تخطى إلى المحتوى

ملامح من منهج النبي صلي الله عليه وسلم في تربية المسلمين 2024.

كان محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ خير تجسيد "للمثالة الواقعية" وخير تجسيد للوسطية العادلة.

وتأكيدًا لنفي "يوتوبية المثال" وخياليته كان تركيز القرآن الكريم على "بشرية"

محمد صلى الله عليه وسلم:

(إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ) (الكهف: 110 ـ وفصلت : 6)

(…قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلاَّ بَشَرًا رَسُولاً) (الإسراء: 93).

ومن منطلق هذه البشرية .. من منطلق هذه "المثالية الواقعية كان الأمر بطاعة الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ وهي طاعة تدخل في حدود الإمكان، والطاقة البشرية، فلا تكليف إلا بما جاء في وسع هذه الطاقة:

(وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) (آل عمران: 132).

(مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ) (النساء: 79).

(وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا) (الحشر: 7).

فإذا ما آمنا بأن مثالية الرسول كانت "مثالية واقعية"، وأن طوابعه الأخلاقية تمثل "علوانية أرضية"، وأننا مأمورون بطاعته على مدى العصور، وإلى الأبد بحكم عمومية الرسالة، وخاتمية النبوة .

إذا آمنا بكل أولئك تبين لنا ـ في وضوح ـ

الملمح الأول من ملامح المنهج المحمدي في التربية، وغرس القيم في نفوس المسلمين، وهو أنه ـ عليه الصلاة والسلام ـ كان قدوة عملية صالحة للمسلمين :

ما نهى عن شيء وأتاه، وما أمر بشيء إلا وكان أسرع الناس إلى القيام به.

– قال علي بن أبي طالب ـ كرم الله وجهه ـ : إنا كنا إذا حمى البأس، واحمرت

الحدق، اتقينا برسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فما يكون أحد أقرب إلى العدو منه، وقد رأيتني يوم بدر، ونحن نلوذ بالنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وهو أقربنا إلى العدو، وكان من أشد الناس يومئذ بأسًا.

– وفي الخندق كان يحفر مع أصحابه، ويحمل معهم التراب، والغبار يغطي وجهه ولحيته، ويشاركهم أهازيجهم وأرجازهم.

– وثبت في أحد، وليس معه من المسلمين إلا عدد يعد على أصابع اليد الواحدة ، وجرح وكسرت رباعيته، ومع ذلك تمكن من قتل رأس الكفر أبيّ بن خلف.

– وفي حنين ثبت بمفرده ينادي المسلمين المفزوعين الذين كان الزهو قد اشتد بهم لكثرتهم، فلم تغن عنهم شيئًا، وصاح رسول الله – صلى الله عليه وسلم – بالمسلمين : أين أيها الناس؟

هلموا إليّ، أنا رسول الله، أنا محمد بن عبد الله.

نعم، بالقدوة الحسنة، استطاع النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أن يغرس قيم الإسلام في نفوس أصحابه ، وأن يعمق في نفوسهم حب الحق والخير والشجاعة والوفاء والإخلاص .

وليس هناك هناك ما يهز الإيمان بالقيم الإنسانية مثل الانفصام بين "الداعية" والمدعوين" بين المعلم والمريدين، بين الدعوة والتنفيذ، بين القول والعمل

وهذا ما نعاه الله ـ سبحانه وتعالى ـ على بني إسرائيل، إذ قال:

(أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلا تَعْقِلُونَ) (البقرة: 44).

والداعية حين يكون قدوة حسنة للناس فيما يدعو إليه، إنما يقدم بذلك الدليل العملي على "واقعية" الدعوة، وقدرة الناس على أخذ أنفسهم بها، فيسعى الناس إليها هرولة، ويزيد المؤمنون بها إيمانًا. وكم أخفقت دعوات ـ على بريقها، ورواء مبادئها ـ لأن قياداتها ودعاتها لم يكونوا للناس أسوة وقدوة. فكانوا كبني إسرائيل، أمروا الناس بالبر ونسوا أنفسهم.

والملمح الثاني من ملامح المنهج التربوي المحمدي هو استغلال الوقائع والأحداث للتوجيه والإرشاد: أمرًا بالخير والحق، ونهيًا عن الشر والباطل.

والنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في مثل هذه الحال ـ كان ينطلق من الخاص إلى العام، ومن الفردي إلى الجماعي.

وربط التوجيه بالواقعة يوضح طبيعة التوجيه، ويقنع الناس به من ناحية، ويكتب لهذا التوجيه الاستقرار والديمومة من ناحية أخرى، وذلك لارتباطه بحدث يسهل تذكره واستعادته، فهو نوع من ربط التجريدي بالمحسوس. والنظري بالعمل، وكأنما الحدث هنا يقوم بالدور الذي تقوم به "وسائل الإيضاح" أو "الوسائل التعليمية" في عمليات التربية والتعليم بالمدارس :

– عن حكيم بن حزام ـ رضي الله عنه ـ قال: سألت النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فأعطاني، ثم سألته، فأعطاني، ثم سألته فأعطاني، ثم قال لي: يا حكيم، إن هذا المال خضرة حلوة، فمن أخذه بطيب نفس بورك له فيه، ومن أخذه بإشراف نفس لم يبارك له فيه، وكان كالذي يأكل ولا يشبع، واليد العليا خير من اليد السفلى".

فنحن أمام واقعة خاصة: مسلم متطلع إلى المال، منهوم بحبه، يعطيه الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ حتى يسكن وحش نهمه، ولو إلى حين، ثم يأتي بعد ذلك دور التوجيه الرشيد السديد: على المسلم أن يتحلى بالرضا، والقناعة، والتعفف، والاعتماد على النفس في التكسب. والواقعة تفسح المجال كذلك لتقرير قاعدة اقتصادية اجتماعية إنسانية، وهي: اليد العليا خير من اليد السفلى، المعطي خير وأفضل من الآخذ المتلقي.

ولننظر إلى مجتمعاتنا المعاصرة: إن الدولة التي تعطي المنح، وتمنح القروض والمعونات ـ مشروطة أو غير مشروطة ـ هي اليد العليا، هي صاحبة المكانة العظمى بين جميع الدول والمجتمعات، أما الدول الآخذة فهي المتخلفة، ويطلقون عليها "النامية" تأدبًا.

هي اليد ـ أو الأيدي ـ السفلى ـ التي تمتد دائمًا لتسعد ـ ولو إلى حين ـ بالعطاء الساقط من اليد، أو الأيدي العليا.

والملمح الثالث في المنهج التربوي النبوي أنه ـ صلى الله عليه وسلم ـ كان يستعين بالأمثال والقصص والأشباه والنظائر لتقرير ما يحرص على غرسه في نفوس أصحابه من قيم،

والسنة غاصة بالأمثلة التي تدور في هذا الفلك. نكتفي منها بالمثل التالي:

"مثل القائم في حدود الله، والواقع فيها كمثل قوم اسْـتَهَموا على سفينة، فصار بعضهم أعلاها، وبعضهم أسفلها، فكان الذين في أسفلها إذا استقوا من الماء مرُُّوا على من فوقهم، فقالوا: لو أنا خرقنا في نصيبنا خرقًا، ولم نؤذ من فوقنا‍!! فإن تركوهم وما أرادوا هلكوا جميعًا، وإن أخذوا على أيديهم نجَوْا، ونجوا جميعًا".

وهذا الحديث يبرز أهمية الشعور بالمسئولية الاجتماعية، وبوحدة المصلحة في المجتمع كله، وهي مسئولية كل فرد في الأمة، مهما صغر موقعه الوظيفي في المجتمع. ولكن المسئولية تعظم بالنسبة للقائمين على أمر الأمة، وقيادة سفينتها، وهذا الشعور الجماعي بالمسئولية يحتم على كل فرد أن يكون صالحًا في ذاته من ناحية، وأن يمنع المنكر والانحراف ـ بقدر طاقته ـ من ناحية أخرى، غير مستهين بما يرى من مظاهر الفساد، مهما كان ضئيلاً، فمعظم النار من مستصغر الشرر، وصدق الشاعر الذي قال:
إذا نحن طامنًّا لكل صغيرة = فلا بدّ يومًا أن تُساغ الكبائرُ
وصلي الله علي سيدنا محمد وعلي اله اصحابه اجمعين

وهذا الشعور الجماعي بالمسئولية يحتم على كل فرد أن يكون صالحًا في ذاته

صحيح اذا استشعر الفرد انه مسؤول عن الأمه فإنه سيكون صالحا ,,,,,, مع ربه ثم مع الناس
جزاك الله خير اخي اتحفتنا بهذا الموضوع

جزاكم الله خيرا اختي الفاضله ناني انا

وجعلنا الله واياكي من الذين بقتدون برسول الله صلي الله عليه وسلم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.