الآية الثانية: قوله: [لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرآيته خاشعاً متصدعاً من خشية الله]{الحشر:21}.
الجبل من أقسى ما يكون ، والحجارة التي منها تتكون الجبال هي مضرب المئل في القساوة ؛ قال الله تعالى: [ثم قست قلوبكم من بعد فهي كالحجارة أو أشد قسوة] {البقرة: 74}، ولو نزل هذا القرآن على جبل ؛ لرأيت هذا الجبل خاشعاً متصدعاً من خشية الله.
[خاشعاً]؛ أي: ذليلاً.
ومن شدة خشيته لله يكون [متصدعاً] يتفلق ويتفتق.
وهو ينزل على قلوبنا ، وقلوبنا –إلا أن يشاء الله – تضمر وتقسو لا تتفتح ولا تتقبل.
فالذين آمنوا إذا نزلت عليهم الآيات ؛ زادتهم إيماناً، والذين في قلوبهم مرض ؛ تزيدهم رجساً إلى رجسهم؛ والعياذ بالله!
ومعنى ذلك : أن قلوبهم تتصلب وتقسو أكثر وتزداد رجساً إلى رجسها ، نعوذ بالله من ذلك! وهذا القرآن لو أنزل على جبل ؛ لتصدع الجبل وخشع ؛ لعظمة ما أنزل عليه من كلام الله.
وفي هذا دليل على أن للجبل إحساساً؛ لأنه يخشع ويتصدع ، والأمر كذلك ، قال النبي ، صلى الله عليه وسلم في أحد: "هذا أحد جبل يحبنا ونحبه" .
وبهذا الحديث نعرف الرد على المثبتين للمجاز في القرآن ، والذي يرفعون دائماً علمهم مستدلين بهذه الآية: ((فوجدا فيها جداراً يريد أن ينقض)) {الكهف:77}؛ يقول: كيف يريد الجدار؟!
فنقول : يا سبحان الله ! العليم الخبير يقول: ((يريد أن ينقض))، وأنت تقول : لا يريد ! أهذا معقول؟
فليس من حقك بعد هذا أن تقول : كيف يريد؟!
وهذا يجعلنا نسأل أنفسنا: هل نحن أوتينا علم كل شيء؟
فنجيب بالقول بأننا ما أوتينا من العلم إلا قليلاً فقول من يعلم الغيب والشهادة : ((يريد أن ينقض)) : لا يسوغ لنا أن نعترض عليه ، فنقول : لا إرادة للجدار ! ولا يريد أن ينقض !
وهذا من مفاسد المجاز ؛ لأنه يلزم منه نفي ما أثبته القرآن.
أليس الله تعالى يقول: ((تسبح له السموات السبع والأرض ومن فيهن وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم)) {الإسراء:44}؛ هل تسبح بلا إرادة ؟!
يقول: ((تسبح له)) : اللام للتخصيص ؛ إذا ؛ هي مخلصة ، وهل يتصور إخلاص بلا إرادة؟! إذا؛ هي تريد وكل شيء يريد لأن الله يقول: ((وإن من شيء إلا يسبح)) ، واظنه لا يخفى علينا جميعاً أن هذا من صيغ العموم ؛ فـ(إن) : نافية بمعنى (ما) ، و ((من شيء)) : نكرة في سياق النفي ، ((إلا يسبح بحمده))، فيعم كل شيء.
فيا أخي المسلم ! إذا رأيت قلبك لا يتأثر بالقرآن ؛ فاتهم نفسك ؛ لأن الله أخبر أن هذا القرآن لو أنزل على جبل لتصدع، وقلبك يتلى عليه القرآن ، ولا يتأثر.
اسأل الله أن يعينني وإياكم. أ.هـ
يا عينُ مالك ِ لا تـُبقي ولا تذر ِ ** لـمَّــا أتيتـُـك ِ بالأنبــاء ِ والخـــبـر ِ
فموقعُ العصر ِ ما ماتت فضائلهُ ** ولا تموت جهودُ الخير ِ ، فانحسري
وصية شهاب الزهري رحمه الله: " من رام العلم جمله ذهب عنه جمله، إنما يطلب العلم على مر الإيام والليالي "
وقال الإمام البخاري رحمه الله: " باب العلم قبل القول والعمل "
الدليل على ذلك قول الله تعالى: " فاعلم أنه لا إله إلا الله واستغفر لذنبك "
اللهم إني أعوذ بك من الرياء والعجب والكبر.
منقول من شبكة سحاب السلفيه
أختي نسيت كلمة ذلك في هذه الآية:
[ثم قست قلوبكم من بعد ذلك فهي كالحجارة أو أشد قسوة] {البقرة: 74}