وأخذ الكتاب بقوة لا يعني بحال تشنج العقول ، وضيق النفوس..
فخير من أخذ الكتاب بقوة خاتم المرسلين عليه الصلاة والسلام..
ومع هذا كان أيسر الناس وألينهم..
فإذا جد الجد فإذا هو أحزم الناس..
إنه سيد من أخذ الكتاب بقوة وعزم في العبادات ، فكان يقوم الليل حتى تتفطر قدماه..
ويصوم حتى يقول أهله لا يفطر..
وهو خير من أخذ الكتاب بقوة في ميدان الدعوة ،
فلم يهن ولم تلن له قناة ولم تضعف له عزيمة حتى حقق النصر والفتح المبين..
وهو أفضل من أخذ الكتاب بقوة في ميدان الجهاد وفي سبيل الله..
فكان الأشجع والأروع في المواطن الحرجة حين تحمر الخدود وتشمر الحرب عن ساقها..
وقد أنزل لله آية " خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ" في سياق الأمر بالأخذ بأحكام القرآن..
والأخذ بأوامره والإنتهاء عن نواهيه ..
ومن تأمل القرآن وجد حفاوة ظاهرة بهذه القضية، خصوصاً!
في قصة موسى مع قومه، في سياقات مدهشة؛
لترسل لهذه الأمة رسالة واضحة الدلالة،في أنه لن تكون للأمة عودة صحيحة ،
وتمكين في الأرض إلا إذا كانت عودتها إلى كتاب ربها قوية.
ومن أجل هذا كله ؛
استعنا بالله وحده رغبة في الأجر ، ونصحاً للأمة ،
وتحذيراً من هجر القرآن
{خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} البقرة
{خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاسْمَعُوا} البقرة
{خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ} الأعراف
وفي خطاب الله تعالى لنبيه وكليمه موسى عليه الصلاة والسلام يقول :
{وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الْأَلْوَاحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْعِظَةً وَتَفْصِيلًا لِكُلِّ شَيْءٍ فَخُذْهَا بِقُوَّةٍ
وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِهَا} الأعراف ،
{يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ} مريم
وفي مقابل هذا نجد الذم الصريح لعلماء أهل الكتاب،
ومن سار في دربهم من محرفة النصوص،
ومتبعي الشهوات،الذين آمنوا ببعض الكتاب وكفروا ببعضه الآخر ،
أو أخذوا ما يشتهون وتركوا ما لا يوافق أهواءهم، في خطاب مليء بالذم والقدح ،
فإذا كان هذا حال الصفوة ، ومن يسمون بالنخب ،
فمن دونهم رجعُ صدى لتحريفهم وإنحرافهم.
والعقوبة، والأثر:
{فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ
عَنْ مَوَاضِعِهِ وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ} المائدة
ألا ما أوضحها من آيات تبين الداء والدواء لمن بحث طالباً للهدى!
ضعفُ أخذ الذين أوتوا نصيباً من علم الكتابِ كتابَ الله بقوة،
وهذا يعني أن المشكلة تحتاج إلى علاج قوي يتناسب وعمقها:
إما بتصحيح حال من كان حاله كذلك من أهل العلم، أو ـ وهو الأهم ـ أن يُعْتَنى
بتربية ناشئة طلاب العلم اليوم ـ الذين هم علماء الغد ـ على هذه المعاني الكبار ،
وربطهم بكتاب الله تعالى على الوجه الصحيح: تلاوةً، وحفظاً، وتدبراً.
ألزمهم اللّه العمل ونتق فوق رءوسهم الجبل،
فصار فوقهم
{كَاَنَّهُ ظُلَّةٌ وَظَنُّوا اَنَّهُ وَاقِعٌ بِهِمْ}
وقيل لهم: {خُذُوا مَا اتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ} أي:بجد واجتهاد.
{وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ} دراسة ومباحثة، واتصافا بالعمل به {لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} إذا فعلتم ذلك.
ثم عاد تبارك وتعالى يوبخ بني اسرائيل بما فعل سلفهم
في قوله: {وَاِذْ اَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا مَا اتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ
وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ *ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَكُنْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ}
أي: واذكروا {اِذْ اَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ} وهو العهد الثقيل المؤكد بالتخويف لهم,
برفع الطور فوقهم وقيل لهم:
{خُذُوا مَا اتَيْنَاكُمْ} من التوراة {بِقُوَّةٍ} أي: بجد واجتهاد, وصبر على أوامر الله،
{وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ} أي: ما في كتابكم بأن تتلوه وتتعلموه، {لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}
عذاب الله وسخطه, أو لتكونوا من أهل التقوى.
قال ابن كثير يرحمه الله :
وأن الله علمه الكتاب وهو التوارة التي كانوا يتدارسونها بينهم,
ويحكم بها النبيون الذين أسلموا للذين هادوا والربانيون والأحبار,
وقد كان سنه إذ ذاك صغيراً فلهذا نوه بذكره وبما أنعم به عليه وعلى والديه فقال:{يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ }
أي تعلم الكتاب بقوة أي بجد وحرص واجتهاد
{وآتيناه الحكم صبياً} أي الفهم والعلم والجد والعزم والإقبال على الخير والإكباب عليه والاجتهاد فيه وهو صغير حدث,
قال عبد الله بن المبارك: قال معمر:
قال الصبيان ليحيى بن زكريا: اذهب بنا نلعب, فقال: ما للعب خلقت,
فلهذا أنزل الله {وَآَتيناه الحكم صبيا}.
فالتزموا أوامره.. وكفوا عن نواهيه..
وهم في ذلك طائعين صاغرين لما جاء في الذكر الحكيم من الآمر الناهي جل في علاه..
( يرحم الله نساء المهاجرات الأول لما أنزل الله {وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ } سورة النور.
شققن مروطهن فاختمرن بها ) .
(ذكرنا عند عائشة نساء قريش وفضلهن، فقالت:
إن نساء قريش لفضلاء ، ولكن والله ما رأيت أفضل من نساء الأنصار أشد تصديقاً بكتاب الله،
ولا إيماناً بالتنزيل،لقد أُنْزِلَتْ سورة النور {وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ }
فانقلب رجالهن إليهن يتلون عليهن ما أنزل فيها ،
ما منهن امرأة إلا قامت إلى مِرْطها، فأصبحن يصلين الصبح معتجرات
كأن على رؤوسهن الغربان )
عمر بن الخطاب وما أدراك ما عمر ، عمر فاروق هذه الأمة أول من لقب بأمير المؤمنين ،
الخليفة العادل ، الذكي العبقري ، المحدث الملهم ، عمر الذي وافق ربه في
مواضع كثيرة ، عمر الذي كان ينزل القرآن مؤيد لرأيه ،
عمر الذي ما سلك فجاً إلا سلك الشيطان فجاً غير فجه .
عمر الذي توفي رسول الله وهو عنه راض،
اليوم المطلوب من الأمة أن تلتزم هذا الأمر ؛ فتأخذ الكتاب بجد وعزيمة لا تعرف الهزيمة..
لكن دون تشدد ودون تشنج أو غلو، ودون تفريط كذلك..
فكلا طرفي الأمر مذموم : الإفراط والتفريط
ونور أبصارنا، وجلاء أحزاننا ، وذهاب همنا وغمنا ،
وأن يرزقنا تلاوته آناء الليل، وأطراف النهار
لاول مرة اقرأ تفسير هذه الايات
موضوع رائع ومعاني رائعة غفلنا عنها
جزاك الله الجنان
بارك الله فيك يا غاليه وجعله الله في ميزان حسناتك
ربي يسعدك ويحفظك ويرزقك من خيري الدُنيا والآخرة
آمين
وفيك بارك الله ^^
:
ما شاء الله نور ~
موضوع قيم ومتكامل..
في زمن الفتن هذا..
في زمن البعد عن الله هذا..
أصبحنا بأمس الحاجة لتذكرة من هذا النوع ~
لمن يذكرنا بأن نأخذ كلام الله بقوة..
فنحل حلاله ونحرم حرامه..
ونأتمر بأوامره وننتهي بنواهيه..
بارك الله فيك
وجازاكِ خير الجزاء
*
نحن بحاجة للعودة للقرآن خصوصا قبل شهرٌ رَمضانٌ لٍـ نري الله من انفسنا خيرا ولو قليلّ
موضوعك يٍ غاليةْ جميل مثلكِ نفعَ اللهٌ بكِ واستعملك فيّ طاعتهّ وجعلكِ مَنْ اهلٍ القرآنٍ وً خاصته
همسة أخيرهً / كُن كَالجَبَلْ لا يتأثرْ إلا بٍ كلامٍ الله
أعجبتني هذه الفكرة :
وفي خطاب الله تعالى لنبيه وكليمه موسى عليه الصلاة والسلام يقول :
{وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الْأَلْوَاحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْعِظَةً وَتَفْصِيلًا لِكُلِّ شَيْءٍ فَخُذْهَا بِقُوَّةٍ
ومن هذا المنطلق جاءت الآية : لن تنالوا البرَّ حتى تنفقوا مما تحبون . وهذا أعظمُ قوةً في الإنفاق : أن تأتي لما تشتهي وتحب فتتصدق به .
ومنها : القوة في البدن , فالمؤمن القوي ُ خيرٌ وأحب ُ إلى الله من المؤمن الضعيف والمقصود هنا قوة الإيمان والبدن فكان أن حثّ ديننا على الرياضة
ولذلك عندما رأى عمر الفاروق رضي الله عنه رجلا ً يحني ظهره أمامه ويبدي الضعف والمسكنة علاه عمر بالدرة قائلا ً : لا تُمِت ْ علينا ديننا , فالدين يحتاج إلى أشاوس يذبون عنه الطغاة
وكثيرا ً ماكان يردد رضي الله عنه : لست ُ بالخب ولا الخي يخدعني . فالمؤمن ليس بخداع ٍ . ولكن هذا لا يعني ضعفه لدرجة أن الماكر يخدعه
الأخذ بالأحسن يحتاج إلى أقوى درجات الإيمان .. لا تردد ولا خوف ولا تراجع
البعد عن الشبهات يحتاج إلى قوة الإيمان . فالبعض يقف عند حدود الحلال والحرام دون تجاوز .. فتغيب التقوى
والمؤمن الحذر قوي الإيمان هو الذي يجعل بينه وبين الحرام مسافة تسمى مسافة أمان إنها مسافة التقوى . تحميه من الزلل وتبعده عن الآثام , بدل ضعف الإيمان الذي يدفع المسلم للبحث عن الرخص ..
بارك الله بك يا نور .
وجعلك اسما ً على مسمى : نورا ً وهداية لمن حولك .
دمت ِ بحفظ الرحمن
جزاكِ الله خيراً حبيبتي
{وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لَا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلَّا أَمَانِيَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ}البقرة
من كتاب
هذا القران يهدي للتي هي أقوم
زدات الصفحات بهاءا ونوراً بطلتك
جزاكِ الله خيراً
:
قال سهل بن عبد الله: ما من ساعة إلا والله عز وجل
مطلع على قلوب العباد، فأي قلب رأى فيه غيره، سلط عليه إبليس.
وعن عبد الجبار بن بشران قال: سمعت سهلا يقول:
من نظرإلى الله عز وجل قريبًا منه، بعد عن قلبه كل شيء
سوى الله عزوجل،
ومن طلب مرضاته أرضاه الله عز وجل، ومن أسلم قلبه تولى الله عز وجل جوارحه.