تبين هذه الآية الكريمة أن من أراد الله هدايته شرح صدره للإسلام فاطمأن به قلبه واستنارت له نفسه وأن من أراد به الضلال ضاق صدره عن قبول الإيمان وانغلق انغلاق تاما حتى لا يجد الخير حينئذ مسلكا إلى قلبه وقد شبه المولى سبحانه وتعالى ضيق صدر هذا البائس بضيق صدر الذي يتصاعد في السماء بتناقص قدرته على التنفس الطبيعي درة بعد درجة وذلك لانخفاض الضغط الجزئي للأكسجين فطبقات الجو العليا حتى يصل الضيق إلى أشد مراحله وهو مرحلة الحرج والتي لا يستطيع بعدها الأكسجين أن ينفذ إلى دمه وهو تشبيه بليغ شبهت فيه الحلة المعنوية بحالة حسية أدركت حقائقها وشوهدت كيفياتها اليقينية في هذا الزمان ولم تكن معلومة للبشر وقت التنزيل
وجه الإعجاز في الآية :
أشارت الآية الكريمة إلى عدة حقائق علمية تجلت في هذا الزمان يمكن تلخيصها فيما يلي :
1 – صعود الإنسان في السماء :
في قوله تعالى كأنما يصعد في السماء إشارة واضحة إلى إمكانية صعود الإنسان إلى السماء شبه المولى عز وجل حال ضيق صدر الكافر المعرض عن الحق وعن قبول الإيمان بحال الذي يتصدع في السماء وذكر وجه الشبه وهو الصفة المشتركة ضيقا حرجا وجاء سبحانه بأداة التشبيه كأن ليقع المشبه به في صورة حسية واضحة وقد اكتشفت وعرفت بيقين هذه الصورة الحسية الناصعة في هذا الزمان حيث صعد الإنسان إلى طبقات الجو العليا بأي وسيله وقد سجلت بدقة متناهية التغيرات الفسيولوجية لجميع أعضاء وأجهزة الجسم خلال طبقات الجو المختلفة ومنها أثر الصعود على الجهاز التنفسي والدوري وبالتالي ما يحدث في صدر الإنسان من ضيق متدرج يصل عند ارتفاع معين إلى أشد أنواع الضيق . لذلك يثبت أن في الآية الكريمة دلالة واضحة على إمكانية صعود الإنسان إلى أجواء الفضاء .. وتعتبر هذه الإشارة إخبار عن حقيقة وقعت ونبوءة تحققت في هذا الزمان .
2- الصدر محل الضيق :
ذكرت الآية الكريمة أن الضيق محله الصدر وفي ذلك إشارة إلى أن كل محتويات الصدر من القلب والأوعية الدموية وأعضاء التنفس والقفص الصدري المكون من الضلوع و العضلات التي بينها وعضلة الحجاب الحاجز تشارك كلها في إحداث هذا الضيق وحيث ثبت يقينا أن الجهاز الدوري يشارك الجهاز التنفسي مشاركة أساسية تبادل الغازات خارج وداخل الجسم وأن الصعود إلى الطبقات الأعلى يؤدي إلى انقباض الأوعية الرئوية الدقيقة وهذا يؤدي إلى ارتفاع الضغط داخل الأوعية الأكبر فيؤدي ذلك إلى تسرب السوائل من الدم إلى أنسجة الرئتين حيث تضغط تلك السوائل على مجاري التنفس فيحدث الضيق الشديد , وأن القفص الصدري نفسه يضيق حجمه ضيقا حقيقيا عندما يتقص ضغط الأكسجين نقصا شديدا في الدم فتتوقف السيالات العصبية القادمة من مركز التنفس لعضلاته , فيطرب انقباضها وتقلصها أثناء الشهيق فلا يتسع القفص الصدري ولا تتمدد الرئتين و بذلك يحدث الضيق ثم إنه عندما تحدث جلطات دموية في الشرايين والأوردة وتتحرر في الدم وتصل إلى الأوردة الرئوية فإنها تؤدي لانسدادها وهكذا تفضي إلى مزيد من تدهور عمل الرئتين وبالتالي مزيد من الضيق والألم . لذلك كان التعبير القرآني دقيقا حينما حدد مكان الضيق الذي يعاني منه الإنسان في الارتفاعات العالية بأنه في عموم الصدر وليس في أعضاء التنفس فقط .
3- الضيق المتدرج وأعراض نقص الأكسجين :
يفهم من عبارة النص الكريم ( ضيقا حرجا ) بأن هذا الضيق متدرج ويستمر في الزيادة حتى يصل إلى الذروة في الضيق وهذا ما أقره علماء اللغة والتفسير حيث فسروا ( ضيقا حرجا ) على أنه ضيق بعد ضيق والحرج على أنه أضيق الضيق أو أشده .
ومن أهم أعراض وتأثيرات نقص الأكسجين في الارتفاعات العالية هو نقص الوظائف العقلية متمثلة في نقص الحكم على الأشياء فيقل التميز بين الصواب والخطاء ويصبح الإنسان مضطربا وتنقص ذاكرته ودرجة وعيه ثم يؤدي النقص الشديد في الأكسجين إلى اكتئاب عقلي وتزداد هذه الأعراض بالمكث في الأجواء العليا وقتا أطول . فتأمل هذه التأثيرات التي يعاني منها الصاعد في السماء ومقارنة ذلك بما يحصل للكافر الذي انغلق قلبه عن قبول الإيمان لتدرك دقة الصورة التمثيلية في هذا التشبيه الرائع .
4-الحرج : منطقة الانغلاق :
وهذا الضيق الحقيقي أقصى وأشد درجات الضيق والذي لا يكون بعدها إلا الموت عند مستوى معين من الارتفاع والذي يمكن أن نسميه وفق المصطلح القرآني الحرج والذي يفسر علميا : بأنه المستوى الذي يقل فيه الضغط الجزئي للأكسجين في الحويصلات الهوائية إلى المستوى الذي لا يسمح بانتقال الأكسجين في الحويصلات الهوائية إلى الدم في الارتفاع المباشر المتواصل .
فسبحان الله تعالى
——————
منقول .
سبحان الله العظيم وبحمده
جزاك المولى خير الجزاء وجعله في ميزان حسناتك …ومن كتبه .
بارك الله فيك أختي متفائلة في زمن اليأس ..
وأثابك على النقل الطيب ..
وفيك بارك أختي فراح .