّاً به أن ينهزم و قد هزم فعلاً و تنازل عن حماية أرض القدس و وقعت بيت المقدس في يد الحيثيين أو من أسماهم القران الكريم قوماً جبارين ..

تمت مناقشة هذا الأمر لكي ندرك من خلال هذه المناقشة أن هذه الفترة التي لا تعرِض لها المصادر العبرانية عن تاريخ فلسطين و هي مجهولة لديهم و التعرّف عليها بالنسبة لنا مهم جداً و ندرك أيضاً أن هذه الأرض التي وقعت في أيدي الحيثيين ما حرّرها رمسيس الثاني و ما حرّرها أصحاب الشعارات القومية أو طلاب الدنيا ، ما حرّرها إلا الجيل المجاهد الجيل المسلم ..

شاءت إرادة الله أن تكون هذه الهجمة الحيثية التي استهدفت بلاد الشام كلها في وقتٍ معاصر لميلاد و بعثة موسى الرسول المسلم على أرض مصر في هذه الفترة التي هزم فيها رمسيس الثاني و ترك بيت المقدس نهباً مباحاً للحيثيين ضجّ الناس و ذهبوا إلى قائد مسيرتهم إلى موسى عليه السلام يذكّرونه بالأرض المحتلة المباركة و أنهم يريدون تحرير هذه المقدّسات و لكن فرعون مصر يحول بينهم و بين القيام بفرض الله عليهم فكان الرد يأتي من موسى عليه السلام ((قَالُواْ أُوذِينَا مِن قَبْلِ أَن تَأْتِينَا وَ مِن بَعْدِ مَا جِئْتَنَا قَالَ عَسَى رَبُّكُمْ أَن يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَ يَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الأَرْضِ فَيَنظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ)) … (129) الأعراف .

و حانت اللحظة الفاصلة و شاءت إرادة الله أن قيّض الفرصة فأهلك فرعون مصر ((فَانتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَ كَانُواْ عَنْهَا غَافِلِينَ)) … (136) الأعراف ..

و بعد أن تمّ التمكين للمسلمين بقيادة رسول الإسلام موسى لم ينسَ فلسطين فحشد الطاقات و ذكّر الأمة بفرض الله عليها كما ورد في سورة المائدة و وقف موسى في جموع المسلمين الذين أسلموا لله رب العالمين ((يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الأَرْضَ المُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللّهُ لَكُمْ وَ لاَ تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ فَتَنقَلِبُوا خَاسِرِينَ)) .. (21) المائدة ..

و لكن الجيل الجبان الذي لم تكتمل تربيته الإيمانية لم يستجب لدعوة موسى عليه السلام ((قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّ فِيهَا قَوْمًا جَبَّارِينَ وَ إِنَّا لَن نَّدْخُلَهَا حَتَّىَ يَخْرُجُواْ مِنْهَا فَإِن يَخْرُجُواْ مِنْهَا فَإِنَّا دَاخِلُونَ)) .. (22) المائدة ، و لكن الصف المسلم لم يحرم ممن يذكرون إخوانهم بفرض الله عليهم تجاه بيت المقدس ((قَالَ رَجُلاَنِ مِنَ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِمَا ادْخُلُواْ عَلَيْهِمُ الْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ وَ عَلَى اللّهِ فَتَوَكَّلُواْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ (23) قَالُواْ يَا مُوسَى إِنَّا لَن نَّدْخُلَهَا أَبَدًا مَّا دَامُواْ فِيهَا فَاذْهَبْ أَنتَ وَ رَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ)) .. (24)المائدة .

الجيل الجبان في عهد موسى هو نفس الجيل الجبان المعاصر الذي يقول من يريد القتال فليذهب إلى القتال و هم لم يخلوا بين المجاهدين و عدوهم ، و لا يخلوا الناس من الوثاق الذي أوثقوهم به !!!!!! ، و ماذا يفعل صاحب الدعوة (موسى) ((قَالَ رَبِّ إِنِّي لا أَمْلِكُ إِلاَّ نَفْسِي وَ أَخِي فَافْرُقْ بَيْنَنَا وَ بَيْنَ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ)) .. (25) .

و من هنا تحرير بيت المقدس فريضة و الجهاد فريضة و الأمة طالت غفلتها إلا من رحم ربي و عندما لا يستجيب الناس فإن أصحاب الدعوة لا يملكون إلا المفاصلة إلا البراءة من الجيل الجبان و أهله لأنهم يدركون أن النكوص عن تبعة التكليف ستترتّب عليها عقوبة فيخشون العقوبة أن تنزل و هم يخالطون الجيل الجبان دون البراءة منه فكان لا بدّ من البراءة ، وجاء البيان الرباني فقال ((قَالَ فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الأَرْضِ فَلاَ تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ)) .. (26) المائدة .. فعاقبهم الله بالتيه ..

و هذه العقوبة التي أنزلها الله بأمتنا الآن ، فالأمة تائهة و لا تدرك كيف السبيل للخروج من مأزقها الراهن و التيه مرض لا يبرئ منه إلا الله عز و جل و العلاج بالعقيدة الصحيحة و التربية على منهج الكتاب و السنة ، و هنا يجدر بالمسلمين الوقوف أمام هذا النص القرآني لأنه مفتاح أزمتنا الراهنة و فيه معالم الطريق الذي يجب أن يسلكه المسلمون لاسترجاع الأرض المباركة ..

إن الله سبحانه و تعالى هو الذي انتدب موسى عليه السلام ليقود قومه لاستعادة الأرض المباركة و الله هو الذي أوقع عقوبة التيه على الذين نكصوا عن حمل أمانة التكليف (الجيل الجبان) و هذا يعني أن الأمة معاقبة بالتيه لنكوصها عن التكليف و أن تخرج من هذا التيه إلا إذا عادت لربها و حملت أمانة التكليف من جديد و هذا النص القرآني يشكّل مجموعة دروس …

أولاً : أن بلاد الشام و فلسطين كتبها الله للمؤمنين الموحّدين و بهذا يقول الإمام القرطبي التي كتب الله لكم أي فرض دخولها عليكم ..

ثانياً : لا يجوز للكفر و لا أهل الشرك أن يكون لهم ولاية على بيت المقدس ..

ثالثاً : أن الأمة المسلمة هي أمة مجاهدة و يجب أن تكون كذلك إلى يوم القيامة ، فالجهاد ماضٍ إلى يوم القيامة كما أخبر رسول الله محمد صلى الله عليه و سلم .

رابعاً : إن النصر بيد الله و ما على المؤمنين إلا أن يأخذوا بالأسباب و منها الإيمان بالله و التوكّل عليه و إطاعته في أمر و الانتهاء عما نهى (قَالَ رَجُلاَنِ مِنَ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِمَا ادْخُلُواْ عَلَيْهِمُ الْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ وَ عَلَى اللّهِ فَتَوَكَّلُواْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ)) .. (23) المائدة ..

خامساً : ضرورة الحث على الجهاد في سبيل الله لتحرير الأرض المباركة من الأيدي التي اغتصبتها و الدليل على ذلك توجيه رب العالمين على لسان موسى لقومه (وَ إِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ اذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنبِيَاء وَ جَعَلَكُم مُّلُوكًا وَ آتَاكُم مَّا لَمْ يُؤْتِ أَحَدًا مِّن الْعَالَمِينَ (20) اشكروا نعمة الله عليكم)) … و شكر النعمة سيتوجب توظيفها في تحرير المقدسات و الذود عن الأعراض … ((وَ مَا لَكُمْ لاَ تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَ النِّسَاء وَ الْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَ اجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا وَ اجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ نَصِيرًا)) … (75) النساء .

سادساً : إن الجيل المؤهّل لاسترجاع الأرض المقدسة هو الجيل المسلم المجاهد في سبيل الله و ليس الجيل الجبان لأن الجهاد شرف و الاستشهاد شرف و التضحية شرف و هذه لا يستحقّها الجيل الجبان الذي فرّط في دينه و مقدّساته و خذل إخوانه على أرض بيت المقدس ..

سابعاً : إن ما يجري و جرى على عهد موسى عليه السلام و يجري الآن هو تمييز للصف و هو ابتلاء ليميز الله الخبيث من الطيب ليهلك من هلك عن بينة و يحيى من حيّ عن بينة ليحقّ الحق بكلماته و يقطع دابر الكافرين … من هنا نتبيّن ضرورة تمييز الصف المسلم المجاهد الذي يعدّ نفسه لاستعادة الأرض المقدسة عن الصف غير المسلم و لله المنة و هذا ما يتّضح الآن على أرض فلسطين و غيرها من ديار الإسلام و ما كان لها أن تتميّز إلا في هذه الظروف ، و في هذا قال الله ((فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَ اللّهُ أَرْكَسَهُم بِمَا كَسَبُواْ أَتُرِيدُونَ أَن تَهْدُواْ مَنْ أَضَلَّ اللّهُ وَ مَن يُضْلِلِ اللّهُ فَلَن تَجِدَ لَهُ سَبِيلاً)) .. (88) النساء ، والمنافقون هم الذين ضيّعوا مقدسات هذه الأمة و فيهم قال سبحانه و تعالى ((إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَ لَن تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا)) .. (145) … إذن لا تحسبوا فيما يحدث أنه شرّ بل خير لكم ..

ثامناً : أن الجيل الجبان الذي يقول إنه لا طاقة له بقتال اليهود و أمريكا و روسيا لامتلاكهم أسلحة ضخمة هو صورة مكرّرة للجيل الجبان الذي عوقب بالتيه أربعين عاماً ، و الأمة معاقبة بنفس العقوبة و كلما حاول الناصحون توجيهها إلى الطريق الصحيح لتحرير المقدسات و هو طريق حركة المقاومة الإسلامية و الحركات المجاهدة على أرض فلسطين و على أرض العراق صمت آذانها و وصفتهم بالرجعية و التطرّف و الإرهاب و كان لا بد أن تجري عليها السنن الربانية ((يا أيها الذين آمنوا من يرتدّ منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقومٍ يحبّهم و يحبّونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين يجاهدون في سبيل الله و لا يخافون لومة لائم)) .. (54) المائدة .

تأتي المرحلة الأخرى بعد هلاك الجيل الذي نكص عن حمل أمانة التكليف و قيّض الله له القائد المسلم و هو يوشع بن نون عليه السلام الذي لم ينسَ القدس و أن تحريرها لا يمكن أن يكون إلا على أكتاف إنسان العقيدة فأعدّ لكلّ شيء عدّته و حشد الطاقات و ذكّر الأمة بفرض الله عليها هذا النبي الذي تربّى على يد موسى عليه السلام كان يؤمن أن وعد الله لن يتغيّر ((وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَ عَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَ لَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَ لَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَ مَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ)) … (55) النور … كان هذا النبي يؤمن إيماناً راسخاً بأمر الله ((وَ إِذْ قِيلَ لَهُمُ اسْكُنُواْ هَذِهِ الْقَرْيَةَ وَ كُلُواْ مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ وَ قُولُواْ حِطَّةٌ وَ ادْخُلُواْ الْبَابَ سُجَّدًا نَّغْفِرْ لَكُمْ خَطِيئَاتِكُمْ سَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ)) … (161) الأعراف …

يقول الإمام القرطبي في الجامع لإحكام القرآن عن القرية إنها بيت المقدس و يقول المفسّرون إن يوشع بن نون قد افتتح بيت المقدس في يوم الجمعة و حين همّ بافتتاحها و دنت الشمس من الغروب خشيَ أن دخلت ليلة السبت أن يسبتوا فنادى للشمس قائلاً : (إني مأمور و إنك مأمورة) فوقفت الشمس حتى افتتحها المسلمون المجاهدون بقيادة يوشع بن نون النبي المسلم …

إن الله سبحانه و تعالى علمنا أن الجيل الجبان غير مؤهّل لتحرير بيت المقدس و لا بد أن يهلك و يخرج الجيل المجاهد من صلبه حتى يتم تحرير بيت المقدس …

ما يلفت النظر في حياة يوشع بن نون و هو خارج إلى تحرير بيت المقدس أنه كان حريصاً على تمييز الصف من الذين يحبون الدنيا و يكرهون الموت ((لَوْ خَرَجُواْ فِيكُم مَّا زَادُوكُمْ إِلاَّ خَبَالاً و لأَوْضَعُواْ خِلاَلَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَ فِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ وَ اللّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ)) .. (47) التوبة ، فوقف يوشع بن نون خطيباً في قومه و الدليل ما رواه الرسول محمد صلى الله عليه و سلم ((غزا نبي من الأنبياء فقال لقومه لا يتبعني منكم رجل ملك بضع امرأة و هو يريد أن يزني بها و لا أحد بنى بيوتاً و لم يرفع سقوفها و لا أحداً اشترى غنماً و هو ينتظر أولادها فغزا فدنا من القرية صلاة العصر أو قريباً من ذلك فقال للشمس إنك مأمورة و أنا مأمور اللهم احبسها علينا فحبست حتى فتح الله عليهم بيت المقدس)) ، أو كما قال صلى الله عليه و سلم رواه مسلم و أحمد في مسنده و رصده الألباني في صحيح الجامع الصغير تحت رقم 4029 .. إن هذه الفترة من تاريخ بيت المقدس تقدّم لنا الكثير من الدروس المستفادة :

أولاً : أن لله في حياة الأمم و الشعوب سنن لا تتغيّر و لا تتبدل و منها أن نكوص الناس عن الاستسلام لأوامر الله سبحانه و تعالى و من هذه الأوامر الجهاد لتحرير المقدسات و كسر شوكة الأعداء يؤدّي لاستبدالهم بأقوام آخرين يطيقون للاستسلام لأوامر الله عز و جل و قطاع كبير من هذه الأمة يتعرّض الآن لسنة الاستبدال ..

ثانياً : أن الله سبحانه و تعالى قد وعد الذين آمنوا و عملوا الصالحات و لا يشركون بعبادته أحداً بالتمكين و الاستخلاف في الأرض و نشر ظلال الآمن و الطمأنينة ..

ثالثاً : الجهاد المحك الحقيقي الذي يتميّز من خلاله الخبيث من الطيب داخل الصف المسلم يقول الله تعالى ((ليميز الخبيث من الطيب)) ..

رابعاً : ليس بالضرورة أن يكون الصف المسلم على درجة واحدة من الاستسلام لله عز و جل حتى يتحقّق نصر الله عز و جل و إنما قد يضمّ الصف المسلم من ظلم نفسه بعدم الطاعة لله ..

خامساً : أن من سنن الله الثابتة في حياة بني البشر إصابتهم بالأوجاع و الأسقام حينما يخالفون أوامر الله سبحانه و تعالى ، بل إنه يكتب عليهم الذلة و الاستكانة كما جاء في الحديث ((يوشك أن تداعى عليكم الأمم كما تتداعى الأكلة على قصعتها ، قالوا : أو من قلة نحن يومئذ يا رسول الله ؟ ، قال : بل أنتم يومئذ كثير و لكنكم غثاء كغثاء السيل لينزعن الله المهانة من قلوب أعدائكم و يقذف الوهن في قلوبكم .. قالوا : و ما الوهن يا رسول الله ؟ ، قال : حب الدنيا و كراهية الموت)) أو كما قال رسول الله صلى الله عليه و سلم .

حديث الرسول ((إذا تبايعتم بالعينة و رضيتم بالزرع و تبعتم أذناب البقر و تركتم جهادكم سلّط الله عليكم ذلاً لا ينزعه عنكم حتى تراجعوا دينكم)) ، و في حياة موسى عليه السلام و في حياة الجيل المجاهد بقيادة يوشع بن نون نلمَح نفس الدرس حينما أمرهم رب العالمين ((وَ إِذْ قِيلَ لَهُمُ اسْكُنُواْ هَذِهِ الْقَرْيَةَ وَ كُلُواْ مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ وَ قُولُواْ حِطَّةٌ وَ ادْخُلُواْ الْبَابَ سُجَّدًا نَّغْفِرْ لَكُمْ خَطِيئَاتِكُمْ سَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ (161) فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُواْ قَوْلاً غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَنزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ رِجْزاً مِّنَ السَّمَاء بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ)) .. (59) البقرة .

إن الذنوب و المعاصي تعزِل العبد عن رحمة الله عز و جل و تحرمه من نصرة الله سبحانه و تعالى و تعرّضه للعقوبة ..
سادساً : أهمية الأرض المقدسة عند الله عز و جل و كونها وقف إسلامي و تحريرها فريضة في رقاب المسلمين لم تغب هذه الحقيقة عن الجيل الذي أعقب جيل موسى عليه السلام ، و هكذا يجب أن تكون عبر التاريخ في أذهان المسلمين ..
سابعاً : المجاهدون المسلمون الذين خرجوا مع يوشع بن نون لتحرير بيت المقدس كانوا قلة و لكن الله أيّدهم بنصره و كان معهم في الصف أيضاً قلة خالفوهم و نكصوا عن أمر الله و أمر رسوله و نكلوا عن طاعة أوامر قادتهم فيما أمرهم به من الجهاد فضعفت أنفسهم عن منازلة الأعداء مع أن الله وعد المسلمين بالظفر و النصر على أعدائهم فكان حقاً على الله أن يستبعدهم عن جهاده لأن الجهاد شرف و الاستشهاد شرف ..

ثامناً : إن الذين يحتلّون الأرض المباركة فلسطين جبابرة كما هو الموقف الآن وجود القتلة سفاكو الدماء من الذين لا يرقبون في مؤمن إلاً و لا ذمة الذين يحوزون كلّ مقوّمات القوة الظاهرة و ما داموا هم كذلك فإن الجيل المؤهّل للجهاد في سبيل الله و تطهير الأرض المقدسة من تسلّط هؤلاء القوم هم الذين تحرّروا من حب الدنيا و يعيشون على الأرض و هو يرنون بأبصارهم إلى جنة عرضها السماوات و الأرض و نحسبهم جيل الانتفاضة على أرض فلسطين و على أرض العراق و غيرها من ديار الإسلام ..

ظلّت أرض الإسلام حرة بأيدي المسلمين إلى أن سطا عليها عدوّ غادر في عهد داود و سليمان و طالوت عليهم السلام و شاءت إرادة الله أن يقيّض لهذه الهجمة التي وقعت في حوالي منتصف القرن التاسع قبل الميلاد الجيل المجاهد لها …
الذين غزوا فلسطين في هذه الفترة هم الذين أسماهم القرآن الكريم جالوت و جنوده لعلّهم هم الآشوريون الذين يذكر منهم آشور بني بال ، آشور ناصردال ، و نبوخذ نصر هؤلاء هم الذين سطوا على بيت المقدس في منتصف القرن التاسع قبل الميلاد ، فقيّض الله لهم جيلاً مجاهداً لتحرير بيت المقدس و دفع العدوان عن أرضها .

نريد أن نذكر أن بيت المقدس قد تعرّض لعددٍ من الغزوات من الحثّيين و الآشوريين و الفرس و الرومان و لكن رغم هذه الغزوات التي كانت تشرّد الكثير من أهل الديار و لكن ظلّت القدس شامخة بقدسها و مسجدها و دليل ذلك حادثة الإسراء و المعراج التي صلّى فيها الرسول صلى الله عليه و سلم الذي صلّى بالمسجد الأقصى و جمع له الأنبياء و المرسلون و صلّى بهم إماماً و عندما رجع إلى مكة و طلب منه الكفار وصف المسجد الأقصر رفع له المسجد ، أي أن المسجد الأقصى كان موجوداً في هذه القترة من تاريخ بيت المقدس في ظلّ الاحتلال البيزنطي و ظلّ المسجد الأقصى تقام به شعائر الإسلام أثناء الاحتلال الآشوري و في عهد الاحتلال البابلي كما سنعرِض لذلك في المحاضرات القادمة …

القدس والتزوير اليهودي لأحداث التاريخ

إن خير مثال يمكن أن يضرب عن الخطاب الأسطوري ذي البنية النصية القصصية، والذي يفترض نفسه خطاباً تاريخياً ذا بنية علمية، هو «العهد القديم» والخطاب الأسطوري يعتبر أن التاريخ هو تصريف الإرادة الإلهية على الأرض دون الأخذ بأسبابه الموضوعية المجتمعية الاقتصادية، وقد كان هذا التصور يشمل كل أنواع المعتقدات، والخطابات في العهود القديمة، وقد تغير هذا التصور في سياق الصيرورة الإنسانية، وأصبح الإنسان ينظر إلى التاريخ على أنه نتاج، لا قوى غيبية إلهية، بل محصلة لجملة من المعطيات الجدلية للعلاقات بين جماعات لها انتماءاتها الأثنية، أو الاقتصادية، أو السياسية، في إطار جغرافي معين، وهذا الجدل يتمسرح على أرض الواقع بين محورين محددين بزمان محدد، ومكان محدد (الزمكان).

وفي بحث هام من ابتكار الماضي اليهودي الوهمي الذي دخل مع الحاضر في صراع عالمي يقدم الباحث فراس سواح كتابه (تاريخ أورشليم) على أنه تتمة لكتابه السابق (آرام دمشق والسامرة)، وقد أعطى بطاقة تعريفية للكتاب جاءت على الدفة الخلفية للكتاب (تتخذ معالجاتي لتاريخ فلسطين القديمة، وفي هذا الكتاب، من أورشليم نقطة انطلاق ونهاية، ومحوراً يدور حوله البحث بكامله، وذلك في محاولة لنزع غلالات الخرافة عن هذه المدينة، والكشف عن تاريخنا الحقيقي، وعن تاريخ فلسطين المدفون تحت ركام من الحكايا التوراتية، وركام آخر من البحث التاريخي المصاب بعمى الألوان التوراتي، سوف يغطي البحث فترة تزيد على ألفي سنة من تاريخ أورشليم، في السياق العام لتاريخ فلسطين، كما يغطي أيضاً ثلاثة آلاف عام من تاريخ فلسطين الكبرى، في السياق العام لتاريخ سوريا والشرق القديم).

ويضيف، أنه سيحاول من خلاله أن يجيب عن خمسة أسئلة:

– من هم اليهود، ومتى تشكلت الأثنية اليهودية في فلسطين؟
– متى نشأ الدين اليهودي، وأين، وكيف؟
– هل كان لليهود كيان سياسي في فلسطين؟ وما هو المدى الزمني والجغرافي لهذا الكيان في حال وجوده؟
– هل دانت فلسطين باليهودية في يوم من الأيام؟
– ما العلاقة بين التاريخ اليهودي وتاريخ مملكتي إسرائيل ويهوذا، وتاريخ فلسطين الكبرى على وجه العموم؟

ويبدأ السواح بحثه بنبذة عن حملات التنقيب والبحث الأركولوجي في فلسطين ككل، وفي مدينة القدس «أورشليم» على وجه الخصوص، مع التركيز على النتائج التي توصلت إليها الباحثة المعتدلة كاثلين كينون، والتي أكدت من خلال دراساتها، وبحثها الأركولوجي، استحالة الوجود التاريخي لهيكل سليمان المزعوم، وأن البحث عن الهيكل المزعوم هو لهاث وراء السراب.

ولم تبدأ الأعمال التوسعية في مدينة أورشليم إلا في القرن الثامن قبل الميلاد، ويعتقد الديمغرافيون أن عدد سكانها في القرن العاشر قبل الميلاد لم يكن يتجاوز ألفي نسمة، بل إن المؤرخ تومبسون يعتقد بأن كل من كان في مرتفعات يهوذا (الواقعة بين القدس وحبرون – الخليل – في الجنوب) لم يكن أكثر من ألفي نسمة.

وكانت منطقة أورشليم ككل المناطق المحيطة بها تعاني من حالة بائسة، وكانت من المدن الصغيرة نسبة إلى مدينة حاصور في الجليل، ومدينة مجدو في سهل يزرعيل (مرج بن عامر)، كما إنها كانت ذات طابع ريفي متواضع.

كما أن الباحثين الديموغرافيين يقدرون عدد سكان فلسطين في تلك الفترة – القرن العاشر قبل الميلاد – بمائة ألف نسمة وهذا العدد أقل من عدد العمال الذين شاركوا في بناء الهيكل المقدس، والقصور والمباني الإدارية كما جاء في التوراة.

أما بالنسبة للقصة التي وردت في التوراة والتي تقول: إن الملكة السبئية بلقيس كانت قد زارت الملك سليمان بعد أن سمعت بعظمته، فقد أورد فراس سواح أن مملكة سبأ لم يكن لها وجود قبل القرن الرابع قبل الميلاد، وهذا إضافة إلى أن تفنيد المقولة التوراتية، يؤكد أن تحرير النص قد تم بعد القرن الرابع قبل الميلاد لأن المحرر التوراتي كان على دراية بوجود مملكة سبأ التاريخية التي قامت في جنوب غرب شبه الجزيرة العربية.

أما المقولة التوراتية حول أن الملك سليمان كان قد تزوج ابنة فرعون مصر من بين الألف زوجة التي كانت له (الذي لم يعط المحرر التوراتي لا اسم الفرعون – والذي كان قد قدم مهراً لابنته بدل أن يقدم سليمان مهراً للفرعون وكان هذا المهر مدينة لخيش القريبة من أورشليم – ولا اسم الأميرة الفرعونية التي تزوجها الملك سليمان، وأن المحرر التوراتي لم يكن على علم بالتقاليد الفرعونية التي كانت تمنع زواج الأميرات المصريات من الملوك، وغير الملوك الأجانب وقد أوردت ذلك عدة حوادث تؤكد هذه المقولة).

أما بالنسبة للمؤرخين التوراتيين الذين حاولوا أن يثبتوا أن الملك سليمان هو شخصية تاريخية بعد أن عزلوا كل ما هو أسطوري وخرافي من القصة، فيقول فراس سواح (إن المؤرخين التوراتيين اعتقدوا أن بإمكانهم عزل المثيولوجي والخرافي من أجل الكشف عن الحقيقة في سيرة سليمان، وهم في ذلك لا يعون مسألة على غاية من الأهمية في فهم النص التوراتي، سواء في هذه السيرة أم في غيرها، وهي أن العناصر المثيولوجية والخرافية هي جزء لا يتجزأ من القصة).

وتحدث عن أزمة التاريخ التوراتي، وأزمة المدرسة المحافظة وكبار معلميها الذين بدأوا بالانقراض لحساب المعتدلين والراديكاليين، خاصة في العقد الأخير بعد البينات الأركولوجية التي دحرت المقولات التوراتية، وبذلك مقولاتهم أيضاً، ولم يبق منهم من يتمترس وراء المقولة التوراتية إلا من تمترس بالصمت الكامل، وقد دعم الكاتب والباحث التاريخي فراس سواح وجهة نظره بأقوال الباحثين العالميين وعلى اختلاف مدارسهم المحافظة والمعتدلة والراديكالية، وخاصة مقولات المحافظين الذين ضخموا مملكة داوود، يقول فون راد عن المملكة الداودية (وبفضل إنجازاتها في مجال الكتابة التاريخية التي تحققت بشكل مستقل، واتخذت شكلاً ناضجاً منذ البداية، يجب أن تعد حضارة "إسرائيل" في مستوى ما تم إنجازه في اليونان بشكل أوسع بعد عدة قرون)، وإضافة إلى استشهاده بالمقولات ذات العلاقة لتوضيح وإضاءة وجهة نظره، أرفق كتابه بمجموعة من الخرائط، والصور التي تضيء للقارئ المواقع الجغرافية، وبعض المواقع الأثرية، وبعض القطع الآثارية التي استشهد بها.

وقد قام فراس السواح بمناقشة ودحر المقولة التوراتية، ومن يتبناها من الباحثين المحافظين من خلال إثبات أن تلك المقولة لا تتقاطع أبداً، بل وتتعارض مع المعطيات الأركولوجية والستراتيغرافية، وآثار التبدلات البيئية التي ساهمت بجزء كبير في صناعة التاريخ، وخاصة موجات الجفاف (الميسيني) التي كانت قد أنهت الكثير من الحضارات العارضة التي كانت قائمة في العصور القديمة، ثم استبدلتها بحضارات جديدة، ولكن هذه التبدلات البيئية العميقة، رغم عمق التحولات التي أحدثتها، لم تستطع أن تنهي الوجود الحضاري الأصيل لأبناء المنطقة الأصليين من آراميين وكنعانيين، والذي مهما انكمش هذا الوجود الحضاري بسبب سوء الظروف البيئية والسياسية العالمية، يعود وينطلق ثانية كطائر العنقاء في سماء الحضارة الإنسانية بأسماء جديدة.

وقد استشهد الباحث السواح لدعم ما يذهب إليه، بما ترك أصحاب الحضارات القديمة من حوليات ونصوص ونقوش أثرية، خاصة منها الحوليات الآشورية، والبابلية، أما الفترات التي بخلت فيها النصوص التاريخية علينا بالمعلومات، فقد وظف السواح بدلاً عنها المحاكمة العقلية للوصول إلى مقاربة وتشخيص تلك الفترة المعتمة بقصد إضاءتها، والتمييز بين ما يمكن اعتباره خطاباً لاهوتياً أو أيديولوجياً، وما يمكن اعتباره تاريخياً في المقولة التوراتية.

وركز في حديثه على تاريخ أورشليم عاصمة مملكة يهوذا وهي موضوع البحث، وتغيراتها الجغرافية، والديمغرافية على تعاقب العصور، وعلى تعاقب الحضارات وصولاً إلى ربيع سنة 70 للميلاد عندما قام تيتوس ابن إمبراطور روما آنذاك فسبازيان بحملة على أورشليم وحاصرها إثر تمرد عسكري يهودي، وتمكن في صيف نفس السنة من دخولها، وقتل كل المتمردين وإحراق من تحصن في الهيكل المقدس الذي سواه مع التراب، والذي لم يبق من أثر له سوى قسم من سوره الغربي، وهو ما تسميه الجماعات اليهودية بحائط المبكى (حائط البراق)، والذي يزورونه في التاسع من أغسطس من كل عام ليسفحوا عليه دموع الندم.

وبهذه الضربة القاصمة أنهى الرومان بقيادة تيتوس الوجود اليهودي في أورشليم، أما من تبقى منهم في الأرياف، فقد قام إمبراطور روما هادريان سنة 135 للميلاد على أثر تمرد آخر بإنهاء وجودهم في بلاد كنعان بشكل نهائي، وقام ببناء مدينة جديدة على أنقاض مدينة أورشليم سماها (ايليا كابتولينا).

أما اليهود الذين بقوا على قيد الحياة فقد تشتتوا في أصقاع العالم، حيث امتزجوا وتمازجوا بالشعوب على اختلاف أنواعها، وخرج الكثير من اليهود من حظيرة الديانة اليهودية نحو المسيحية والإسلام، كما دخل الكثير من الجماعات إلى اليهودية أيضاً، وامتزجت الدماء والعروق وبقي شيء واحد يتحرك عبر التاريخ هو الدين اليهودي إلى أن استطاع اتباع اليهودية بقيادة الصهيونية في بداية القرن المنصرم من إعادة معتنقي اليهودية إلى فلسطين ليبنوا ضمن رؤية مستقبلية مريضة الماضي الوهمي على أرض الحاضر.

صلاح الدين الأيوبي وتحرير القدس
منذ عام‏ (492‏ هـ‏) (1099)‏ ميلادية ودماء العرب بمدينة القدس ارتوت بها الأرض بيد الحملة الفرنجية التي ضمت الشباب المجرم الذي أزعج أوروبا بالقتل والسلب والنهب حيث كانت تسودها الفوضى من مشاكل اجتماعية واقتصادية وسياسية وفروق شاسعة بين الطبقات فأراد البابا‏ (إربان الثاني‏)‏ التخلص من الشباب المجرم فأثار مشاعرهم بالوعد بالغفران لكل من يذهب لتحرير القبر المقدس من يد المسلمين‏.‏ فقاد الإمبراطور ‏(‏الكسيوس‏)‏ البيزنطي حملة عسكرية وضم المجرمين معهم وتخلصت أوروبا منهم فهزم الأتراك وزحفوا إلى مدينة القدس وهدموا الأسوار الخارجية وتسلقوا الأسوار الداخلية‏.‏

وهجموا على سكان المدينة وقتلوا جميع أهلها من مسلمين ومسيحيين وألقوا بجثثهم خارج القدس وأصبحت الشوارع والأزقة والحارات مليئة بالدماء‏.‏ واستولوا على جميع المساكن وما تحويه‏،‏ وتمت هذه المجزرة في عام ‏(1099‏ م‏).‏ بعدما كان أهلها من المسلمين والمسيحيين يعيشون في محبة وإخاء منذ تسلم مفاتيح القدس سيدنا عمر بن الخطاب من البطريرك‏ (‏صفرمينوس‏)‏ بتاريخ‏ (12‏ هـ‏) (637‏ م‏).
وشاء الله أن يولد صلاح الدين بمدينة كريت في عام ‏(532‏ هـ‏)‏ في وسط عائلي من المجاهدين‏، وفي صباه وجد كبار العائلة يرتدون العمائم السوداء حزناً على استعمار الفرنجة لمدينة القدس وضياع كرامة العرب‏.‏ فجند صلاح الدين نفسه لخدمة الوطن مع أقاربه‏.‏ وشعوره بالوطنية مع مر أيام عمره تمت وترعرعت ونية تحرير القدس في قلبه سكنت وانتظر اليوم الموعود لتحقيق رغبته‏.‏
مرت الأيام وتولى صلاح الدين قيادة الجيوش العربية في عهد الملك المجاهد‏.‏ فبداية أمانيه تحققت‏.‏ وعندما توفي الملك المجاهد تولى صلاح الدين سلطته عام‏ (567‏ هـ‏).‏
وبعدما تمكن من الحكم اتخذ مصر عاصمة لمملكته‏.‏ واهتم بجميع النواحي الاجتماعية وتحصين مصر بالأسوار والسدود وإقامة القلعة وإنشاء أول مدرسة في مصر للتعليم‏.‏ وبالرغم من كثرة الأعمال كان فكره مشغولاً بتحرير القدس‏.‏
فترك كرسي السلطة بتاريخ‏ (11‏ مايو عام‏ 1182م‏)‏ وعهد بتكملة مشروعاته لرجال من الصالحين‏،‏ وانقطع للجهاد الأعظم في سبيل الله والوطن‏.‏ وتهيئة العالم العربي للكفاح المقدس وإعداد ما استطاع من قوة ليرهب عدو الله وتحرير بيت المقدس وردها لأهلها وللعالم العربي‏.‏ ظل يتنقل بين أنحاء مملكته لاختيار رجال من المدربين على القتال‏.‏ وعندما اطمأن على القوة اللازمة،‏ حارب ملوك أوروبا بعزيمة وقوة إيمان،‏ وانتصر عليهم وحاصر مدينة القدس حصاراً محكماً حتى دخلها وجنوده الأبطال مهللين مكبرين في يوم الجمعة ليلة الإسراء والمعراج ‏(583‏ هـ‏) (2‏أكتوبر‏1187)‏ وأقاموا صلاة شكر لله بالمسجد الأقصى ودقت أجراس الكنائس تعبيراًَ عن المحبة والإخاء كتعاليم الدين الإسلامي والمسيحي‏.‏ أعاد صلاح الدين بحسه الوطني مدينة القدس بعد الاستيلاء عليها ‏(93‏ سنة‏)‏ ورد كرامة العرب ورفع رأسهم‏.‏ وابتدأ في تعمير المدينة وتمهيد طرقها وترميم مبانيها من مساجد وأديرة وكنائس‏.‏
جاهد صلاح الدين طوال حياته لا باحثاً عن مال أو شهرة ووافته المنية بعد ست سنوات من تحرير القدس وانتقل إلى رحمة الله مرضياً بعد أن أدى الرسالة والأمانة حاكماً عادلا‏ً.‏ وترك دولة تمتد من الدجلة إلى النوبة وإلى برقة ودفن بدمشق في ‏(‏مارس ‏1192)‏ ووجدوا في خزائنه ديناراً واحدا وسبعة وأربعين درهماً‏.‏ لأنه عاش زاهدا للمال لأنه في صباه سمع عن خطبة لرسول الله صلى الله عليه وسلم حذر فيها المسلمين من الخطر المادي فروى أنه قال ‏(ما الفقر أخشى عليكم ولكن أخشى أن تبسط عليكم الدنيا كما بسطت على من قبلكم فتنافسوها كما تنافسوها وتهلككم كما أهلكتهم رحم الله صلاح الدين‏.‏ والتاريخ يعيد نفسه فنزيف الدم العربي يجري بأرض فلسطين واستعمرتها "إسرائيل" وأصبحت خراباً منذ أيار ‏1948‏ وعاد الاستعمار والسيطرة وإراقة الدماء العربية بأرض العراق والعالم العربي غمرته سود الأهاويل وينتظر التحرير والسلام من جديد‏.‏

أثريون يؤكدون عروبة القدس بألف وثيقة
في إطار المحاولات الإسرائيلية لتهويد مدينة القدس الشريف وصدور القرار الأميركي بالاعتراف بالقدس عاصمة لـ"إسرائيل" أصبح ضرورياً للأثريين تأكيد عروبة القدس والحق التاريخي للعرب والمسلمين فيها لذلك كان تحقيق «بيان الأربعاء» التالي والذي أجرته مع عدد من الأثريين لتأكيد الحق التاريخي للعرب في مدينة القدس التي لا تعد مدينة من عشرات الآلاف من مدن الأرض وحسب ولكنها رمزا للصراع العربي الإسرائيلي لأجيال في تاريخ المنطقة.

ويؤكد المؤرخون وخبراء الآثار أن "إسرائيل" ليست لها آثار في الأرض المحتلة كما تزعم وأن هذه الآثار عربية إسلامية بحكم التاريخ والموقع وهو ما تؤكده أيضاً المصادر التاريخية والوثائق الأثرية القديمة.
ولعل أهم ما يثبت عروبة القدس وتاريخها الإسلامي هي النقود ولذلك يؤكد الدكتور رأفت النبراوي عميد كلية الآثار بجامعة القاهرة أن النقود التي تم صكها خلال العصور الإسلامية تثبت وتبرهن على عروبة القدس باعتبارها من الوثائق الرسمية وأن هذه النقود سواء كانت من العملات الذهبية أو الفضية أو النحاسية أو البرونزية وثائق رسمية لا يمكن الطعن في قيمتها التاريخية أو فيما يرد عليها من كتابات وزخارف آدمية أو حيوانية أو هندسية أو نباتية وهذه النقوش كان يسجل عليها اسم إيليا وهو الاسم الذي أطلقه الإمبراطور الروماني «مادريان» على مدينة القدس بعد حرقها وهدم بقايا هيكل سليمان وكان ذلك سنة 1300م ويقول: إن القدس ظل يطلق عليها هذا الاسم حتى ضمها الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه سنة 17 هجرية وكانت أقدم النقود التي وصلتنا والتي ضربت بإيليا فلسطين تلك التي تحمل صورة الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان في العام 65، 86 هجرية وصكت في عهده وتحمل حرف M كما حملت بعض الكتابات العربية وكان أشهرها العبارة الكريمة «محمد رسول الله» «بسم الله» «لا إله إلا الله وحده».

القدس بناها العرب

أما الدكتور حسنين ربيع أستاذ التاريخ الإسلامي بجامعة القاهرة فيقول: إن المصادر التاريخية القديمة تؤكد أن مدينة القدس مدينة عربية وإسلامية خالصة في ضوء المصادر التاريخية والأثرية القديمة رغم الأساليب الملتوية التي تلجأ إليها "إسرائيل" في محاولة تزييف وتشويه هذه الحقائق التاريخية وهي كلها يائسة لتدعيم أباطيلها.
ويقول الدكتور ربيع: إن القدس مدينة عربية أنشأها الكنعانيون العرب منذ آلاف السنين ومنذ خروج بني "إسرائيل" من مصر قاصدين أرض فلسطين في عهد الملك «ميررنتاح» واستيطان اليبوسيين العرب مدينة أورشليم إذ لم يبق منها حجر واحد وبعد وقوع القدس تحت السيطرة الرومانية وما ترتب عليه من ثورات انتهت بحرمان اليهود من دخول المدينة وما تلا ذلك من حوادث تاريخية بعد انتشار المسيحية.
ويشير إلى وجود أكثر من ألف وثيقة تبرهن على عروبة القدس وهي تكشف عن ادعاءات اليهود الباطلة في تزييف التاريخ وتشويه الحقائق أهمها كشف أثري عن حفائر كل من مريدخ في سوريا ومجموعة نصوص من القرن التاسع عشر قبل الميلاد أطلق عليها علماء المصرية القديمة اسم نصوص اللعنة وترجع هذه النصوص إلى أيام الملك سنوسرت الثالث إضافة إلى ما ورد في سفر التكوين عن أبي الأنبياء إبراهيم عليه السلام وما ورد في مدينة أورشليم في رسائل العمارنة من القرن الرابع عشر قبل الميلاد، إضافة لما ورد من إشارات في التوراة إلى أن اليهود لم تكن لهم أدنى علاقة بنشأة القدس، وأنهم كانوا يرون أنفسهم غرباء عنها.
ويشير د. ربيع إلى ما قام به صلاح الدين الأيوبي من تطهير القدس حيث جعل كلمة الله تعالى هي العليا، وباستثناء فترة الخمسة عشر عاماً التي خضعت فيها القدس بعد ذلك للحكم الصليبي وبعدها عادت المدينة لسيادة الإسلام في سنة 1244 ميلادية لتنعم بالسلام والأمان ولم يعكر صفو هدوئها شيء طوال الفترة الباقية من العصور الوسطى وحتى الحرب العالمية الأولى وأصبحت القدس أحد المراكز العلمية المهمة طوال فترة خضوعها للحكم الإسلامي ويقول إن شمس الإسلام عندما أشرقت على القدس زادت ارتباط القدس بالإسلام والمسلمين وأصبح الإيمان بالإسراء والمعراج جزءاً من عقيدة المسلمين، واحتلت القدس مكانة رفيعة في قلوبهم باعتبارها قبلتهم الأولى في صلاتهم وحرص المسلمون على دخول المدينة صلحاً لما لها من مكانة وقداسة، وحضر الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه بنفسه لاستلام المدينة وإقرار مبادئ الصلح، ومنذ ذلك الحين أصبحت مدينة القدس إسلامية ووفدت القبائل العربية إلى الشام وأصبح العنصر الإسلامي بمرور الوقت هو الغالب في القدس.
ويستعرض د. ربيع ما تعرضت له مدينة القدس بعد استيلاء الصليبيين عليها في يوليو 1099 وما فعلوه في المدينة من مذبحة رهيبة أجمع المؤرخون على بشاعتها وكثرة ضحاياها حيث انتشرت فكرة الجهاد الإسلامي وتم إحياؤها للقضاء على الوجود الصليبي، وكان انتصار صلاح الدين الأيوبي في واقعة حطين الشهيرة سنة 1187 واسترداده للقدس في سبتمبر من العام نفسه.

حفائر صهيونية

من جانبه يؤكد الدكتور رمضان عبده أستاذ الآثار بجامعة القاهرة أن الحفائر الغربية والصهيونية في الأرض المحتلة اتخذت اتجاهين الأول حفائر في جميع أنحاء فلسطين والمناطق الأثرية بها وبدأ في العام 1891 حتى عام 1952 وجاءت خلال هذه الفترة حوالي 42 بعثة أجنبية وكانت الحفائر خلال هذه الفترة لخدمة غرض سياسي حيث انتشرت في أكثر من 25 موقعاً والاتجاه الثاني كان حول مدينة القدس بحثاً عن آثار غير عربية ولكن الجهود باءت بالفشل.
ويقول إنه في الوقت الذي كانت فيه هذه البعثات للتنقيب عن الآثار في أنحاء فلسطين كان آخرون يقومون بالحفائر حول المسجد الأقصى وزادت هذه الحفائر بعد زرع "إسرائيل" في عام 1948 وتصاعدت بعد 1967 حينما احتل الإسرائيليون القدس الشرقية فجندوا لذلك كل بعثات الحفر اليهودية والبعثات التي تساند باستمرار الفكر الصهيوني طمعاً في إثبات آثار لهم.
ويؤكد أن هؤلاء يركزون في القسم الشمالي من الهضبة الشرقية في القدس أي الذي يقع شمال حصن صهيون لبناء الهيكل المزعوم وفيه يعرف هذا الاسم بجبل المرايا، وأن سيدنا سليمان عليه السلام قام باختيار هذا الموقع لبناء الهيكل.
ويقول علماء عديدون للدراسات الشرقية في أوروبا قاموا بالبحث عن صحة ما ورد في التوراة من أسماء مدن فلسطينية في محاولة للعثور على أي شيء يدل على دورهم في تاريخ فلسطين أو بحثاً عن آثار عبرانية في فلسطين انتهت المحاولات كلها بالفشل الذريع.
ويقول الباحث الأثري الدكتور خالد عزب إن مدينة القدس القديمة تبلغ مساحتها ضمن الأسوار كيلو متر واحد ويشغل الحرم الأقصى الشريف ما يقارب 300 ـ 500 متر من الناحية الجنوبية وهذه المساحة هي البؤرة الرئيسية للمدينة ويحيط بالمدينة سور حجري مرتفع يشمل خمسة أبواب مفتوحة هي باب الزاهرة وباب الأسباط وباب العامد والباب الجديد وباب الخليل وباب النبي داود عليه السلام وأربعة أبواب مغلقة هي الباب المغرب والباب المزدوج والباب الثلاثي والباب الذهبي.
ويصف المدينة بأن بعضها مغطى ببائكات معقودة والبعض الآخر مفتوحاً ومبني بها مساكن ومدارس وزوايا وسبل لسقاية على جانبي الطريق ومثل هذه النوعية من الطرق – كما يقول – توفر الظلال المريحة للمشاة وتخفف من حرارة الجو وتمنع سقوط أشعة الشمس مباشرة على المارة وخصوصاً في الصيف.
لاكي

موضوع ممتاز و جميل و في وقته
فالكل منشغل عن القصى
حتى من حوله منشغلون عنه بامور ………………………………….!!
و لكن اسمحلي يا سيد محمود بنقد بسيط
الموضوع طويل جدا و لو جزأته لكان اسهل للقراء
هذه وجهة نظري في طريقة عرض الموضوع
و باستثناء ذلك فالموضوع اكثر من رائع
الله يعطيك العافية
الوسوم:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.