جريدة الأهرام 15/4/2017
قد نكتشف فجأة ان الحوارات التي تدور في المنزل والاحداث التي تقع داخله يتناقلها افراد العائلة والجيران.. واحيانا المدرسون في مدارس الابناء ونتساءل: ماذا حدث؟ ومن الذي يقوم بتسريب اخبار الاسرة خارج جدران المنزل؟
إنها ظاهرة الطفل الجاسوس الذي ينقل اخبار الاسرة احيانا بعفوية شديدة ودون ادراك, واحيانا اخري بشكل مقصود ومتعمد لإحراج احد ابويه أو اخوته أو اقاربه, خاصة إذا لم يلبوا طلباته.
حول هذا الموضوع يقول الدكتور يسري عبد المحسن استاذ الطب النفسي بجامعة القاهرة.. إن ظهور مثل هذا الطفل في محيط الاسرة يعني وجود خلل في التربية داخل المنزل, وافتقاد الابوين لمعرفة ابسط دعائمها واساليبها.
والطفل في بعض الاحيان يلجأ لمثل هذا السلوك دون تفكير في ايقاع الضرر بالغير, او طلب مصلحة من وراء ذلك, فهو يجد في نفسه تعاطفا تجاه الطرف الذي ينقل الاخبار اليه, إما لأنه يحسن معاملته ويبدي تجاهه حنوا واضحا, أو لأن الطفل يشعر بأن هذا الطرف, قد تكون الام مثلا تعاني قهر الاب, فينقل اليها كل التطورات التي يعاصرها حتي تتجنب بطشه, واحيانا اخري يكون تجسس الطفل مبنيا علي امر من الاب بقصد تسجيل كل ما تفعله الام واعادة سرده للأب عند عودته من العمل.
ويضيف الدكتور يسري عبد المحسن أن المنظومات الاجتماعية تسهم ايضا في تشكيل وعي وسلوك الطفل, مثل شلة الاصدقاء ووسائل الاعلام, كذلك المدرسة, فهذه المنظومات يكون تأثيرها مضاعفا مقارنة بدور الاسرة, فالطفل يتأثر بالبيئة المحيطة به دون ان يتعمد ذلك مثلا: اصدقاء المدرسة قد يعلمونه الجاسوسية, وكذلك وسائل الاعلام التي تساعد علي ترويج النماذج السيئة وترسيخها في ذهن الطفل, بل والاكثر من ذلك أنها تحبب الاطفال في تلك النماذج وتجعلهم فئة ظريفة فيحاول الاطفال تقليدها.
ويؤكد استاذ الطب النفسي دور الاسرة في تعليم ابنائها الصراحة منذ الصغر وتعويدهم علي قول الصدق الذي يسمو بمكانة الانسان ويجنبه الوقوع في كثير من المهالك والمواقف الاجتماعية الحرجة, علاوة علي فرض رقابة واعية علي كل المصادر المؤثرة في تكوين فكر وشخصية الطفل, ولعلاج الطفل الجاسوس يجب استثمار ذكائه وقدراته في مجال أكثر نفعا, فنوجه طاقاته لتأليف القصص أو ممارسة الرياضة أو غيرهما من الأنشطة التي تملأ وقت فراغه, وتعود عليه بالنفع.
وعافانا الله وأطفالنا من هذه الصفة السيئة.