فإن الشيطان يتسلط على المرء بالوسوسة حتى يفسد عليه حياته، ولا سيما عباداته وطاعاته، غير أن الله –تعالى- من رحمته بعباده قد أرشدهم إلى ما يعصمهم من كيده ويمنعه من التسلط عليهم بأمور منها:
أولاً/ التعوذ بالله منه، فإنه –تعالى- خالقه وهو القادر على منعه ورد كيده يقول –تعالى-:" وإما ينـزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله"[الأعراف:200] فيشرع للمرء أن يستعيذ بالله من الشيطان في جميع أحواله، ويتأكد ذلك في بعض الأحوال منها:
1-عند نزول المكان: فيشرع التعوذ من الشيطان ومن كل ما يضر، فعن خولة بنت حكيم-رضي الله عنهما- أنها قالت: سمعت رسول الله –صلى الله عليه وسلم-:" من نزل منزلاً ثم قال: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق لم يضره شيء حتى يرتحل من منزله ذلك" أخرجه مسلم(2708) وغيره، وفي رواية عند مسلم(2709)والترمذي(3966)من حديث أبي هريرة –رضي الله عنه-:" من قال ذلك حين يمسي".
2-عند وسوسة الشيطان في الصلاة: ففي الصحيحين -البخاري(608)ومسلم(389)- وغيرهما من حديث أبي هريرة –رضي الله عنه- أن رسول الله –صلى الله عليه وسلم-:" إذا نودي للصلاة أدبر الشيطان وله ضراط حتى لا يسمع التأذين، فإذا قضي النداء أقبل، حتى إذا ثوب بالصلاة أدبر حتى إذا قضى التثويب أقبل حتى يخطر بين المرء ونفسه يقول: اذكر كذا اذكر كذا، لما لم يكن يذكر حتى يظل الرجل لا يدري كم صلى".
3-عند وجود الوساوس الشيطانية التي تثير الشك في النفس: فقد أخرج أبو داود في سننه(5112)وغيره عن ابن عباس-رضي الله عنهما- بسند صحيح قال: جاء رجل إلى النبي –صلى الله عليه وسلم- فقال: يا رسول الله إن أحدنا يجد في نفسه يعرض بالشيء لأن يكون حُممة-أي فحماً- أحب إليه من أن يتكلم به. فقال: الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الحمد لله الذي رد كيده إلى الوسوسة".
4-من رأى في المنام شيئاً يكرهه: فقد أخرج البخاري(3292)ومسلم(2261)وغيرهما من حديث أبي قتادة –رضي الله عنه- أن النبي –صلى الله عليه وسلم- قال:" الرؤيا من الله، والحلم من الشيطان، فإذا رأى أحدكم شيئاً يكرهه فلينفث عن يساره ثلاث مرات، وليتعوذ بالله من شرها، فإنها لن تضره"
5- عند سماع نهيق الحمار: ففي الصحيحين –البخاري(3303) ومسلم(2729)- وغيرهما من حديث أبي هريرة –رضي الله عنه- أن النبي –صلى الله عليه وسلم- قال:" إذا سمعتم صياح الديكة، فاسألوا الله من فضله فإنها رأت ملكاً، وإذا سمعتم نهيق الحمار فتعوذوا بالله من الشيطان، فإنه رأى شيطاناً".
ثانياً/ التحصن بالأوراد الشرعية: ذلك أن ذكر الله –تعالى- حصن حصين من الشيطان لا يستطيع معه أن يخلص لابن آدم ولا أن يضره، يدل على ذلك ما أخرج الترمذي(2863) وغيره من حديث الحرث الأشعري –في خبر طويل وفيه- " كذلك العبد لا يحرز نفسه من الشيطان إلا بذكر الله" قال الترمذي: حديث حسن صحيح. والأوراد الشرعية منها المطلق الذي لا يقيد بوقت بل يقال في كل حين، ومنها المقيد بوقت كدعاء دخول المنزل والخروج منه، وكدخول الحمام والخروج منه، وكبدء الأكل والفراغ منه، وكأذكار الصباح والمساء، وكأذكار النوم والاستيقاظ، وكأذكار الصلوات وغيرها.
ثالثاً/ ملازمة طاعة الله –تعالى- والبعد عن معصيته، إذ أعظم ما يتسلط الشيطان على ابن آدم معصية الله، يقول الله –تعالى-:" إنه ليس له سلطان على الذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون إنما سلطانه على الذين يتولونه والذين هم به مشركون" ويقول –تعالى-:" إن عبادي ليس لك عليهم سلطان إلا من اتبعك من الغاوين"[الحجر:42].
والله أسأل أن يعصمك من الشيطان وأن يحفظك من كيده، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.
كتبه ناصر بن محمد الماجد .
أسأل الله ان يجعله في ميزان حسناتك
جزاك الله خيراً
وجعله في ميزان حسناتك
ونفعنا الله به