فإن الكثير ممن يثيرون الشبهات حول الإسلام لا يعرفون الأصول التي يقبل بها المسلم الحديث عن رسول الله صلى الله عليه و سلم فيأتون و يحتجون بالضعيف و شديد الضعف و الموضوع و الافتراضات الفقهية لذلك أضع ما تقوم به الحجة على المسلم مما ينسب إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم راجيا الله تبارك و تعالى أن يوفقنا جميعا للهدى
فاعْلَمْ وَفَّقَكَ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّ الْوَاجِبَ عَلَى كُلِّ أَحَدٍ عَرَفَ التَّمْيِيزَ بَيْنَ صَحِيحِ الرِّوَايَاتِ وَسَقِيمِهَا وَثِقَاتِ النَّاقِلِينَ لَهَا مِنْ الْمُتَّهَمِينَ أَنْ لَا يَرْوِيَ مِنْهَا إِلَّا مَا عَرَفَ صِحَّةَ مَخَارِجِهِ وَالسِّتَارَةَ فِي نَاقِلِيهِ وَأَنْ يَتَّقِيَ مِنْهَا مَا كَانَ مِنْهَا عَنْ أَهْلِ التُّهَمِ وَالْمُعَانِدِينَ مِنْ أَهْلِ الْبِدَعِ وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ الَّذِي قُلْنَا مِنْ هَذَا هُوَ اللَّازِمُ دُونَ مَا خَالَفَهُ قَوْلُ اللَّهِ جَلَّ ذِكْرُهُ
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ }
وَقَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ
{ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنْ الشُّهَدَاءِ }
وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ
{ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ }
فَدَلَّ بِمَا ذَكَرْنَا مِنْ هَذِهِ الْآيِ أَنَّ خَبَرَ الْفَاسِقِ سَاقِطٌ غَيْرُ مَقْبُولٍ وَأَنَّ شَهَادَةَ غَيْرِ الْعَدْلِ مَرْدُودَةٌ .(1)
و قد تواتر قَول رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ.
و عليه فلا يجوز أن يُعتمد في الشريعة على الأحاديث الضعيفة التي ليست بصحيحة و لا حسنة(2)
و أقل ما تقوم به الحجة على أهل العلم حتى يثبت عليهم خبر الخاصة هو خبر الواحد عن الوحد حتى ينتهي به إلى النبي أو من انتهى به إليه دونه ولا تقوم الحجة بخبر الخاصة حتى يجمع أمورا منها
ان يكون من حدث به ثقة في دينه
معروفا بالصدق في حديثه
عاقلا لما يحدث به
عالمابما يحيل معاني الحديث من اللفظ
وأن يكون ممن يؤدي الحديث بحروفه كما سمع لا يحدث به على المعنى لانه إذا حدث على المعنى وهو غير عالم بما يحل معناه لم يدر لعله يحيل الحلال إلى حرام وإذا اداه بحروفه فلم يبقى وجه يخاف فيه احالته الحديث
حافظا إذا حدث به من حفظه
حافظا لكتابه إذا حدث من كتابه
إذا شرك أهل الحفظ في حديث وافق حديثهم
بريا من أن يكون مدلسا يحدث عن من لقي ما لم يسمع منه ويحدث عن النبي ما يحدث الثقات خلافه عن النبي صلى الله عليه و سلم
ويكون هكذا من فوقه ممن حدثه حتى ينتهي بالحديث موصولا إلى النبي أو إلى من انتهى به إليه دونه لان كل واحدمنهم مثبت لمن حدثه ومثبت على من حدث عنه فلا يستغني فكل واحد منهم عما وصفت (3)
قال محمد بن يحيى الذهلي : " و لا يجوز الاحتجاج إلا بالحديث الموصل عير المنقطع الذي ليس فيه رجل مجهول و لا رجل مجروح"
و قال يحيى بن محمد بن يحيى : " لا يكتب الخبر عن النبي صلى الله عليه و سلم حتى يرويه ثقة عن ثقة حتى يتناهي الخبر إلى النبي صلى الله عليه و سلم بهذه الصفة و لا يكون فيهم رجل مجهول و لا رجل مجروح فإذا ثبت الخبر عن النبي صلى الله عليه و سلم بهذه الصفة وجب قبوله و العمل به , و ترك مخالفته " .
و عن قتادة : " لا يحمل هذا الحديث عن صالح عن طالح , و لا عن طالح عن صالح , حتى يكون صالح عن صالح " (4) .
و عن سليمان بن موسى قال : " لقيت طاوسا فقلت : حدثني فلان كيت و كيت , قال: إن كات صاحبك مليا فخذ عنه "
مليا يعني ثقة ضابطا متقنا يوثق بدينه و معرفته , يعتمد عليه كما يعتمد على المليّ بامال ثقة بدينه (5) .
و عن ابن أبي الزناد عن أبيه قال : أدركت بالمدينة مائة كلهم مأمون , ما يؤخذ عنهم الحديث, يُقال : ليس من أهله " (6) .
————————-
1/ مقدمة مسلم 1/8
2/ مجموع الفتاوى 1/250
3/الرسالة للشافعي (369-372)
4/ الكفاية للخطيب صـ20 مختصرا
5/ مقدمة مسلم 1/15
6/ السابق1/15
العدل
و إياكم اللهم آمين