تخطى إلى المحتوى

عروبة القدس 2024.

لاكي

الإسراء والمعراج‏..‏ وعروبة القدس

معجزة الإسراء والمعراج هي المرجعية الأولى لقدسية القدس العربية الإسلامية‏، أولى القبلتين وثالث الحرمين‏، ومن ثم‏، فإن الخطاب الديني لذكرى الإسراء والمعراج يعد في المقام الأول سنداً قوياً للحق العربي الإسلامي في القدس‏، هذا الحق الذي تعزز بالمنشأ والتكوين العربي للمدينة منذ خمسة آلاف عام‏، كما تعزز أيضاً بالسيادة العربية الإسلامية على المدينة المقدسة أطول فترات عصور التاريخ القديم والوسيط والحديث‏.‏

أكتب عن هذا بعد أن لاحظت أن الخطاب الديني طوال هذا الأسبوع لم يتطرق إلى هذا التواصل المقدسي عبر العصور‏، حيث توقف الدعاة والمتحدثون والإعلاميون عند معجزة الإسراء والمعراج‏، دون محاولة ربط دروس ذكرى تلك المعجزة بمكانة القدس منذ ذلك الوقت في الفكر والتاريخ العربي والإسلامي‏، وأيضاً ربط الذكري بمسئوليات الأمة تجاه تحرير المدينة المقدسة‏، وتأكيد عروبتها منذ الفتح الإسلامي للمدينة‏.‏

وفي العهدة العمرية‏، أعطى الخليفة عمر أماناً لأهل إيلياء‏، أعطاهم أماناً لأنفسهم وأموالهم وكنائسهم وصلبانهم‏، لا تسكن كنائسهم ولا تهدم ولا ينقص منها‏..‏ ولا من شيء من أموالهم ولا يكرهون على دينهم ولا يضار أحد منهم‏، ولا يسكن بإيلياء معهم أحد من اليهود‏.‏

ومضى عمر بن الخطاب بعد أن دخل القدس يبحث عن موقع الصخرة المشرفة‏، ولكن صفرونيوس بطريرك القدس قاده أولاً إلى كنيسة القيامة فتفقد عمر الكنيسة‏، وعندما حان موعد الصلاة رفض الخليفة أن يصلي فيها‏، لئلا يكون في ذلك سابقة لصلاة المسلمين في الكنيسة‏، وصلى في مكان قريب إزاءها‏.‏

وعندما بلغ الخليفة الصخرة‏، قام بتنظيفها ثم أمر بإقامة مسجد في ساحة الحرم الشريف‏، وعين علقمة بن مجزر حاكماً على القدس‏، والصحابي عبادة بن الصامت‏، أول قاض على القدس‏، وأقام الحسبة في المدينة ورتب البريد به ثم غادر أمير المؤمنين المدينة بعد عشرة أيام‏، وفي رواية أخرى بعد أربعة أيام‏، كانت فاتحة التاريخ الإسلامي العربي لبيت المقدس‏.‏

* * *

يعني هذا كله أن القدس هي مدينة الإسراء والمعراج‏، وكانت القبلة الأولى لأكثر من ثلاث عشرة سنة‏، وحتى السنة الثانية من الهجرة‏ (610‏ ـ‏623‏ م‏)‏ وظلت القدس منذ ذلك الوقت تحتل مكانتها المقدسة في قلوب وعقول الأمة العربية والإسلامية‏، حتى وقعت تحت الاحتلال الصليبي ‏(1099‏ ـ‏1187)‏ ونجح صلاح الدين الأيوبي في تحريرها‏، ثم وقعت تحت الاحتلال الإسرائيلي منذ عام‏ 1967، حيث دخلت القدس دائرة الخطر بمحاولات تهويدها‏.‏

ومن هنا‏، فإن ذكرى معجزة الإسراء والمعراج ترتبط بالمدينة المقدسة أرضاً وفضاء‏ًً..‏ مادة وروحاً ومن الأهمية أن يتواصل الخطاب الديني مع هذا السياق‏، فنحن كأمة عربية إسلامية أصحاب قضية مقدسة‏، وللخطاب الديني مكانته ومسئوليته في تعبئة شعور الأمة‏..‏ لذا وجب التواصل‏.‏

قانون لواء القدس الشريف ( من الوثائق العثمانية)

من الأرشيف العثماني في تركيا
وثيقة عثمانية من تاريخ الدولة العثمانية

قسمة القرى في اللواء المذكور تختلف بعضها عن بعض، بحيث سجلت قسمة كل قرية عليها . ونصف محصول الزيتون الروماني الكائن باللواء المذكور يتصرف به الفلاح مقابل أتعابه وعمله والنصف الآخر منه يتصرف به صاحب الأرض، وعلى شجرتي زيتون إسلامي عثماني واحد، وعلى شجرة الجوز المثمرة الكبيرة عثمانيان وعن الصغيرة عثماني واحد. وعن كل شجرتي نخل عثمانيان وعن كل أربعة من أشجار التوت والتين عثماني واحد. وعن كل خمس شجرات من سائر الفواكه المختلفة عثماني واحد. وعن كل مائة عود من الكروم يعطى خراج بمقدار عشرة أقجه.
ولما كانت بعض الأراضي المسجلة في الدفتر العتيق نصبت فيها كروم فيما بعد ولم تخرج من القسم وبقي القسم حسب ما كان قديما ولم يسجل في الدفتر العتيق فبمقتضى الدفتر العتيق سجل القسم في محله بالدفتر الجديد. والدوالي بجهات القدس الشريف وخليل الرحمن تنتج حاصلات كبيرة ، فسجل خراج عثماني واحد لكل عشرة دوالي، ومن غلال المحلات المسجلة باعتبار جملة المتحصل عشرا يؤخذ عن جملة المتحصل والخراج عن مال الوقف عشر. وعن المحلات التي لم تكن تدفع الخراج قديما ويعطون القسم ثم نصب فيها كرم وسجل القسم في الدفتر على العادة القديمة ولم يسجل الخراج، وسجلت في الدفتر الجديد على أساس أن يؤخذ من المتحصل العشر، فسجل خراجه في الدفتر الجديد على أساس أنه مسجل في الدفتر القديم.
وفي الزيتون الروماني الكائن في اللواء المذكور سجل على أساس أن يكون نصفه لصاحب الأرض والنصف الآخر للفلاح الذي يبذل جهده في الأرض. وفي بعض المحلات لم يأخذوا من صاحب الأرض النصف بل أخذوا خراجا عثماني واحد عن كل زيتون روماني . فهم يأخذون من كل شجرة زيتون أقجه واحدة بغض النظر عن سنين الخصب والجدب. ولكن الذين لا يأخذون أقجه ويأخذون القسمة في سنين الخصب ، لا يأخذون أقجه خراج في سنين المحل. فهي مسجلة على القسم في سنين الخصب. والزيتون الإسلامي كذلك كان تطبق القسمة في ذلك المحل من القديم وسجل في الدفتر ثمن الزيت. ففي تلك المحلات تؤخذ قسمة الزيتون في سنين الخصب ولا تؤخذ في سنين المحل. ومن المحلات التي سجل فيه الخراج ودفعت الخراج منذ القديم فهي مسجلة على أساسا دفع الخراج في سنين الخصب والمحل على حد سواء. ويؤخذ من كل نعجة عثماني واحد ومن الخروف عندما ينضم إلى القطيع يؤخذ كما يؤخذ من النعجة. ويؤخذ من كل خلية نحل رسم بمقدار عثماني واحد . أما إذا كانت خلية أحد وضعت في أرض آخر فإن صاحب الأرض وصاحب الرعي يتقاسمان بالمناصفة .
وبالنسبة لرسوم المشتى والمرعى فإنه يؤخذ من كل مائة نعجة تأتي إلى المشتى نعجة واحدة أو قيمتها. ، أما بالنسبة لرسوم المراعي . فمن يأتي بأغنامه من مكان آخر ويحدد حظائر لها ، فيؤخذ من كل مائة نعجة نعجة واحدة أو قيمتها. ومن كل جاموس حلوب سجل رسم بمقدار ستة عثماني وعادة الاحتساب في القدس الشريف باستثناء سوق العطارين منذ القديم يؤخذ كل خميس عن كل دكان أقجة واحدة .
أما في سوق العطارين فلم يكن يؤخذ منذ القديم أي شيء ، فيبقى الأمر على ما هو عليه. ومن طل طاحونة يؤخذ كل أسبوع أقجيان .
ومن فرن الخباز يؤخذ أقجيان ومن دكان الطباخ يؤخذ أقجيان ولا يؤخذ شيء من العسل والسمن. ولكن إذا دخل في القبان فيؤخذ لحساب وقف الصخرة أقجيان .
ومن الدبس الثقادم إلى القبان يؤخذ عن كل ظرف أقجيان . ومن الدبس المتحصل من الكروم في نفس القدس الشريف ليباع في البازار لا يؤخذ شيء، كما لا يؤخذ شيء من القادم إلى قبان المحتسب.
أما من الرز القادم إلى القبان، فإن المحتسب يأخذ من كل قنطار قدسي رطلا قدسيا واحدا. ومن كل حمل جمل من الدقيق القادم من الخارج يؤخذ رطل دقيق ومن حمل حصان نصف رطل دقيق ولايؤخذ أي شيء من القمح . وإذا استأجر أحد عنب كرم وباعه في المدينة فيأخذ المحتسب من مثل هؤلاء أقجيان في كل يوم جمعة، حتى النهاية والتمام.
ومن كل حمل جمل من البطيخ الأخضر( الجبس) والبطيخ الأخضر جبسة واحدة وبطيخة واحدة ومن كل حمل باذنجان أقجيان ومن كل من يشتري البطيخ لبيعه تؤخذ أقجة واحدة ولكن لا يؤخذ شيء من البطيخ الأخضر( الجبس) .
ولايؤخذ من البصل والتوم القادم من الخارج شيء. ومن حمل التوم بنفس القدس الشريف يؤخذ رطل واحد ومن الزبيب القادم من القرى التابعة للقدس الشريف لايأخذ المحتسب شيئا. وأما من الزبيب القادم من جهات السلط وعجلون يؤخذ رطل واحد من الزبيب عن كل حمولة، ونفس المقدار يؤخذ عن القادم من الشام شرط ألا يكون قليلا.
ومن كل حمولة أجاص وتفاح تؤخذ أربعة صناديق ومن كل صندوق نصف رطل تفاح وأجاص ومن كل حمولة سماق يؤحذ رطل واحد من السماق ومن كل حمولة كشك يؤخذ رطل كشك ومن كل حمولة جمل من حب الرمان رطل واحد ، ومن حمولة الحصان نصف رطل .
ومن حمولة كل جمل ومن الكراوستة أقجة وحمولة الحصان والبغل أربعة أقجة، ومن جبن أبقار الماء وأبقار البر يؤخذ من كل حمولة رطل من الجبن ومن حمولة الكتان يؤخذ من كل حمولة جمل عشرون أقجه، ومن الخوخ الأصفر والتين وسائر الفواكه يؤخذ رطل واحد من كل ثلاثين رطل من هذه الفواكه.
وإذا ذبح الجزارون جواميس أو أبقارا يؤخذ من كل واحد رطل من اللحم. وفي غير ذلك يطبق هذا القانون ويعمل به. ولكن لا يجوز للمحتسب أن يشتري الأثواب القادمة إلى السوق ويبيعها للمسلمين بسعر أعلى جبرا. كما أن الأوقاف التابعة للحرمين الشريفين والقدس الشريف وخليل الرحمن عليه الصلاة والسلام مسجلة بالدفتر العتيق بأنها معفاة كليا من عوارض الديوانية والتكاليف العرفية والعشر، وبقى الأمر على ما هو عليه في الدفتر الجديد أي معفاة ومسلمة. وهذا هو قانون القمامة ، فإنه يؤخذ من الإفرنج القادمين لزيارة القدس الشريف سبعة سكة فلوري ويؤخذ رسم القلعة من باب القمامة قدره خمسون أقجه ورسم باب القمامة خمسة وأربعون أقجه.
وتؤخذ الرسوم المذكورة من روم الديار ومن الكفار القادمين للزيارة من ديار الإفرنج، ويؤخذ من القادمين من الروم ثلاثة قايتباي، كما تؤخذ خمسون أقجة رسم قلعة وخمسة وأربعون أقجة رسم آخر ومن القادمين من الشرق يؤخذ كذلك، ومن القادمين من ديار حلب والشام يؤخذ قايتبايان ذهب وخمسون أقجة رسم قلعة وأربعون أقجة رسم آخر ومن القادمين من مصر يؤخذ قايتباي واحد ذهب كما تؤخذ الرسوم المبينة أعلاه. ومن القادمين من الكفار من جهات السلط وعجلون وغزة والرملة، تؤخذ خمسة وعشرون أقجة، ولا تؤخذ الرسوم المذكورة أعلاه، ومن الكفار القادمين من جهات القدس الشريف وخليل الرحمن عليه الصلاة والسلام تؤخذ أربع أقجات ، ومن القادمين للزيارة في عيد النصارى تؤخذ أقجة واحدة في الأماكن الثلاثة. ومن التجار الفرنجة القادمين من الشام ذهبان ونصف بالإضافة إلى الرسوم المقررة المذكورة ومن الكفار القادمين من جورجيا والحبشة لايؤخذ شيء . ويؤخذ من طائفة الفرنجة القادمين للزيارة كل أسبوع اقجة واحدة، كل ذلك مسجل في الدفتر العتيق، وسجل كما هو في الدفتر الخاقاني الجديد.

عين على مآسي المقدسات

مقبرة مأمن الله في القدس المحتلة.. تاريخ عريق واعتداء صهيوني متواصل

إن الكتابة عن تاريخ القدس أو جزء منها ، إنما هو حديث عن مسيرة البشرية وحضارتها ، فالقدس مدينة عظيمة لا لموقعها الجغرافي أو لطيب هوائها أو لعذوبة مياهها ، وإنما لعظمة قدسية هذه المدينة في نفوس بني البشر ، وهذه المدينة وإن قسي عليها الزمن سابقاً وحاضراً ، فإنه لا يدوم فيها ظالم ولا يعمّر فيها جائر ، فهي مدينة السلام ، يشع نور قدسيتها في أرجاء الكون معيداً ذكرى أنبياء طلبوا ثراها وشهداء سالت دماؤهم فوق روابيها ، وعلماء نشروا العلم في جميع الأركان من بين أزقتها ومساجدها .

ونحن المسلمون ومنذ وطأت البراق أرض بيت المقدس وأسرى في تلك الليلة بمعلم البشرية وهاديها رسولنا عليه أفضل الصلاة والسلام مشيراً بذلك منذ تلك اللحظة بأن هذه المدينة المقدسة التي باركها الله وما حولها هي مدينة إسلامية سيكون لها شأن عظيم في تاريخ هذا الدين ومسيرة هذه الأمة ، وهكذا كان ، فمنذ فتحها الخليفة الراشد عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – عاشت في كثير من عصورها أيام مجد وعز في ظل دولة المسلمين ، فما من والٍ أو حاكم إلاّ وكانت القدس كالقلب للجسد بالنسبة له ، كرموا وأعزوا أهلها ، وشادوا بيوت العلم في جميع أركانها .

وتدور عجلة الزمان ويتكالب الباطل على المدينة المقدسة من كل حدب وصوب ، وتعود أيام الصليبيين بوحشية هولاكو وجنكزخان.

فمنذ وقعت القدس تحت الاحتلال (الإسرائيلي) تعيش حالة عصيبة ، فالاحتلال يعمل جاهدا على طمس كل أثر إسلامي في هذه المدينة المقدسة بشتى الوسائل والطرق ، وكانت وحشية الاحتلال أن امتدت يده الغاشمة إلى قبور المسلمين حقد وصلافة ، تكاد تفوق كل التصورات، فكانت الاعتداءات المتكررة على المقبرة الشهيرة في بيت المقدس ألا وهي مقبرة " مأمن الله " هذه المقبرة والأرض الوقفية التي تقع في ظاهر بيت المقدس من جهة الغرب ، حباها الله بالتكريم بأن ضمت بين أحضانها المباركة رفات بعض صحابة رسول الله r وشهداء هذه الأمة الذين طيبّوا ثراها بدمائهم دفاعا عن قدسيتها وإسلاميتها ، وعلماء أضاءوا بعلمهم مشارق الدنيا ومغاربها ، فهذه المقبرة وما تحويه من علماء هذه الأمة هي جزء من تاريخ أمتنا عبر العصور من زمن الفاروق عمر – رضي الله عنه – مرورا بشهداء الفتح الصلاحي وحتى آخر شهيد دفن فيها دفاعاً عن قدسيتها وإسلاميتها .

إعلان بعض الصحف العبرية الأسبوع الماضي نية الحكومة (الإسرائيلية) افتتاح مقر ما يسمى بمركز الكرامة الإنساني "متحف التسامح في مدينة القدس " على أرض مقبرة " مأمن الله " بمشاركة حاكم ولاية كاليفورنيا الأمريكية ، وردود الفعل والاستنكارات لهذا الاعتداء وتواصل تدنيس هذه المقبرة يوجب إلقاء الضوء والحديث مجددا عن هذه المقبرة ذات التاريخ العريق .

الموقع والمساحة:
تقع مقبرة " مأمن الله " والتي يسميها البعض " ماملا " – بمعنى ماء من الله أو بركة من الله – غربي مدينة القدس القديمة وعلى بعد كيلومترين من باب الخليل ، وهي من أكبر المقابر الإسلامية في بيت المقدس وتقدر مساحتها " بمائتي دونم " بينما قدرها المهندسون بتاريخ 16/4/1929 بـِ ( 137.450.29م2) أي بنحو 137 دونما ونصف ، علما أنه استثنى منها بناية الأوقاف التي كانت مبنية على جزء من أرض وقفها ، ومقبرة الجبالية التي كانت على القندرية ، والتي يفصلها عن المقبرة الشارع ،وعندما سجلت المقبرة في سجلات دائرة الأراضي – الطابو- بتاريخ 22/3/1938 سجلت مساحتها (134.560) من الدونمات واستصدر بها وثيقة تسجيل أراضي " كوشان طابو " ضمن أراضي الوقف الإسلامي.

في عمق التاريخ …
ذكر صاحب المفصل في تاريخ القدس " عارف عارف " أن مقبرة " مأمن الله " أو " ماملا " وإن اختلف في مصدر اسمها فإنها بلا مراء أقدم مقابر القدس عهدا وأوسعها حجما ، وأكبرها شهرة ولقد ساير تاريخها تاريخ المدينة ، وذكر معه مرارا، ففي هذا المكان مسح سليمان ملكا ( 1015ق.م ) وفيه عسكر " سنحارليب " ملك الآشوريين عندما هبط القدس ( 710 ق.م ) ، وفيه ألقي ألقى الفرس بجثث القتلى من سكان المدينة عندما احتلوّها (614ب.م)، وفيه دفن عدد كبير من الصحابة والمجاهدين أثناء الفتح الإسلامي (636ب.م) وفيه عسكر صلاح الدين يوم جاء ليسترد القدس من الصليبيين ( 1187ب.م) .

وقد تكلم أكثر من واحد أن مقبرة " مأمن الله " تحتضن في ثرى جنباتها رفات الصحابة أمثال " عبادة بن صامت"، وقد ذكر المقبرة النابلسي في رحلته فقال : " إنها بظاهر القدس من جهة الغرب ، أكبر مقابر البلد ، وفيها خلق كثير من الأكابر والأعيان والشهداء والصالحين وفيها عدد كبير من الصحابة والتابعين " .

ورجّح بعضهم أن تاريخ الدفن الإسلامي فيها يعود إلى ما قبل الصليبيين ، وعندما احتل الصليبيون القدس وارتكبوا فيها مجزرة بشعة حيث قدر عدد الشهداء في هذه المجزرة من الرجال والنساء والأطفال بـِ(70.000) شهيد ، أمر الصليبيون من بقي من المسلمين بدفن الشهداء في مقبرة " مأمن الله " وقد وجدوا بها مقابر وأنفاق ، فوضعوا جماجم الشهداء فيها ، وقيل أن نفقا لا يزال تحت الأرض في الوسط الغربي من المقبرة كله مليء بالجماجم وأن قطره نحو خمسة أمتار وله امتداد أكثر من مائة متر – والله اعلم – .

وعندما حرر السلطان صلاح الدين الأيوبي – رحمه الله – القدس من يد الصليبيين أمر بدفن من استشهدوا في المعارك مع الصليبيين في نفس المقبرة ، وتوالى الدفن فيها بعدئذ فضمت قبور مئات العلماء والفقهاء والأدباء والأعيان والحكام من المدينة ، والمعروف في التاريخ أن كثيرين من العلماء كانوا يحملون في القاهرة كي يدفنوا فيها، وعلى العموم فإن مقبرة " مأمن الله " تأوي رفات أكثر من سبعين ألفا بين صحابي وشهيد وعالم وزاهد منهم :

1- الأمير عيسى بن محمد العكاري الشافعي : هو أحد كبار مستشاري السلطان صلاح الدين الأيوبي وقد توفي – رحمه الله – عام 585هـ بمنـزله في الخروبة – قرب عكا – وحمل الى القدس الشريف ودفن في مقبرة " مأمن الله " .
2- الشيخ شهاب الدين " ابو العباس " 684هـ 728هـ " هو أحمد بن الشيخ محمد بن عبد الولي بن جبارة المقدسي الشافعي ، الفقيه والنحوي .
3- أحمد بن محمد حامد بن أحمد الأنصاري المقدسي الشافعي ، حفظ القرآن الكريم واشتغل بالتحصيل والسماع ، عرض عليه قضاء القدس فأبى وكان صالحا زاهدا ناسكا ،قانعا بالقليل ، توفي في عام 854هـ .
4- قاضي القضاة شيخ الإسلام محمد بن جمال الدين بن سعد بن أبي بكر بن الديري العبسي الحنفي – ولد في حردا بالقرب من " مدينة نابلس " في حدود عام 750هـ وسكن بيت المقدس وصار من أعيان العلماء، كان فقيها ومدرسا، ولاه الملك المؤيد قضاء الديار المصرية ، ثم صرف عن القضاء باختياره ، واعتذر بعلو سنه ، وكان يتأسف على فراق بيت المقدس لكونه في مصر حيث كان يقول :" سكنته أكثر من خمسين سنة ثم أموت في غيره " ولكن في عام 827هـ قدم إلى القدس لتمضية شهر رمضان فيها وزيارة أهله ، وبينما هو يهم في الرجوع إلى مصر وبعد أن أخذ يودع القدس وأهلها ، فإذا بالموت يدركه فيتوفى – رحمه الله – في القدس كما أحب ، ودفن في " مقبرة مأمن الله " .

محطات من التاريخ المعاصر :
أحيطت المقبرة في أواخر العهد العثماني بسور عام 1318هـ وأستمر المسلمون في دفن موتاهم حتى عام 1927م حيث أصدر المجلس الإسلامي الأعلى حظرا على دفن الموتى فيها بسبب اكتظاظها واقتراب العمران إليها ، وقام المجلس الإسلامي الأعلى أيام الانتداب البريطاني على فلسطين بترميمات متكررة لسور المقبرة وغرفة الحارس وتسوية منخفضات وخصوصا تعبئة حفر المحجر بالتراب ، ثم رغبة الأوقاف في تمهيد مساحة 150 متر في أرض مقبرة "مأمن الله " الجهة الغربية الشمالية وإزالة الضرر الناتج عن المياه المتسربة من البركة ، وقلع الأعشاب وزرع الأشجار على جانبي الطرق داخل المقبرة ، ومنع الاعتداءات على اختلاف أنواعها مما فيه رفع الضرر عنها والمحافظة على حرمتها.

ويبدو أن كل المشاريع التي صممت في عهد الانتداب البريطاني كانت تحمل في ظاهرها صيغة الاعتناء والمحافظة العينية الجمالية لمقبرة " مأمن الله " لكنها في باطنها – علم ذلك أم لم يعلم – كانت تحمل هدفا أساسيا ، تقوم عليه تلك التصاميم والمشاريع وهو إزالة مقبرة " مأمن الله " عن الوجود ، كمنطقة دخلت طريق الازدهار العمراني والصناعي والسكني ، فمقبرة " مأمن الله " كأثر إسلامي له حرمته ، تشكل بمساحتها التي تزيد عن 150 دونماً تقوم حائلة دون " الاستفادة" من هذه المساحة الشاسعة وسط محيط يقع بالحياة .

ولعل المجلس الإسلامي الأعلى لم يتنبه إلى هذه القضية عندما قرر توقيف دفن موتى المسلمين في المقبرة عام 1927م وكذلك قرار دائرة الأوقاف بإقامة عمارة أو نزل على أرض الوقف التابعة لمقبرة " مأمن الله " .

وقد نشأت فكرة إنشاء عمارة على أرض الوقف في " مأمن الله " في بداية السنوات الأولى من العشرينات، وقد راودت هذه الفكرة المسؤولين وقتئذ لأجل الاستفادة من ريعها وتزييد واردات الأوقاف حتى لا تبقى هذه الأرض الثمينة بدون "استفادة" منها .

وقد ظهرت وجهات نظر متباينة بين القبول والرفض لهذه الفكرة ، وفي تاريخ 14/7/1926 وافق قوميون الأبنية على إعطاء الرخصة إلى دائرة الأوقاف للبناء على أرض الجبالية ، وبدأ العمل بهذا النـزل وانتهى العمل منه عام 1929م ، وجعلت العمارة فندقا من الدرجة الأولى وأطلق عليه اسم فندق " بالاس " بإدارة ثابت درويش أحد رجال القدس في تلك الآونة ، ونجح الفندق وصار أشهر فندق في بيت المقدس للسائحين والزوار وخاصة الأمريكان ولكن قيام شركة فندق الملك داوود بعد افتتاحه بقليل ، وبناء ها الفندق الكبير مواجها لبرج أو محراب داوود الذي يحمل اسمه كان يقي على " بالاس" وفي سنة 1933م أعلنت دائرة الأوقاف عرضا لتأجير العمارة ، وعلى أية حال ، فإن عمارة الأوقاف مرت بظروف وملابسات كبيرة كلها دارت حول مصلحة زيادة واردات الأوقاف ، البناية ما زالت قائمة ولم تنل منها أيدي البلى ، وما زالت تحتفظ بجمالها ورونقها ، ويظنّ إنها تستعمل لبعض الدوائر الحكومية الإسرائيلية .

اعتداءات مبكرة على المقبرة :
في زمن الانتداب البريطاني خاصة بداية سنوات الثلاثين تعرضت مقبرة " مأمن الله " لانتهاكات متكررة ، وفي ظل مخطط وضع سنة 1933 م لمقبرة " مأمن الله " وهو في جوهره يقتطع جزءا للبناء السكني وآخر للبناء التجاري ، وثالث يكون حديقة عامة ورابعا يبقى مقبرة ، إلا أن الجزء الأكبر من هذا المخطط نفذ في أواخر سنوات الستين وما بعدها .

بتاريخ 6/7/1935 كتب مدير الأوقاف العام إلى مأمور أوقاف القدس يقول :" أخبرنا أناس ، أن اليهود يلقون بأنقاض أبنية لهم في تربة "مأمن الله " ، فأرجو أن ترسلوا من يتحقق من الأمر وأن تمنعوا المعتدين إذا كان الخبر صحيحا ، وان تعلمونا بالنتيجة " .

بتاريخ 15/7/1937 كتب مأمور أوقاف القدس إلى مفتش صحة بلدية القدس – وكانت تحت الانتداب البريطاني آنذاك ، الذي كان يعين أعضائها ويشرف عليها ، "علمنا من أن مواسير مياه قذرة ممدودة في الطريق العام وتصب في مقبرة "مأمن الله " بصورة مخفية ، وبعد البحث ، علمنا من ناطور المقبرة أن المواسير المذكورة مربوطة من دار عائلة لأحد اليهود غربي المقبرة ، فنرجو التفضل بالكشف عليها لرفع الضرر وتغيير مجرى المياه عن المقبرة ، حرمة لها " .

بتاريخ 9/12/1937م أصدر وكيل أوقاف القدس إخطاراً لاثنين من عمال بلدية القدس لقيامهم بهدم قسم من سور المقبرة ، جاء فيه " ثبت لدي إنكم هدمتم قسما من سور مقبرة " مأمن الله " وإنكم ألقيتم في المقبرة المذكورة كثيرا من الأنقاض والأوساخ ، وبما أن هذا العمل أضر الأوقاف ، ضررا عظيما ، وبما أنكم بعملكم هذا تعديتم على مصالح الأوقاف ، لذلك فإنني أخطركم برفع الأنقاض والأوساخ التي ألقيتموها داخل المقبرة ، وإذا تأخرتم أو امتنعتم عن ذلك ، فإنني اضطر لمراجعة الطرق القانونية لتغريمكم بكل عطل وضرر أصاب الأوقاف من جراء عملكم هذا .. ".

بتاريخ 13/12/1937 كتب وكيل مأمور أوقاف القدس ،إلى رئيس بلدية القدس ، يقول :" علمت أن احد مهندسي البلدية " أمر عماله بهدم قسم من سور مقبرة " مأمن الله " من الجهة الشمالية وإلقاء أتربة الشارع المجاور في المقبرة ، وبما أن للمقابر حرمة لا يجوز انتهاكها فإنني استغرب جدا ، كيف أباح حضرة المهندس لنفسه انتهاك تلك الحركة ، بدون استئذان دائرة الأوقاف وإعلامها بالأمر ، ولقد جرأ حضرة المهندس بعمله هذا جميع المجاورين ، فأصبحوا يتخذون المقبرة محلا لرمي الأقذار ، وطريقا يمرون منه ويتعدون على قبور الأموات ، لذلك فإني " أوجه نظر سعادتك لهذا الأمر ، راجيا أن تأمروا برفع الأتربة التي ألقيت في المقبرة وبناء السور كما كان ، وتحولوا دون الإقدام على مثل هذا العمل في المستقبل .

في شهر 4/1947 استولى الجيش البريطاني على مقبرة " مأمن الله " وأقام فيها ، كما قام بهدم أجزاء من سور المقبرة ، حيث أرسل حارس المقبرة ، كتابا إلى مأمور أوقاف القدس بتاريخ 4/6/1947 يعلمه فيها بذلك .

نكبة ..احتلال وطمس للمعالم :
وفي عام 1948 احتلت القوات (الإسرائيلية) ، الجزء الغربي من القدس ، فسقطت من ضمنها مقبرة الشهداء والعلماء والصالحين و " مأمن الله " .

وفي نفس العام أقرت (إسرائيل) قانونا بموجبه " يعتبر جميع الأراضي الوقفية الإسلامي وما فيها من مقابر وأضرحة ومقامات ومساجد – بعد الحرب – بأراضي تدعى أملاك الغائبين ، وأن المسؤول عنها يسمى " حارس أملاك الغائبين " وله الحق التصرف بها ، فيما استثنى القانون أملاك الطوائف الأخرى من هذا القانون ، أي حارس أملاك الغائبين يستطيع التصرف فقط بأوقاف المسلمين ، رغم ان هذا التسجيل الخاطئ لا يزيل صفتها الوقفية المقررة بموجب الشريعة الإسلامي، وبذلك دخلت مقبرة "مأمن الله " ضمن أملاك حارس أملاك الغائبين لدى " دائرة أراضي (إسرائيل) " .

ومنذ ذلك التاريخ أصبحت إسرائيل تقوم بتغيير معالم المقبرة وطمس كل اثر فيها ، حتى لم يتبقَ فيها أقل من خمسة بالمئة من القبور التي كانت موجودة فيها ،وقدرت المساحة المتبقية منها بحوالي ثمن المساحة الأصلية أي حوالي 19 دونما .

ففي عام 1967 حولت المؤسسة الإسرائيلية جزءا كبيرا من المقبرة الى حديقة عامة ، دعيت بحديقة الاستقلال ، بعد أن جرفت القبور ونبشت العظام البشرية وقامت بزرع الأشجار والحشائش فيها ، وشقت الطرقات في بعض أقسامها ، كما بني على قسم آخر واشتهرت الحديقة باستعمالها وكرا لممارسة أعمال الرذيلة خاصة من الشاذين اليهود .

وفي أواخر عام 1985م انشات وزارة المواصلات موقفا للسيارات على قسم كبير منها ، ففي كتاب من مساعد مدير الأملاك الوقفية الى مدير الأوقاف جاء فيه :" لقد توجهت بسيارة الأوقاف صباح يوم الاثنين 2/12/1985م لزيارة مقبرة " مأمن الله " في القدس المحتلة ما قبل عام 67 وشاهدت ما يجري في المقبرة ، وبعد التجول في المقبرة سابقا والحديقة العامة حاليا تبين لنا ما يلي :-

أولاً: هناك تغيير واضح وسافر في معالم المقبرة ، حيث أن حوالي 95% من القبور قد نبشت وأقيم عليها بناء .
ثانية : أن القبور المتبقية في المقبرة تستعمل للأعمال غير الأخلاقية ومكان للقمامة .
ثالثاً: أثناء تجوالنا في المقبرة وفي الناحية الشرقية الشمالية شاهدنا جرافات (إسرائيلية) تعمل هناك وقد نبشت جزءا من الجزء المتبقي من المقبرة ، ولدى سؤالي بعض العمال العرب – الذين يعملون هناك – أفادوا بأن الجرافة قد نبشت المقبرة وأخرجت منها بعض عظام الموتى ، وأن الحكومة (الإسرائيلية) تعتزم إقامة موقف للسيارات في منطقة الحفريات .

وفي أعوام 1987،1946،1985 نفذ عمليات جديدة من الحفر لتمديد شبكات مجاري ، وتوسيع موقف السيارات فدمرت عشرات القبور وبعثرت عظام الموتى في كل مكان ورغم احتجاجات المؤسسات الإسلامية ، فان البلدية نفذت مخططها وأجرت الحفريات .

وفي تاريخ 15/1/2017 قامت شركة الكهرباء (الإسرائيلية) بأعمال حفريات في المقبرة ، في الجهة المقابلة بجانب الشارع الرئيسي ، وهو ما تسبب في تناثر عظام الموتى على سطح الأرض ، وذلك بحجة تمديد أسلاك كهرباء في باطن الأرض .

ويستخدم جزء من المقبرة أيضا كمقر رئيس لوزارة التجارة والصناعة (الإسرائيلية).

وما هو جدير بالذكر أن من بين الذين كانوا على رأس تغيير معالم مقبرة " مأمن الله " وساهموا في تحويلها الى موقف للسيارات وحديقة عامة وغيرها وما نتج عن ذلك من نبش للقبور وإزالة لها " رئيس بلدية القدس " تيدي كوليك " .
ويستمر الاعتداء والتطهير العرقي للموتى …

وإمعانا من المؤسسة (الإسرائيلية) في اعتداءاتها المتواصلة على مقبرة " مأمن الله " فقد أعلنت في 9/2017م نيتها إقامة مبنى للمحاكم (الإسرائيلية) في منطقة مقبرة " مأمن الله " وأكد حينها سماحة الشيخ عكرمة صبري – المفتي العام للقدس والديار الفلسطينية – أن هذه الخطوة تعتبر حلقة جديدة في سلسلة الاعتداءات على المقدسات الإسلامية واعتبر فضيلته الأمر انتهاكا لحرمة المقبرة وأن المشروع المعلن عنه يمثل امتدادات للاعتداءات التي شملت أجزاء كبيرة من هذه المقبرة ، وأن السلطات (الإسرائيلية) تسعى لمسح المقبرة نهائيا .

والأسبوع الأخير أعلنت الصحف (الإسرائيلية) نية الحكومة (الإسرائيلية) افتتاح مقر ما يسمى " مركز الكرامة الإنساني – متحف التسامح في مدينة القدس " على ما تبقى من أرض مقبرة " مأمن الله " الأمر الذي يؤكد تصميم المؤسسة (الإسرائيلية) إنهاء وجود مقبرة " مأمن الله " .

ولعلنا في نهاية هذا التقرير نشير إلى أهمية الدراسة التي ألفها الباحث الفلسطيني سعيد يقين من جامعة بير زيت بعنوان " الحكومة الصهيونية وخطر التضييق والتزوير الحضاري والتاريخي في منطقة القدس " ، والتي بيُن فيها أن الاعتداءات (الإسرائيلية) لم تمس الأحياء وحدهم بل طالت الأموات في قبورهم ، عارضا أمثلة حية لطمس مقابر المسلمين وإزالة عظامهم ، ونقل سعيد يقين في دراسته تعليق الكتاب (الإسرائيلي) ميرون بنفنسي على هذه السياسة في صحيفة هآرتس (الإسرائيلية) بقوله :" إن هدم المقابر الإسلامية لم ينبع من ضغوط إحتياجات التنمية والمصلحة العامة ، وإنما بهدف مقصده عملية تطهير عرقي للموتى لأن وجود المقابر تلك دليل على ملكية الأقصى" .

الوسوم:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.