السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،،،
كنت عازماً على استعراض الحج وأحكامه ، وحيث قد كفاني جمع من الأخوة والأخوات بوضع روابط وموضوعات تتحدث عن حج بيت الله فقد عزمت على إيقاف هذه السلسة ، وسأورد هنا حديث جابر رضي الله عنه في حجة النبي صلى الله عليه وسلم والذي يعد أجمع حديث عند اهل العلم في صفة حجه صلى الله عليه وسلم .
وقبل أن أسوق حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أود لفت النظر أن هذه العبادة العظيمة ما كانت إلا لتوحيد الله تعالى وامتثال أمره ، فالإحرام وما يتعلق به من محظورات ولبس الإزار والرداء والطواف والسعي سبعاً والوقوف بعرفة والمبيت بمزدلفة ورمي الجمار سبعاً ونحر الهدي والحلق أو التقصير كلها أمور تعبدية لأجل أن تتحقق التقوى في القلوب ، قال الحق تبارك وتعالى في الهدي : { لن ينال الله لحومها ولا دماؤها ولكن يناله التقوى منكم } .
ومن هنا فإن الخبيث الذي قال : بأن الحج شعائر وثنية ما هو إلا كافر ضال ملحد ، لم يدرك الغاية من حج بيت الله . وأعمى له قلبه عن إدراك نداء خليل الرحمن وتلبيته ،،
وها هو نبينا صلى الله عليه وسلم وقد طاف بالبيت سبعاً توجه إلى مقام إبراهيم فصلى خلفه ركعتين قرأ في الأولى { قل يا أيها الكافرون } وفي الأخرى : { قل هو الله أحد } ، قرأ السورتين اللتين أعلنتا توحيد الله تعالى وتفرده بالعبودية ، فما هذه العبادة إلا امتثال لأمر الله تعالى وخضوع له ،،
وجاءت أقواله وأفعاله صلى الله عليه وسلم في هذه العبادة العظيمة معلنة توحيد الله ،،،،
لبيك اللهم لبيك ، لبيك لا شريك لك لبيك إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك ،،
روى مسلم في صحيحه في كتاب الحج ح (1218) (147) 2/886 :
1218 حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وإسحاق بن إبراهيم جميعا عن حاتم ،
قال أبو بكر : حدثنا حاتم بن إسماعيل المدني عن جعفر بن محمد عن أبيه قال : دخلنا على جابر بن عبد الله فسأل عن القوم حتى انتهى إلي فقلت أنا محمد بن علي بن حسين ، فأهوى بيده إلى رأسي فنزع زري الأعلى ثم نزع زري الأسفل ثم وضع كفه بين ثديي وأنا يومئذ غلام شاب ، فقال : مرحبا بك يا بن أخي ، سل عما شئت فسألته ، وهو أعمى .
وحضر وقت الصلاة فقام في نساجة ملتحفاً بها كلما وضعها علي منكبه رجع طرفاها إليه من صغرها ورداؤه إلى جنبه على المشجب فصلى بنا .
فقلت أخبرني عن حجة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال بيده فعقد تسعاً ، قال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم مكث تسع سنين لم يحج ثم أذن في الناس في العاشرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حاج فقدم المدينة بشر كثير كلهم يلتمس أن يأتم برسول الله صلى الله عليه وسلم ويعمل مثل عمله .
فخرجنا معه حتى أتينا ذا الحليفة فولدت أسماء بنت عميس محمد بن أبي بكر فأرسلت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم :كيف أصنع قال : (( اغتسلي واستثفري بثوب وأحرمي )) ،
فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد ثم ركب القصواء حتى إذا استوت به ناقته على البيداء نظرت إلى مد بصري بين يديه من راكب وماش وعن يمينه مثل ذلك وعن يساره مثل ذلك ومن خلفه مثل ذلك ورسول الله صلى الله عليه وسلم بين أظهرنا وعليه ينزل القرآن وهو يعرف تأويله وما عمل به من شيء عملنا به .
فأهل بالتوحيد ( لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك ) ، وأهل الناس بهذا الذي يهلون به فلم يرد رسول الله صلى الله عليه وسلم عليهم شيئاً منه ولزم رسول الله صلى الله عليه وسلم تلبيته .
قال جابر رضي الله عنه : لسنا ننوي إلا الحج لسنا نعرف العمرة حتى إذا أتينا البيت معه استلم الركن فرمل ثلاثاً ومشى أربعاً ثم نفذ إلى مقام إبراهيم عليه السلام فقرأ { واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى } فجعل المقام بينه وبين البيت ، فكان أبي – القائل هو محمد جعفر الصادق وأبوه محمد الباقر الراوي عن جابر – يقول : ولا أعلمه ذكره إلا عن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في الركعتين {قل هو الله أحد} و{قل يا أيها الكافرون} ثم رجع إلى الركن فاستلمه ثم خرج من الباب إلى الصفا فلما دنا من الصفا قرأ {إن الصفا والمروة من شعائر الله} (( أبدأ بما بدأ الله به )) ، فبدأ بالصفا فرقي عليه حتى رأى البيت فاستقبل القبلة فوحد الله وكبره وقال : (( لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير لا إله إلا الله وحده أنجز وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده )) ، ثم دعا بين ذلك . قال مثل هذا ثلاث مرات ، ثم نزل إلى المروة حتى إذا انصبت قدماه في بطن الوادي سعى حتى إذا صعدتا مشى حتى أتى المروة ففعل على المروة كما فعل على الصفا حتى إذا كان آخر طوافه على المروة ، فقال : ((لو أني استقبلت من أمري ما استدبرت لم أسق الهدي وجعلتها عمرة فمن كان منكم ليس معه هدي فليحل وليجعلها عمرة )) .
فقام سراقة بن مالك بن جعشم فقال يا رسول الله أ لعامنا هذا أم لأبد ؟ فشبك رسول الله صلى الله عليه وسلم أصابعه واحدة في الأخرى وقال : (( دخلت العمرة في الحج -مرتين- لا بل لأبد أبد )) .
وقدم علي من اليمن ببدن النبي صلى الله عليه وسلم فوجد فاطمة رضي الله عنها ممن حل ولبست ثياباً صبيغاً واكتحلت فأنكر ذلك عليها فقالت : إن أبي أمرني بهذا قال فكان علي يقول بالعراق فذهبت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم محرشاً على فاطمة للذي صنعت مستفتياً لرسول الله صلى الله عليه وسلم فيما ذكرت عنه فأخبرته أني أنكرت ذلك عليها فقال : ((صدقت صدقت ، ماذا قلت حين فرضت الحج ؟ )) ،
قال : قلت : اللهم إني أهل بما أهل به رسولك . قال : (( فإن معي الهدي فلا تحل ) .
قال فكان جماعة الهدي الذي قدم به علي من اليمن والذي أتى به النبي صلى الله عليه وسلم مائة .
قال : فحل الناس كلهم وقصروا إلا النبي صلى الله عليه وسلم ومن كان معه هدي فلما كان يوم التروية توجهوا إلى منى فأهلوا بالحج وركب رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر ثم مكث قليلاً حتى طلعت الشمس وأمر بقبة من شعر تضرب له بنمرة فسار رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا تشك قريش إلا أنه واقف عند المشعر الحرام كما كانت قريش تصنع في الجاهلية .
فأجاز رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أتى عرفة فوجد القبة قد ضربت له بنمرة فنزل بها حتى إذا زاغت الشمس أمر بالقصواء فرحلت له فأتى بطن الوادي فخطب الناس وقال: (( إن دماءكم وأموالكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا ألا كل شيء من أمر الجاهلية تحت قدمي موضوع ودماء الجاهلية موضوعة وإن أول دم أضع من دمائنا دم ابن ربيعة بن الحارث كان مسترضعاً في بني سعد فقتلته هذيل ، وربا الجاهلية موضوع وأول ربا أضع ربانا ربا عباس بن عبد المطلب فإنه موضوع كله ، فاتقوا الله في النساء فإنكم أخذتموهن بأمان الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله ، ولكم عليهن أن لا يوطئن فرشكم أحداً تكرهونه فإن فعلن ذلك فاضربوهن ضرباً غير مبرح ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف ، وقد تركت فيكم ما لن تضلوا بعده إن اعتصمتم به كتاب الله ، وأنتم تسألون عني فما أنتم قائلون ؟ )) .
قالوا : نشهد أنك قد بلغت وأديت ونصحت .
فقال بإصبعه السبابة يرفعها إلى السماء وينكتها إلى الناس : ((اللهم اشهد اللهم اشهد )) ثلاث مرات ثم أذن ثم أقام فصلى الظهر ثم أقام فصلى العصر ولم يصل بينهما شيئا ثم ركب رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أتى الموقف فجعل بطن ناقته القصواء إلى الصخرات وجعل حبل المشاة بين يديه واستقبل القبلة فلم يزل واقفاً حتى غربت الشمس وذهبت الصفرة قليلاً حتى غاب القرص وأردف أسامة خلفه ودفع رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد شنق للقصواء الزمام حتى إن رأسها ليصيب مورك رحله ويقول بيده اليمني : (( أيها الناس السكينة السكينة )) كلما أتى حبلا من الحبال أرخى لها قليلا حتى تصعد حتى أتى المزدلفة فصلى بها المغرب والعشاء بأذان واحد وإقامتين ولم يسبح بينهما شيئا ثم اضطجع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى طلع الفجر وصلى الفجر حين تبين له الصبح بأذان وإقامة ثم ركب القصواء حتى أتى المشعر الحرام فاستقبل القبلة فدعاه وكبره وهلله ووحده فلم يزل واقفا حتى أسفر جداً فدفع قبل أن تطلع الشمس وأردف الفضل بن عباس وكان رجلاً حسن الشعر أبيض وسيماً فلما دفع رسول الله صلى الله عليه وسلم مرت به ظعن يجرين فطفق الفضل ينظر إليهن فوضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده على وجه الفضل فحول الفضل وجهه إلى الشق الآخر ينظر فحول رسول الله صلى الله عليه وسلم يده من الشق الآخر على وجه الفضل يصرف وجهه من الشق الآخر ينظر ، حتى أتى بطن محسر فحرك قليلاً ثم سلك الطريق الوسطى التي تخرج على الجمرة الكبرى حتى أتى الجمرة التي عند الشجرة فرماها بسبع حصيات يكبر مع كل حصاة منها حصى الحذف ، رمى من بطن الوادي ثم انصرف إلى المنحر فنحر ثلاثا وستين بيده ثم أعطى علياً فنحر ما غب ،ر وأشركه في هديه ثم أمر من كل بدنة ببضعة فجعلت في قدر فطبخت فأكلا من لحمها وشربا من مرقها ثم ركب رسول الله صلى الله عليه وسلم فأفاض إلى البيت فصلى بمكة الظهر فأتى بني عبد المطلب يسقون على زمزم فقال : (( انزعوا بني عبد المطلب فلولا أن يغلبكم الناس على سقايتكم لنزعت معكم )) فناولوه دلوا فشرب منه .
قال مسلم رحمه الله : وحدثنا عمر بن حفص بن غياث حدثنا أبي حدثنا جعفر بن محمد حدثني أبي قال : أتيت جابر بن عبد الله فسألته عن حجة رسول الله صلى الله عليه وسلم وساق الحديث بنحو حديث حاتم بن إسماعيل وزاد في الحديث وكانت العرب يدفع بهم أبو سيارة على حمار عري فلما أجاز رسول الله صلى الله عليه وسلم من المزدلفة بالمشعر الحرام لم تشك قريش أنه سيقتصر عليه ويكون منزله ثم فأجاز ولم يعرض له حتى أتى عرفات فنزل .
نفعنا الله بما نقرأ ونكتب
مرحباً بك أخي الحبيب أبي الحسن ،
أشكر لك حضورك ، بارك الله في عمرك وعلمك وعملك ،
أختي الكريمة الخنساء ،
شكر الله لكم ، وبارك فيكم ،
أختي الكريمة السلفية ،
أشكركم على المشاركة ، لا حرمك الله الأجر ،
أختي الفاضلة الجمان ،
بارك الله فيك ونفع بك ، وشكراً لك على مشاركتك ،،