ولد الكاتب البريطاني الكبير سومرست موم خارج بريطانيا ، فقد ولد في 25 / كانون الثاني / 1874 ، في باريس ، حيث كان والده يعمل مستشارا قانونيا للسفارة البريطانية هناك .
كانت طفولة موم كئيبة ، ففي الثامنة من عمره توفيت أمه ـ التي اشتهرت في باريس بصالونها الأدبي الذي كان يؤمه كبار الكتاب والفنانين الفرنسيين ـ فكان ذلك اعنف صدمة في حياته ، وبعد اكثر من ثمانين عاما ، سيكتب موم وهو في التسعين ، قائلا : (( لعل أوضح ذكرى تبقت لي ـ وأنا اجتاز الحاجز الرفيع الذي يفصل بين الحياة والموت ـ هي تلك الذكرى التي عذبتني اكثر من ثمانين عاما .. ذكرى وفاة أمي .. كنت في الثامنة عندما ماتت ، ولكن ألمي لفقدها لا يزال قائما عندي بنفس الحدة التي كان عليها يوم حدثت الوفاة في دارنا بباريس )) .
ولم يكفه ذلك الألم ، فمات أبوه وهو في العاشرة في عمره ، فترك باريس وعاش في رعاية عمه قسيس كنيسة وايت ستيبل حيث قضى طفولة بائسة عانى فيها من ضعف صحته وتلعثمه في الكلام ، ثم أصيب بالسل أيضا .
كان عمه يعده ليكون قسيسا من رجال الدين ، ولكنه ، وهو في الثامنة عشرة من عمره ، وبعد أن قضى عاما في جامعة هيدلبرغ ـ درس فيها مبادئ الفلسفة واطلع على مسرحيات ابسن و زودرمان ـ عاد إلى إنكلترا ليصارح عمه بأنه كفر بالإيمان الديني وانه مصمم على أن يكون كاتبا .
وقد ثار عمه على هذه الرغبة ثورة عارمة ، وحاول ثني موم عنها بدون جدوى ، واخيرا ، اتفق الاثنان على حل وسط : ان يصبح موم طبيبا .
والتحق موم بمستشفى سانت توماس بلندن وتخرج منه عام 1897 ، ولكنه لم ينس ميوله الادبية ، ففي السنة النهائية من دراسته ، وهو في الثالثة والعشرين من عمره ، نشرت له اول قصة وهي " ليزا اوف لامبت " التي استوحى أحداثها من ملاحظاته في العيادة الخارجية في مستشفى سانت توماس .
لم يعمل موم طبيبا بعد تخرجه وحصوله على شهادته ، ، فقد انصرف إلى الكتابة ، وعشق السفر ن وعاش متنقلا بين أسبانيا وباريس التي احبها رغم ذكرياته الاليمة فيها .
وفي عام 1908 ، وهو في الرابعة والثلاثين حقق موم نجاحا أدبيا كبيرا فقد كانت اربعة من مسرحياته تمثل على مسارح لندن في آن واحد .
خلال الحرب العالمية الاولى تنقل بين بلدان عدة مدافعا عن مصالح بلاده ، فسافر الى بلدان الشرق الاقصى والولايات المتحدة وروسيا .
في عام 1916 ، تزوج من سيدة مطلقة ، أنجبت له ابنته الوحيدة ليزا التي سماها باسم بطلة اول قصة له ، ثم انفصل موم عن زوجته عام 1927 ، ولم يتزوج بعدها .
اثاره الادبية تضم قائمة طويلة ، فبالإضافة الى قصصه الثلاثة الشهيرة : العبودية الإنسانية ، القمر وستة بنسات ، كعك وجعة .. فقد نشر سبع عشرة قصة أخرى بين عامي 1897 و1948 ، إضافة إلى اثنتين وثلاثين مسرحية ، ودراسات في النقد ومذكرات ورحلات ، ولكن اكثر إنتاجاته الأدبية شعبية هي مجاميع قصصه القصيرة التي لاقت رواجا هائلا بين القراء … وقد بيع من كتبه اكثر من ثمانين مليون نسخة ، وعن ذلك يقول موم معلقا : لكم يسرني أنني سوف لا أموت فقيرا ، ان الشيخوخة والفقر مصيبتان لو اجتمعتا ، فليس يطاق أن يعتمد المرء على الإحسان ليحظى بالسقف الذي يظله واللقمة التي تغذيه .
وفي عام 1948 ، وهو في الرابعة والسبعين من عمره ، أعلن موم اعتزاله الكتابة نهائيا ، وعاش بعدها قرابة العقدين من الزمن قبل أن يغادر هذا العالم ، منهيا عذابه الطويل الذي عاشه بعد فقد أمه التي لم ينسها يوما من الأيام كما قال .