تمام التذكر يكون مع الهدوء والسكون .
فمن ثم كانت مدرسة الليل …
وكان ترغيب الله للمؤمنين أن يسيروا على نهج اللذين: { كانوا قليلاً من الليل ما يهجعون * وبالأسحار هم يستغفرون } [الذاريات:17]، وإذا انتصف الليل، في القرون الأولى….
كانت أصوات المؤذنين ترتفع تـنادي:
يارجال الليل جدوا رب صوت لا يرد
مـا يـقـوم الـلـيل إلا مـن لـه عـزم وجِـدُّ
و إنها حقاً لمدرسة، فيها وحدها يستطيع رجالها أن يذكوا شعلة قلوبهم، وينشروا النور في أرجاء النفوس الفارهة .
نـائح والـلـيـل سـاج سادل يـهجـع الناس و دمـعي هـاطل
تصطلي روحي بحزن وألم ورد ( يا قوم ) أنسي في الظلم
أنـا كالـشـمع دمـوعي غـسـلي في ظلام الـليـل أذكي شعـلي
مـحفـل الناس بـنوري يشـرق أنـشر النور و نـفسي أحرق
إن القول لدى الله لا يبدل، ولكنا أرخصنا الدقائق الغالية بالغفلة، فثقـل المغرم ولم يجعل الله لنا من أمرنا يسراً .
ولذلك فإن تعلم الإخلاص، وفضح الأمل الكاذب الدنيوي أجلى أعطيات مدرسة الليل
أتسبقنا حمامة؟
وإنه لقـلب رقيق قلب الفقيه الزاهد يظهره تأنيبه لنفسه في قوله :
أنام على سهو و تبكي الحمائم وليس لها جرم ومني الجرائم
كذبت لعمرو الله لو كنت عاقلاً لما سبقتـني بالبكاء الحمائم
فإن الذنب لا يغسل إلا بدمع، و الشجاعة تسقى بدموع الليل، وما عرف تاريخ الإسلام رجاله إلا كذلك، ولم يقل الشاعر باطلاً في وصفه لهم بأنهم :
يحيون ليلهم بطاعة ربهم بتلاوة، وتضرع و سؤال
وعيونهم تجري بفيض دموعهم مثل انهمال الوابل الهطال
بوجوههم أثر السجود لربهم وبها أشعة نوره المتلالي
17 رمضان 1445 = 17/9/2017
ودعيني أردد معكِ :
إن القول لدى الله لا يبدل، ولكنا أرخصنا الدقائق الغالية بالغفلة،
فثقـل المغرم ولم يجعل الله لنا من أمرنا يسراً .
الذكرى تنفع المؤمنين