دعوة إمام
رحلتنا اليوم إلى منزل علي بن أبي فزارة، حيث يجلس بجانب أمه التي أقعدها المرض مدة طويلة، وأبقاها طريحة الفراش، لا تستطيع النهوض منه.
نظرت الأم لابنها بعينين غائرتين، ووجه شاحب، وجسم هدّه المرض. وقالت:
– بني.. اذهب للإمام أحمد بن حنبل، واسأله أن يدعو الله لي، ليخفف ما بي من مرض أو يشفيني منه.
– أماه.. إن الإمام لا يعرفني!.
– اذهب له يا بني، إنه رجل صالح، ولا يرد أحداً.
– سمعاً وطاعة أماه.
خرج علي من منزله، يقدم رجلاً ويؤخر الأخرى، حتى وصل لمنزل الإمام أحمد. فطرق الباب. فجاءه صوت الإمام من خلف الباب:
– من الطارق؟!!.
– أخ لك في الإسلام يا أبا عبد الله.
– وهل لك حاجة؟!!!.
– لقد أقعد المرض أمي، وجئتك راجياً أن تسأل الله تعالى أن يشفيها أو يخفف عنها.
– ومن يدعو لنا نحن!! ومن يدعو لنا نحن!! ومن يدعو لنا نحن!!
خجل علي من طلبه، فطأطأ رأسه وهم بالانصراف. لكن عجوزاً خرجت من منزل الإمام أحمد، وقالت: رأيت الإمام يحرك شفتيه، أرجو أن يكون فيما طلبت منه.
سار علي بخطى بطيئة، عائداً لمنزله، مهموماً، يفكر بما سيقوله لوالدته عندما تسأله عما جرى له مع الإمام أحمد.
وصل لمنزله. فطرق الباب، فجاءه صوت أمه من خلفه:
– من بالباب؟!!.
– أنا علي يا أماه.
دهش علي عندما فتحت الباب، وشاهد أمه تقف خلفه!! لم يصدق عينيه، وقال بدهشة وفرح:
– أماه، أنك تقفين على رجليك!! ما الذي حدث؟!!
– لا أعلم يا بني. لكن قبل وصولك بقليل، أحسست برغبة في الوقوف، فوقفت، ومشيت، وكأني لم أكن مقعدة…
– سبحان الله!! سبحان الله!! الحمد لك يا الله!! وجزاك الله خيراً يا أبا عبد الله على دعائك.
سبحان من يستجيب لعبده المؤمن بهذه السرعة!! إنها دعوة الإمام أحمد. إمام تصدى للفتنة بعد أن عمت أرض المسلمين. انهار علماء السنة أمام فتنة خلق القرآن، لكن أحمد ظل صامداً، وجُلد لصموده. حتى قيل له: إنك تهلك نفسك، قل بخلق القرآن وستنجوا. فقال: إن هذه الأمة كلها تنتظر رأيي في المسألة، فمن يجيرني من الله أن أظللتهم؟!!!.
انتهت رحلتها لهذا اليوم لكن لا يفوتنا التبيه لأمر مهم، إنه الدعاء بظهر الغيب. كان بإمكان الإمام أحمد أن يقول لعلي بن أبي فزارة سأدعو لأمك. لكنه أراد أن تكون دعوة بظهر الغيب، فالدعاء بظهر الغيب مستجاب. فَإِنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقُولُ:
« دَعْوَةُ الْمَرْءِ الْمُسْلِمِ لأَخِيهِ بِظَهْرِ الْغَيْبِ مُسْتَجَابَةٌ عِنْدَ رَأْسِهِ مَلَكٌ مُوَكَّلٌ كُلَّمَا دَعَا لأَخِيهِ بِخَيْرٍ قَالَ الْمَلَكُ الْمُوَكَّلُ بِهِ آمِينَ وَلَكَ بِمِثْلٍ » .
ومن كرم الله لعباده، أن يوكل ملكاً ليأمن على دعاء المسلم لأخيه، ليس هذا فحسب، بل يكمل الملك فيقول: لك بمثل. فيا لكرم الله.
انتهت رحلتنا لهذا اليوم، راجين المولى سبحانه، أن تكون رحلة مفيدة للجميع.
بقلم
http://www.alnoor-world.com
فما أعظم من الدعاء؟؟إنه عبادة تجمع كثير من عبادات…أولها الاستجابة لنداء الله(وقال ربكم ادعوني استجب لكم)..وثانيها الثقة باستجابة الله…والتذلل والخضوع لله..فما أعظمها…
اللهم إنا نسألك الفردوس الأعلى…
إنــهــا حــقــاً رحـــلــة مـمــتــعـة
ونــنــتـظر الــمــزيــد
جــزيــتـي ألــف خـــير
درّة الإسلام لولو أم مصعب رزان
همسة …
فعلاً لولا كُن لما كان للرحلة طعم …
جزاك الله كل خير .وبارك فيك وجعل الجنه مقرك ومقامك
ومن التالي بسررررررررررررررررررررررررعه…