فهي لا تألو جهداً في سبيل تحصيل أولادها
البنين والبنات للدرجات العليا دائمة الحضور
إلى المدرسة للسؤال عنهم تتابع الدرجة
والدرجتين والعلامة والعلامتين
تنتظر الأبناء الصغار تحت أشعة الشمس
الحارقة ظهراً عند رجوعهم إلى البيت عند
الشارع الرئيسي الذي يبعد عن بيتهم نصف
كيلومتر ..
ثم تحمل عنهم حقائبهم الثقيلة هذه المسافة
كلها ثم تعود من جديد لتنتظر البنات ….
ثم تأتي مع الصغير إلى المسائي وتجلس
من الرابعة إلى الثامنة والنصف ..
وهكذا يومياً
لا أنسى كيف كانت ترجوني من أجل أن
أحول ابنها الصغير من المساء إلى
الصباح برغم عدم وجود شاغر
في الصباح
وكيف كان إلحاحها الشديد لي لكي أقبل
ابنها السادس في مدرستنا الخيرية
وكم كانت سعادتها عندما جاءتها
الموافقة
برغم أن سكنها بعيد عن المدرسة وقد
قاربت الخمسين من عمرها ومع أنها
تأتي بسيارة أجرة فهي ضيفة دائمة في
المدرسة لا تكل ولا تمل
احترمناها لأمومتها ، لحبها لصغارها
، لحرصها ، لفقرها ، لعباءتها
القديمة الممزقة
كان ابنها الذي في المسائي لا يرض
إلا أن تجلس أمه أمام الصف ،
لذا كانت ضيفة ولفترة طويلة يومياً ..
أمام باب صف ابنها على كرسي
خشبي يكسر الظهر ، حتى حن عليها
الفراش ( ناصر )
بكرسي آخر من البلاستيك ..
كنت أغبط هذه المرأة على صبرها
وقوة تحملها وحبها لأولادها ,,
كانت نافذة مكتبي هي من تكشف لي
المدرسة كلها أمامي ،
فما نظرت منها إلا وهي مسمرة
في مكانها كأنها والكرسي
ملتصقان ..
ناديتها يوماً وقلت لها :
أتعلمين إن إدارة المدرسة اختارتك
الأم المثالية هذه السنة ..
هتفت بدهشة أنا !!…
كأنها لم تتوقع الأمر قلت ومن
غيرك يستحق ذلك
يا أم محمد..
بكت أمامي بكاءً مراً …
خجلت من نفسي لأنني بخبري
هذا أبكيتها …
قلت لها لم تبكين كل هذا البكاء ؟؟
ألست سعيدة يا أخيتي ؟
قالت : بلى سعيدة ، بل أكاد
أموت من السعادة ولكنــ …
وهنا ألقت علي مفاجأة لم تكن
في الحسبان
مفاجأة وقفت أمامها مشدوهاً
مفاجأة مدوية أدمعت عيني
وهزت جوانحي ..
قالت : أخي .. هؤلاء الأطفال أنا لست أمهم .
. بل لست أماً لكي أنال لقب الأم المثالية ..
أمهم ماتت …
منذ زمن وأنا زوجة أبيهم ، لم يرزقني
الله بأطفال فكان هؤلاء دنيتي
وحياتي وفخري …
أحببتهم كما لو كانوا أولادي
بل لربما لو كان لدي أولاد لما
أحببتهم كما أحببتهم
إنهم كل حياتي ودنيتي
إنهم عيوني وغنوتي
إنهم آهاتي وسلوتي
وهنا رفعت رأسها والدموع في
عينيها وسألتني :
أخي هل أصلح أماً ؟؟
قلت : بل أنت ملكة الأمهات
نعم الام وزوجة الاب هذه..
يا الله.. كم لها من الاجر والثواب والفضل عند ربها جزاء صبرها وتحملها بل ورعايتها لهم..!!
كتابتك موفقه جدا اختي..
اشكرك..
هي َ حقا ً قصة ٌ مؤثرة .. تقلب ُ الحقائق َ التي نعرفُـها ..
أعرف ُ زوجة َ أب ٍ بهذه ِ الصورة .. أحبّـها أبناء ُ زوجِها حُـبّا ً جمّـا ً ..
وما كان َ ليأتي هذا الحب لولا تفانيها في رعايتهم .. بالرغم ِ من ْ بُعدها عن ْ أبنائها وحِرمانها منهم ..
لكنها حقا ً أم ّ مثالية .. وبشهادة ِ الجميع ..
فيما وردني من قصتها أن ّ إحدى بنات ِ زوجها فازت ْ مسابقة ٍ على مستوى مدرستها الثانوية ..
وحين َ طلبوا منها إلقاء َ كلمة ٍ أمام َ جموع ِ الأمهات قالت ْ :
" صحيح ٌ أن ّ أمي قد ْ توفيت ْ وحُـرمت ُ منها .. لكن ّ الله عوّضني بأم ّ رائعة ٍ جدا ً وأنا أدعو الله أن يحفظها لي وألا يحرمني منها " ..
..
في واقعنا هناك أُمان للأسف ..
أحيانا نجد الشقاوة ، كل الشقاوة من الأم الثانية ، ويتغير مسار الحياة بتغير الأم
وأحيانا تحلوا الحياة بقرب حلاوتهاآ
نسأل الله أن يرزق كل محروم ~
بوركتِ وبوركتِ كلماتك ومعاآنيها