سنتناقش في هذا الموضوع عن الجار
نيوله
الجار قبل الدار.. مقولة شائعة بين الناس، وعلى قدر الجار يكون ثمن الدار، والجار الصالح من السعادة
مما يبرهن على أن المجتمع الإسلامي، في حسن تعامله بعضهم مع بعض، وفي أدب الأخذ والعطاء، تدعو الناس تعاليم هذا الدين، إلى الإحسان فيما بينهم بالكلام، وفي العمل بما يزيل الجفوة من النفوس، ليشعروا بأنهم إخوة ينصح الفاهم من دونه، ويحترم الصغير الكبير، ويتأدب معه، ويعطف القادر على المحتاج والمسكين، بما تجود به يده, وبما يزيل عنه بؤسه, ليواسيه في محنته، ويشاركه في ماله بحسب قدرته: زكاة أو صدقة.
من تلك الآيات الكريمات التي تهذّب الطباع، وتوجه الفرد في المجتمع الإسلامي لحسن التعامل مع الآخرين، وخاصّة مع الجار، وتروّض نفوسهم على الخلق الحسن، في التعامل والعشرة، وبذل المعروف، ورعاية كافة الحقوق، يقول تعالى: (واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً، وبالوالدين احساناً، وبذي القربى واليتامى والمساكين، والجار ذي القربى، والجار الجنب، والصاحب بالجنب وابن السبيل، وما ملكت أيمانكم، إن الله لا يحب من كان مختالاً فخوراً) (النساء 36).
وفي تحديد الجار وما له من حق على جاره, فإن ابن كثير بعدما تحدث عن الحقوق التي أمر الله بها في هذه الآية، قال على قوله تعالى: (والجار ذي القربى والجار الجنب) قال علي بن ابي طلحة، عن ابن عباس: والجار ذي القربى: يعني الذي بينك وبينه قرابة، والجار الجنب: الذي ليس بينك وبينه قرابة، وقال أبو اسحاق: عن نوف البكالي في (الجار ذي القربى): يعني الجار المسلم، والجار الجنب، يعني اليهودي والنصراني، رواه ابن جرير، وابن أبي حاتم، وقال جابر الجعفي عن الشعبي، عن علي وابن مسعود: والجار ذي القربى يعني المرأة، وقال مجاهد في قوله: والجار الجنب: يعني الرفيق في السفر,.
وكل هذه الأقوال توصي بالجار مع اختلاف المقاصد بالجار والمراد به، وقد وردت أحاديث عديدة تشدّد الوصاية بالجار، لمكانة هذا الجار وما له من حقوق يجب أن يهتمّ بها، حيث ظنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم من كثرة ما يوصيه جبريل عليه السلام بالجار، أنه سيورّثه، ويجعله كأنه فرد من أبناء الأسرة,.
ولأن أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، هي الطريق الأسلم، الذي يرشد لما فيه الخير والفلاح,, فإننا سنذكر منها ما تيّسر، وبالله المستعان:
الحديث الأول: رواه أحمد بمسنده، من طريق إلى عبدالله بن عمرو بن العاص عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (خير الأصحاب عند الله، خيرهم لصاحبه، وخير الجيران عند الله خيرهم لجاره) ورواه الترمذي ايضا وقال حسن غريب.
الحديث الثاني: رواه الإمام أحمد أيضاً بسنده إلى عباية بن رفاعة عن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا يشبع الرجل دون جاره), وهذان الحديثان يدلان على عظم حق الجار على جاره: بإطعامه مثل مايطعم، وبكمال الخيرية نحوه.
الحديث الثالث: رواه أحمد ايضا بسنده الى عبدالله بن عمر رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (ما زال جبريل يوصيني بالجار، حتى ظننت أنه سيورّثه) أخرجاه في الصحيحين أيضا.