حين لا يرى الزوج في نفسه سوى ممول تنهار أركان السعادة
هل يمكن أن يهرب الانسجام بين زوجين يتلوان القرآن والأذكار معا ؟
……………………….
في دنيا الزواج يصارع الواقع الأحلام الوردية، وتزاحم المسؤوليات مشاعر البداية الرومانسية، وتدريجيا، تتقلص مساحات الدفء، وتتسلل البرودة إلى البيت المشترك الذي كان سعيدًا، ويتربع عدم الانسجام على عرش الحياة الزوجية.
لماذا يحدث هذا التحول، وكيف يسود التفاهم والانسجام أقدس العلاقات؟
اقتربت من أطراف القضية مباشرة، وسألتهم وأجابوا.
فاتن منير عطية – ربة بيت – ولديها طفلان: في فترة ما قبل الزواج يرى المرء أجمل الأشياء والصفات في الطرف الآخر، وفجأة يهرب الانسجام تدريجيا بين الزوجين لأسباب عديدة منها أن الاثنين أصبحا جسدًا واحدًا وروحًا واحدة، فلا يحتاج كل طرف لإظهار بمشاعره تجاه الطرف الآخر، مع أن الكلمات الرقيقة التي تخاطب الوجدان لها تأثير السحر على المرأة، خاصة إذا كانت حياتها خاوية من الهواية أو الاهتمامات، وأهم عنصر يعمل على هروب الانسجام الروتين اليومي؛ يصبح الزوج كالآلة يقضي معظم ساعات يومه في العمل من أجل الأسرة، فينسي الهدف الأساسي الذي يعمل ويكد من أجله وهو الأسرة وواجباته المعنوية نحوها، والزوجة أيضا تنسى الاهتمام بمظهرها من أجل شريكها؛ فيضيع الانسجام ويحل محله الروتين الممل بسبب عدم اهتمامها بمظهرها، كما كانت تهتم من قبل الزواج.
غياب الصدق
ويدعو المحاسب مصطفي إبراهيم صوفي إلى أن يكون الإنسان على طبيعته لا يتجمل ولا يكذب قبل الزواج وبعد الزواج تسقط الأقنعة، ويظهر كل واحد للآخر بالصورة الحقيقية، ويكون هذا سببًا من أسباب هروب الانسجام بينهما.
نجاح مصطفى حسانين – سائق: يهرب الانسجام بين الزوجين بسبب غياب الصدق بين الطرفين، وغياب الكلمة الحلوة التي تضفي جو من السعادة، بالإضافة إلى الروتين القاتل للحب والسعادة الزوجية، ولكي نحافظ على الانسجام لابد من اهتمام الزوجة بمظهرها وبطريقة حديثها، واختيار الكلام المناسب في الوقت المناسب حتى لا يمل الزوج من حياته معها، ولابد أن يكون الزوج هو الصديق والحبيب؛ لأن الزوجة في حاجة إلى من ترمي بهمومها وأعبائها ومشاكلها بين يديه، ولابد من معالجة كل المشاكل الزوجية بالعقل، وبمنتهى الهدوء وعدم إشراك أي طرف آخر في حلها، ويجب أن يشعر كل طرف أنه في أمس الحاجة لشريك حياته وأن الحياة لن تستقيم بدونه، وأن قيمته تكتمل معه وبه، وأن يشعر كل طرف الطرف الآخر أن سعادته في وجوده وليس في غيابه؛ لأن كل منهما من الآخر وله.
محمد محيي الدين لولي – مدرس لغة عربية – : يهرب الانسجام بين الزوجين بعد الزواج بسبب عدم تفهم الحياة الزوجية من قبل الطرفين، ولكي نحافظ على هذا الانسجام يجب عدم إلقاء أحدهما بالمسؤولية كلها على الطرف الآخر، فكل طرف مسؤول بذات القدر عن تأمين الحياة الزوجية والحفاظ عليها، ويجب ألا يتعالى أحدهما على الآخر، فبعض الأزواج يفخر ويتعالى على زوجته؛ لأنه يوفر كل الاحتياجات المادية، في حين نجد الزوجة تمن بأنه بفضلها وبفضل تعبها وكدها يستقر البيت، دون ذكر لأي دور يقوم به الزوج فلا يجب أن تعقد المقارنات بين الزوجين، ويجب أن يعترف كل طرف بفضل الآخر عليه وعلى بيته وعلى حياته.
أشرف عبد القادر على – مدرس إنجليزي: المسؤول عن هروب الانسجام بين الزوجين بعد الزواج الزوجة والزوج !! فكل طرف منهما مسؤول تجاه الآخر؛ لأنه لابد من تلاشي الروتين في حياتهما ومحاولة التجديد دائم ا، فمثلا لابد من احترام يوم الأجازة الأسبوعية واستغلالها استغلالا جيدًا، وأيضا محاولة الحفاظ على أسلوب الحوار بين الطرفين وسماع كل طرف باهتمام وصراحة تامة مع مناقشة جميع المشاكل الزوجية بمنتهى الحكمة ومحاولة معالجتها بهدوء، أما المسؤولية الكبرى للحفاظ على الانسجام فهي على الزوجة؛ لأنها التي تقوم باستقبال الزوج بعد رجوعه من العمل المفروض أن يجد في بيته كل راحة وبشاشة.
ويقول المتخصصون في شئون الحياة الزوجية: أن الزوجين كثيرًا ما ينسيان أو تأخذهما هموم المعيشة فيهملان التعامل، والتحدث مع بعضهما وقد علق أحد أساتذة علم النفس بأن الخطيبين يحلمان بتكوين البيت وشكل ترتيبات الفرح وملابس العروسين ورحلة شهر العسل، وما يتبع هذه الفترة من نزهات ومباركة الأهل والأصدقاء، ثم تقف الأحلام عند هذا الحد، وحينئذ يجد الزوجان الشابان أنهما لا يعرفان كيف يتعاملان مع بعضهما في حياتهما اليومية الروتينية، ثم يصفان بعد ذلك الحياة الزوجية بأنها مملة وروتينية وكل واحد منهما في واد مكتف بدوره الذي حدده لنفسه.
ويرى الداعية إبراهيم المرسي السيد أن على الزوجين أن يتأملا قوله تعالى: " يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا" [النساء:1].
وأن يبتعدا عن التشاؤم ويتقبلا الواقع بنفس راضية بالالتزام بأوامر الله تعالى الذي أمر بالحرص على حقوق العشرة وأن يخلعا رداء الكبر، والتعنت ويرجعا إلى الله لحل الخلاف، ويتفنن كل منهما في خلق جو من التراحم والتواد والألفة، والأهم من ذلك أن يتشاركا في تلاوة القرآن والأذكار لتطمئن القلوب، وتوثق الروابط الاجتماعية ولا يهرب الانسجام أبدا.
فالروتين هو العدو الأول للسعادة الزوجية
وهو يجر مشاكل كثيرة لا تخطر على بال الزوجين