تخطى إلى المحتوى

كمال افتقار العبد لله 2024.


سعادة العبد في كمال افتقاره إلى الله

قال شيخ الإسلام ابن تيمية-رحمه الله-:
والعبد كلما كان أذل للّه وأعظم افتقارًا إليه وخضوعًا له، كان أقرب إليه، وأعز له، وأعظم لقدره، فأسعد الخلق أعظمهم عبودية لله‏.‏
وأما المخلوق فكما قيل‏:‏ احتج إلى من شئت تكن أسِيرهُ، واستغن عمن شئت تكن نظيره، وأحسن إلى من شئت تكن أميره، ولقد صدق القائل‏:‏
بين التذلل والتدلل نقطة ** في رفعهــا تتحيَّر الأفهــام
ذاك التـذلل شـــــــــرك ** فافهــــــم يا فتى بالخـــلف
فأعظم ما يكون العبد قدرًا وحرمة عند الخلق، إذا لم يحتج إليهم بوجه من الوجوه، فإن أحسنت إليهم مع الاستغناء عنهم، كنت أعظم ما يكون عندهم، ومتى احتجت إليهم ـ ولو في شربة ماء ـ نقص قدرك عندهم بقدر حاجتك إليهم، وهذا من حكمة الله ورحمته؛ ليكون الدين كله لله، ولا يشرك به شيء‏.‏
ولهذا قال حاتم الأصم ـ لما سئل‏:‏ فيم السلامة من الناس‏؟‏ قال‏:‏ "أن يكون شيئك لهم مبذولاً وتكون من شيئهم آيسًا، لكن إن كنت معوضًا لهم عن ذلك وكانوا محتاجين، فإن تعادلت الحاجتان تساويتم، كالمتبايعين ليس لأحدهما فضل على الآخر، وإن كانوا إليك أحوج خضعوا لك‏".‏
فالرب ـ سبحانه ـ أكرم ما تكون عليه أحوج ما تكون إليه، وأفقر ما تكون إليه‏.‏ والخلق أهون ما يكون عليهم أحوج ما يكون إليهم؛ لأنهم كلهم محتاجون في أنفسهم، فهم لا يعلمون حوائجك، ولا يهتدون إلى مصلحتك، بل هم جهلة بمصالح أنفسهم، فكيف يهتدون إلى مصلحة غيرهم‏؟‏‏!‏ فإنهم لا يقدرون عليها، ولا يريدون من جهة أنفسهم، فلا علم ولا قدرة ولا إرادة‏.‏ والرب ـ تعالى ـ يعلم مصالحك ويقدر عليها، ويريدها رحمة منه وفضلًا، وذلك صفته من جهة نفسه، لا شيء آخر جعله مريدًا راحمًا؛ بل رحمته من لوازم نفسه، فإنه كتب على نفسه الرحمة، ورحمته وسعت كل شيء، والخلق كلهم محتاجون، لا يفعلون شيئًا إلا لحاجتهم ومصلحتهم، وهذا هو الواجب عليهم والحكمة، ولا ينبغي لهم إلا ذلك؛ لكن السعيد منهم الذي يعمل لمصلحته التي هي مصلحة،لا لما يظنه مصلحة وليس كذلك‏.‏ وقال أيضًا-رحمه الله-:
والرب ـ تعالى ـ يمتنع أن يكون المخلوق مكافئًا له أو متفضلًا عليه؛ ولهذا كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول إذا رُفعت مائدته‏:‏ ‏(‏الحمد لله حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه غير مكفي ولا مكفور ولا مودع ولا مستغنى عنه ربنا‏)‏ رواه البخاري من حديث أبى أمامة‏.‏
بل ولا يزال الله هو المنعم المتفضـل على العبد وحده لا شريك له في ذلك، بل ما بالخلق كلهم من نعمة فمن الله، وسعادة العبد في كمال افتقاره إلى الله واحتياجه إليه، وأن يشهد ذلك ويعرفه ويتصف معه بموجبه، أي: بموجب علمه ذلك‏،‏ فإن الإنسان قد يفتقر ولا يعلم، مثل أن يذهب ماله ولا يعلم، بل يظنه باقيًا، فإذا علم بذهابه صار له حال آخر، فكذلك الخلق كلهم فقراء إلى الله، لكن أهل الكفر والنفاق في جهل بهذا وغفلة عنه وإعراض عن تذكره والعمل به، والمؤمن يقر بذلك ويعمل بموجـب إقـراره، وهـؤلاء هـم عباد الله‏.‏

مجموع فتاوى ابن تيمية

ولهذا قال حاتم الأصم ـ لما سئل‏:‏ فيم السلامة من الناس‏؟‏ قال‏:‏ "أن يكون شيئك لهم مبذولاً وتكون من شيئهم آيسًا، لكن إن كنت معوضًا لهم عن ذلك وكانوا محتاجين، فإن تعادلت الحاجتان تساويتم، كالمتبايعين ليس لأحدهما فضل على الآخر، وإن كانوا إليك أحوج خضعوا لك‏".‏

لاكي

بارك الله فيك أختي الكريمة …

دائماً مواضيعك قيمة ..جعلها الله في ميزان حسناتك ..

جزاكم الله خيرا

‏الحمد لله حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه غير مكفي ولا مكفور ولا مودع ولا مستغنى عنه ربنا‏

تقبل الله دعائك أختي الذكرىوثبتنا وإياك على الخيير
وإياك أختي مقتفي الاثر شكرا على مرورك الكريم
الوسوم:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.