فإذا ما تهيا له ذلك عرضك للفتن حسب الثغرات التي في نفسك، فإن كانت من باب الشهوة أتاك منها, وإن كانت من باب المال شغلك به, حتى يؤصل للغفلة موطناً في قلبك, فإذا ما تيسر له ذلك بدأ في سقي البذرة التي غرسها في قلبك بغذاء من نفس مادتها، من خلال حصر خواطرك حول أحداث تتعلق بنفس الباب الذي دخل قلبك منه لجعلك تدور دوماً في رحى الانشغال بتلك الشهوة.
خواطر شيطانية
فإذا ما طال بك الزمن على هذه الحال صارت بينك و بين هذه المعاصي نوعاً من الألفة التي توهن منك القوى عن دفع تلك الخواطر لما يحصل في قلبك من التعلق بها, وصرت مهيأً لخسارة الموقعة تلو الأخرى تباعاً في صراعك مع الشيطان، لا لشيء سوى لأنك صرت في قرارة نفسك أضعف من السابق، والدليل على ذلك هو عجزك عن مجرد دفع تلك الخواطر الشيطانية, فتصير عليك كالمذلة لدى الشيطان يحاول استدراجك من خلالها إلى ما هو أعظم, و كلما راودتك نفسك بالإحجام عن المضي قدماً في درب الغفلة والعودة إلى الله، أغار عليك بسيل من التهوين والتقنيط، مذكراً إياك بعجزك عن الإحجام في التفكير فيما قد تعلق قلبك به من أبواب الشهوة وغيرها. لذا يجب على العبد أن يعلم أن إدراك النجاة يتمثل في شغل النفس بالطاعة لكيلا تشغله بالمعصية.
لكيلا تبكي في القبر
فإذا ما حدث ووقع في شراك الشيطان، واستطرد التفكير فيما لا يرضي الله عز و جل، فإن عليه المسارعة لطوق النجاة المتمثل في الصحبة الصالحة التي لديها القدرة على جذبه بقوة من براثن الشيطان بإذن الله تعالى، لأنها غير واقعة تحت نفس المؤثرات التي سلطها الشيطان عليه، لذا فإن مخالطتهم ستجعل الخلاص من هذا العجز أمراً ممكناً، بل تلقائياً، وحينها سوف يستعيد العبد عافيته، وينجو بإذن الله من براثن الشيطان، ولكن العبرة حينئذ بألا يعيد الكرة مرة أخرى، ويجعل من هذا الدرس تجربة للاستفادة منه طوال حياته، فعمر العبد محدود، والأمل الذي ينسجه الشيطان له ممدود بلا حدود، وعلى العبد أن يجعل من كل لحظة تمر عليه فرصة لتوسيع حفرة قبره عليه، ولا يجعل تلك اللحظات تتناثر أمام عينيه كهشيم تذروه رياح الغفلة دونما اكتراث، ثم يبكي بعدها في ظلمة القبر بدلاً من الدموع دماً، حيث لا ينفع ندم ولا توبة.
جزاك الله خير .
أعانك الله .