اسم الشاعر: أبو ذؤيب الهذلي
العصر: مخضرم
عدد الأبيات: 63
البحر: كامل
الروي: عين
الغرض: رثاء
مصدر القصيدة شرح أشعار الهذليين (1/4-40)، صنعة أبي سعيد الحسن السكري، حققه عبد الستار فراج، مكتبة دار العروبة
أَم ما لِجَنبِكَ لا يُلائِمُ مَضجَعًا * إِلّا أَقَضَّ عَلَيكَ ذاكَ المَضجَعُ
فَأَجَبتُها أَن ما لِجِسمِيَ أَنَّهُ * أَودى بَنِيَّ مِنَ البِلادِ ووَدَّعوا
أَودى بَنِيَّ وَأَعقَبوني حَسْرَةً * بَعدَ الرُقادِ وَعَبرَةً لا تُقلِعُ
وَلَقَد أَرى أَنَّ البُكاءَ سَفاهَةٌ * وَلَسَوفَ يولَعُ بِالبُكا مِن يَفجَعُ
سَبَقوا هَوَىَّ وَأَعنَقوا لِهَواهُمُ * فَتُخُرِّموا وَلِكُلِّ جَنبٍ مَصرَعُ
فَغَبَرتُ بَعدَهُمُ بِعَيشٍ ناصِبٍ * وَإَخالُ أَنّي لاحِقٌ مُستَتبَعُ
وَلَقَد حَرِصتُ بِأَن أُدافِعَ عَنهُمُ * فَإِذا المَنِيِّةُ أَقبَلَت لا تُدفَعُ
وَإِذا المَنِيَّةُ أَنشَبَت أَظفارَها * أَلفَيتَ كُلَّ تَميمَةٍ لا تَنفَعُ
فَالعَينُ بَعدَهُمُ كَأَنَّ حِداقَها * سُمِلَت بشَوكٍ فَهِيَ عورٌ تَدمَعُ
حَتّى كَأَنّي لِلحَوادِثِ مَروَةٌ * بِصَفا المُشَرَّقِ كُلَّ يَومٍ تُقرَعُ
وَتَجَلُّدي لِلشامِتينَ أُريهِمُ * أَنّي لَرَيبِ الدَهرِ لا أَتَضَعضَعُ
وَالنَفسُ راغِبِةٌ إِذا رَغَّبتَها * فَإِذا تُرَدُّ إِلى قَليلٍ تَقنَعُ
وَالدَهرُ لا يَبقى عَلى حَدَثانِهِ * جَونُ السَراةِ لَهُ جَدائِدُ أَربَعُ
صَخِبُ الشَوارِبِ لا يَزالُ كَأَنَّهُ * عَبدٌ لِآلِ أَبي رَبيعَةَ مُسبَعُ
أَكَلَ الجَميمَ وَطاوَعَتهُ سَمحَجٌ * مِثلُ القَناةِ وَأَزعَلَتهُ الأَمرُعُُ
بِقَرارِ قيعانٍ سَقاها وابِلٌ * واهٍ فَأَثجَمَ بُرهَةً لا يُقلِعُ
فَلَبِثنَ حينًا يَعتَلِجنَ بِرَوضَةٍ * فَيَجِدُّ حينًا في العِلاجِ وَيَشمَعُ
حَتّى إِذا جَزَرَت مِياهُ رُزونِهِ * وَبِأَيِّ حينِ مِلاوَةٍ تَتَقَطَّعُ
ذَكَرَ الوُرودَ بِها وَشاقى أَمرَهُ * شُؤمٌ وَأَقبَلَ حَينُهُ يَتَتَبَّعُ
فَافتَنَّهُنَّ مِن السَواءِ وَماؤُهُ * بِثرٌ وَعانَدَهُ طَريقٌ مَهيَعُ
فَكَأَنَّها بِالجِزعِ بَينَ نُبَايعٍ * وَأولاتِ ذي العَرجاءِ نَهبٌ مُجمَعُ
وَكَأَنَّهُنَّ رِبابَةٌ وَكَأَنَّهُ * يَسَرٌ يُفيضُ عَلى القِداحِ وَيَصدَعُ
وَكَأَنَّما هُوَ مِدوَسٌ مُتَقَلِّبٌ * في الكَفِّ إِلّا أَنَّهُ هُوَ أَضلَعُ
فَوَرَدنَ وَالعَيّوقُ مَقعَدَ رابِىءِ الضـ * ـضُرَباءِ فَوقَ النَظمِ لا يَتَتَلَّعُ
فَشَرَعنَ في حَجَراتِ عَذبٍ بارِدٍ * حَصِبِ البِطاحِ تَغيبُ فيهِ الأَكرُعُ
فَشَرِبنَ ثُمَّ سَمِعنَ حِسًّا دونَهُ * شَرَفُ الحِجابِ وَرَيبَ قَرعٍ يُقرَعُ
وَنَميمَةً مِن قانِصٍ مُتَلَبِّبٍ * في كَفِّهِ جَشءٌ أَجَشُّ وَأَقطُعُ
فَنَكِرنَهُ فَنَفَرنَ وَامتَرَسَت بِهِ * عَوْجَاءُ هادِيَةٌ وَهادٍ جُرشُعُ
فَرَمى فَأَنفَذَ مِن نَجودٍ عائِطٍ * سَهمًا فَخَرَّ وَريشُهُ مُتَصَمِّعُ
فَبَدا لَهُ أَقرابُ هذا رائِغًا * عَجِلًا فَعَيَّثَ في الكِنانَةِ يُرجِعُ
فَرَمى فَأَلحَقَ صاعِدِيًّا مِطحَرًا * بِالكَشحِ فَاشتَمَّلَت عَلَيهِ الأَضلُعُ
فَأَبَدَّهُنَّ حُتوفَهُنَّ فَهارِبٌ * بِذَمائِهِ أَو بارِكٌ مُتَجَعجِعُ
يَعثُرنَ في عَلَقِ النَّجِيعِ كَأَنَّما * كُسِيَت بُرودَ بَني يَزيدَ الأَذرُعُ
وَالدَهرُ لا يَبقى عَلى حَدَثانِهِ * شَبَبٌ أَفَزَّتهُ الكِلابُ مُرَوَّعُ
شَعَفَ الكِلابُ الضارِياتُ فُؤادَهُ * فَإِذا يَرى الصُبحَ المُصَدَّقَ يَفزَعُ
وَيَعوذُ بِالأَرطى إِذا ما شَفَّهُ * قَطرٌ وَراحَتهُ بَلِيلٌ زَعزَعُ
يَرمي بِعَينَيهِ الغُيوبَ وَطَرفُهُ * مُغضٍ يُصَدِّقُ طَرفُهُ ما يَسمَعُ
فَغَدا يُشَرِّقُ مَتنَهُ فَبَدا لَهُ * أَولى سَوابِقَها قَريبًا توزَعُ
فانْصَاعَ مِن فَزَعٍ وَسَدَّ فُروجَهُ * غُبرٌ ضَوارٍ وافِيانِ وَأَجدَعُ
فَنَحا لَها بِمُذَلَّقَينِ كَأَنَّما * بِهِما مِنَ النَضحِ المُجَدَّحِ أَيدَعُ
يَنهَسنَهُ وَيَذُبُّهُنَّ وَيَحتَمي * عَبلُ الشَوى بِالطُرَّتَينِ مُوَلَّعُ
حَتّى إِذا ارتَدَّت وَأَقصَدَ عُصبَةً * مِنها وَقامَ شَريدُها يَتَضَرَّعُ
فَكَأَنَّ سَفّودَينِ لَمّا يُقتَرا * عَجِلا لَهُ بِشَواءِ شَربٍ يُنزَعُ
فَبَدا لَهُ رَبُّ الكِلابِ بِكَفِّهِ * بيضٌ رِهافٌ ريشُهُنَّ مُقَزَّعُ
ففَرَمى لِيُنقِذَ فَرَّها فَهَوى لَهُ * سَهمٌ فَأَنفَذَ طُرَّتَيهِ المِنزَعُ
فَكَبا كَما يَكبو فِنيقٌ تارِزٌ * بِالخُبتِ إِلّا أَنَّهُ هُوَ أَبرَعُ
وَالدَهرُ لا يَبقى عَلى حَدَثانِهِ * مُستَشعِرٌ حَلَقَ الحَديدِ مُقَنَّعُ
حَمِيَت عَلَيهِ الدِرعُ حَتّى وَجهُهُ * مِن حَرِّها يَومَ الكَريهَةِ أَسفَعُ
تَعدو بِهِ خَوصاءُ يَفصِمُ جَريُها * حَلَقَ الرِحالَةِ فَهِيَ رِخوٌ تَمزَعُ
قَصَرَ الصَبوحَ لَها فَشَرَّجَ لَحمَها * بِالنَيِّ فَهِيَ تَثوخُ فيها الإِصبَعُ
تَأبى بِدُرَّتِها إِذا ما استُكرِهَت * إِلّا الحَميمَ فَإِنَّهُ يَتَبَضَّعُ
مُتَفَلِّقٌ أَنساؤُها عَن قانِئٍ * كَالقُرطِ صاوٍ غُبرُهُ لا يُرضَعُ
بَينَنا تَعَانُقِهِ الكُماةَ وَرَوغِهِ * يَومًا أُتيحَ لَهُ جَريءٌ سَلفَعُ
يَعدو بِهِ نَهِشُ المُشاشِ كَأَنّهُ * صَدَعٌ سَليمٌ رَجعُهُ لا يَظلَعُ
فَتَنَازَلا وَتَواقَفَت خَيلاهُما * وَكِلاهُما بَطَلُ اللِقاءِ مُخَدَّعُ
يَتَنَاهَبَانِ المَجدَ كُلٌّ واثِقٌ * بِبَلائِهِ وَاليَومُ يَومٌ أَشنَعُ
وَكِلاهُما مُتَوَشِّحٌ ذا رَونَقٍ * عَضبًا إِذا مَسَّ الضَريبَةَ يَقطَعُ
وَكِلاهُما في كَفِّهِ يَزَنِيَّةٌ * فيها سِنانٌ كَالمَنارَةِ أَصلَعُ
وَعَلَيهِما مَاذِيَّتَانِ قَضاهُما * داودٌ أَو صَنَعُ السَوابِغِ تُبَّعُ
فَتَخالَسا نَفسَيهِما بِنَوافِذٍ * كَنَوافِذِ العُبُطِ الَّتي لا تُرقَعُ
وَكِلاهُما قَد عاشَ عيشَةَ ماجِدٍ * وَجَنى العَلاءَ لَو انَّ شَيئًا يَنفَعُ
منقوووول
شكلك بتحبي الشعر كثير
ربنا يحميكِ يارب
ويوفقك
تقلبي مروري
دمتي بودّ يا حبيبه ..