إن معتقدات الشيعة الغالية عن الإمامة والأئمة، تتكفل بالبلوغ بهم إلى درجة المشاركة في النبوة، ومنها إلى المشاركة في الألوهية، وتعتبرهم شخصيات تفوق البشر أجمعين .
أما عقيدتهم عن الإمام الغائب الثاني عشر، فقد بلغت الذروة في الخيال والتطرف، إن عقيدة ولادته وغيبته وحياته وهدايته، في غنى عن العقل والقياس وقانون التكوين والتشريع الذي سنة الله، إنهم يعتقدون أن الإمام الحادي عشر الإمام الحسن العسكري، قد تغيب ابنه وفاته بعشرة أيام بجميع ما ورثه عن أسرته وأسباب الإمامة التي كانت عنده، واختفى في غار ((سُرَّ مَن رَأى)) حيث لا يزال هو على قيد الحياة، وسيبقى حياً إلى يوم القيامة ومختفياً فيه، وسيخرج من الغار في الوقت المناسب، ويحكم على العالم كله (1) .
ولم ينته الأمر بهذا، بل إن هذا الإمام الغائب له غيبة صغرى، كان يتردد إليه خلال ذلك سفراؤه ورسله بطريق سري، ثم انقطعت هذه السلسلة، وقبل : إن مدة الغيبة الصغرى انقضت وابتدأت مع انقضائها عهد الغيبة الكبرى، التي لا يمكن أن يصل إليه أحد فيها ما لم يتم ظهور صاحب الزمان (2) .
=======
1- انظر ((أصول الكافي)) ص 202 – 207
2- انظر ((احتجاج الطبرسي)) ص 230
لعل هنا من يفكر في نفسه ويقول: إن ما ظهر من فرقة الإثناعشرية من غلو وتطرف، إنما يرجع إلى ما قبل عصر العلم والتحقيق والفكر والدراسة، وقبل ارتباطهم بالعالم الإسلامي وجماعة المسلمين، وقبل انطلاق دعوتهم العامة إلى الثورة الإسلامية، وحينما كانوا يعيشون في نطاقهم المحدود، أما الآن فلا يستطيع شخص مثقف من الشيعة ممن يكون مطلعاً على روح الإسلام ومقاصده، وداعية إلى الإسلام، ومتألماً للوضع الذي تعيش فيه الأمة الإسلامية، أن يعتقد بمثل هذه المعتقدات التي لا يكاد يصدقها العقل .
ولكننا نقدم إلى القارئ الكريم عبارة من كتاب الخميني ((الحكومة الإسلامية)) تحت عنوان: ((الولاية التكوينية)) ننقلها هنا بنصها:
((فإن للأئمة مقاماً محموداً ودرجة سامية وخلافة تكوينية، تخضع لولايتها وسيطرتها جميع ذرات هذا الكون، وإن من ضرورات مذهبنا أن لأئمتنا مقاماً لا يبلغه ملك مقرب ولا نبي مرسل، وبموجب ما لدينا من الروايات والأحاديث، فإن الرسول الأعظم e والأئمة عليهم السلام، كانوا قبل هذا العالم أنواراً فجعلهم الله بعرشه محدقين، وجعل لهم من المنزلة والزلفى ما لا يعلمه إلا الله (1) .
وقد ثبت أن الخميني يعتقد بالإمام الغائب وظهوره كما يعتقد به غيره من علماء الفرقة الإثنا عشرية ومؤلفيهم، بل إنه يرى أن الإمام الغائب وإن كان قد مضى على تغيبه أكثر من ألف عام، ولكن يمكن أن يمر عليه هكذا مزيد من آلاف السنين . (2)
========
الحكومة الإسلامية ص 52
أيضا ص 76 – 77
بارك الله فيكم وجزاكم الله خير