المجوسي
رحلتنا اليوم إلى حيث يسكن عبد الله بن المبارك رحمه الله. وها هو عبد الله بن المبارك يستعد للسفر!! إلى أين يا ترى؟! لنسأله.
– إلى أين المسير؟
– إلى بغداد.
– ولماذا؟
– لأبلغ بهرام المجوسي رسالة.
– وأي رسالة هذه؟
– لقد حلمت البارحة برسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لي: قل لبهرام المجوسي أنه سيحشر معي يوم القيامة. فاستيقظت من نومي، واستعذت بالله من الشيطان الرجيم، وعدت للنوم ثانية. فحلمت بنفس الحلم، فاستيقظت واستعذت بالله، وعدت لنومي. فحلمت بنفس الحلم مرة ثالثة. فتأكد لي أن هذا أمر من الرسول الكريم عليه أفضل الصلاة والتسليم، وعلي أن أقوم به.
– وهل لنا أن نرافقك؟
– بالتأكيد.
نحن الآن أمام منزل المجوسي في بغداد، بل لنقل أما قصره، لكبر حجم المنزل وفخامته. طلب ابن المبارك الدخول على المجوسي، فسمحوا لنا بالدخول. فسأل المجوسي ابن المبارك عن سبب زيارته، فطلب ابن المبارك أن يختلي به. فأمر من كان في المجلس بالانصراف.
لم يبق في المجلس سوانا. فبدأ ابن المبارك بالحديث.
– لقد جئتك برسالة؟
– رسالة!! ممن؟
– من رسولنا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم.
– لكن رسولكم مات منذ زمن ليس بالقصير؟!!
– نعم.. لكنه أمرني في المنام أن أخبرك بأنك ستحشر معه يوم القيامة!!
– أحشر معه!!
– نعم. لذا أود أن أعرف ما الذي قمت به لتنال هذه المنزلة الرفيعة وأنت مجوسي؟!!
– لا أذكر أنني قمت بعمل يستحق هذا!!
– لابد أنك قمت بعمل جليل ارتقى بك لهذه المنزلة العالية!!
– لم أقم إلا بعبادة النار طوال حياتي!! ولا أظن أنكم ترون هذا العمل يستحق مرافقة نبيكم يوم الحشر!!
– بالطبع لا يستحق!! حاول أن تتذكر عمل خير ولو بسيط، قمت به، لم يدفعك له مصلحة ولا ثواب في الدنيا، فلربّما كان هو السبب!!
– نعم. تذكرت عملاً، قد يكون هو السبب!!
– ما هو؟
– قبل أن أخبرك بخبري، أود أن أشهدك بأنني سأدخل في الإسلام الآن. أشهد أن لا إله إلاّ الله، وأن محمدا رسول الله.
– الله أكبر.. الله أكبر.
– والآن.. دعني أخبرك خبري:
أولمت وليمة كبيرة في منزلي ذات يوم. وضعت فيها أنواع الشواء والقلاء والشراب والحلوى. وأكل الناس حتى شبعوا، ثم انصرفوا، وقد زاد طعام كثير. لا أعلم ما أصنع به؟! ثم صعدت السطح لقضاء حاجة لي، فسمعت صوت فتاة صغيرة في دار جيراني وهي تقول: آذانا المجوسي برائحة طعامه. وكان يسكن البيت الذي بجواري امرأة فقيرة مع بناتها، ولا يوجد معهم من يعولهم. فرق قلبي لكلماتها. فاخترت من كل أصناف الطعام التي بقيت، وحملتها إلى دارهم. ولما رأوا الطعام، فرحوا فرحاً كبيراً، ودعت إحداهن: اللهم احشره مع جدي. فقد كانت واحدة من حفيدات الرسول الكريم عليه أفضل الصلاة والتسليم. وها هو الله عز وجل يستجيب دعاءها، ويرسلك لي لتبشرني به. فاشهد بأني أسلمت.
ثم دعا بهرام أبناءه، وأخبرهم بإسلامه، فأسلموا. ثم عرض الأمر على أهله، فأسلموا، ثم أقربائه، فأسلموا. ففرحنا كثيراً لإسلام هذا العدد الكبير من المجوس. ثبتهم الله على دينه، وأعانهم على نصرته.
انتهت رحلتنا لهذا اليوم. ومع أنها قصيرة إلا أنها مليئة بالعبر. فهي تذكرنا بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم:
« لاَ تَحْقِرَنَّ مِنَ الْمَعْرُوفِ شَيْئًا وَلَوْ أَنْ تَلْقَى أَخَاكَ بِوَجْهٍ طَلْقٍ » .
فلا تبخل بالقديم من الثياب، أو الزائد من الطعام، أو القليل من المال. فما تراه قديماً، قد يعده أحد الفقراء ثوب عيد له لفخامته. وما تعده زائداً، قد يعده فقيراً وليمة له ولأبنائه. وما تعده قليلاً، قد يعده أحدهم مبلغاً عظيماً يعيش به أياماً.
ولا تستهن أيضاً بدعوة أحد. فإن ساعدت أحداً ودعا لك، فاحمد الله أن هنالك من يدعو لك بالخير. وإن كنت ظالماً، ودعا عليك من ظلمته، فلا تستهن بدعواه، فدعوى المظلوم مستجابة، وهي سهم من سهام الليل، فاحذره. واعتذر ممن ظلمت، واسأله أن يصفح عنك، حتى لا يأخذك الله بما صنعت. فقد قال أشرف الخلق محمد صلى الله عليه وسلم: « مَازَالَ يُوصِينِى جِبْرِيلُ بِالْجَارِ حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ سَيُوَرِّثُهُ » .
وقوله عليه الصلاة والسلام:
« أَنَا وَكَافِلُ الْيَتِيمِ فِى الْجَنَّةِ هَكَذَا ». وَأشار بِإِصْبَعَيْهِ السَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى .
أتمنى أن تكونوا قد استفدتم واستمتعتم في هذه الرحلة، وأن ترافقونا في رحلاتنا القادمة إن شاء الله.
بقلم
http://www.alnoor-world.com
بارك الله فيك …كلمات لن تكون على ورق بل هي ….
كلمات تجاوزت الاوراق كلمات قلبيه
كم كانت ممتعه تلك الرحله الايمانيه
كانت رحلة راااائعة ومميزة جزاك الله الجنة جنة الفردوس الاعلىوجمعنا بك فيها
راسيل ندى البستان الجمان
جزاكن الله خيراً …
بانتظار الرحلات الباقيه..
جزاك الله خيرا الجزاء وجعله في موازين حسناتك ..
شذى الرياحين أم مصعب بنت الجزيرة رزان …
بارك الله فيكن …
همسة …
الرحلة الخيّرة تكون ممتعة مادام صحبي فيها أخيار …