مراتب التقوى وعلاقتها بالتوحيد
الأولى: تقوى أمر بها الناس جميعًا، {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ} في آيات، وهذا معناه أن يسلموا أن يحققوا التوحيد، ويتبرءوا من الشرك، فمن أتى بالتوحيد، وسلم من الشرك فقد اتقى الله -جل وعلا- أعظم أنواع التقوى؛ ولهذا قال جماعة من المفسرين في قوله -جل وعلا-: {إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ} يعني: من الموحدين.
والمرتبة الثانية، أو النوع الثاني: تقوى أمر بها المؤمنين فقال -جل وعلا-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ} وهذه التقوى للمؤمن تكون-كما هو معلوم- بعد تحصيله التوحيد وترك الشرك، فيكون التقوى في حقه أن يعمل بطاعة الله على نور من الله، وأن يترك معصية الله على نور من الله -جل وعلا-، وأن يترك المحرمات، ويمتثل الواجبات، وأن يبتعد عما فيه سخط الله -جل وعلا-، والتعرض لعذابه.
وهذه التقوى للمؤمنين -أيضًا- على مراتب أعلاها أن يدع ما لا بأس به حذرًا مما به بأس، حتى قال بعض السلف: ما سُمُّوا متقين إلا لتركهم ما لا بأس به حذرًا مما به بأس، وهذا في أعلى مراتب التقوى؛ لأنه اتقى ما لا ينفعه في الآخرة، وهذه مرتبة أهل الزهد والورع والصلاح.
والنوع الثالث من التقوى -في القرآن-: تقوى أُمر بها من هو آت بها، وذلك قول الله -جل وعلا-: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ} ومن أُمر بشيء هو محصله، فإن معنى الأمر أن يثبت عليه وعلى دواعيه، فمعنى قول الله -جل وعلا-: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ} يعني: اثْبُتْ على مقتضيات التقوى، {وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ} وذلك قوله -جل وعلا-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ} الآية في سورة النساء، فناداهم باسم الإيمان، ثم أمرهم بالإيمان، وهذا معناه: أن يثبتوا على كمال الإيمان، أو أن يكملوا مقامات الإيمان بحسب الحال؛ لأن لفظ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} الإيمان له درجات.
حتى قال بعض السلف: ما سُمُّوا متقين إلا لتركهم ما لا بأس به حذرًا مما به بأس، وهذا في أعلى مراتب التقوى؛ لأنه اتقى ما لا ينفعه في الآخرة، وهذه مرتبة أهل الزهد والورع والصلاح
اللهم اجعلنا منهم ..
جزاك الله كل خير …بارك الله فيك …
استمري في نشر العلم والفائدة ..