المقدمة
الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينامحمد وعلى آله
وصحبه أجمعين…..أم بعد:
فإن التوبة والالتزام والهداية امنية لكل نفس بشرية, والعودة إلى الحق مطلب لكل العقــــلاء
ولكن هناك عوائق قد تقف بين المرء وبين الهداية , وهي لاشك حواجز, ولكن يستطيع قوي الإرادة بإذن الله تجاوزها وتخطيها بشرط أن يملك القدرة والعزيمة القوية, باستشعاره لعظمة خالقه-جلّت قدرته- وبتفكره في يوم معاده…..
وسنذكر بإذنه تعالى أهم هذه العوائق ….فمنها:
1-الأصدقاء
2- الأقارب
3-الزوج والزوجة
4-الذنوب وأثر المعاصي
5-الجهل وعدم العلم
6-إدمان الصحف والمجلات
7- الغفلة والتسويف
8-عدم بذل الجهد في التوبة
9- حب النوم
10-النفس والهوى والشيطان
وأسال الله أن يوفقنا في حسن العرض وأسباب العلاج , وان يوفق الجميع لما فيه محبته ورضاه
1-الأصدقاء:
للأصدقاء أثر في توجيه السلوك , والطبائع المتباينة,وبالاختلاط يتأثر الأصدقاء بعضهم ببعض
والنفس قد جبلت على المحاكاة والتقليد, فتجد للأصدقاء دوراً مهماً ورئيساً في تغيير مســــــــار زملائهم وأصحابهم,وهناك من الشباب والفتيات من يرغب في الهداية فيقف الأصدقاء حا ئـــلاً
دون تحقيق أمنية الهداية بصور شتى وأساليب عديدة
مثال ذلك…
إذا رأى صد يق صديقه قد تأثر بزيارة لمقبرة أو بكلمة أُلقيت في مسجد بادر وأسرع بإسماعــه
أغنية ليذهب عنه ما يحسبه حُزناً وماعلم أن الذي به هو الم المعصية وإشراقة التوبة
كيف يستطيع المرء تجاوز هذا العائق؟؟
1- يستطيع تجاوز هذا العائق بصدق النية وصحة العزيمة
2- الإستعانة بالله والاعتصام به قال تعالى(وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللَّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ) (آل عمران:101)
3- عدم إعطاء الآخرين فرصة للتصرف في حياته لأنها غالية جداً فإذا أنتهت حياته انتهى كل شيء
4- عليه أن يعلم أن من ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه , وفي الخيّرين الخير وعليــــــه
بمصاحبة الرفاق الصالحين فهم خير بديل عن غيرهم
2-الاقارب
هذا العائق من أهم العوائق التى تقف حا ئلاً دون الإلتزام والهداية , فنجد كثيرا من أبناء المسلمين
يرغبون في التحول عن او ضاعهم والتخلص من واقعهم لكن تقفُ عقبةُ الأقارب دون ذلك فقــــد
يكون الواحد معروفاً عند أقاربه وهو غيرُ ملـــــتزمٍ ولهم حوله ملاحظاتٍ ولذا يصعبُ عليـــــــه
التخلص منهم بل قد تجدهم يتضجرون ويتضايقون عندما يرون آثار التوجه نحو التدين…
كيف يتجاوز الإنسان هذا العائق؟؟
1- عليه بصدق النية مع الله عز وجل
2- عليه أن يتحمل جميع هذه الحواجز ويصبر عليها
3- عليه أن يبادر بالتوبة قبل فوات الآوان
4- عليه الدعاء بالهداية له ولهم
5- عليه أن يبحث عن الرفاق الطيبين
3-الزوجة أو الزوج :
حيث يرغب الكثير من الناس في الإلتزام ’ ولكن المشكلة التي يعاني منها تعارض هذا الإلتزام مع مصالح زوجه المصون ؟!
إن كثيراً من الشباب يرغبون حقيقة في الإلتزام , ولكنّ المشكلة تكمن في الزوجة , فالنســـــاء
جبلن على الغيرة من الصديقات, وضعفها امام المغريات وتسويل النفس والشيطان ، واحيــــاناً
بعدها عن التدين أصلاً , فلذا كلما فكر الزوج في الإلتزام وبدأت رياح التغيير تظهر على وجهه بادرته بطلباتها التي تعارض الإلتزام, كالسفر إلي الخارج, وما يصحبه من زيارات لأماكــــن الإختلاط والدخول إلى أماكن مشبوهة إرضاءً لها أو محاكاة لزميلاتها
إن من الشباب من يقبل على الزواج وكله امل بإن تسا عده زوجته على تغيير حـــــاله, فإذا بها
تزيدالطين بلة وخاصة إذا كانت الزوجة ثرية حيث يسقط بعض ضعاف النفس وســط إغراءاتها المادية خاصة ونحن في زمن قد طغت المادة فيه على كثير من القيم والمباديء
ومن اُ بتلي بمثل هذه الزوجة التي هذه حالها ولا أمل يرجى في صلاحها فالخيركل الخير في فراقها
الزوج
حيث أبتليت بعض الفتيات بأزواج سيئي الأخلاق, أصحاب عهرٍ وفجور, فكلما فكرت الزوجة في الالتزام وجدت زوجها يحول بينها وبين هذا الطريق, فهو يجبرها على مشاهدة الأفـــــلام والإستماع للأغاني , ويسهرها عن الصلاة والذكر , ويؤذيها برائحته السئية من تناول الدخان والخمر.ولقد اشتكت كثيرٌ من بنات المسلمين من هذه الحال وتذمرن من هذا الوضع …..
إن على المرأة إذا ثبت عندها فسق زوجها وعدم ملاءمته لها, وظهر لها أنه لاأمل في إصلاحه
فعليها أن تبادر بالتخلص منه مهما كلف الأمر ولتعلم أن مصلحتها تتعارض مع وجودها في ذمة
هذا الفاسق ولاتضحى بديـــــنها من أجــــــــله أو من أجل ولده , وعليها أن تقدم رضى الله على كل شيء, وتصبر على طلاقها منه
تطمس المعاصي على القلوب بحيث لايستطيع الإنسان بسببها أن يصل إلي الطريق الصحيح
قال تعالي (كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ) (المطففين:14)
لذلك إذا اُبتلي الإنسان بذنب فإن هذا الذنب قد يكون عائقاً وحائلاً بينه وبين الالتزام وقد يجالس
الصالح أحدالشباب ويوضح له الحق ويتعجب من عدم قبوله هذه الموعظة,فعليه أن يعلم أن المانع والعائق له هو الذنب
رأيت الذنوب تميت القلوب
وقد يورث الذل إدما نها
وترك الذنوب حياة القلوب
وخير لنفسك عصيانها
إن على المسلم إذا اُبتلي بذنب كالغيبة أن يبـــــادر بالتوبة حتى لايطمس الله على قلبه،ولايستهتر ولايتهاون بالذنب مهما صغر فإن خطره عظيم قال تعالى (إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّناً وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ) (النور:15)
ويقول بلال بن سعد رحمه الله (لاتنظر إلى صغر الخطيئة ولكن انظر إلى عظمة من عصيت)
وهذه بعض من الذنوب والمعاصي التي تعتبر عائقاً للهداية:
1-.الدُ ش وما يعرضه من أفلام ومسلسلات وأغاني هابطة…فالدُش خطر على الأمة وصارف يصرفها عن الهداية من خلال ما يبثه من أفلام خليعة وأغاني ماجنة ومشــــاهد مخزية , يسلب الافئدة المريضة والقلوب الميتة والنفس الخبيثة أسيرة الشهوة وضحية الغفلة فكثيراً من أبنـــاء
المسلمين شغفوا بها ولايشعرون بالسعادة ولا باللذة الإعند مشاهدتها فكلما فكر في الإلتـــــزام
وجدها عائقاً أمامه يحول بينه وبين مايريد..
2_المخدرات
3-السفر ..الدخان..
4-جلسات الأنس والسمروهي التي يغلب عليها الضحك واللعب والمــــــــــرح والمزاح واللهو
والغيبة والنميمة والطرب والغناء…
5-التعلــــــــــــــق.. وهو أن يتعلق العاشق بالمعشوق ويربط مصيره بمصير محبوبه ومعشوقه
فيقف دائـــــــماً عقبة في طريـــــــــــــق هدايته والتزامه ..ويخــــاف المحب إن التزم أن يهجره
المحبوب وعلى من اُ بتلي بهذا الأمرأن يعلم أن محبوبه لن ينفعه أمــــــــام الله وعليه أن يضحى
بالدنيا بأسرها من أجل الظفر بالآخرة,فالدين الاسلامي يستحق منك كل التضحيات فملّك نفسك
لله وحده لاسواه وتب إلي الله قال شيخ الإسلام إبن تيمية (من أحب شيء غير الله عذب به)
كيف يتصرف الانسان أمام عائق الذنوب والمعاصي؟؟
1-علىالإنسان تقوى الله جلّ وعلا والخوف منه في السر والعلن
2- لابدأن يستمع الإنسان لنصح الناصحين وتخويف المصلحين وتحذير العلماء والواعظين والمربين ,فيترك الذنوب والمعاصي دون عودة.
3-يكثر من الدعــاء ومجالسة الصالحين فهي أمور تعين بإذن الله على ترك الذ نــوب ومتــى
ماصدقت النية كان العون من الله عز وجل.
4-عليه بغض البصر فهو أمر لايجوز التهاون فيه فمشاهدة المجون والتفسخ يتنافى مع غـض البصر الذي أمرنا به الله عز وجل.
5-عليه أن يعلم أن الدنيا ليست دار مقر بل هي دار ممر وأن تحقيق رغبات النفس بما يغضب الرب سبحانه سيجعله يدفع الثمن غالياً ويعرض نفسه للعذاب يوم القيامة.
6-عليه أن يجدّ ويجتهد ويصدق مع ربه وسيجد نفسه بعد فترة يمقت هذه الامور وأمّا إذا أستمر فليعلم أن الحساب جدّ عسير.
7- عليه أن يعلم أن من ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه.
8- عليه بالصبر والاستعانة بالله واستبدال الخبيث بالطيب من القرآن الكريم وكتب العلم المفيدة التى تنفعه في الدنيا والاخرة وتشرح صدره , وتجعله يشعر بالسعادة وبهجة النفس.
5- الجهل وعدم العلم:
يعتبر هذا المعوق من أعظم المعوقا ت لأن العـــــلم نور والجهل ظلمات وتخبط , فكـــــلما ابتعد الإنسان عن طريق العلم ابتعد عن طريق الهدى والنور , فالجـــــــــاهل يسهل اصطياده فيقع في المخدرات لجهله بحكمها وآثارها وكذلك المعازف وشتى صور المحرمات , ولذا وجــــــب على
كل مسلم أن يتعلم من دينه ما يساعده على فهمه بالصورة المطلوبة, لذا بوب البخاري رحمه الله
في صحيحه باباً قال فيه ((باب العلم قبل العمل ))فكم حفظ العــلم من زلات وهفوات بتوفيق من
الله , وكم أسقط الجهل في الهوى والشهوات …
6- إدمان الصحف والمجلات :
ومن الناس من اُ بتلي بحب الصحف والمجلات حتى أصبحت عائقاً أمامه فإذا فكرّ في حـفـظ
القرآن أو قراءة الكتب لم يستطيع ذلك, وتوقد في نفسه الشهوة , وتدعوه إلي الباطل وهكـــــذا
حتى أن هناك من يقدر على قراءة ثلاثمائة صفحة باليوم من الجرائد والمجلات , ولاتطيـــــق
نفسه قراءة آية واحدة من كتاب الله فضلاً عن قراءة كتاب أو رسالة صغيرة فمن يدمن قراءة
المجلات يصعب عليه التخلي عنها, وعلاجه بالصبر والاستعانة بالله واستبدال الخبيث بالطيب
من القرآن الكريم وكتب العلم المفيدة
7- الغفلة والتسويف:
جميع الفطناء يتمنون الهداية ويحرصون عليها لما يعرفون عن آثارها الطيبة في الدنيا والآخـــرة
ولكن هناك من لايسعى لها ويقوم بتأجيلها وتسويفها ويغفل عن آثـــار هذه الغفلة والإعراض قال تعالى(اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ) (الانبياء:1)
فكم من مسلم كانت التوبة والهداية من الأمــــور التي يبحث عنها ويخطط لها ويتمناها ولكنـــــه
سوفها وأجلها حتى غفل عنها ظناً منه أنها شيء في متناول يده متى ما أرادها
إن تأجيل التوبة إلي أوقات الرجولة وزمن الشيخوخة أفكار تعشعش في عقول الشباب والفتــيا ت
فكم من شاب نزل الموت بساحته وهو في زمن الغفلة , وكم من شاب مر بجميع المراحـــــــــــل
والأطوار ,ووصل زمن الكهولة وهو يسوف ويؤجل ويغفل حتى أدركه المـــــوت قبل أن تدركه التوبة
فيجب على المــــــرء أن يكون عاقلاً فطناً فالعاقل الفطن هو الذي يبحث عن التوبة ويُطلق الدنيا
ويعض بنواجذه على الهداية إن ظفر بها فهي صيدُ سمين
إن لله عبـــــــــــــــــــــــــاداً فُطنـــــــــــــــــــا
طلقُوا الدنيــــــــــــــــا وخــــــافوا الفتـــنا
8-عدم بذل الجهد في التوبة:
فهناك من يعلم أنه على معصية ولكن عزيمته ضعيفة في التخلص من هذا الذنب وتلك المعصية
ولو بذل الجهد لما وقع في الزلل وما كان الذنب عائقاً يمنع الإلتـــزام
9-حب النــــــــــــوم:
اُبتلي بعض الناس بداء حب النوم حتى أصبح ما نعاً قوياً أمامهم من الإلتزام ولاتستغرب ذكـر
هذاالمانع فكثير من الناس يقف أمامهم هذا الحاجز فإذا فكر في أداء الصلاة في وقتها حال بينه وبينها النوم, وعدم قدرته على مجاهدة نفسه , لذا نجده يُخوّن نفسه ويتهمها بالكفر والفســـــوق
والنفاق .. وإذا فكر في حضور مجالس الصالحين وجد النوم عائقاً يمنعه من رغبته..وإذا اراد
أن يقيم الليل في العبادة والذكر غلبه النوم وفوت عليه ماأراد .. وكذلك عند تفكيره في حضـور المحاضرات أو قراءة الكتب, وإذا فكر في حفظ القرآن في الفجر أو العصر كان النـــوم لــــه
بالمرصاد فلا يدعه ينفذ مايريد
كيف يتصرف الإنسان أمام عائق النوم:
1- عليه أن يستحضر عظمة الله ويتذكر يوم القيامة. واثر عن الإمام أحمد –رحمه الله-أن إبنــه
عبد الله سأله: متى نرتاح يا أبي ؟ قال: عندما نضع أقدامنا في الجنة , وعليه يجب أن يستحضر
قوله تعالى(تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ) (السجدة:16)
وأعلم أن بذل الجهد لايستغرق إلا وقت قصير وسرعان ماتتعود النفس على قلة ساعات النوم
ولقد جُربت هذه الطريقة مع أعداد كثيرة فنجحت ولله الحمد , فقط أ بذل الجهد وأصدق مع الله تلق الخير العميم
10- النفس والهوى والشيطان:
إن النفس والهوى والشيطان عقبات شديدة وحجر عثرة أمام الالتزام , فيصعبُ على بعض الشباب والفتيات التغلب على شهوات نفسه, وماعلم أنها لاتريد الخير ولاترغب فيه ….
قال تعالى (وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ) (يوسف:53)
فعلى الشاب أن يكبح جماح شهوته , وأن يؤطر نفسه على الحق,ولايحقق لها جميع ماتريد
بل يجعل ضابط الإعطاء رضى الله عز وجل, وعليه أيضاً أن يعلم أن الشيطان من أعظـم
العوائق التي تقف في طريقه للإلتزام, ولكــــن إذا صدق مع الله فسوف يزول كيد الشيطان
ويذهب أثره قال تعالى :
(إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفاً) (النساء:76)
فاصدقا أخي الشابُ أختي الشابة وسوف يزيل ُ اللهُ جميع العوائق حتى تكونا مع من يحملون
همّ الدعوة إلي الله بحول الله وقوته …
وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم
مقتبس من كتاب معوقات الهداية للشيخ (صالح بن مقبل العصيمي)
وبارك الله فيج اختي ام وليد
وسلمت يمينك ام وليد